المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



المنطقة الاقتصادية الخالصة  
  
10434   12:05 مساءاً   التاريخ: 6-4-2016
المؤلف : سمية رشيد جابر الزبيدي
الكتاب أو المصدر : تسوية المنازعات الدولية المتعلقة بقانون البحار
الجزء والصفحة : ص38-48
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

 تتمتع المنطقة الاقتصادية الخالصة بأهمية كبيرة في مجال تسوية المنازعات، ويعود السبب في ذلك إلى ان التسوية الإلزامية للمنازعات تجد لها مجالاً واسعاً كلما ابتعدنا عن الإقليم البري باتجاه البحر العالي، وقبل الخوض في المنازعات التي تحدث في هذه المنطقة، ووسائل تسويتها. نشير إلى ان المادة 55 من اتفاقية قانون البحار عرفت المنطقة الاقتصادية الخالصة بانها (منطقة واقعة وراء البحر الإقليمي وملاصقة له، يحكمها النظام القانوني المميز المقرر في هذا الجزء وبموجبه تخضع حقوق الدول الساحلية وولايتها وحقوق الدولة الأخرى وحرياتها للأحكام ذات الصلة من هذه الاتفاقية). ولا تمتد المنطقة الاقتصادية اكثر من 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي(1). وللدولة الساحلية في المنطقة الاقتصادية الخالصة:

أ- حقوق سيادية لغرض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية، الحية منها وغير الحية، للمياه التي تعلو قاع البحر ولقاع البحر وباطن أرضه، وحفظ هذه الموارد وإدارتها، وكذلك فيما يتعلق بالأنشطة الأخرى للاستكشاف والاستغلال الاقتصاديين للمنطقة، كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

ب- ولاية على الوجه المنصوص عليه في الأحكام ذات الصلة من هذه الاتفاقية فيما يتعلق بما يلي:

1- إقامة واستعمال الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات.

2- البحث العلمي البحري.

3- حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها.

اما حقوق الدول الأخرى في المنطقة الاقتصادية فقد نصت عليها المادة 58 بالقول (في المنطقة الاقتصادية الخالصة تتمتع جميع الدول، ساحلية كانت أو غير ساحلية ورهنا بمراعاة الأحكام ذات الصلة من هذه الاتفاقية بالحريات المشار إليها في المادة 87 والمتعلقة بالملاحة والتحليق ووضع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة وغير ذلك مما يتصل بهذه الحريات من اوجه استخدام البحر المشروعة دولياً كتلك المرتبطة بتشغيل السفن والطائرات والكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة، والمتفقة مع الأحكام الأخرى من هذه الاتفاقية).  أما عن طبيعة المنازعات التي تحدث في هذه المنطقة ووسائل تسويتها فقد عالجتها المادة 297 من اتفاقية قانون البحار، وتعد هذه المادة من أهم مواد الاتفاقية لانها توضح المنازعات التي تخضع للتسوية الإلزامية إذ نصت على ما يأتي: (1- تخضع المنازعات المتعلقة بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها بشأن ممارسة دولة ساحلية لحقوقها السيادية أو ولايتها المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، للإجراءات المنصوص عليها في الفرع الثاني، وذلك في الحالات التالية:

أ- عندما يدعى ان دولة ساحلية قد تصرفت بما يخالف أحكام هذه الاتفاقية بصدد حريات وحقوق الملاحة أو التحليق أو وضع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة أو بصدد غير ذلك من اوجه استخدام البحر المشروعة دولياً والمحددة في المادة 58 .

ب- أو عندما يدعى ان الدولة قد تصرفت في ممارستها للحريات والحقوق واوجه الاستخدام المذكورة أعلاه بما يخالف هذه الاتفاقية أو القوانين أو الأنظمة التي اعتمدتها الدولة الساحلية طبقا لهذه الاتفاقية وقواعد القانون الدولي الأخرى غير المتنافية مع هذه الاتفاقية.

