المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
كيفيّة محاسبة النّفس واستنطاقها
2024-11-28
المحاسبة
2024-11-28
الحديث الموثّق
2024-11-28
الفرعون رعمسيس الثامن
2024-11-28
رعمسيس السابع
2024-11-28
: نسيآمون الكاهن الأكبر «لآمون» في «الكرنك»
2024-11-28



معاناة والآم السم  
  
3805   01:46 صباحاً   التاريخ: 9-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص478-482
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة /

لما وصل السم الى جوفه أخذ يعاني آلام الموت فبقي في فراش المرض أربعين يوما وقيل : شهرين وفي كل يوم تزداد فعالية السم في جسمه حتى ذاب قلبه الشريف من الألم ذلك القلب الذي يضم الحب والعطف للناس جميعا ودخل عليه عائدا شقيقه الحسين فلما رآه وهو خابئ اللون معصوب الرأس قد ذابت حشاه من السم التفت إليه وقد أذهله المصاب وأفزعه الخطب قائلا : أخي من سقاك السم؟

ـ وما تريد منه؟

ـ أريد أن أقتله.  

- إن يكن الذي أظنه فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا وإن لم يكن هو فما أحب أن يقتل بي بريء  .

وهكذا كان (عليه السلام) محتاطا في الدماء حريصا عليها لا يحب أن يهراق في أمره ملأ محجمة دما وجيء له بطبيب ففحصه فحصا دقيقا وبعد الامعان في التشخيص يئس منه فالتفت الى أهله قائلا لهم : ان السم قد قطع أمعاءه  ؛ فعند ذلك يئس الإمام من حياته ودخل عليه عائدا الصحابي العظيم جنادة بن أبي أميّة فالتفت الى الإمام قائلا : عظني يا ابن رسول الله .

فاجاب (عليه السلام) طلبته وهو في أشد الأحوال حراجة وأقساها ألما ومحنة فاتحفه بهذه الكلمات الذهبية التي هي أغلى وأثمن من الجوهر وقد كشفت عن أسرار إمامته قائلا : يا جنادة استعد لسفرك وحصل زادك قبل حلول أجلك واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك ولا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه واعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك واعلم أن الدنيا في حلالها حساب وفى حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك فان كان حلالا كنت قد زهدت فيه وإن كان حراما لم يكن فيه وزر فأخذت منه كما أخذت من الميتة وإن كان العقاب فالعقاب يسير واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا وإذا أردت عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله الى عز طاعة الله عز وجل وإذا نازعتك الى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك وإذا أخذت منه صانك وإذا أردت منه معونة أعانك وان قلت صدق قولك وان صلت شدّ صولتك وإن مددت يدك بفضل مدها وإن بدت منك ثلمة سدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن سألته أعطاك وإن سكت عنه ابتدأك وإن نزلت بك إحدى الملمات واساك من لا تأتيك منه البوائق ولا تختلف عليك منه الطرائق ولا يخذلك عند الحقائق وان تنازعتما منقسما آثرك  ؛ لقد اعطى (عليه السلام) لجنادة بهذه الوصية الخالدة الدروس النافعة والحكم القيامة والآراء الصائبة التي استقاها من جده الرسول (صلى الله عليه واله) ومن أبيه أمير المؤمنين فقد أرشده الى أفضل المناهج التي تضمن له النجاح في آخرته ودنياه.

ودخل على الإمام عائدا عمير بن اسحاق فالتفت (عليه السلام) له قائلا :  يا عمير سلني قبل أن لا تسلني! وثقل على عمير أن يسأله وهو بهذه الحالة فقال له : لا والله لا أسألك حتى يعافيك الله ثم أسألك  .

والتفت (عليه السلام) إلى أهل بيته معربا لهم عما يعانيه من ألم السم  لقد القيت طائفة من كبدي واني سقيت السم مرارا فلم اسقه مثل هذه المرة لقد لفظت قطعة من كبدي فجعلت أقلبها بعود معي  ؛ ودخل عليه عائدا أخوه سيد الشهداء فلما نظر الى ما يعانيه من ألم السم غامت عيناه بالدموع فنظر إليه الحسن فقال له :

ـ ما يبكيك يا أبا عبد الله؟

ـ أبكي لما صنع بك.

واستشف الإمام الحسن بما سيجري على أخيه من بعده فهان عليه ما هو فيه وأرخى عينيه بالدموع وقال له بنبرات مرتعشة حزينة : إن الذي أوتي إلي سم اقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمّة جدنا محمد (صلى الله عليه واله) وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك .

إن جميع ما واجهته العترة الطاهرة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) من الشجون والخطوب لا يضارع كارثة أبي عبد الله (عليه السلام) فلا يوم كيومه فقد ذل فيه الإسلام وانتهكت فيه كرامة المسلمين وحرمة النبي (صلى الله عليه واله) التي هي أولى بالرعاية والعطف من كل شيء ويشتد الوجع به ويسعر عليه الألم فيجزع فيلتفت إليه بعض عواده قائلا له : يا ابن رسول الله لم هذا الجزع؟ أليس الجد رسول الله (صلى الله عليه واله) والأب علي والأم فاطمة وأنت سيد شباب أهل الجنة؟!!

فاجابه بصوت خافت : أبكي لخصلتين : هول المطلع وفراق الأحبة  .

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.