أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-13
529
التاريخ: 2024-04-13
1623
التاريخ: 2023-11-13
1290
التاريخ: 2-4-2017
5058
|
اختلفت أوساط الفقه الإداري في تحديد مفهوم السلطة الرئاسية وتحديد الأساس الذي تقوم عليه. هناك جانب من الفقه يرى ان السلطة الرئاسية تعني سلطة توجيه الأوامر وإصدار القرارات الإدارية الملزمة للمرؤوسين وفقاً للتقدير الشخصي للرئيس الإداري. فالفقيه الفرنسي هوريو يرى في السلطة الرئاسية تنظيماً للموظفين في درجات تصاعدية بحيث يمارس الموظفون في الدرجات الدنيا وظائفهم ليس بحكم الالتزام المباشر والوحيد للقانون بقدر ما يلتزمون بطاعة الرئيس (1) . أما الفقيه فاليين فقد حدد السلطة الرئاسية بوصفها سلطة إعطاء الأوامر وإلغاء وتعديل قرارات المرؤوس وفقاً للتقدير الشخصي للرئيس . كما أن الفقيه شارل ايزنمان حدد من جانبيه السلطة الرئاسية بأنها السلطة التي يمارسها الرئيس الإداري بإصدار الأوامر والقرارات من دون أن يتقيد بإرادة جهاز أدارى أخر أي يصدرها بإرادته الشخصية وهو يرى إن الطبيعة القانونية للسلطة الرئاسية إنها تتضح في الصفة التقديرية التي تجيز للرئيس الإداري أن يملي إرادته الشخصية على المرؤوسين إذ أن السلطة الرئاسية تتضمن حرية اتخاذ القرار وحرية اختيار من بين حلول عدة ويصدر القرار عن الإرادة الشخصية للرئيس الإداري. أما إذا صدر القرار الإداري بمقتضى قواعد قانونية محددة تحديداً دقيقاً فإنه في هذه الحالة – كما يرى ايزنمان – لا تكون سلطة رئاسية بل إنها سلطة مقيدة أو محددة أو اختصاص مقيد والسلطة المقيدة التي تصدر القرارات طبقاً لقواعد قانونية لا يمكن اعتبارها سلطة رئاسية وعلى ذلك فالسلطة الرئاسية تتحدد بالسلطة التقديرية للرئيس الإداري ويكون الأساس القانوني للسلطة الرئاسية هو السلطة التقديرية للرئيس الإداري وتتضمن هذه السلطة سلطة التصحيح أو التقويم pouvoir de correction ou redressement التي بمقتضاها يقوم الرئيس الإداري بسحب القرارات الإدارية أي أن الرئيس الإداري يقوم بإحلال قراراته محل قرارات المرؤوسين وهي تنطوي على حالتين : الحالة الأولى حالة التصرف الإيجابي أي عند إصدار المرؤوس القرار الإداري والحالة الثانية هي حالة التصرف السلبي أي عند امتناع المرؤوس عن إصدار القرار ففي الحالة الأولى يفهم بسلطة التصحيح والتقويم حق لرئيس الإداري بأبطال القرار الإداري الذي أصدره المرؤوس وإحلال قراره هو محله وان كان يمكن للرئيس الإداري أن يكتفي بأبطال قرار المرؤوس من دون ان يحل قراره محله وذلك تطبيقاً لنظرية من يملك الأكثر يملك الأقل وهو ما يحدث في معظم حالات السحب إذ يكتفي الرئيس الإداري بالسحب من دون إحلال قرار جديد محل القرار المسحوب ، وفي الحالة الثانية يراد بسلطة التصحيح حق الرئيس الإداري في إصدار القرار الذي امتنع المرؤوس عن إصداره أي إحلال قراره محل امتناع المرؤوس وقرار الرئيس الإداري في هذه الحالة ينطوي على سحب ضمني لقرار الرفض الضمني الذي نتج عن امتناع المرؤوس وفي كلتا الحالتين فان سلطة التصحيح والتقويم يجب ان تكون تقديرية لا إلزامية وإلا انتفت