ج- أو عندما يدعى ان دولة ساحلية قد تصرفت بما يخالف القواعد والمعايير الدولية المحددة لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها والتي تكون منطبقة على الدولة الساحلية وتكون قد تقررت بهذه الاتفاقية أو تكون قد وضعت عن طريق منظمة دولية مختصة أو مؤتمر دبلوماسي وفقا لهذه الاتفاقية). واستناداً إلى المادة 58 فان الدولة الساحلية ملزمة باحترام حق الملاحة والتحليق ووضع الكابلات وخطوط الأنابيب. ولتعبير الملاحة (معان مختلفة في آثارها القانونية من جزء إلى آخر في البحر العالي، ففي البحر العالي خارج المنطقة الاقتصادية الخاصة. يكون لتعبير "الملاحة" معنى عاماً يرتبط بحركة السفن ووجودها في البحر، بصرف النظر عن الأهداف المنشودة من هذه الحركة وهذا الوجود. إذ لا يهم ان كان الغرض من الملاحة النقل أو الصيد أو معالجة الأسلاك والأنابيب أو البحث العلمي. فهذه جميعاً من الحريات التي يحق لجميع الدول ممارستها في هذا الجزء من البحر العالي. إلا ان الأمر يختلف عند ممارسته هذه "الملاحة" في جزء البحر العالي الواقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة أو فوق الجرف القاري فلا تدخل الملاحة هنا ضمن حريات البحر العالي إلا إذا كانت مرتبطة بتشغيل السفن والطائرات والكابلات وخطوط الأنابيب أي ان النشاطات الملاحية الأخرى كالبحث العلمـي، تخرج عن الحريات المسموح بها في البحر اعتيادياً)(2).ذلك ان أنشطة الصيد والبحث العلمي لا يتم ممارستهما في المنطقة الاقتصادية إلا بموافقة الدولة الساحلية . كما ان للدول غير الساحلية الحق في التحليق فوق المنطقة الاقتصادية الخالصة ووضع الأسلاك والأنابيب وجعلت مد هذه الأسلاك والأنابيب حقا لجميع الدول ولا يخضع لأي موافقة مسبقة من الدولة الساحلية. إلا ان تعيين خط سير هذه الأسلاك والأنابيب يخضع لموافقة الدولة الساحلية(3).  واستناداً إلى ما تقدم إذا ادعت إحدى الدول غير الساحلية بان الدولة الساحلية قد تصرفت بما يخالف أحكام هذه الاتفاقية بصدد الحريات المذكورة أعلاه كان تمنع أو تعرقل الملاحة أو وضع الكابلات أو غيرها فان للدولة غير الساحلية الحق في ان ترفع هذا الأمر إلى إحدى المحاكم التي ورد ذكرها في المادة 287 ، وهذه النوع من المنازعات يخضع للتسوية الإلزامية(4). وكما ان للدولة غير الساحلية الحق في إخضاع النزاع إلى التسوية القضائية الإلزامية عندما يدعى أن دولة ساحلية قد تصرفت بما يخالف القواعد والمعايير الدولية لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها. ان مسألة حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها لم يتم معالجتها إلا في الجزء الثاني عشر من اتفاقية قانون البحار، إذا استناداً إلى المادة 192 من هذا الجزء (فان الدول ملزمة بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها) ولمنع التلوث فيجب على الدول ان تتخذ جميع ما يلزم من التدابير المتمشية مع هذه الاتفاقية، سواء كانت منفردة أو مشتركة، لمنع التلوث وخفضه والسيطرة عليه أيا كان مصدره مستخدمة لهذا الغرض افضل الوسائل العلمية المتاحة لها والمتفقة مع قدرتها(5). ولما كان للتلوث مصادر مختلفة فقد يكون ناشئ من مصدر بري أو عن أنشطة تخص قاع البحار أو الأنشطة في المنطقة الدولية. لذلك فان على الدول الساحلية اعتماد القوانين والأنظمة لمنع التلوث وخفضه والسيطرة عليه والناشئ عن تلك الأنشطة(6).  