المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02
اقليم المناخ المتوسطي (مناخ البحر المتوسط)
2024-11-02
اقليم المناخ الصحراوي
2024-11-02



العاهات العضوية  
  
1684   11:41 صباحاً   التاريخ: 15-4-2016
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة : .....
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية والجنسية /

إن من أعظم النعم الإلهية سلامة ولادة الطفل. فالطفل الذي يتولد سالماً طبيعياً ، ذا روح مستوية وهندام منسجم يكون قد نال 50% من سعادته حين ولادته. وإنسان كهذا يملك من ناحية البناء الطبيعي ، واعتدال خلقه ، روحاً هادئة وفكراً مطمئناً. أما الطفل الذي يتولد أعمى ، أو أصم ، أو أشلّ ، وبصورة عامة يكون ذا عاهة عضوية عند ولادته ، أو تصادفه حوادث تفقد بعض أعضائه أو تقف في سبيل نموه الطبيعي ، فإنه يكون شقياً ومتذمراً ، يحس بالحقارة والضعفة في نفسه ، وأخيراً يصاب بعقدة الحقارة. وبعبارة أخرى فإنه كما تتسبب العيوب والعاهات العضوية حين الولادة في نشوء عقدة الحقارة عند الإنسان ، كذلك العمى والصم والبكم الحاصل للإنسان بعد أعوام من البصر والسمع والتكلم.

قال علي(عليه السلام) : «اللهم اجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي ، وأوّل وديعة ترجعها من ودائع نعمك عندي »(1) ويعني هذا أن يبقى سالماً عن العوارض والعاهات حتى الموت.

وللإمام الحسين (عليه السلام) من دعائه في عرفات : « ومتعني بجوارحي واجعل سمعي وبصري الوارثين مني »(2)  أي تحفظني من العمى والصم والعاهات العضوية الى آخر يوم من عمري.

« هناك أطفال يعيشون في ألم مستمر لضعف أو نقص في أجسامهم. هذا النقص يشمل مختلف الحالات كظهور خال أو بعقة صغيرة في وجه فتاة حسناء ، أو تقوس الساقين ، أو انحناء العمود الفقري وغير ذلك ».

« كل هذه النواقص وما يشبهها يمكن أن تؤذي الإنسان طيلة عمره وتجعله تحت ضغط (عقدة الحقارة) وقد تؤدي به الى الجنون والانتحار ».

« لا مناص للطفل الضعيف أو المصاب بنقص في بدنه من تحمل سخرية أقرانه وتحقيرهم إياه ، فهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه للنقص الموجود فيه إلا بعدم الاعتناء بسخريتهم. ولكن هذا بحد ذاته مدعاة للذلة له ، وكبت لغرائزه وجرح لمشاعره ، ويسبب الشقاء والقلق له فيما بعد. لأن مشاعره المتألمة التي لم تجبر بشيء وغرائزه المكبوتة لا بد أن تؤدي في النتيجة الى القلق واضطراب الفكر ».

« يشير التحليل الذي أجري على استاذ جامعي الى أن عقدة الحقارة التي كان يكابدها قد نشأت منذ دراسته الابتدائية ، وذلك أنه كان أطول التلاميذ قامة في الصف وكان يلوح دائماً ـ عند اللعب والاستراحة ـ لأعين المعلمين قبل غيره ، ولذلك فإنه كان يخرج من الصف عند وقوع حادثة ليعتبر به الآخرون. وبالرغم من أن ذلك كان يحدث في احيان قليلة جداً فإنه ظل يحس بأنه قد ظلم كثيراً .

__________

1ـ نهج البلاغة ،شرح الفيض الاصفهاني (ص670).

2ـ بلاغة الحسين – دعاؤه في عرفات.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.