السلطة الرئاسية (2) . إذن ميّز الفقيه ايزنمان وهو بصدد تحديد السلطة الرئاسية بين السلطة التقديرية والسلطة المقيدة وربط بين السلطة الرئاسية والصفة التقديرية التي يتمتع بها الرئيس الإداري أي في حالة ترك القانون قدراً من الحرية للرئيس الإداري في التصرف وفقاً للظروف وقد حدد العميد بونار سلطة الإدارة التقديرية حينما يترك القانون للإدارة حرية التدخل أو الامتناع ووقت هذا التدخل وكيفية وفحوى القرار الذي تتخذه فالسلطة التقديرية تنحصر في حرية التقدير الذي يتركه القانون للرئيس الإداري لتحديد ما يصح عمله وما يصح تركه. أما في حالة السلطة المقيدة يكون القانون هو الذي فرض بطريقة أمره وعلى سبيل الإلزام الهدف المعين الذي يجب على الرئيس الإداري أن يحققه والقانون هو الذي يحدد الأوضاع التي يجب أن يخضع لها الرئيس الإداري للوصول إلى هذا الهدف أي أن القانون هو الذي يملي فحوى القرار الذي يجب اتخاذه وبعبارة أخرى فان القانون لا يترك أية حرية للرئيس الإداري في التقدير بل يفرض عليه بطريقة آمره التصرف الذي يجب عليه القيام به (3) . في ضوء ما تقدم أعلاه فان هذا الفريق من الفقهاء يرى ان السلطة الرئاسية تتحدد بسلطة إصدار الأوامر والقرارات وفقاً للتقدير الشخصي للرئيس الإداري .هذا ويرى جانب أخر من الفقه الإداري أن السلطة الرئاسية تتحدد بسلطة إصدار الأوامر والقرارات التي يصدرها الرئيس الإداري وفقاً للصلاحيات الممنوحة له بموجب القانون ووفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. فالفقيه (بير دي مالتا) يعرّف السلطة الرئاسية بأنها ظاهرة وظيفية تنطوي على التزام قانوني (4) . من هذا التعريف نستنتج أن مفهوم السلطة يقوم على ركيزتين هما الوظيفة والالتزام القانوني ذلك أن السلطة الرئاسية لا توجد إلا حيث توجد الوظيفة التي تقوم على الالتزامات المحددة قانوناً وبهذا المعنى فان السلطة تتجرد من العناصر التي علقت بها في نطاق الفكر السياسي كالتدخل الإلهي أو الملكي أو الشخصي بل أنها تسثفر في إطارها الإداري الناتج عن ممارسة وظيفة محددة بمهام معينة يفرضها القانون ، وعليه فالسلطة مرتبطة بالنظام الوظيفي وبالتصرفات التي تصدر عن الموظفين ضمن الحدود المبينة بموجب القوانين والأنظمة فالقانون هو الذي يبين حدود المهام والتصرفات الوظيفية وهو الذي يبين الهدف من هذه المهام وهو تحقيق المصلحة العامة وعلى ذلك تكون السلطة الرئاسية هي القدرة الوظيفية التي يمارسها الرئيس الإداري على مرؤوسيه ضمن الحدود التي ثبتتها القوانين والأنظمة بهدف تحقيق المصلحة العامة فالقدرة هنا تستند إلى القانون الذي يحدد مهام الرئيس الإداري ويحدد كيفية ممارسة هذه المهام ويحدد الغاية منها إلا وهي المصلحة العامة. هذا وقد يحدث في الجوانب العملية للعمل الإداري أن الرئيس الإداري يواجه بعض الحالات التي تستوجب تصرفاً معيناً لا تبين القوانين والأنظمة حدود هذا التصرف وهنا يجد الرئيس الإداري نفسه مضطراً لإصدار الأوامر للمرؤوسين وفقاً لتقديره الشخصي ولكن عليه أن يضع في اعتباره تحقيق المصلحة العامة وليس المصلحة الخاصة وإلا اعتبرت أوامره غير مشروعة .