وقد ينشأ التلوث عن طريق الإغراق، ولمنع التلوث أوضحت الاتفاقية عدم جواز الإغراق داخل البحر الإقليمي أو المنطقة الاقتصادية الخالصة أو على الجرف القاري بدون موافقة صريحة مسبقة من الدول الساحلية التي يحق لها الإذن بهذا الإغراق ومراقبتـه بعـد  التشاور مع الدول الأخرى التي قد تتأثر به تأثيراً ضاراً بسبب موقعها الجغرافي(7). أما عن التلوث الناشئ عن السفن فللدولة الساحلية ان تعتمد في منطقتها الاقتصادية الخالصة قوانين وأنظمة لمنع التلوث من السفن وخفضه والسيطرة عليه. ويجب ان تكون هذه القوانين والأنظمة متفقة مع القواعد والمعايير الدولية المقبولة عموماً والموضوعة عن طريق المنظمة المتخصصة أو مؤتمر دبلوماسي عام ويكون فيها أعمال لهذه القواعد والمعايير، ويجوز للدولة الساحلية ان تتخذ إجراءات إلزامية خاصة بجزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة لمقاومة التلوث الناشئ عن السفن بسبب معطيات فنية معتبرة وعلى الدولة الساحلية إبلاغ المنظمة المختصة، فإذا قررت المنظمة صحة ذلك جاز ان تعتمد هذه القوانين الخاصة إلا انها لا تصبح سارية المفعول إلا بعد مضي (15) شهر من تاريخ تقديم التبليغ للمنظمة(8). ان للدولة الساحلية الحق في وضع القوانين للمحافظة على البيئة البحرية، ولكن إذا ادعت إحدى الدول بان الدولة الساحلية في وضعها للقوانين أو الأنظمة قد خالفت القواعد والمعايير الدولية جاز لتلك الدولة ان تلجأ إلى التسوية القضائية الإلزامية استناداً إلى الفقرة ج من المادة 297 . إذن استناداً للفقرتين أ و ج  يجوز لأي دولة إذا وجدت ان الدولة الساحلية خالفت أحكام الاتفاقية في المسائل التي تعالجها هاتين الفقرتين ان تلجأ إلى القضاء الدولي لتسوية المنازعات كما على الدولة الساحلية واجبات فان لها حقوق، ومن اجل تحقيق هذه الموازنة بين الحقوق والواجبات نجد ان الفقرة ب من المادة 297 أعطت للدولة الساحلية الحق في ان تلجأ إلى التسوية الإلزامية للمنازعات وذلك في حالة واحدة هي ان تكون دولة ما قد تصرفت في ممارستها للحريات والحقوق واوجه الاستخدام المذكورة في المادة 58 بما تخالف هذه الاتفاقية أو القوانين أو الأنظمة التي اعتمدتها الدولة الساحلية طبقاً للاتفاقية. فإذا قامت دولة أثناء طيرانها أو الملاحة في المنطقة الاقتصادية الخالصة أو أثناء وضع الكابلات البحرية أو صيانتها في تلك المنطقة بانتهاك قوانين الدولة الساحلية كان للأخيرة اللجوء إلى التسوية الإلزامية. ونود ان نوضح بان المنازعات المذكورة سلفاً غير قابلة للاستثناء من التسوية الإلزامية. أما بالنسبة للمنازعات التي تحدث في المنطقة الاقتصادية الخالصة والتي يجوز استثناؤها من التسوية الإلزامية فهي المنازعات المتعلقة بالبحث العلمي البحري والمنازعات المتعلقة بمصائد الأسماك. ذلك ان الأصل في هذه المنازعات ان تخضع للتسوية الإلزامية إلا انه استثناءاً يجوز إخراجها من التسوية الإلزامية استناداً إلى الفقرة (2) من المادة 297 حيث نصت: (أ) تسوى المنازعات المتعلقة بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها فيما يتصل بالبحث العلمي البحري وفقا للفرع 2 إلا أن الدولة الساحلية لا تكون ملزمة بان تقبل بان يخضع لهذه التسوية أي نزاع ناجم عما يلي:

