أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-6-2019
2220
التاريخ: 1-7-2019
1777
التاريخ: 22-4-2017
3847
التاريخ: 2-7-2019
2441
|
يقوم هذا المذهب على أساس مادي قوامه الفعل الذي وقع بأعتباره مكونا لجريمة واحدة أرادها أشخاص متعددون هم الذين ساهموا فيها لكل منهم دوره المادي أو المعنوي، ولكن تبقى الجريمة وحدة قائمة بذاتها من الناحيتين المادية والمعنوية، ومن ثم فأن الشريك لا يعد مرتكبا لجريمة مستقلة، لان نشاطه غير مجرم لولا ارتباطه بنشاط الفاعل الاصلي، وعليه فأن الشريك- وفقا لهذا المذهب – يستعير أو يستمد أجرامه من أجرام الفاعل الاصلي للجريمة(1). وقد أختلف الفقهاء في مدى هذه الاستعارة، إذ نادى البعض بأطلاقها في حين يرى آخرون نسبيتها. وسنتناول تباعـا كلا مـن نظريـة الاستعارة المطلقة ونظريـة الاستعارة النسبية.
1- نظرية الاستعارة المطلقة:
يرى أنصار هذه النظرية إلى أن كل من ساهم في ارتكاب الجريمة بوصفه فاعلا أو شريكا فانه يعاقب بالعقوبة المقررة في القانون ولا فرق بين من قام بدور رئيسي في تنفيذها أو قام بدور ثانوي فيها على اعتبار ان الشريك يستعير اجرامه من الفاعل الاصلي استعارة مطلقة ومن ثم يكون مسؤولا بالقدر نفسه الذي يسأل به الفاعل الاصلي، أما بشأن التفريق بالعقوبة بيـن الفاعـل والشريـك فانها تعتبـر مسألـة تقديرية متروكة لسلطـة قاضي الموضـوع بالحدود المنصوص عليها في القانون(2). ويذهب أنصار هذه النظرية إلى أن الشريك يتأثر بكافة الظروف الشخصية التي تتوافر في فاعل الجريمة، أي انه إذا لم يكن الفاعل معاقبا لسبب يتعلق بشخصه (كما لو كان مجنونا أو غير مميز) فلا يجوز معاقبة الشريك، أما الظروف الشخصية للشريك فلا يتأثر بها الفاعل، فيما يمتد أثر الظروف المادية إليهما دون تميز بين فاعل أو شريك(3). ويستند أنصار هذه النظرية إلى أساسين:
الأول- إذا كانت أدوار كل من الفاعل والشريك تتفاوت في أهميتها الا انها تتساوى مع بعضها في قوتها السببية وضرورتها لتحقق الجريمة على النحو الذي تحققت عليه، بمعنى انه لو لم يقم الشريك بدوره ما كان للجريمة إن تحقق بالصورة التي تحققت بها.
الثاني- إن الشريك قد أرتضى الدخول في الجريمة، وهذا يعني قبوله مقدما بجميع النتائج المترتبة على ذلك(4). وعليه فان مسؤوليته الجزائية يجب أن لا تقل عن مسؤولية الفاعل.
تقييم نظرية الاستعارة المطلقة في تحديد مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة:
على الرغم من المزايا التي يقول بها مؤيدوا هذه النظرية في كونها تنتهج خطة عقابية واحدة تكفل التشدد في معاقبة جميع المساهمين في الجريمة وهو الأمر الذي يشكل تنبيها بعدم التسرع في الأقدام على المساهمة في جريمة قد ينالون منها عقوبة صارمة، كما إنها تسمح بتطبيق الاحكام القانونية بسهولة دون الخوض في المشكلات التي تثيرها مسألة التميز بين طوائف المساهمين في الجريمة(5). فقد وجهت لهذه النظرية العديد من الأنتقادات، فهي تؤدي إلى الاسراف في العقاب لانه يقضي بتحميل الشريك مسؤولية التشديد الناتج عن ظروف شخصية للفاعل الاصلي لا تتوافر فيه، فالأجنبي الذي يتدخل مع الأبن في جريمة قتل أبيه يسأل عن جريمة قتل الاصول، سواء كان هذا الظرف المشدد من الظروف التي سهلت ارتكاب الجريمة أم لا، وسواء علم الأجنبي به أو لم يعلم. ويلاحظ اسرافها في العقاب أيضا بمعاقبة الشريك بعقوبة الجريمة المغايرة التي يرتكبها الفاعل سواء أكانت نتيجة محتملة لنشاط الشريك أو لم تكن إذ يعلق أنصار هذه النظرية عقاب الشريك على وقوع الجريمة من الفاعل الاصلي، وفي حدود ما يرتكبه هذا الأخير، هو الأمر الذي يؤدي إلى عقاب الشريك عن الجريمة حتى لو لم تكن نتيجة محتملة لفعل الاشتراك. وهنا يبدو أسرافها في تحميل الشريك عقوبة الجريمة المغايرة على الرغم من ان النشاط الذي يقوم به لا يشكل جرما بحد ذاته، ولم تكن إرادة الشريك في الغالب منصرفة الى تلك الجريمة إذا ما قورن بالفاعل الاصلي. وهي تؤدي الى القصور في العقاب في كونها لا تحمل الشريك مسؤولية التشديد الناجم عن ظروف شخصية مشددة توافرت فيه، كالأبن الذي يكون شريكا في جريمة قتل الأصول(6). ولا شك إن هذه النتيجة غير منطقية كونها لا تنسجم مع العلة التي من أجلها أوجد النص.