السلطة والقدرة السلطة هي القدرة القانونية التي بواسطتها يمارس الرئيس الإداري مهامه الإدارية أي ان القانون هو الذي يُبين حدود هذه السلطة ومدياتها والغاية من ممارستها. وهنا لابد من التميز بين هذا النوع من القدرة المستندة إلى القانون وأنواع أخرى من القدرة كالقدرة التي تتكون نتيجة لعوامل واعتبارات أخرى اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها وهذا ما لا يدخل في نطاق بحثنا. فالقدرة أو كما يطلق عليها بعض الكتاب تسمية القوة التي بواسطتها يمارس الرئيس الإداري سلطته إنما تكون مستندة إلى القانون فهي قوة أو قدره أو مكنه رسمية يستمدها الرئيس الإداري من خلال شغله المنصب الإداري (5) وينتج عن ان الرئيس الإداري بموجب هذه القوة أو القدرة له الحق في إصدار القـرارات أو الأوامر والتعليمات الملزمة لمرؤوسيه وله الحق في توجيه العقوبات الإدارية لمن يرفض تنفيذ هـذه الأوامر ذلك أن هذه الأوامر تكون ملزمة للمرؤوسين على أن تكون هذه الأوامر والتعليمات متعلقة بالعمل والواجبات الملقاة على عاتق المرؤوسين أي أن هناك ضوابط معينة في إصدار القرارات والأوامر والتعليمات بحيث تكون محددة بالمهام المناطة بالموظفين ولا تتعدى مدياتها إلى الأمور الشخصية للموظف ( المرؤوس) إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون (6) . في ضوء ذلك فإن القانون هو الذي يمنح رجل الإدارة السلطة في مباشرة المهام الإدارية ويحدد كيفية ممارسة هذه السلطة والنتائج التي تترتب على ممارستها ، حيث أن تخويل السلطة للرئيس الإداري ينتج عنه تحمله مسؤولية تنفيذ المهام المخولة له وكذلك تنشأ علاقة بين السلطة والمسؤولية . ذلك أن تخويل السلطة يرافقه وجود المسؤولية ولا يمكن أن توجد مسؤولية ما لم تقابلها سلطة معينة حيث يوجد ارتباط وتلازم حتمي بين السلطة والمسؤولية فعندها يمنح المسؤول الإداري السلطة من أجل تحقيق هدف معين يستنبع إسناد المسؤولية عن إنجاز هذا الهدف لأن منح اختصاص معّين إنما يعني إعطاء السلطة المطلوبة لمباشرة هذا الاختصاص من جهة وإسناد المسؤولية عن هذا الاختصاص لمن منحت إليه السلطة من جهة أخرى (7) . ويسري هذا الترتيب على جميع المستويات الوظيفية من أعلى قمة الهرم الوظيفي للمنظمة الإدارية إلى أسفل هذا الهرم إذ أن لكل موظف في السلم الوظيفي سلطة محددة تمكنه من إنجاز المهام الوظيفية المناطة به وبناءً على ذلك يكون مسؤولاً عن هذا الإنجاز ..ويتدرج حجم المسؤولية بقدر السلطة الممنوحة فالموظف في أعلى السلم الوظيفي يمنح سلطة واسعة ويتحمل بناءً على ذلك مسؤولية بقدر تلك السلطة والموظف في أدنى السلم الوظيفي تكون سلطته ضئيلة قياساً إلى سلطة الرئيس الإداري وبالتالي تكون مسؤوليته أيضاً محدودة تبعاً للسلطة الممنوحة له إذن هناك تناسب بين السلطة والمسؤولية فحينما تكو مسؤولية الرئيس الإداري ضخمة يتعين أن تمنح له سلطات واسعة تمكنه من القيام بأعباء العمل المسند له وبمعنى آخر على قدر السلطة تكون المسؤولية وبحسب المسؤولية تكون السلطة .. أما إذا حدث خلل في هذا التوازن كأن تكون هناك حالة تضخم في السلطة على حساب ما يقابلها من عنصر المسؤولية فإن فقدان هذا التوازن بين جانبي السلطة والمسؤولية إنما يؤدي إلى حالة الانحراف الإداري المتمثل بالانحراف في استخدام السلطة وهو من العيوب التي تلحق العمل الإداري حيث تظهر مظاهر هذا الانحراف بالسلطة المرتكزة على دكتاتورية الممارسة أو استخدامها في غير الأغراض التي شرعت لها وهذه الحالة تظهر في حالات قصور الإجراءات الرقابية وعدم قيامها بالشكل السليم وهذا ما سنعرض له في موضع أخر في هذا البحث.