أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2019
2313
التاريخ: 29-3-2016
3971
التاريخ: 29-3-2016
3708
التاريخ: 28-3-2016
3408
|
سار القائد العظيم سليل هاشم وفخر عدنان متلدّداً في أزقّة الكوفة وشوارعها ومضى هائماً على وجهه في جهة كندة يلتمس داراً لينفق فيها بقيّة الليل وقد خلت المدينة مِن المارة وعادت كأنّها واحة موحشة فقد أسرع كلّ واحد مِنْ جيشه وأعوانه إلى داره وأغلق عليه الأبواب ؛ مخافة أنْ تعرفه مباحث الأمن وعيون ابن زياد بأنّه كان مع ابن عقيل فتلقي عليه القبض , وأحاطت بمسلم تيّارات مذهلة مِن الهموم وكاد قلبه أنْ ينفجر مِنْ شدّة الألم وعظيم الحزن وقد هاله إجماع القوم على نكث بيعته وغدرهم به واستبان له أنّه ليس في المصر رجل شريف يقوم بضيافته وحمايته أو يدلّه على الطريق ؛ فقد كان لا يعرف مسالك البلد وطرقها , وسار وهو حائر الفكر خائر القوى حتّى انتهى إلى سيّدة يُقال لها طوعة هي سيّدة مَنْ في المصر رجالاً ونساءً بما تملكه مِنْ إنسانية ونبل وكانت أولدت للأشعث بن قيس فأعتقها فتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالاً وكانت السيّدة واقفة على الباب تنتظر ابنها وترتقب طلوعه للأحداث الرهيبة التي حلّت في المصر ولمّا رآها مسلم بادر إليها فسلّم عليها فردّت عليه السّلام بتثاقل وقالت له : ما حاجتك؟
ـ اسقني ماءً.
فبادرت إلى دارها وجاءته بالماء فشرب منه ثمّ جلس فارتابت منه فقالت له : ألمْ تشرب الماء؟
ـ بلى.
ـ اذهب إلى أهلك إنّ مجلسك مجلس ريبة .
وسكت مسلم فأعادت عليه القول بالانصراف وهو ساكت وكرّرت عليه القول ثالثاً فلمْ يجبها فذعرت منه وصاحت به : سُبحان الله! إنّي لا أحل لك الجلوس على بابي , ولمّا حرّمت عليه الجلوس لمْ يجد بداً مِن الانصراف فقال لها بصوت خافت حزين النبرات : ليس لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة فهل لك إلى أجر ومعروف؟ ولعلّي اُكافئك بعد اليوم , وشعرت المرأة بأنّ الرجل غريب وأنّه على شأن كبير وله مكانة عظمى يستطيع أنْ يجازيها على معروفها وإحسانها فبادرته قائلة : ما ذاك؟ فقال لها وعيناه تفيضان دموعاً : أنا مسلم بن عقيل كذّبني القوم وغرّوني , فقالت المرأة في دهشة وإكبار : أنت مسلم بن عقيل؟!
ـ نعم .
وانبرت السيّدة بكلّ خضوع وتقدير فسمحت لضيفها الكبير بالدخول إلى منزلها وقد حازت الشرف والمجد ؛ فقد آوت سليل هاشم وسفير ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأدخلته في بيت في دارها غير البيت الذي كانت تأوي إليه وجاءته بالضياء والطعام فأبى أنْ يأكل ؛ فقد مزّق الأسى قلبه الشريف وأيقن بالرزء القاصم وتمثّلت أمامه الأحداث الرهيبة التي سيواجهها وكان أكثر ما يفكّر به كتابه للحُسين بالقدوم إلى الكوفة , ولمْ يمضِ قليل مِنْ الوقت حتّى جاء بلال ابن السيّدة طوعة فرأى أمّه تُكثر الدخول والخروج إلى ذلك البيت لتقوم برعاية ضيفها فأنكر عليها ذلك واستراب منه فسألها عنه فأنكرته فألحّ عليها فأخبرته بالأمر بعد أنْ أخذت عليه العهود والمواثيق بكتمان الأمر , وطارت نفس الخبيث فرحاً وسروراً وقد أنفق ليله ساهراً يترقّب بفارغ الصبر انبثاق نور الصبح ؛ ليخبر السلطة بمقام مسلم عندهم وقد تنكّر هذا الخبيث للأخلاق العربية التي تلزم بقرى الضيف وحمايته فقد كان هذا الخُلق سائداً حتّى في العصر الجاهلي وإنّا لنتّخذ مِنْ هذه البادرة مقياساً عاماً وشاملاً لانهيار القِيَم الأخلاقية والإنسانية في ذلك المجتمع الذي تنكّر لجميع العادات والقِيَم العربية , وعلى أيّ حالٍ فقد طوى مسلم ليلته حزيناً قد ساورته الهموم وتوسّد الأرق وكان فيما يقول المؤرّخون قد قضى شطراً مِن الليل في عبادة الله ما بين الصلاة وقراءة القرآن وقد خفق في بعض الليل فرأى عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأخبره بسرعة اللحاق به فأيقن عند ذلك بدنو الأجل المحتوم منه.
ولمّا انهزمت جيوش أهل الكوفة وولّت الأدبار تصحب معها العار والخيانة وقد خلا الجامع الأعظم منهم فلمْ يطمئن الطاغية الجبان مِنْ ذلك ؛ خوفاً مِنْ أنْ يكون ذلك مكيدة وخديعة فعهد إلى أذنابه بالتأكد مِن انهزام جيش مسلم وأمرهم بأنْ يشرفوا على ظلال المسجد لينتظروا هل كمِن أحد مِن الثوار فيه؟ وأخذوا يدلون القناديل ويشعلون النار في القصب ويدلونها بالحبال فتصل إلى صحن الجامع وفعلوا ذلك بالظلّة التي فيها المنبر فلمْ يروا إنساناً فأخبروه بذلك فاطمئن بفشل الثورة وأيقن بالقضاء عليها .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|