1- ممارسة الدولة الساحلية لحق أو سلطة تقديرية وفقا للمادة 246 .

2- اتخاذ الدولة الساحلية قرار يأمر بتعليق أو إيقاف مشروع بحث وفقا للمادة 253 .

إذن استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 297 إذا كان النزاع يتعلق بتفسير أو تطبيق الاتفاقية في المجال المتعلق بالبحث العلمي فالأصل ان يخضع للتسوية الإلزامية، ولكن متى ما تعلق الأمر بالسلطة التقديرية للدولة الساحلية في الموافقة على البحث العلمي إذ ان ممارسة البحث العلمي يكون في المنطقة الاقتصادية الخالصة بموافقة الدولة الساحلية فانه يخرج عن إطار التسوية الإلزامية، وكذلك الحال إذا تعلق الأمر بسلطة الدولة التقديرية في إيقاف أو تعليق مشروع البحث العلمي إذا لم تكن أعمال البحث متطابقة مع المعلومات التي قدمتها الدولة الأجنبية أو المنظمة، أو لم تحترم تلك المنظمة الواجبات التي تقع عليها عند قيامها بالبحث العلمي البحري. في هاتين الحالتين لا يجوز اللجوء إلى التسوية القضائية الإلزامية ويثور التساؤل هل ان مثل هذا النزاع يترك دون حل ؟ وللإجابة نقول لقد حرصت الاتفاقية على عدم ترك أي نزاع دون تسوية ولذلك فاستناداً إلى الفقرة الفرعية ب/2/297 يخضع مثل هذا النزاع إلى التوفيق الإلزامي بموجب الفرع الثاني من الجزء الخامس عشر(9). أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بمصائد الأسماك في المنطقة الاقتصادية الخالصة، فالأصل استناداً إلى الفقرة 3 من المادة 297 انها تخضع للتسوية الإلزامية حيث نصت على ان (أ- تسوى المنازعات المتعلقة بتفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها، فيما يتصل بمصائد الأسماك وفقا للفرع 2 . إلا ان الدولة الساحلية لا تكون ملزمة بان يخضع لمثل هذه التسوية أي نزاع يتصل بحقوقها السيادية بصدد الموارد الحية في منطقتها الاقتصادية الخالصة أو بممارسة تلك الحقوق، بما في ذلك سلطتها التقديرية لتحديد كمية الصيد المسموح بها وقدرتها على الجني وتخصيص الفائض للدول الأخرى والأحكام والشروط المقررة في قوانينها وأنظمتها المتعلقة بحفظ هذه الموارد وإدارتها.)  وتوضح هذه المادة ان المنازعات التي تتعلق بتفسير أو تطبيق الاتفاقية في مجال مصائد الأسماك فانها تخضع للتسوية الإلزامية، ولكن إذا كان النزاع يتعلق بالحقوق السيادية التي أشارت إليها المادة 56 ، وهي المتعلقة بسيادة الدولة على مواردها الحية وغير الحية، فانها تخرج عن الاختصاص الإلزامي لتسوية المنازعات، ذلك لان فكرة المنطقة الاقتصادية الخالصة كان (هدفها الاستئثار بالموارد الحية والمحافظة على الثروة السمكية في تلك المنطقة من أعالي البحار، والتي لم يكن باستطاعة الدولة النامية استغلال الموارد الحية بسبب أوضاعها الاقتصادية، وقيام أساطيل الصيد من الدول الصناعية في استغلال تلك الثروة المحاذية لسواحل)…(10). وعليه لا يجوز الصيد في هذه المنطقة إلا بموافقة الدولة الساحلية. وتستطيع الدولة الساحلية واستناداً إلى المادة 73 من اتفاقية قانون البحار في ممارستها لحقوقها السيادية في استكشاف واستغلال وحفظ وإدارة الموارد الحية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، ان تتخذ تدابير من بينها تفقد السفن وتفتيشها واحتجازها وإقامة دعاوى قضائية ضدها وفقا لما تقتضيه الضرورة، لضمان الامتثال للقوانين والأنظمة التي اعتمدتها طبقاً لهذه الاتفاقية. ويتم إخلاء سبيل السفن التي أخضعت للاحتجاز وطواقمها لدى تقديم كفالة معقولة أو ضمان آخر. ويجب على الدولة الساحلية في حالة احتجاز السفن الأجنبية إبلاغ دولة العلم بالوسائل المناسبة بالإجراءات المتخذة وبأية عقوبات تفرض. ولقد قدمت عدة طلبات إلى المحكمة الدولية لقانون البحار من اجل الإفراج عن السفن التي تقوم بالصيد في المنطقة الاقتصادية الخالصة لدولة أخرى وبدون موافقتها ومنها السفينة  ... إذن من كل ما تقدم نستطيع التوصل إلى نتيجة ان المنازعات المتعلقة بالحقوق السيادية لا تخضع للتسوية الإلزامية، وانما تخضع إذا لم يتم تسويتها بالطرق الاختيارية، إلى التوفيق الإلزامي استناداً إلى الفرع 2 من المرفق الخامس، وخاصة إذا كانت الدولة الساحلية قد رفضت بصورة تعسفية تحديد كمية الصيد المسموح بها أو تخصيص الكمية التي ستشارك فيها الدولة المتضررة أو غير الساحلية استناداً إلى المادتين 69 و 70 . كما سنرى ذلك في المبحث الخاص بالتوفيق. ..... نستطيع القول بان اتفاقية قانون البحار كانت حريصة على إيجاد حل لكل المنازعات التي يمكن ان تحدث في المنطقة الاقتصادية الخالصة. بحيث انها إذا لم تسو بالطرق الاختيارية أو بالطرق الإلزامية أخضعتها إلى التوفيق الإلزامي ومن الجدير بالذكر ان موضوع استثناء بعض المنازعات من التسوية الإلزامية كان موضوع اهتمام المؤتمر الثالث لقانون البحار منذ دورة كراكاس عام 1974، ولقد ظهرت ثلاث اتجاهات حول هذا الموضوع:

الاتجاه الأول: كان يرغب بتطبيق نصوص الاتفاقية الخاصة بالتسوية الإلزامية بدون استثناء على جميع المنازعات المتعلقة بالاتفاقية.

الاتجاه الثاني: رغب البعض في تطبيق نصوص التسوية الإلزامية مع استثناء لبعض الأجزاء أو تقيد القرارات الملزمة بفصول أو مواد معينة. وكانت هنالك رغبة بان توضع نصوص تسوية المنازعات في بروتوكول اختياري كما حصل بالنسبة لاتفاقية جنيف لسنة 1958 ، وهذا ما رفضه جميع المشاركين في المؤتمر.

أما الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي تم تبنيه بعد ذلك، فانه يسمح باستثناءات لبعض أنواع المنازعات، على ان يكون هناك تعداد شامل لهذه المنازعات المستثناة(11). وفي تعزيز لهذا المقترح أشار السفير (Galind Pohal) (هناك مشاكل أساسية تواجه الدول وتحتاج إلى ان تأخذ في الاعتبار وذلك بالسماح لها بحماية مصالحها الحيوية من خلال الاستثناءات التي تحدد بعناية فائقة). ولذلك نجد بان صياغة مواد المشروع المقدمة من قبل لجنة العمل غير الرسمية تعكس هذه المقترحات حيث كان النص الأول المقترح يشير إلى ان نصوص هذا الفصل يجب ان تطبق على جميع المنازعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية.  وكان المقترح الثاني انه يجب ان لا يكون لآلية تسوية المنازعات اختصاص لإصدار قرارات ملزمة فيما يخص المجموعة التالية :-

(1) المنازعات الناشئة عن ممارسة الدول الساحلية لولايتها التنفيذية أو التنظيمية فيما عدا عند ما يدعى بان هناك انتهاك جسيم أو متعمد للاتفاقية أو تعسف في استعمال السلطة.

(2) المنازعات المتعلقة بتحديد الحدود البحرية بين الدول.

(3) المنازعات المتعلقة بالخلجان التاريخية أو تحديد البحر الإقليمي.

(4) المنازعات المتعلقة بالسفن والطائرات التي تتمتع بحصانة سيادية وفقا للقانون.

(5) المنازعات المتعلقة بالأنشطة العسكرية(12).

 وعند مناقشة هذه النصوص في دورة جنيف عام 1975، تم التأكيد على ضرورة استثناء المنازعات التي تقع ضمن الاختصاص الوطني من التسوية الإلزامية. ولقد تقدم بهذا المقترح البرفسور ( Andre’s Aramburu ) من بيرو(13). ، وهذا المقترح يعكس مصالح الدول الساحلية، وكانت غاية النص كما يذكر الأستاذ Adede من الاستثناءات لبعض المنازعات هو حماية الدولة الساحلية في ممارستها لحقوقها السيادية من الازعاجات المتواصلة والتي تحصل من خلال سحب الدولة الساحلية إلى المحاكم الدولية من قبل الدول التي تحاول الاعتراض على الأنظمة المفروضة من الدول الساحلية في منطقتها الاقتصادية فضلاً عن ان هذه الاستثناءات فيها حماية للدول الأخرى من خلال إيجاد تعداد شامل للمنازعات التي يمكن ان تخرج من التسوية الإلزامية(14). لذا فقد كانت صياغة النص الوحيد غير الرسمي للتفاوض تشير إلى المنازعات التي تخرج عن الاختصاص الإلزامي للتسوية القضائية بدون حاجة إلى إعلان صادر عن الدولة إذا كان ينص على ما يأتي. (ليس من شيء في هذه الاتفاقية يخول أي طرف متعاقد ان يحيل إلى إجراءات تسوية المنازعات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، أي نزاع ناشئ عن ممارسة دولة ساحلية لحقوقها السيادية أو الخالصة أو لولايتها الخالصة إلا في الحالات التالية:-

أ- عندما يدعى ان دولة ساحلية قد انتهكت التزامها بموجب هذه الاتفاقية عن طريق التدخل في حرية الملاحة أو التحليق أو حرية إرساء الكابلات أو خطوط الأنابيب المغمورة أو بالأحجام عن ايلاء الاعتبار الواجب لأية حقوق أساسية مقررة بصفة محددة في هذه الاتفاقية لصالح دول أخرى.