هذا ويتداخل مفهوم السلطة الرئاسية ومفهوم القيادة الإدارية ذلك أن الرئيس الإداري وهو يمارس مهامه وواجباته ويتمتع بسلطة إصدار القرارات والأوامر لمرؤوسيه هو في الواقع يقود المنظمة الإدارية التي يتولى مسؤولية أدارتها نحو تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه المنظمة والمتمثلة بتقديم الخدمات العامة للجمهور ، إلا أن كتاب علم الإدارة والقانون الإداري يرون أن هناك اختلافات عديدة بين الرئيس الإداري الذي يمارس السلطة الرئاسية وبين القائد الإداري الذي يقود مجموعة العاملين معه في المنظمة الإدارية وبرزت أراء عديدة بخصوص هذه الاختلافات نعرض فيما يلي لبعض هذه الآراء المتعلقة بمفهوم القيادة الإدارية ثم نشير إلى الفرق بين السلطة الرئاسية والقيادة الإدارية طبقاً لما ورد في آراء الفقهاء وبالقدر الذي يستوجبه سياق هذا البحث ونبدأ أولاً بمفهوم القيادة الإدارية
هي فن تنسيق جهود العاملين بالمنظمة الإدارية وتحفيز الأفراد والمجموعات على بلوغ الأهداف التي تعمل هذه المنظمة من اجل تحقيقها ، ويعتقد علماء النفس الاجتماعي أن كل تنظيم يتطلب قيادة ذات مهارات وإمكانات من نوع خاص وهناك خصائص مشتركة لابد من توفرها في أية قيادة إدارية . يرى برتراند رسل أن القائد الناجح يجب أن تكون لديه ثقة كافية بنفسه وان يكون ماهراً ويتمتع بالسرعة والحزم في الاختيار من بين القرارات البديلة . ويرى فيفنر أن القائد الناجح لابد أن يرتبط سلوكه بأهداف المنظمة الإدارية وبالوسائل المشروعة التي يتبعها لتحقيق أهداف هذه المنظمة في حين يعتقد روبرت ميشلز أن خصائص القيادة الناجحة تستوجب التمتع بقابلية غير اعتيادية على إقناع من يعملون في المنظمة الإدارية أما ماكنزي فيرى أن القائد الناجح هو الذي يستطيع أن يحظى بالثقة الكاملة لمرؤوسيه جروس ويرى أن الوظيفة القيادية تستدعي أن يكون القائد قادراً على المبادأة وأن يعبر عن القيم والتقاليد التي ترتبط بها المجموعة التي يقودها وأن تتوفر له المقـدرة على تحـديد الأهـداف وحل المشكلات وأن يكون في استطاعته التوفيق بين المصالح المتضاربة سواء داخل المنظمة الإدارية أو بينها وبين غيرها من التنظيمات الإدارية كما عليه أن يكون قدوة يقتدى بها من قبل تابعيه (8) . ويرى بعض الكتاب أن القيادة عليها أن تسعى للحصول على التعاون الاختياري للتابعين وإنجاز المهام المناطة بهم بالطريقة التي يحددها القائد الإداري وعلى القائد الإداري أن يكون دائماً في المقدمة ويحدد الاتجاه ويبحث عن افضل السبل لتحقيق الهدف. ( 9 ) وعليه فإن القيادة مهارة تقوم على التفاعل بين القائد والمجموعة التي يقودها والعمل على رفع معنوياتها وأشعارها بقيمتها في إنجاز أهداف المنظمة الإدارية واحترام رغبات وأراء العاملين ومساعدتهم في التوصل إلى تحقيق الأهداف المتوخاة وهي عملية ديناميكية مستمرة تستخدم الوسائل المتنوعة طبقاً للمشكلات المختلفة التي تواجهها المنظمة الإدارية وهي بصورة إجمالية تخطيط وتنسيق وتوجيه وتجميع للإمكانات وحشرها باستخدام افضل الوسائل لتحقيق افضل النتائج. وعلى ذلك يمكن إيضاح الفرق بين الرئيس الإداري الذي يمارس السلطة الرئاسية وبين القائد الإداري الذي يقود المجموعة العاملة معه بما يلي : يعتمد الرئيس الإداري في ممارسة مهامه على السلطة الرئاسية الممنوحة له رسمياً بموجب القوانين والأنظمة وعلى ذلك فالسلطة الرئاسية مفروضة على العاملين في المنظمة الإدارية وفقاً للأوضاع التنظيمية الرسمية ، كما أن استمرار هذه السلطة مرهون بنظام ووضع رسمي محدد بقرار سلطة الرئيس الإداري وهي تمثل تركز السلطة وتجمعها في شخص الرئيس الإداري في حين أن القائد الإداري يستمد سلطته من المجموعة التي يقودها بما يملكه من وسائل التأثير المعنوي على المجموعة ، وللقيادة الناجحة القدرة على استشارة حوافز العاملين والتأثير فيهم وكسب ولائهم وتقبلهم التلقائي لما يصدره القائد من قرارات وتوجيهات وعدم اعتمادها على الجانب الرسمي فقط وعليه تكون طاعة العاملين في المنظمة الإدارية في حالة السلطة الرئاسية نابعة من الخضوع لأوامر الرئيس الإداري الرسمية في حين أن هذه الطاعة تأتي كحصيلة لتقبل الجماعة للقائد تقبلاً تلقائياً واختيارياً وتبعاً لذلك فإن أساس السلطة الرئاسية هو التنظيم الرسمي للمنظمة المستند إلى القوانين والأنظمة التي تحدد عمل هذه المنظمة في حين أن أساس القيادة هو الجماعة نفسها أي أن تفاعل القائد الإداري مع المجموعة التي يقودها يشكل مصدراً لسلطة القائد الإداري ذلك أن الجماعة تجد فيه معبراً عن آمالهم ومجسداً لمثلهم وقيمهم وملبياً لطموحاتهم. أذن اختلاف مصدر السلطة في الحالتين له نتائج حاسمة في الحصول على طاعة العاملين ( 10 ) . هذا وقد تلتقي الرئاسة في الممارسة بالقيادة إلا أن ليس كل رئيس أداري يكون بالضرورة قائداً فقد يحصل أن يؤدي الرئيس الإداري دوره كقائد للمجموعة إذا توافرت فيه شروط ومواصفات القيادة التي سبق أن أشرنا إليها وفي هذه الحالة يجمع الرئيس الإداري صفة الرئاسة ويمارس سلطاته الرئاسية وصفة القيادة حيث يكون قائداً للمجموعة يتمتع بمواصفات القيادة هذا وقد يحتاج القائد الإداري من جهة أخرى السلطة الرسمية لمواجهة بعض الظروف التي يستدعيها العمل الإداري لكن عليه أن يبقى متمسكاً بالسلوك القيادي المؤثر في العاملين معه ولا يركن إلى السلوك الإداري المعتمد على السلطة الرسمية فحسب وإلا تحوّل إلى رئيس أداري يعتمد في تنفيذ المهام الموكولة له على أساليب السلطة الرسمية (11) . هذا ويربط بعض الكتاب بين أسلوب ممارسة السلطة الرئاسية التي تسند إلى الأوضاع الرسمية المقررة وبين النمط الاستبدادي في الإدارة من جانب وبين أسلوب ممارسة القيادة الإدارية التي تسند إلى تقبل الجماعة ورضاها وبين النمط القائم على مبدأ المشاركة والقيادة الجماعية وهما صورتان متناقضتان كل منهما تمثل اتجاهاً في السلوك الإداري وهذا الموضوع هو من موضوعات علم الإدارة العامة .
لابد من الإشارة إلى الفرق بين مفهوم السلطة الرئاسية ومفهوم السلطة السياسية حيث ينصرف هذا الأخير إلى ممارسة شؤون الحكم وما يتعلق بها من مهام واختصاصات ويتداخل مفهوم السلطة السياسية بفكرة السيادة (12) . ذلك إن الحاكم الذي يمارس السلطة السياسية يتمتع بالسيادة حيث تسود سلطته على جميع الأفراد والهيئات واقل إقليم الدولة ويَعبّر عن ذلك بعض الكتاب بتعبير السيادة في الدولة (13) التي تعني سيطرة القابضين على السلطة على كل الفئات الاجتماعية الموجودة داخل إقليم الدولة أي ان سلطة الحاكم لا تحدها أية سلطة أخرى داخل الدولة ويميّز هذا الرأي بين تعبير السيادة في الدولة وسيادة الدولة فالسيادة في الدولة تتعلق بعلاقة الحاكم (القابض على السلطة ) مع الأفراد والفئات الاجتماعية داخل الدولة . أما سيادة الدولة فتعني ان حاكم الدولة غير خاضع لإرادة حاكم دولة أخرى وهو ما يعبر عنه بمبدأ عدم تدخل الدول في شؤون الدول الأخرى على أساس ان كل دولة تتمتع بالسيادة تجاه الدول الأخرى وسيادة الدولة هي تأكيد لسلطتها واستقلالها تجاه الدول الأخرى في حين أن السيادة في الدولة فهي تقرر وجود الدولة بحيث إذا انتفت سلطة الحاكم (عدم وجود سلطة) انتفت الدولة (14) . وعلى ذلك فإن السيادة في الدولة تدرك ضمن إطار القانون الدستوري في حين أن سيادة الدولة تدرك ضمن إطار القانون الدولي .
