المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحسين بن نُعيْم الصحّاف
5-9-2016
Topology and Scottish mathematical physics
12-10-2015
التخطيط لتدريس الرياضيات-1
15-4-2018
تفسير آية {59-64} من سورة الأعراف
23-5-2019
حكم صوم عاشوراء
7-6-2019
الحركة الخطية ذات العجلة المنتظمة
27-1-2016


الصراحة والصدق في أحكام أهل البيت  
  
6194   12:58 صباحاً   التاريخ: 5-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2، ص214-217
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /

ان السياسة الرشيدة التي رفع شعارها أهل البيت تسير على ضوء الصدق والواقع فلا توارب ولا تنافق ولا تغري الشعوب بالوعود الكاذبة ولا تمنيها بالأماني المعسولة رائدها في جميع مخططاتها الصراحة والصدق.

لقد حفلت سياستهم بالصراحة في جميع الميادين فليس من منطقها الخداع والنفاق وقد صارح الإمام الحسين (عليه السلام) سبط النبي وممثل الإسلام الجماهير التي صحبته من مكة والتي التحقت به فى أثناء الطريق حينما بلغه مقتل سفيره وممثله فى العراق الشهيد العظيم مسلم بن عقيل (عليه السلام) صارحهم بمقتله وخيانة أهل الكوفة به وغدرهم بعهودهم ومواثيقهم وانه متوجه فى سفره الى ساحة الموت فتفرّق ذوو الأطماع والأهواء عنه لقد أدلى (عليه السلام) في تلك الساعة الرهيبة بالحقيقة الراهنة وكشف لهم الستار عن خطته وأهدافه ليكونوا على بصيرة من أمرهم عملا بأوامر الإسلام التي تلزم بالصراحة والصدق ولا تبيح أي وسيلة من وسائل الغدر والخداع.

إن المواربة لو كانت سائغة فى الإسلام بأي شكل من الأشكال لما تغلب معاوية بن أبي سفيان خصم الإسلام على الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان بإمكانه أن يساومه بعد مقتل عثمان ويبقيه على ولايته في دمشق ثم يعزله بعد ذلك عن منصبه ويتخلص من شرّه وتمرده ولكن الإسلام يأبى له تلك المساومة الرخيصة فامتنع من بقائه في جهاز الحكم ولو زمنا قصيرا وهناك أمر آخر هو أعمق أثرا وأبعد مدى في عالم الصراحة من ذلك هو امتناع الإمام من اجابة عبد الرحمن بن عوف أحد أعضاء الشورى الذين رشحهم الخليفة الثاني لانتخاب الخليفة الجديد من بعده فقد ألحّ عبد الرحمن على الإمام إلحاحا بالغا أن يبايعه وينتخبه لمركز الخلافة الإسلامية العظمى ولكن شرط عليه أن يسير بسيرة الشيخين ويقتفي بسياستهما فامتنع (عليه السلام) من اجابته على هذا الشرط وأبى إلا أن يسير على كتاب الله ويقتدي بسنة نبيه في سياسته وأعماله الإدارية وغيرها لقد كان بإمكانه أن يوافق على ذلك الشرط ابتداء ثم يعدل عنه ويسير فى سياسته على وفق الأهداف التي رسمها الإسلام ويعتقل كل من يعارضه ويقف فى وجه حكومته ولكنه أبى إلا الصراحة والصدق فى القول والفعل .

إن الإسلام يأمر بالتمسك بالصدق ولا يسيغ استعمال الطرق الملتوية التي لا تمت بصلة الى الواقع في تثبيت الحكم وتدعيم السلطة.

يقول الرسول (صلى الله عليه واله) : عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فان الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي الى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا .

إن أهل البيت قد ركزوا سياستهم على الصدق والصراحة وجنبوها من المكر والخداع.

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : لو لا ان المكر والخداع في النار لكنت أمكر الناس.

وكان (عليه السلام) كثيرا ما يتنفس الصعداء من الآلام المرهقة التي يلاقيها من خصومه ويقول : وا ويلاه يمكرون بي ويعلمون أني بمكرهم عالم وأعرف منهم بوجوه المكر ولكني أعلم أن المكر والخديعة فى النار فأصبر على مكرهم ولا أرتكب مثل ما ارتكبوا .

ويقول فى الغدر :  لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة .

إن الغدر إنما ينبعث عن نفس لا تؤمن بالمثل الإنسانية والقيم الدينية ويصف الإمام أمير المؤمنين الغادر بأنه قد نسخ من كيان نفسه الإيمان بالله يقول : ولا يغدر من علم كيف المرجع ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا ونسبهم أهل الجهل فيه الى حسن الحيلة ما لهم قاتلهم الله!! قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي العين بعد القدرة عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ؛ وتحدث عمن قال فى دور حكومته من عبيد الشهوات والمناصب : بأنه لا دراية له في شؤون السياسة وإن معاوية خبير بها وخليق بإدارة دفة الحكم.

قال (عليه السلام) : والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس .

ان سياسة الإمام أمير المؤمنين وأئمة أهل البيت في جميع شئونها قد عبرت عن جميع القيم السياسية الخيرة التي أعلنها الإسلام فهي لا تقرّ الغدر ولا المكر ولا الخداع ولا تؤمن بأي وسيلة من وسائل النفاق الاجتماعي وإن توقف عليها النجاح السياسي المؤقت لأن الخلافة الإسلامية من أهم المراكز الحساسة في الإسلام فلا بد لها من الاعتماد على الخلق الرصين والإيمان العميق بحق المجتمع والأمة ؛ وسار الإمام الحسن (عليه السلام) على مخططات أبيه ومقرراته فى عالم السياسة والحكم فلم يعتمد على أي وسيلة لا يقرّها الدين وتجنب جميع الطرق الشاذة التي لا تلتقي مع الواقع ولو أنه سلك بعض الأساليب التي سلكها معاوية لما تغلب عليه وقد أدلى (عليه السلام) بذلك الى سليمان بن صرد فقال له : ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا وللدنيا أعمل وأنصب ما كان معاوية بأبأس مني وأشد شكيمة ولكان رأيي غير ما رأيتم , ودلّ ذلك على أنه لو كان يعمل للدنيا لكان أقوى عليها من خصومه ولكن التغلب على الأحداث والظفر بالحكم يتوقف على اتخاذ الوسائل التي لا تتفق مع الدين وهو (عليه السلام) أحرص المسلمين على صيانة الاسلام ورعايته.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.