ب- عندما يدعي ان أية دولة أخرى قد انتهكت، عند ممارستها للحريات المذكورة أعلاه التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية أو القوانين أو الأنظمة التي تسنها دولة ساحلية بما يتمشى مع هذه الاتفاقية.

ج- عندما يدعى ان دولة ساحلية قد انتهكت التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية، برفض تطبيق المستويات أو المعايير الدولية التي تقررها هذه الاتفاقية، أو تقررها سلطة دولية مختصة وفقا لهذه الاتفاقية، التي تكون سارية على الدولة الساحلية وذات صلة بصون البيئة البحرية شريطة ان تكون هذه المستويات والمعايير محددة بالنص الصريح).

ويلاحظ على هذا النص انه كان هناك تمييز بين الحقوق السيادية أو الخالصة أو الولاية الخالصة، وهذا الأمر كان يسند إلى المادة 44 من مشروع اتفاقية قانون البحار والخاصة باختصاص وواجبات الدولة الساحلية في المنطقة الاقتصادية الخالصة.  حيث كان يقصد بالحقوق السيادية ( Sovereign rights ) الحقوق التي تمارسها الدولة الساحلية لأغراض استكشاف واستثمار والمحافظة على المصادر الحية وغير الحية لقاع البحار والمياه العلوية للمنطقة وإدارتها. أما الحقوق الخالصة ( exclusive rights ) وهي الخاصة بإنشاء الجزر الصناعية والمنشآت والتراكيب أما الولاية الخالصة ( exclusive jurisdiction ) فتلك التي تتعلق (أ) بالنشاطات الأخرى الخاصة بالاستكشاف والاستثمار الاقتصادي للمنطقة، مثل إنتاج الطاقة من المياه أو الرياح. (ب) والبحث العلمي(15). على ان هذا التقسيم قد عدل في ظل النص التفاوضي المركب غير الرسمي حيث أصبحت بموجب هذا النص ممارسة الحقوق السيادية والولاية الخالصة فقط(16). على أية حال، عند تقديم النص الوحيد غير الرسمي للتفاوض كانت هناك مناقشات تركزت على الفقرتين الأولى والثانية وظهرت الاتجاهات الرئيسية التالية:

الاتجاه الأول: يوافق على إخضاع المنازعات الخاصة بحرية الملاحة أو التحليق أو حرية إرساء الكابلات أو خطوط الأنابيب لإجراءات التسوية الإلزامية. وقد تزعم هذا الاتجاه مندوب المكسيك متحدثاً باسم الدول الساحلية حول المنطقة الاقتصادية الخالصة.

أما الاتجاه الثاني: فيميز بين البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة ويقترح إحالة المنازعات الخاصة بحقوق الدول الأخرى في المنطقة الاقتصادية الخالصة لإجراءات التسوية الإلزامية. ونادى بهذا الاتجاه مندوب البحرين(17).

ويمكن ان نعتبر ان النقطة الجوهرية التي تبحث فيها هذه المادة هو تحقيق الموازنة بين الدولة الساحلية والدول الأخرى. ذلك ان ممارسة الدولة لسلطتها التقديرية وفقا للاتفاقية ليست محل شك، ولكن التعسف في استعمال السلطة من قبل الدولة الساحلية يجب ان يخضع للرقابة(18).... الاتجاه الثاني تزعمته الدول النامية الأخرى، ولا سيما المتضررة جغرافياً والدول البحرية المتقدمة، فقد أبدت رغبتها في الإبقاء على هذه المادة واقترحت تعديلات لتحسين صياغتها. واتضح أثناء المناقشة ان إجراء البحث العلمي وفق الفقرة الفرعية (جـ) لا يقصد به ان يمتد إلى الموافقة أو عدمها على إجراء البحث العلمي بل يقتصر على الإجراءات التالية لها(19). ولقد كان لهذه المناقشات آثرها في صياغة نص المادة إذ أن إجراءات التسوية الإلزامية للمنازعات تنطبق على المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري والمنطقة الدولية وان هذه الإجراءات لا تنطبق على السلطة التقديرية للدولة الساحلية في الموافقة على البحث العلمي البحري أو في تعليقه أو إيقافه عند عدم امتثال الدولة للشروط المحددة من قبل الدولة الساحلية، وأيضاً لا تنطبق هذه الإجراءات على السلطة التقديرية للدولة الساحلية في تحديد كمية الصيد وقدرتها على الجني وكمية الفائض وغيرها من المسائل ....