_________________________________
1- انظر د. حسن محمد عواضه : السلطة الرئاسية إصدار مؤسسة نوفل للطباعة والنشر ص16 بيروت 1975
2-انظر د. عبد القادر خليل : نظرية سحب القرارات الإدارية رسالة دكتوراه جامعة القاهرة : كلية الحقوق ص54 وما بعدها. بدون سند طبع
3- انظر د. سليمان محمد الطماوي : النظرية العامة للقرارات الإدارية وما بعدها إصدار دار الفكر العربي القاهرة 1966 ص29 .
4-Pierre Di Malta : Essais sur la notion de Pouvoir hierrar chique Paris 1961 P.15
مشار اليه من قبل د. حسن محمد عواضه : السلطة الرئاسية ص17 .
5- د. عمر وصفي عقيلي : الإدارة أصول وأسس ومفاهيم ص323 .
6- مثال ذلك ما نص عليه قانون إنضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم (14) لسنة 1991 في المادة –5- حيث حظرت على الموظف القيام بالأعمال التجارية والاشتراك في المزايدات والمناقصات الحكومية. وكذلك ما نصت عليه المادة 4 – الفقرة ثانياً (المحافظة على كرامة الوظيفة العامة والابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بالاحترام اللازم لها .)
7-د. عبد الغني بسيوني : أصول حكم الإدارة العامة ص205 .
8- المصدر السابق ص 83 .
9 - المصدر السابق ص 84
10- انظر : عبد الكريم درويش وليلى تكلا :أصول الإدارة العامة مكتبة الانجلو المصرية القاهرة 1980 ص412 ،413 .
11- انظر : إسماعيل صبري مقلد : دراسات في الإدارة العامة ص 86-87 .
12- وردت فكرة السيادة في كتابات الكاتب الفرنسي جان بودان في القرن السادس عشر الذي كان يرى أن الدولة تتكون من خلال الترابط بين الآسر ونتيجة لتطور هذا الترابط الأسري تنشأ القرى والمدن والمؤسسات المختلفة وفي قمة هذه التجمعات توجد الدولة التي تملك السلطة العليا التي تعلو على سلطات هذه التجمعات وتتمتع بالسيادة تجاهها أي أن السلطة ذات السيادة هي علامة تميزّ الدولة عن غيرها من التجمعات وتكون المواطنة هي الخضوع للملك (العاهل) والسيادة – كما يرى بودان – هي سلطة عليا (سلطة الملك) على المواطنين لا يحد منها حتى القانون لان العاهل هو مصدر القانون وهو لا يمكن ان يكون مسؤولاً أمام رعاياه وإنما هو مسؤول فقط أمام الله ويخضع لقانون الطبيعة والعاهل – حسب هذا الرأي يملك سلطة وضع القوانين وهي سلطة أصلية وان جميع الهيئات الاجتماعية لا توجد إلا بأذن العاهل وان جميع سلطاتها مستمدة من سلطة العاهل. ومعروف أن الكاتب كان يهدف إلى تأكيد سلطة الملك وسيادتها على جميع السلطات الأخرى حيث كان الإقطاعيون يتمتعون بنفوذ واضح خلال تلك المرحلة وعليه فان الصراع على السلطة بين ملوك أوربا والإقطاعيين كان الدافع وراء ظهور فكرة سيادة الملك على الوجه المشار إليه.
13-انظر : د. منذر الشاوي : القانون الدستوري : نظرية الدولة وما بعدها بغداد 1981 ص89.
14- المصدر السابق ص90-91 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|