مواضع قالوا فيها لحن : ( قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) (1) |
1619
01:38 صباحاً
التاريخ: 17-10-2014
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-6-2016
3409
التاريخ: 17-10-2014
1394
التاريخ: 18-11-2014
10322
التاريخ: 27-11-2014
2333
|
زَعَم المُتعرّب المُتكلّف ـ الأجنبي عن لغة العرب ـ أنّ الحنيفيّة هي الميل عن الصراط السويّ ، وقد استعملها القرآن في غير معناها الأصيل .
قال : وكثيراً مّا يستعمل القرآن الألفاظ العربيّة في غير ما وُضعت له ، من ذلك تعبيره عن دين إبراهيم بالحنيف يعني به القويم ، لكن العرب تعني بالحَنَف الاعوجاج ؛ ولذلك تُسمّي عابد الوثن حنيفاً لميله عن الدِّين القويم !
وزَعَم أنّ ذلك ممّا موّهته اليهود على صاحب القرآن فلقّنته ؛ ليدعو دين إبراهيم حنيفاً ، تعبيراً عليه ليُفضح أمره عند العرب ، فانخدع بذلك من غير دراية بمعناه العربي الأصيل (2) .
يا لها مِن جَهالة عارمة تُنبؤك عن غباوةٍ فاضحة !!
كيف يَنخدع نبيّ الإسلام بمفاهيم لغةٍ كان فِلْذَتها ولسان أُمّة كان من صميمها ، أفهل يُعقل أن يتلاعب أُناس أباعِد ـ هم جالية المنطقة ـ بذهنيّة فحلٍ فخمٍ كان نابتة الرَّبوة العَليّة ، أين العجم من أبناء إسرائيل من العرب من أبناء قريش ؟! وأين الهجين من العتيق الأصيل ؟!
ولعلّ المُتعرّب المسكين هو الذي انخدع بتلك التهجينات المفضوحة فحَسِبها لُجّة ، وما هي إلاّ سراب فارغ !
كان مُنذ الجاهلية أُناس يُدعَونَ بالحُنفاء ؛ حيث تنزّهوا الأدناس ورَغِبوا في الحنيفيّة البيضاء ، دين إبراهيم الحنيف .
اجتمعت قريش يوماً في عيدٍ لهم عند صنم كانوا يُعظّمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويَدورون به ، وكان ذلك عيداً لهم في كلّ سَنة يوماً ، فَخَلُصَ منهم أربعة نفر نجيّاً (3) ، ثُمّ قال بعضهم لبعض : تصادقوا وَلِيَكْتم بعضكم على بعض ، قالوا : أجل ـ وهم : ورقة بن نوفل ، وعبيد اللّه بن جحش ، وعثمان بن حويرث ، وزيد بن عمرو ، من أفذاذ قريش ـ فقال بعضهم لبعض : تَعلمون واللّه ما قومكم على شيء ! لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم ! ما حجرٌ نطيف به ، لا يسمع ولا يُبصر ولا يضرّ ولا ينفع ! يا قوم ، التمسوا لأنفسكم ديناً ، فإنّكم واللّه ما أنتم على شيء ، فتفرّقوا يَلتمسون الحنيفيّة دين إبراهيم (4) .
وهؤلاء ـ وأمثالهم من غيرهم يومذاك ـ فارقوا دين قومهم واعتزلوا الوثنيّة وعبادة الأصنام وأَكل المِيتة والدم والذبائح على النُصُب وتقذّروا الفحشاء والمنكرات ووَأد البنات وما إليها من عادات جاهليّة سيّئة... وسُمّوا بالحنفاء ؛ حيث إتّباعهم الحنيفيّة دين .
إبراهيم ( عليه السلام ) .
والحنيفيّة ، مِن الحَنف هي النزاهة والقداسة إنْ فكريّاً أو عمليّاً ، وِفق الفطرة الأُولى الضاحية .
قال تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30] ، وفي الحديث : سُئل عن الحنيفيّة ؟ قال : هي الفطرة (5) .