_________________________

[1]- وللمزيد من المعلومات حول المنطقة الاقتصادية الخالصة، راجع د.محمد الحاج حمود – مرجع سابق ص303 وما بعدها ، وأيضاً د.حامد سلطان، عائشة راتب، صلاح الدين عامر، مرجع سابق ص539 وما بعدها .

2- د.محمد الحاج حمود، القانون الدولي للبحار ، البحر العالي ، مطبعة الأديب، بغداد ، 2000 ص63 .

3- المرجع السابق ص94 .

(4) Oxman, The rule of the law … , op.cit, P 354.

5- المادة 194 من اتفاقية قانون البحار.

6- المادتين 208 ، 209 من الاتفاقية .

7- المادة 210 من الاتفاقية ولقد عرفت المادة 1 فقرة (5) بند أ الإغراق بالقول (1-أي تصريف متعمد في البحر للفضلات أو المواد الأخرى من السفن أو الطائرات أو الأرصفة أو غير ذلك من التركيبات الاصطناعية (2) أي إغراق متعمد في البحر للسفن والطائرات أو الأرصفة أو غير ذلك من التركيبات الاصطناعية).

8- المادة 211 من الاتفاقية . ولزيادة التفاصيل حول هذه المسألة انظر د.غسان الجندي – مرجع سابق ص61 .

 

9- سنوضح هذا الأمر في المبحث الثالث من هذا الفصل الخاص بالتوفيق .

0[1]- انظر د.بدرية العوضي . تأثير اتفاقية البحار الجديدة لعام 1982 على الثروة السمكية للدول العربية، مجلة الحقوق، السنة الحادية عشر، العدد 1، 1987 ص110-111 .

11-A. O. Adede . op.cit, P 814.

12- Louis B Sohn, settlement of dispute arising out.., op.cit, P.P. 513 , 514.

3[1]- كان مضمون هذا المقترح ينص على انه (عند التصديق على الاتفاقية أو التعبير بأية طريقة عن القبول بها، فان أي دولة ستكون مخولة ان تعلن بأنها لا تقبل الإجراءات لتسوية المنازعات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية لتسوية النزاعات التي تنشأ في البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري وان هذه المنازعات تخضع لاختصاص الدولة الساحلية). للاطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر      A. O. Adede, settlement of dispute Arising .., op.cit , P 814 , 815.

وأيضاً    John king , op.cit, P.P.329 , 330.

4[1]- وقد جرت محاولة في دورة جنيف لمنع المنازعات المتعلقة بالمنطقة الاقتصادية الخالصة من الخضوع للتسوية الإلزامية ولكن هذه المحاولة لم تنجح. للاطلاع على مزيد من هذه التفاصيل انظر:

Stevenson and oxman. The third united nation conference on the law of the sea, The 1975 Genev session. A. J. I. L. Vol. 69 . 1975 , P.P. 763 - 764.

Mark W. Janis, Dispute settlement in the law of the sea convention.

The Military activites exception, Ocean Development and International Law Journal, Vol. 4. No. 1 , 1977 , P 53.

 

15- Adede, prolegomena., op.cit, P 297, وأيضاً Adede, law of the sea. The scope of the Third Party, compulsory procedure for settlement of dispute. A.J.I.L., Vol. 17, 1977, P 307.

وأيضاً تقرير الوفد العراقي إلى المؤتمر الثالث في دورته الخامسة، مرجع سابق ص103 .

16- A. O. Adede, prolegomena…, op.cit, P 343.

 

17- تقرير الوفد العراقي للمؤتمر الثالث لقانون البحار في دورته الخامسة ، مرجع سابق ص106 .

18- A. O. Adede, prolegomena …, op.cit, P 298.

9[1]- تقرير لجنة الخبراء العرب لقانون البحار عن أعمال الدورة السادسة لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار المنعقد 23 / ايار – 15 / تموز – 1977 ص7 .

 

 

 

 

 

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .