المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

Intermediate Value Theorem
29-9-2018
إستقرار النواة
27-11-2015
Robert Wayne Thomason
5-4-2018
يمكن أن تعد التمائم الإنزيمية ركائز ثانية
30-5-2021
الاسراء الموسوي والاسراء المحمدي
2023-04-23
التحسين المستمر للخدمات التربوية المداخل والأدوات.
1-7-2016


دعاؤه في عرفات  
  
3311   10:47 صباحاً   التاريخ: 13-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص243-258.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

كان الإمام في عرفات يقوم بالصلاة و الدعاء و تلاوة القرآن الكريم و كان يدعو بهذا الدعاء الشريف و هو من غرر أدعية أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فقد حفل بأمور بالغة الأهمية و فيما يلي نصه:

الحمد للّه رب العالمين اللهم لك الحمد بديع السموات و الأرض ذا الجلال و الإكرام رب الأرباب و إله كل مألوه و خالق كل مخلوق و وارث كل شي‏ء ليس كمثله شي‏ء و لا يعزب‏ عنه علم شي‏ء و هو محيط و هو على كل شي‏ء رقيب , أنت اللّه لا إله إلا أنت الأحد المتوحد الفرد المتفرد و أنت اللّه لا إله إلا أنت الكريم المتكرم و أنت اللّه لا إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المحال‏ و أنت اللّه لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم و أنت اللّه لا إله إلا أنت السميع البصير القديم الخبير و أنت اللّه لا إله إلا أنت الكريم الأكرم الدائم الأدوم و أنت اللّه لا إله إلا أنت الداني في علوه و العالي في دنوه و أنت اللّه لا إله إلا أنت ذو البهاء و المجد و الكبرياء و الحمد و أنت اللّه لا إله إلا أنت الذي انشأت الأشياء من غير سنخ‏ و صورت ما صورت من غير مثال و ابتدعت المبتدعات بلا احتذاء أنت الذي قدرت كل شي‏ء تقديرا و يسرت كل شي‏ء تيسيرا و دبرت ما دونك تدبيرا و أنت الذي لم يعنك على خلقك شريك و لم‏ يؤازرك في أمرك وزير و لم يكن لك مشاهد و لا نظير أنت الذي اردت فكان حتما ما اردت و قضيت فكان عدلا ما قضيت و حكمت فكان نصفا ما حكمت أنت الذي لا يحويك مكان و لم يقيم لسلطانك سلطان و لم يعيك برهان و لا بيان .

حفلت هذه الكلمات المشرقة بتعظيم اللّه و تمجيده و الثناء عليه و بيان معظم صفاته تعالى الإيجابية و التي منها أنه تعالى أنشأ الأشياء و أوجدها و ابتدعها بقدرته و إرادته التي احكمت كل شي‏ء صنعا فجميع ما في الكون مما يرى و مما لا يرى قد أحكمه تعالى و قدره تقديرا و دبره تدبيرا بحكمة بالغة و بأسرار عجيبة تذهل الأفكار و تحير الألباب و كيف يستطيع الانسان الممكن و المحدود في علمه و قدرته و إرادته أن يصل إلى معرفة الخالق العظيم الذي هو فوق التصور و فوق الادراك و هذا ما يؤكده الإمام (عليه السلام) في المقطع التالي من هذا الدعاء الشريف:

 أنت الذي احصيت كل شي‏ء عددا و جعلت لكل شي‏ء أمدا و قدرت كل شي‏ء تقديرا أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك و عجزت الأفهام عن كيفيتك و لم تدرك الأبصار موضع اينيتك‏ أنت الذي لا تحد فتكون محدودا و لم تمثل‏ فتكون موجودا و لم تلد فتكون مولودا أنت الذي لا ضد معك فيعاندك‏ و لا عدل‏ لك فيكاثرك و لا ندلك فيعارضك أنت الذي ابتدأ و اخترع و استحدث و ابتدع و أحسن صنع ما صنع سبحانك ما أجل شأنك و اسنى‏ في الأماكن مكانك و اصدع بالحق فرقانك‏ .

عرض إمام الموحدين في هذه الفقرات إلى علم اللّه تعالى الذي لا يحد و الذي كان فيه أنه أحصى جميع ما في الكون عدا و لم يعزب عنه مثقال ذرة في السموات و الأرض فقد أحاط بكل شي‏ء علما كما عرض الإمام (عليه السلام) إلى عجز الأفهام عن الوصول إلى إدراك حقيقته تعالى و استحالة ذلك عليها إذ كيف يدرك الممكن حقيقة واجب الوجود الذي ليس له نوع و لا جنس و لا فصل حتى يتوصل إلى معرفته بها و كيف يستطيع هذا الإنسان العاجز عن إدراك حقيقة ذاته و نفسه و ما فيه من أجهزة مذهلة و عجيبة حتى يعرف حقيقة الخالق العظيم الذي خلق الزمان و المكان و خلق الكواكب و المجرات التي لا يحصي ما فيها من الكواكب الا اللّه , و قد المت هذه الفقرات ببحوث فلسفية مهمة كنفي الحد و المماثل و الضد و غيرها عنه تعالى و قد عرضت لها بالتفصيل الكتب الفلسفية و الكلامية و لنستمع إلى فقرات اخرى من هذا الدعاء الشريف:

 سبحانك من لطيف ما الطفك‏ و رءوف ما أرأفك‏ و حكيم ما أعرفك‏ سبحانك من مليك ما امنعك و جواد ما أوسعك‏ ذو البهاء و المجد و الكبرياء و الحمد سبحانك بسطت بالخيرات يدك و عرفت الهداية من عندك فمن التمسك‏ لدين أو دنيا وجدك سبحانك خضع لك من جرى في علمك‏ و خشع لعظمتك ما دون عرشك و انقاد للتسليم لك كل خلقك سبحانك لا تحس‏ و لا تجس‏ و لا تمس‏ و لا تكاد و لا تماط و لا تنازع و لا تجارى و لا تمارى‏ و لا تخادع و لا تماكر سبحانك سبيلك جدد و أمرك رشد و أنت حي صمد سبحانك قولك حكم و قضاؤك حتم و إرادتك عزم سبحانك لا راد لمشيئتك و لا مبدل لكلماتك سبحانك باهر الآيات فاطر السموات‏ بارئ النسمات.

حفلت هذه اللوحة بأروع ما يسبح به الأولياء و المتقون و بأزكى ما يمجدون به ربهم فما اعظم اللّه و أجله و أعلاه عند الإمام (عليه السلام) فهو تعالى اللطيف الرؤوف بعباده و الملك المقتدر فمن التجأ إليه فقد التجأ إلى حصن وثيق و كهف حريز و عرض الإمام (عليه السلام) إلى عظمة اللّه تعالى فقد خضع له كل ما في الكون و خشع له جميع من في الوجود و انقاد له بالتسليم جميع خلقه كما أن من عظمته تعالى تنزيهه عن الجسم حتى لا يدرك بالحواس الخمس و إنما هو نور السموات و الأرض و من عظمته انه ليس بمقدور أي أحد أن يكيده أو يمكر به أو يجادله أو ينازعه و إنما الجميع تحت قبضته و سلطانه و أمره فقوله حكم و قضاؤه حتم و إرادته عزم و لنصغ بعد هذا الى قطعة أخرى من هذا الدعاء الشريف:

لك الحمد حمدا يدوم بدوامك و لك الحمد حمدا خالدا بنعمتك و لك الحمد حمدا يوازي صنعك‏ و لك الحمد حمدا يزيد على رضاك و لك الحمد حمدا مع حمد كل حامد و شكرا يقصر عنه شكر كل شاكر حمدا لا ينبغي إلا لك و لا يتقرب به إلا إليك حمدا يستدام به الأول و يستدعى به دوام الآخر حمدا يتضاعف على كرور الأزمنة و يتزايد اضعافا مترادفة حمدا يعجز عن احصائه الحفظة و يزيد على ما احصته في كتابك‏ الكتبة حمدا يوازن عرشك المجيد و يعادل كرسيك الرفيع حمدا يكمل لديك ثوابه و يستغرق كل جزاء جزاؤه حمدا ظاهره وفق لباطنه و باطنه وفق لصدق النية حمدا لم يحمدك خلق مثله و لا يعرف أحد سواك فضله حمدا يعان من اجتهد في تعديده و يؤكد من اغرق نزعا في توفيته‏ حمدا يجمع ما خلقت من الحمد و ينتظم ما أنت خالقه من بعد حمدا لا حمد أقرب إلى قولك منه و لا أحمد ممن يحمدك به حمدا يوجب بكرمك المزيد بوفوره و تصله بمزيد بعد مزيد طولا منك حمدا يجب لكرم وجهك و يقابل عز جلالك .

و لم تبق كلمة في قاموس الحمد و الثناء إلا قدمها الإمام لمحبوبه الأكبر الخالق العظيم لقد قدم له الحمد اللّامتناهي على عظيم نعمه و ألطافه عليه و لنستمع بعد هذا الى لوحة أخرى من هذا الدعاء الشريف:

 رب صل على محمد و آل محمد المنتجب‏ المصطفى‏ المكرم المقرب افضل صلواتك و بارك عليه اتم بركاتك و ترحم عليه امتع رحماتك رب صل على محمد و آله صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها و صل عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها و صل عليه صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها رب صل على محمد و آله صلاة ترضيه و تزيد على رضاه و صل عليه صلاة ترضيك و تزيد على رضاك له و صل عليه صلاة لا ترضى له إلا بها و لا ترى غيره لها أهلا , رب صل على محمد و آله صلاة تجاوز رضوانك‏ و يتصل اتصالها ببقائك و لا ينفد كما لا تنفد كلماتك رب صل على محمد و آله صلاة تنتظم‏ صلوات ملائكتك و أنبيائك و رسلك و أهل طاعتك و تشتمل على صلوات عبادك من جنك و انسك و أهل اجابتك و تجتمع على صلاة على كل من ذرأت‏ و برأت‏ من اصناف خلقك رب صل عليه و آله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة و مستأنفة و صل عليه و آله صلاة مرضية لك و لمن دونك و تنشئ مع ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات و تزيدها على كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك .

أشاد الإمام (عليه السلام) بهذه الكلمات بجده الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله) و طلب من اللّه تعالى أن يترحم و يصلي عليه صلاة زاكية نامية مرضية تبقى على كرور الليالي و الأيام و تتصل ببقاء اللّه الذي لا نهاية له و لا تنفد كما لا تنفذ كلمات اللّه و لنستمع بعد هذا الى قطعة اخرى من هذا الدعاء:

رب صل على أطايب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك و جعلتهم خزائن علمك و حفظة دينك و خلفاءك في أرضك و حججك على عبادك و طهرتهم من الرجس‏ و الدنس تطهيرا بإرادتك و جعلتهم الوسيلة إليك و المسلك إلى جنتك رب صلّ على محمد و آله صلاة تجزل لهم بها من نحلك‏ و كرامتك و تكمل لهم الأشياء من عطاياك و نوافلك‏ و توفر عليهم الحظ من عوائدك و فوائدك رب صل عليه و عليهم صلاة لا أمد في أولها و لا غاية لأمدها و لا نهاية لآخرها رب صل عليهم زنة عرشك و ما دونه و ملء سماوتك و ما فوقهن و عدد اراضيك و ما تحتهن و ما بينهن صلاة تقربهم منك زلفى و تكون لك و لهم رضى و متصلة بنظائرهن أبدا .

اعرب الإمام (عليه السلام) في هذه الكلمات عن سمو منزلة أهل البيت (عليهم السلام) و ما منحهم اللّه من الفضائل و التي منها:

(أ) أن اللّه تعالى اختارهم لنشر دينه و أداء رسالته إلى عباده.

(ب) أن اللّه جعلهم خزنة لعلمه و مراكز لحكمته.                

(ج) أنهم حفظة دين اللّه من الزيادة و النقصان.

(د) أنهم خلفاء اللّه في أرضه و حججه على عباده.

(ه) أن اللّه طهرهم من الرجس و الدنس كما نطقت بذلك الآية الكريمة {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33].

(و) أن اللّه تعالى جعلهم الوسيلة إليه و المسلك إلى جنته فمن أتاهم فقد نجا و من تخلف عنهم فقد غرق و هوى.

هذه بعض فضائلهم و مآثرهم التي تحدث عنها الإمام (عليه السلام) و طلب من اللّه أن يفيض صلواته و مغفرته عليهم و أن يجزل لهم المزيد من رحماته و لنصغ إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء:

اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علما لعبادك و منارا في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك و الذريعة إلى رضوانك و افترضت طاعته و حذرت معصيته و أمرت بامتثال أوامره و الانتهاء عند نهيه و الا يتقدمه متقدم و لا يتأخر عنه متأخر فهو عصمة اللائذين و كهف المؤمنين و عروة المستمسكين و بهاء العالمين , اللهم فأوزع لوليك شكر ما انعمت به عليه و أوزعنا مثله فيه و آته من لدنك سلطانا نصيرا و افتح له فتحا يسيرا و اعنه بركنك الأعز و اشدد ازره و قو عضده و راعه بعينك و احمه بحفظك و انصره بملائكتك و أمدده بجندك الأغلب و أقم به كتابك و حدودك و شرائعك و سنن رسولك صلواتك اللهم عليه و آله و أحي به ما أماته الظالمون من معالم دينك و اجل به اصداء الجور عن طريقتك و ابن به الضراء من سبيلك و أذل به الناكبين‏ عن صراطك و امحق به بغاة قصدك عوجا و ألن جانبه لأوليائك و ابسط يده على اعدائك و هب لنا رأفته و رحمته و تعطفه و تحننه و اجعلنا له سامعين مطيعين و في رضاه ساعين و إلى نصرته و المدافعة عنه مكنفين و إليك و إلى رسولك صلواتك اللهم عليه و آله متقربين .

تحدث (عليه السلام) عن سمو منزلة الإمام القائم و أهميته البالغة في دنيا الإسلام فهو الحافظ لدين اللّه و الهادي إلى سبيل الحق و الرشاد و الذريعة إلى رضوان اللّه و الواجب يدعو إلى لزوم طاعته و حرمة مخالفته لأنه عصمة اللائذين و كهف المؤمنين و عروة المستمسكين و بهاء العالمين و قد دعا له بالنصر و الفتح المبين ليقيم سنة الإسلام و يحيي ما أماته الظالمون من معالم الشريعة و أحكام الدين و لنستمع إلى قطعة اخرى من هذا الدعاء العظيم:

 اللهم و صل على أوليائهم المعترفين بمقامهم المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم المستمسكين بعروتهم المستمسكين بولايتهم المؤتمين بإمامتهم المسلمين لأمرهم المجتهدين في طاعتهم المنتظرين أيامهم المادين إليهم اعينهم الصلوات المباركات الزاكيات الناميات الغاديات الرائحات و سلم عليهم و على أرواحهم و اجمع على التقوى أمرهم و أصلح لهم شئونهم و تب عليهم إنك أنت التواب الرحيم و خير الغافرين و اجعلنا معهم في دار السلام يا أرحم الراحمين.

طلب الإمام (عليه السلام) من اللّه تعالى أن يصلي و يترحم على شيعة أهل البيت (عليهم السلام) الذي يمثلون الوعي الفكري في الإسلام و يتبعون منهج الأئمة الطاهرين و يقتفون آثارهم و يتمسكون بولايتهم و يأتمون بامامتهم و يجتهدون في طاعتهم و ينتظرون أيامهم و هؤلاء هم الملتزمون بحرفية الإسلام و شايعوا النبي (صلى الله عليه و آله) في أقواله و أفعاله و التي منها اتباع ائمة أهل البيت (عليه السلام)  و التمسك بهم و الأخذ بما أثر عنهم في عالم التشريع و قد دعا لهم الإمام (عليه السلام)  بأن يجمع اللّه أمرهم على التقوى و يصلح شؤونهم و يتوب عليهم و يجعله معهم في دار الحق و السلام و لنستمع الى لوحة اخرى من هذا الدعاء:

 اللهم و هذا يوم عرفة يوم شرفته و كرمته و عظمته نشرت فيه رحمتك و مننت فيه بعفوك و اجزلت فيه عطيتك و تفضلت فيه على عبادك اللهم و أنا عبدك الذي انعمت عليه قبل خلقك له و بعد خلقك إياه فجعلته ممن هديته لدينك و وفقته لحقك و عصمته بحبلك و أدخلته في حزبك و أرشدته لموالاة أوليائك و معاداة اعدائك ثم أمرته فلم يأتمر و زجرته فلم ينزجر و نهيته عن معصيتك فخالف أمرك إلى نهيك لا معاندة لك و لا استكبارا عليك بل دعاه هواه إلى ما زيلته‏ و إلى ما حذرته و أعانه على ذلك عدوك و عدوه‏ فأقدم عليه‏ عارفا بوعيدك راجيا لعفوك واثقا بتجاوزك و كان أحق عبادك مع ما مننت عليه ألا يفعل و ها أنا ذا بين يديك صاغرا ذليلا خاضعا خاشعا خائفا معترفا بعظيم من الذنوب تحملته و جليل من الخطايا اجترمته‏ مستجيرا بصفحك لائذا برحمتك موقنا أنه لا يجيرني منك مجير و لا يمنعني منك مانع فعد علي بما تعود به على من اقترف من تعمدك وجد علي بما تجود به على من القى بيده إليك من عفوك و امنن علي بما لا يتعاظمك ان تمنّ به على من أملك من غفرانك‏ و اجعل لي في هذا اليوم نصيبا أنال به حظا من رضوانك و لا تردني صفرا مما ينقلب به المتعبدون لك من عبادك و اني و إن لم اقدم ما قدموه من الصالحات فقد قدمت توحيدك و نفي الأضداد و الأنداد و الأشباه عنك و اتيتك من الأبواب التي أمرت أن تؤتى منها و تقربت إليك بما لا يقرب أحد منك إلا بالتقرب به‏ ثم اتبعت ذلك بالإنابة إليك و التذلل و الاستكانة لك و حسن الظن بك و الثقة بما عندك و شفعته برجائك الذي قل ما يخيب عليه راجيك و سألتك مسألة الحقير الذليل البائس الفقير الخائف المستجير و مع ذلك خيفة و تضرعا و تعوذا و تلوذا لا مستطيلا بتكبر المتكبرين و لا متعاليا بدالة المطيعين و لا مستطيلا بشفاعة الشافعين و أنا بعد أقل الأقلين و أذل الأذلين و مثل الذرة أو دونها .

اعرب الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع من دعائه عن تعظيمه و تقديسه ليوم عرفة الذي هو من أجل أيام اللّه فقد نشر فيه تعالى رحمته و تفضل على حجاج بيته الحرام بالعفو و الغفران كما ابدى (عليه السلام) تذلّله و عبوديته المطلقة للّه معترفا بتقصيره واثقا بلطفه راجيا منه العفو مقدما له الاعتراف بتوحيده و نفي الأضداد و الأنداد عنه سالكا من الأبواب التي أمر تعالى أن يؤتى منها و هي أبواب الأئمة الطاهرين و في هذا درس للمقصرين و المبتعدين عن اللّه تعالى أن ينهجوا هذا المنهج لينقذوا انفسهم من عذاب اللّه في الدار الآخرة و لنعد إلى الاستماع إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء الشريف:

 فيا من لم يعاجل المسيئين و لا ينده‏ المترفين و يا من يمن باقالة العاثرين و يتفضل بانظار الخاطئين أنا الذي اقدم عليك مجترئا أنا الذي عصاك متعمدا أنا الذي استخفى من عبادك و بارزك أنا الذي هاب عبادك و امنك أنا الذي لم يرهب سطوتك و لم يخف بأسك أنا الجاني على نفسه أنا المرتهن ببليته أنا القليل الحياء أنا الطويل العناء بحق من انتجبت من خلقك و بمن اصطفيته لنفسك بحق من اخترت من بريتك و من اجتبيت لشأنك‏ بحق من وصلت طاعته بطاعتك و من‏ جعلت معصيته كمعصيتك بحق من قرنت موالاته بموالاتك و من نطت‏ معاداته بمعاداتك تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جاء إليك متنصلا و عاذ باستغفارك تائبا و تولني بما تتولى به أهل طاعتك و الزلفى لديك و المكانة منك و توحدني بما تتوحد به من وفى بعهدك و اتعب نفسه في ذاتك و أجهدها في مرضاتك و لا تؤاخذني بتفريطي في جنبك و تعدي طوري في حدودك و مجاوزة احكامك و لا تستدرجني بأملائك لي استدراج من منعني خير ما عنده و لم يشركك في حلول نعمته بي و نبهني من رقدة الغافلين و سنة المسرفين و نعسة المخذولين‏ و خذ بقلبي إلى ما استعملت به القانتين‏ و استبعدت به المتعبدين و استنقذت به المتهاونين و اعذني مما يباعدني عنك و يحول بيني و بين حظي منك و يصدني عما أحاول لديك و سهل لي مسلك الخيرات إليك و المسابقة إليها من حيث أمرت و المشاحة فيها على ما أردت و لا تمحقني فيمن تمحق من المستخفين بما أوعدت و لا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين لمقتك و لا تتبرني‏ فيمن تتبر من المنحرفين عن سبيلك و نجني من غمرات الفتنة و خلصني من لهوات البلوى و اجرني من أخذ الاملاء .

تحدث الإمام (عليه السلام) في هذه الفقرات عن ألطاف الله تعالى على عباده و التي منها انه لا يعجل بالعقوبة و الانتقام من المسيئين و العصاة و إنما يمهلهم لعلهم يثوبون و يرجعون إلى طريق الحق و الصواب كما.

أعرب (عليه السلام) عن تذلّله و تصاغره و نكران ذاته أمام الخالق العظيم طالبا منه و متوسلا إليه أن يمنحه العفو و الرضوان و ينبهه من رقدة الغافلين و سنة المسرفين و يسلك به مسلك الأخيار و الصالحين و لنستمع إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء الشريف:

 و حل بيني و بين عدو يضلني و هوى يوبقني‏ و منقصة ترهقني و لا تعرض عني اعراض من لا ترضى عنه بعد غضبك و لا تؤيسني من الأمل فيك فيغلب علي القنوط من رحمتك و لا تمنحني بما لا طاقة لي به فتبهظني مما تحملنيه من فضل محبتك و لا ترسلني من يدك إرسال من لا خير فيه و لا حاجة بك إليه و لا إنابة له و لا ترم بي رمي من سقط من عين رعايتك و من اشتمل عليه الخزي من عندك بل خذ بيدي من سقطة المترددين و وهلة المتعسفين و زلة المغرورين و ورطة الهالكين و عافني مما ابتليت به طبقات عبيدك و إمائك و بلغني مبالغ من عنيت به و أنعمت عليه و رضيت عنه فأعشته حميدا و توفيته سعيدا و طوقني طوق الإقلاع عما يحبط الحسنات و يذهب بالبركات و أشعر قلبي الازدجاد عن قبائح السيئات و فواضح الحوبات‏ و لا تشغلني بما لا أدركه إلا بك عما لا يرضيك عني غيره و انزع من قلبي حب دنيا دنية تنهى عما عندك و تصد عن ابتغاء الوسيلة إليك و تذهل عن التقرب منك و زين لي التفرد بمناجاتك بالليل و النهار و هب لي عصمة تدنيني من خشيتك و تقطعني عن ركوب محارمك و تفكني من أسر العظائم‏ و هب لي التطهر من دنس العصيان و اذهب عني درن‏ الخطايا و سربلني بسربال عافيتك‏ و ردني رداء معافاتك و جللني سوابغ نعمائك و ظاهر لدي فضلك و طولك‏ و ايدني بتوفيقك و تسديدك و أعني على صالح النية و مرضي القول و مستحسن العمل و لا تكلني إلى حولي و قوتي دون حولك و قوتك و لا تخزني يوم تبعثني للقائك و لا تفضحني بين يدي أوليائك و لا تنسني ذكرك و لا تذهب عني شكرك بل الزمنيه في أحوال السهو عند غفلات الجاهلين لآلائك‏ و أوزعني أن أثني بما أوليتنيه و أعترف بما أسديته إلي و اجعل رغبتي إليك فوق رغبة الراغبين و حمدي إياك فوق حمد الحامدين و لا تخذلني عند فاقتي إليك و لا تهلكني بما أسديته إليك .

أ رأيتم هذا الاتجاه إلى الله تعالى و الإخلاص في طاعته؟ أ رأيتم كيف يسأل الإمام (عليه السلام) ربه بتذلل و خضوع و تملق فقد سأل منه أن يكفيه شر الشيطان الرجيم العدو الأول للإنسان و طلب منه أن يصرفه عن كل هوى يميل به إلى غير الحق و أن يشمله برعايته و عنايته و أن يأخذ بيده من سقطة المتردين و وهلة المتعسفين و زلة المغرورين و أن يجعل له الصوارف النفسية عن كل ذنب و خطيئة و عن حب الدنيا التي هي رأس كل خطيئة و أن يزين له طاعته و عبادته حتى يحظى بطاعته و عبادته و التقرب إليه , هذه بعض المطالب التي سألها الإمام من ربه و لنستمع إلى مقطع آخر من هذا الدعاء الشريف:

 و لا تجبهني بما جبهت به المعاندين لك فإني لك مسلم أعلم أن الحجة لك و انك أولى بالفضل و أعود بالإحسان و أهل التقوى‏ و أهل المغفرة و انك بأن تعفو أولى منك بأن تعاقب و انك بأن تستر أقرب منك إلى أن تشهر فأحيني حياة طيبة تنتظم بما أريد و تبلغ ما أحب من حيث لا آتي ما تكره و لا أرتكب ما نهيت عنه و أمتني ميتة من يسعى نوره بين يديه و عن يمينه و ذللني بين يديك و أعزني عند خلقك وضعني إذا خلوت بك‏ و ارفعني بين عبادك و أغنني عمن هو غني عني و زدني‏ إليك فاقة و فقرا و أعذني من شماتة الأعداء و من حلول البلاء و من الذل و العناء تغمدني فيما اطلعت عليه مني بما يتغمد به القادر على البطش لو لا حلمه و الآخذ على الجريرة لو لا أناته و إذا أردت بقوم فتنة أو سوء فنجني منها لواذا بك‏ و إذا لم تقمني مقام فضيحة في دنياك فلا تقمني مثله في آخرتك و اشفع لي أوائل مننك بأواخرها و قديم فوائدك بحوادثها و لا تمدد لي مدا يقسو معه قلبي‏ و لا تقرعني قارعة يذهب لها بهائي و لا تسمني خسيسة يصغر لها قدري و لا نقيصة يجهل من أجلها مكاني و لا ترعني روعة أبلس‏ بها و لا خيفة أوجس دونها ؛ اجعل هيبتي في وعيدك و حذري‏ من إعذارك و إنذارك و رهبتي عند تلاوة آياتك و اعمر ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك و تفردي بالتهجد لك و تجردي بسكوني إليك و إنزال حوائجي بك و منازلتي إياك في فكاك رقبتي من نارك و إجارتي مما فيه أهلها من عذابك و لا تذرني في طغياني عامها و لا في غمرتي ساهيا حتى حين‏ و لا تجعلني عظة لمن اتعظ و لا نكالا لمن اعتبر و لا فتنة لمن نظر و لا تمكر بي فيمن تمكر به و لا تستبدل بي غيري و لا تغير لي اسما و لا تبدل لي جسما و لا تتخذني هزوا لخلقك و لا سخريا لك‏ و لا تبعا إلا لمرضاتك و لا ممتهنا إلا بالانتقام لك .

عرض الإمام (عليه السلام) مهامه و مطالبه أمام الخالق العظيم طالبا منه إنجازها و أن لا يجبهه بردها فقد سأله أن يحييه حياة طيبة كريمة يتحقق فيها ما يأمله و يريده و أن لا يرتكب معصية أو يقترف إثما و أن يميته ميتة الصالحين الذين يسعى نورهم بين أيديهم و بأيمانهم كما سأله انه إذا وقف في مناجاته و عبادته أن يكون ذليلا لا يجد لنفسه أمامه أي كيان و طلب منه أن يعزه عند خلقه و يرفع شأنه بين عباده و أن يغنيه عنهم و أن يعيذه من شماتة الاعداء التي هي من أعظم النكبات على الإنسان و أن ينجيه من حلول البلاء و الذل و العناء و أن لا ينزل به فتنة أو سوءا أو عذابا إذا أراد أن يصبه على العصاة من عباده إلى غير ذلك من مهام الأمور التي طلبها الإمام من الله تعالى و لنستمع إلى الفصل الأخير من هذا الدعاء الجليل:

 و أوجدني برد عفوك و حلاوة رحمتك و روحك‏ و ريحانك و جنة نعيمك و أذقني طعم الفراغ‏ لما تحب بسعة من سعتك و الاجتهاد فيما يزلف لديك و عندك و أتحفني بتحفة من تحفاتك و اجعل تجارتي‏ رابحة و كرتي غير خاسرة و اخفني مقامك و شوقني لقاءك و تب علي توبة نصوحا لا تبقي معها ذنوبا صغيرة و لا كبيرة و لا تذر معها علانية و لا سريرة و انزع الغل‏ من صدري للمؤمنين و اعطف بقلبي على الخاشعين و كن لي كما تكون للصالحين و حلني حلية المتقين و اجعل لي لسان صدق في الغابرين‏ و ذكرا ناميا في الآخرين و واف بي عرصة الأولين و تمم سبوغ نعمتك علي و ظاهر كراماتها لدي املأ من فوائدك يدي و سق كرائم مواهبك إلي و جاور بي الأطيبين من أوليائك في الجنان التي زينتها لأصفيائك و جللني شرائف نحلك‏ في المقامات المعدة لأحبائك و اجعل لي عندك مقيلا آوي إليه مطمئنا و مثابة أتبوؤها و أقر عينا و لا تقايسني‏ بعظيمات الجرائر و لا تهلكني يوم تبلى‏ السرائر و أزل عني كل شك و شبهة و اجعل لي في الحق طريقا من كل رحمة و اجزل لي قسم المواهب‏ من نوالك‏ و وفر علي حظوظ الإحسان من أفضالك و اجعل قلبي واثقا بما عندك و همي مستفرغا لما هو لك و استعملني بما تستعمل به خالصتك و اشرب قلبي عند ذهول العقول طاعتك‏ و اجمع لي الغنى و العفاف و الدعة و المعافاة و الصحة و السعة و الطمأنينة و العافية و لا تحبط حسناتي بما يشوبها من معصيتك و لا خلواتي بما يعرض لي من نزغات فتنتك و صن وجهي عن الطلب إلى أحد من العالمين و ذبني‏ عن التماس ما عند الفاسقين و لا تجعلني للظالمين ظهيرا و لا لهم على محو كتابك يدا و نصيرا و حطني‏ من حيث لا أعلم حياطه تقيني بها و افتح لي أبواب توبتك و رحمتك و رأفتك و رزقك الواسع إني إليك من الراغبين و أتمم إلى أنعامك إنك خير المنعمين و اجعل باقي عمري في الحج و العمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين و صلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين و السلام عليه و عليهم أبد الآبدين .

و بهذا ينتهي هذا الدعاء الشريف الذي هو من غرر أدعية أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و قد حفل بأسمى دروس الحكمة و العرفان و الإنابة إلى الله بالإضافة إلى أنه في منتهى الروعة من حيث البلاغة و الفصاحة و جمال الأسلوب.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.