قال الراغب : الحَنف ، هو مَيل عن الضلال إلى الاستقامة ، والجَنَف ، ميل عن الاستقامة إلى الضلال (6) والحنيف ، المائل إلى الاستقامة ، قال تعالى : {قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: 120] ، وقال : {حَنِيفًا مُسْلِمًا} [آل عمران: 67] ، وجَمعه : حنفاء ، قال تعالى : {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ } [الحج: 30, 31].
قال : وتَحنّف فلانٌ أي تحرَّى طريق الاستقامة ، وسمَّت العربُ كُلَّ مَن حجّ أو اختَتَن : حنيفاً ؛ تنبيهاً أنّه على دين إبراهيم ( عليه السلام ) .
قال أبو زيد : الحنيف ، المستقيم ، وأنشد :
تَـعَلَّم أنْ سَـيهدِيكُم إلينا طريقٌ لا يجورُ بكُم حنيفُ
قال أبو عبيدة ـ اللغوي العلاّمة ـ في قوله عزّ وجل ـ : مَن كان على دين إبراهيم ، فهو حنيف عند العرب .
قال الأخفش : كان في الجاهليّة يقال : مَن اختتن وحجّ البيت ، حنيف ؛ لأنّ العرب لم تتمسّك في الجاهليّة بشيء من دين إبراهيم غير الخِتان وحجّ البيت .
قال ابن عرفة : الحَنف ، الاستقامة ، وإنّما قيل للمائل الرجل أحنف تفاؤلاً بالاستقامة ، كما يُقال للغراب أَعور وللصحراء القاحلة مَفازة .
قال الزجاجي : الحنيف في الجاهليّة مَن كان يحجّ البيت ويَغتسل من الجنابة ويَختَتَن (7) .
وهكذا ذَكَر الفيروز آبادي في القاموس ، قال : الحَنَف ـ محرّكة ـ الاستقامة .
وقد عَرفت أنّ إطلاقه على اعوجاج الرجل ، كان بالعناية والمجاز تفاؤلاً ، لا حقيقة .
قال الجارود بن بشر من عبد قيس ، وكان نصرانيّاً فأَسَلم طَوعاً :
فـأَبلِغ رسـولَ الـلّه منّي رسالةً بأنّي حنيفٌ حيث كنتُ مِن الأرضِ
وقال حسّان بن ثابت يُخاطب أبا سفيان :
هَـجَوتَ مُحمّداً بَرّاً حنيفاً أَمينَ اللّه شِيمَتُه الوفاءُ (8)
وممّا يتأيّد التطهّر من الأقذار في مفهوم ( الحَنف ) ، أنّ العرب اليوم يستعملون لفظة ( الحنفيّة ) يُريدون بها فَتحة أنابيب المياه للغَسل والشُرب ؛ حيث كانت وسيلة التطهير من الأوساخ ، وهو امتداد القديم المعروف عندهم (9) .
فيا تُرى هل كان هؤلاء العرب الأقحاح انخدعوا جميعاً مُنذ أَوّل يومهم حتّى الآن بدسائس يهوديّة هزيلة لا وزنَ لها ولا اعتبار ، اللّهمّ إلاّ في ذهنيّة مُتعرّبنا المسكين !!
______________
(1) البقرة 2 : 135 .
(2) ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص424 ـ 425 .
(3) أي انفرد منهم هؤلاء الأربعة وجعلوا يتناجون فيما بينهم ، أي يتحدّثون سرّاً عن غيرهم .
(4) راجع : تفصيل القصّة في سيرة ابن هشام ، ج1 ، ص237 ـ 248 .
(5) بحار الأنوار ، ج3 ، ص276 .
(6) كما في قوله تعالى : ( فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً ) البقرة 2 : 182 ، أي ميلاً عن الحقّ في الوصاية .
(7) لسان العرب ، ج9 ، ص56 ـ 58 .
(8) راجع : الهدى إلى دين المصطفى ، ج1 ، ص386 .
(9) راجع : المعجم الوسيط ، ج1 ، ص203 ، مادّة ( حنف ) ، وص 524 ( الصنبور ) .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|