أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2018
2776
التاريخ: 10-04-2015
2267
التاريخ: 24-06-2015
2191
التاريخ: 24-3-2016
2803
|
هو يحيى بن حكم البكريّ الجيّاني، أصله من جيّان، و قد كان مولده في نحو سنة 154(٧٧١ م) ، و قيل في سنة 156، و كانت إقامته في قرطبة.
كان يحيى بن حكم رجلا فارع الطول قويّ البنية جمّ النشاط جميلا، و لقد احتفظ بنشاطه و جماله إلى زمن شيخوخته، فلقّب من أجل ذلك كلّه بالغزال.
من أشهر الأحداث في حياة يحيى بن حكم أنّ عبد الرحمن الأوسط أرسله سفيرا إلى بلاد المجوس في (إحدى جزر الدانمارك) ، نحو سنة 205(٨٢٠-٨٢١ م) فأظهر إعجابا بالملكة «تود» . و يبدو أيضا أنه سفر إلى بلاط القسطنطينية (1). و قيل إنّ زرياب لمّا جاء إلى قرطبة، سنة ٢١٧(٨٣٢ م) نشأت بينه و بين يحيى بن حكم نفرة فهجاه يحيى و أقذع في هجائه. فغضب عبد الرحمن الأوسط و نفى يحيى عن بلاطه (و زعموا عن الأندلس) فذهب يحيى إلى العراق بعيد وفاة أبي نواس (ت ١٩٩-814 م) و بقي هنالك نحو عشر سنوات. و لكنّ زمن إقامته في العراق و زمن سفارته إلى بلاد المجوس يتداخلان تداخلا شديدا.
و توفّي يحيى بن حكم الغزال في مطلع 250(864 م) .
كان يحيى بن حكم الغزال متعدّد نواحي الشخصية. و كان مشاركا في عدد من العلوم منها الفلسفة و الفلك. و كذلك كان لبقا حسن التحديث ممّا جعله ناجحا في الحياة السياسية و في السفارة.
و كذلك كان أديبا و شاعرا مطبوعا صاحب بديهة و ابتكار في المعاني، و إن كان في أسلوبه يطبع على غرار المشارقة مع قلّة عناية بالديباجة، إذا كانت الديباجة تحول بينه و بين كمال التعبير عن المعنى (كما كان شأن ابن الروميّ) . و فنون شعره المدح و الهجاء و الغزل و المجون و الخمريّات (و إن لم يكن يشرب الخمر) و الحكمة مع شيء من التشاؤم. و له أيضا قصص، فقد نظم أرجوزة طويلة في فتح الأندلس و في الوقائع التي دارت بين المسلمين و ملوك النصارى. و شاعت هذه الأرجوزة بين الناس. (نفح الطيب ١:٢٨٢) ، و لكنّها ضاعت فيما بعد (2).
مختارات من شعره:
- كان بعض أمراء الأندلس قد ولّى يحيى الغزال قبض الأعشار (نصيب الدولة من المواسم) و خزنها. و بدأ قحط في البلاد فباع يحيى الغزال الحبوب التي في الأهراء بالثمن الرائج فنفقت بسرعة. فغضب الأمير و طالب يحيى بثمن المثل (بعد ارتفاع الأسعار) فلم يستطع يحيى ذلك لأنّ الفرق بين الثمن الذي باع به يحيى الحبوب و الثمن الذي غلا كان ثلاثين ألف (درهم) . فأمر الأمير بسجن يحيى الغزال و تقييده. فنظم يحيى الغزال في سجنه قصيدة يبسط فيها القضيّة من وجهة نظره هو، فرضي الأمير و أطلق سراح يحيى.
و في المطرب أن الأمير الذي وقعت في أيامه هذه الحادثة هو عبد الرحمن ابن الحكم (206-٢٣٨ ه) . لكن مطلع القصيدة يدلّ على أن شاعرها كان في الخمسين من العمر (و يحيى الغزال كان في أيام عبد الرحمن بن الحكم في صدر شبابه) ، إلاّ إذا قبلنا أن يكون المطلع تقليديّا عامّا و ليس تجريدا (خطاب الشاعر نفسه) . و في ما يلي عدد من أبيات القصيدة المذكورة:
بعض تصابيك على زينب... لا خير في الصبوة للأشيبِ (3)
أبعد خمسين تقضيتها... وافية تصبو إلى الربرب (4)
من مبلغ عنّي إمام الهدى... الوارث المجد أبا عن أب
أنّي إذا أطنب مدّاحه... قصدت في القول فلم أطنب (5)
لا فكّ عنّي اللّه إن لم تكن... أذكرتنا من عمر الطيّب (6)
و أصبح المشرق من شوقه... إليك قد حنّ إلى المغرب
منبره يهتف من شوقه... إليك بالسهل و بالمرحب
أطربه الوقت الذي قد دنا... و كان من قبلك لم يطرب
هفا به الوجد، فلو منبر... طار لوافى خطفة الكوكب (7)
إلى جميل الوجه ذي هيبة... ليست لحامي الغابة المغضب (8)
لا يمكن الناظر من رؤية... إلاّ التماح الخائف المذنب (9)
إن ترد المال فإنّي امرؤ... لم أجمع المال و لم أكسب (10)
إذا أخذت الحقّ منّي فلا... تلتمس الربح و لا ترغب (11)
قد أحسن اللّه إلينا معا... إن كان رأس المال لم يذهب (12)
- لمّا كان يحيى بن حكم الغزال في بلاد المجوس لفت نظر الملكة «تود» فسألته يوما: كم عمرك؟ فقال لها: عشرون عاما! فقالت له: و لكنّ في رأسك شعرا أبيض! فأنشد مرتجلا:
كلّفت، يا قلبي، هوى متعبا... غالبت منه الضيغم الأغلبا (13)
إنّي تعلّقت مجوسيّة... تأبى لشمس الحسن أن تغربا (14)
أقصى بلاد اللّه في حيث لا... يلفي إليه ذاهب مذهبا
يا تود، يا رود الشباب التي... تطلع من أزرارها الكوكبا (15)
يا بأبي الشخص الذي لا أرى... أحلى على قلبي و لا أعذبا
إن قلت يوما إن عيني رأت... مشبهه لم أعد أن أكذبا (16)
قالت أرى فوديه قد نوّرا... دعابة توجب أن أدعبا (17)
قلت لها ما باله إنّه... قد ينتج المهر كذا أشهبا (18)
فاستضحكت عجبا بقولي لها... و إنما قلت لكي تعجبا
- و قال في النساء:
قالت أحبّك قلت كاذبة... غرّي بذا من ليس ينتقدُ
هذا كلام لست أقبله... الشيخ ليس يحبّه أحدُ
- و قال في الخمر (و تجد على قوله شيئا من منحى أبي نواس) :
و لمّا رأيت الشرب أكدت سماؤهم... تأبّطت زقّي و احتسبت عنائي (19)
فلمّا أتيت الحان ناديت ربّه... فثاب خفيف الروح نحو ندائي (20)
قليل هجوع العين إلا تعلّةً... على وجل منّي و من نظرائي (21)
فقلت: «أذقنيها» ، فلمّا أذاقها طرحت إليه ريطتي و ردائي (22)
و قلت: أعرني بذلة أستتر بها بذلت له فيها طلاق نسائي (23)
فو اللّه ما برّت يميني و لا وقت له، غير أنّي ضامن بوفائي (24)
فأبت إلى صحبي و لم أك آئبا فكلّ يفدّيني و حقّ فدائي (25)
تداركت في شرب النبيذ خطائي و فارقت فيه شيمتي و حيائي (26)
- و قال يحيى بن الحكم الغزال يصف أهوال بحر الشّمال، و يخاطب رفيقا له اسمه يحيى (أو هو يخاطب نفسه!) :
قال لي يحيى، و صرنا... بين موج كالجبالِ
و تولّتنا رياح... من دبور و شمال (27)
شقّت القلعين و انـ...ـبتّت عرى تلك الحبال (28)
و تمطّى ملك المو... ت إلينا عن حيال (29)
فرأينا الموت رأي الـ...ـعين حالا بعد حال
لم يكن للقوم فينا، يا رفيقي، رأس مال (30)
- و قال في تأمّل الناس و النظر إلى حقيقتهم:
و من أنعام خالقنا علينا... بأنّ ذنوبنا ليست تفوح
فلو فاحت لأصبحنا هروبا ... فرادى بالفلا ما نستريح (31)
و ضاق بكلّ منتحل صلاحا... لنتن ذنوبه البلد الفسيح (32)
____________________
١) صدر في سفارة الغزال هذه كتاب هو:
The poet and the spae-wife
An attempt to reconstruce al-Ghazal`s embysse to the Vikings,
by W.E.D. Allen.
Dublin (Allen Figgis and Co.Lid).1960
و مؤلّفه لا يوافق المستشرق الفرنسي ليفي بروفنسال على رأيه في أن سفارة الغزال كانت إلى القسطنطينية، بل يرى أنّها كانت إلى جزيرة إيرلندة، (غرب جزيرة انكلترة) حينما كانت ايرلندة تحت حكم الفايكنغ الشماليين، و أن هذه السفارة كانت بين الشهر الأوّل من عام 845 للميلاد (شوّال 244) و منتصف الصيف من ذلك العام (ص 54) .
2) في جذوة المقتبس (ص 186) و بغية الملتمس (ص 258؛ راجع الأعلام للزركلي ٢:١٧٠) أنّ حبيب بن أحمد الشطجيري (ت نحو 4٣٠ ه) ، و هو أديب شاعر من أهل قرطبة جمع ديوان يحيى بن الحكم الغزال و رتّبه على الحروف.
3) الصبوة: جهلة الشباب. التصابي: تكلّف ذلك، التظاهر بالشباب.
4) الربرب: الغزال الصغير.
5) أطنب: بالغ، زاد على الحدّ المطلوب. قصد: اعتدل (جاء بالقصد: بالقدر المطلوب المعقول الكافي) .
6) لا فكّ اللّه قيدي و لا أخرجني من السجن إن لم يكن فيك شيء من صفات عمر بن الخطّاب.
7) وافى: جاء إلى جوارك. خطفة (لمعة) الكوكب: بسرعة.
8) حامي الغابة: الأسد. المغضب: الغضبان (في الحقّ) .
9) لا يستطيع أحد أن يطيل النظر إليه لهيبته.
10) إذا كنت تريد مالا فلا تطلبه منّي، لأنّني رجل لم أجمع في حياتي مالا و لم أستطع أن أكسب من المال ما يبقى منه شيء للخزن.
11) أنا أعطيتك جميع الثمن الذي بعت به الحبوب فلا تحاول أن تحصل منّي على ربح (لأنّي لا أملك مالا) .
12) من حسن حظّي و حظّك أنّني دفعت إليك ثمن الحبوب (كان يحيى الغزال معروفا بالانهماك في الشهوات و بالإسراف و كان من الممكن أن يتصرف بالثمن الأصلي فيضيع المال كلّه) .
13) الضيغم: الأسد.
14) تعلّقت (أحببت) مجوسيّة (امرأة على دين المجوس-يقصد تود الدنماركيّة. و مع أن سكّان الدنمارك في ذلك الحين كانوا نصارى، فإن قسما من سكّان شماليّ أوروبّة كانوا لا يزالون في ذلك الحين على الوثنيّة. و كان العرب يسمّونهم كلّهم «مجوسا») .
15) الرود: الرأد، الرؤد (المرأة الشابّة، اللينة) . الأزرار: مدخل العنق من الثوب.
16) لم أعد: لم أتجاوز. لم أعد أن أكذب: ما عدوت (تجاوزت) الكذب (في قولي) : كذبت.
17) الفود: الشعر عند الأذن. نوّر (الزهر) تفتّح، كان أبيض.
18) نتج (بالبناء للمجهول) المهر (الحصان الصغير) : ولد، ولدته أمّه.
19) أكدت سماؤهم: قلّ مطرها (افتقروا، احتاجوا) . الزقّ: وعاء للخمر. العناء: التعب. احتسبت عنائي: جعلت تعبي احتسابا (في سبيل اللّه) -هنا: في سبيل إخواني.
20) الحانة محلّ بيع الخمر، جمعها حان. و الشاعر يستعمل «الحان» هنا مكان الحانة. ثاب: أقبل.
21) التعلّة - ما يتعلّل به الإنسان عن شيء يحتاج إليه: يغمّض عينيه و لكن لا ينام حتّى يتوهّم فقط أنّه نائم فيدخل على نفسه شيئا من الراحة. و جل: خوف. نظراء: أنداد، أمثال، أشباه، (كان بيع الخمر ممنوعا، و لذلك كان الخمّارون يخافون من الذين يأتون إليهم لشراء الخمر لئلاّ يكونوا من رجال الشرطة. فكان إذا طرق أحد باب الحانة-و كانت الحانات سرّية-تناوم صاحب الحانة حتّى يقوم القادم بحركات و يقول أقوالا تدلّ قطعا على أنّه زبون و ليس رجل شرطة) .
22) فلمّا ذقت خمره و أعجبتني أعطيته ريطتي (ثوبي الحرير) و ردائي (ثوبي السابغ: الذي ألبسه فوق ثيابي الأخرى) ليعطيني بقيمتها خمرا.
23) طلبت منه ثوبا رخيصا أستتر به و حلفت له بالطلاق أنّني سأردّه إليه.
24) إلى الآن لم أردّ إليه ذلك الثوب، و لكنّني عازم على ردّه. ما برّت يميني: ما وفيت بيميني (بقسمي، بحلفي بالطلاق) .
25) فأبت: فرجعت (إلى أصحابي بخمر) . و لم أك آئبا-ما كنت أظنّ أنني أستطيع أن أرجع إلى أصحابي بشيء من الخمر. يفدّيني: يقول لي: فداك نفسي (يمدحني) . و حقّ فدائي: كنت مستحقّا ذلك.
26) أدركت: فعلت الأمر دراكا (مرّات متوالية) . فارقت: خالفت (فعلت غير ما تجيز الأخلاق) .
27) الدبور: الريح الغربية (و المقصود هنا أنّها شديدة) . الشمال (بفتح الشين) : الريح الشمالية (المقصود: باردة و شديدة) .
28) القلع (بكسر القاف) : شراع (بكسر الشين) السفينة. انبتّت: تقطعت. العرى (جمع عروة بضمّ العين) : (هنا) المكان الذي تربط به أشرعة السفينة بالسارية أو بجوانب المركب.
29) تمطّى: مشى و هو يتبختر و يحرّك يديه (ليلفت-بفتح الياء و كسر الفاء-انتباهنا: ليخيفنا) . ملك الموت: عزرائيل. حيال: جانت.
30) القوم (هنا) : أصحاب السفينة-لم نكن أنا و أنت عند أصحاب السفينة «رأس مال» (شيئا ثمينا) يحافظون عليه.
31) هروبا فرادي: هاربين متفرّقين (يهرب بعضنا من بعض) .
32) منتحل صلاحا: ذلك الذي يدّعي أنه صالح و يتظاهر بذلك.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|