المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



واجب الطبيب من الناحية النفسية  
  
1899   12:24 مساءاً   التاريخ: 15-4-2016
المؤلف : السيد علي عاشور
الكتاب أو المصدر : آداب وقوانين الجسم الطبّي والنصائح عند أهل البيت (عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص44-46
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-28 197
التاريخ: 27-11-2017 2176
التاريخ: 2024-10-13 289
التاريخ: 2024-09-13 296

 ـ توطين الطبيب نفسه لخدمة الناس :

أشرف عمل يقوم به الانسان في هذه الحياة الدنيا هي خدمة الناس وقضاء حوائجهم والسعي لتأمين أفضل حياة لهم، سعيدة هنيئة غير ممزوجة بالمنغّصات.

وكلٌ يخدم في مجال عمله، فكما يحتاج الطبيب للمهندس والعامل وصانع الخبز وبائع الطعام كذلك يحتاج هؤلاء الى الطبيب الحاذق صاحب الأخلاق الفاضلة والتعامل الحسن.

فالحياة أخذ وعطاء وتبادل مصالح ومهنٍ. نعم، أفضل مُعامل هو من يعامل الناس ويخدمهم لوجه الله الكريم لا لقاء أجرة ومصلحة. نعم، هي حاصلة لا محالة، ولكن الكلام في نية المعامل وطريقة تعامله مع الناس.

فعندما يكون الهدف المادي هو الوسيلة الوحيدة لتعامل الناس فيما بينهم فان ذلك قتلٌ للنفوس العفيفة وهدمٌ للمبادئ السامية.

والطبيب يمتاز عن غيره في هذا الأمر لشرف مهنته التي تدعه يدخل الى قلوب الناس ويتعامل معهم عن قرب وبوضعية مختلفة عن غيره، يرى ما لا يراه غيره ويلمس ما لا يلمسه غيره إضافة الى علمه الذي يرتبط بصنع الخالق سبحانه وتعالى وأسراره المودعة في هذا الجسم الغريب(1) .

فمن هنا لابدّ للأطباء الأعزاء من توطين أنفسهم لخدمة الناس بشتى المجالات والأوقات – ليلاً ونهاراً – في المنزل والعيادة والمستشفى، ففي ذلك كمال الإنسانية، إضافة الى الثواب الشرعي المترتب على هذه الخدمة المهمة والحساسة.

وأن يقدموا الخدمات الطبية بنية الإنسانية أو القربة لله تعالى، ويتلطفوا بمرضاهم قدر الاستطاعة، وكلنا أمل أن أطباءنا الأعزاء لديهم هذا الحسّ الإنساني العالي، وهم أهل لذلك إن شاء الله.

كما وعليهم متابعة وضع المريض حتى خارج العيادة والمستشفى، فكم جميلٌ من الطبيب الذي يسال عن حال مريضه كلما رآه، وكم يترك أثراً جميلاً لدى المريض، إضافة للعامل النفسي الذي يؤثر على صحة المريض وسرعة شفائه.

ومعرفة الطبيب بأوضاع مريضه المختلفة تساعده على كشف أسباب أمراضه، خاصة ما يتعلق بالأمور النفسية والوسوسة وما شابه.

ومن هنا لابدّ للطبيب أن يكون فطناً أثناء تعامله مع المريض هل يخفي عليه شيئاً نتيجة الحرج أو المذلة أو الحياء أو غير ذلك من العوامل النفسية.

فلابد من الحذر في التعامل مع المرضى الذين لديهم أمراض نفسية أو وسوسة عرضية أم شرعية.

والوسوسة نوع من المرض وهي عبارة عن قلة التفكير بحقائق الأمور، إضافة الى قلة التدين والتسليم بالثوابت الشرعية والضوابط الإلهية في ما يرتبط بالأحكام الشرعية.

فعلى الطبيب تذكير مريضه بذلك وإرشاده الى الإقلاع عن هذه الأوهام التي غالباً ما تأتي عن طريق وسوسة إبليس.

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[الناس: 1 - 6] .

_____________

1ـ يقال ان طول الشرايين والأوردة في جسم الإنسان الواحد تبلغ ربع المسافة بين القمر والأرض.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.