2- نظرية الاستعارة النسبية:
وهي صورة معدلة لنظرية الاستعارة المطلقة نظرا للانتقادات السابقة التي وجهت لنظرية الاستعارة المطلقة التي حاول الفقه التحول عنها بعض الشيء الى ما يسمى بـ (نظرية الأستعارة النسبية أو المقيدة). وهذه النظرية كسابقتها تقوم على استعارة الشريك اجرامه، ولكن ليس من الفاعل وانما من اجرام الفاعل(7). فهي ليست استعارة مطلقة بل استعارة نسبية أو مقيدة ويتمثل هذا التقيد في أمرين:
الأول- التفرقة بين الفاعل والشريك من حيث العقوبة، حتى تتناسب مع أهمية دور كل منهما في أرتكاب الجريمة، ولما كان دور الشريك ثانويا في الجريمة لذا يتعين معاقبته بعقوبة أخف من عقوبة الفاعل الذي يكون دوره في الجريمة رئيسيا.
الثاني- تأثر الشريك بظروفه الشخصية بعد ان كان أطلاق مبدأ الاستعارة يحول دون ذلك. وعليه فان أنصار هذه النظرية يكتفون بان يكون فعل الفاعل معاقبا عليه من الناحية الموضوعية(8). على أعتبار انه في حالة ما إذا ارتكب الشريك الفعل المكون للركن المادي فانه يعاقب بالعقوبة المقررة قانونا حتى وان لم يتم معاقبة الفاعل الاصلي لسبب من أسباب الاباحة أو مانع من موانع المسؤولية الجزائية(9).
تقييم نظرية الاستعارة النسبية في تحديد مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة:
لقد لطفت هذه النظرية من تطرف النتائج التي توصل اليها أنصار مذهب الاستعارة المطلقة وذلك من خلال دعوتها الى وجوب التفريق بين أدوار المساهمين ومدى أهميتها في تحقيق الجريمة وأثر ذلك في تقدير عقوبتهم، ولا شك ان هذه الفكرة (تفريد العقاب) تتفق مع السياسة الجنائية السليمة التي ترمي الى توجيه العقوبة الوجهة التي تحقق مصلحة المجتمع ولكن ما يؤخذ على هذه النظرية هو النقد الموجه إلى سابقتها نفسه، إذ يكتنف هذه النظرية القصور والاسراف في العقاب في تحميل الشريك مسؤولية الجريمة المغايرة التي يرتكبها الفاعل سواء كانت نتيجة محتملة أو لم تكن(10).
_______________
1- ينظر في ذلك : د.نظام توفيق المجالي، المصدر السابق، ص363.، د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، المصدر السابق، ص624.
2- ينظر في ذلك : د.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية، المصدر السابق، ص47.، د. أكرم نشأت أبراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، المصدر السابق، ص201.
3- ينظر في ذلك : د.عادل عازر، المصدر السابق، ص312 وما بعدها.، د.نظام توفيق المجالي، المصدر السابق، ص364.
4- ينظر في ذلك : القاضي فريد الزغبي، المصدر السابق، المجلد الثاني، ص286.، د.ماهر عبد شويش، المصدر السابق، ص591.
5- الفيلسوف تشيرازي بكاريا، الجرائم والعقوبات، ترجمة الدكتور يعقوب محمد حيالي، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، الكويت، 1985، ص63.
6- ينظر في ذلك: د.عادل عاز، المصدر السابق، ص30.، د.محمد علي سالم، المصدر السابق، ص84.
7- ينظر في ذلك: د.نظام توفيق المجالي، المصدر السابق، ص365.
8- د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، المصدر السابق، ص625.
9- د. احمد فتحي سرور، المصدر السابق، ص139.
10- ينظر في ذلك: ص37-38 من الرسالة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|