أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2020
2018
التاريخ: 17-10-2014
1941
التاريخ: 17-10-2014
1688
التاريخ: 27-04-2015
1539
|
قال تعالى : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران : 59].
قالوا : وكان ينبغي أنْ يقول : ثُمّ قال له كنْ فكان .
قال بعضهم ـ تجاسراً على كتاب اللّه ـ : آثر الرويّ على المعنى ، فآثر الإخلال بالمعنى ليستقيم له الرويّ ، وزاد بشاعةً في القول : قد سَاقه إليه ما أَلفه لسانُه ـ يَعني مُحمّداً ( صلّى اللّه عليه وآله ) حيث كرّره في ستّة مواضع من كتابه بصيغة المضارع ، ممّا كان متناسباً فيها غير ما هنا (1) .
لكن المسكين ذَهب عنه أنّ هذه الجُملة تُمثّل كلمة التكوين وليست تكليفاً بالقول ؛ ومِن ثَمَّ كان المسيح ( عليه السلام ) كلمة اللّه ألقاها إلى مريم (2) .
قال الشيخ مُحمّد عَبده : يجوز أن تكون كلمة التكوين مجموع ( كن فيكون ) والمعنى : ثُمَّ قال له كلمة التكوين التي هي عبارة عن توجّه الإرادة إلى الشيء ووجوده بها حالاً ، قال : ويظهر هذا في مِثل قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ} [الأنعام : 73] ، ولو كان القول للتكليف لم يَظهر هذا ؛ لأنّ قول التكليف من صفة الكلام ، وقول التكوين من صفة المشيئة (3) .
فلفظة ( كن ) تُمثّل إرادته تعالى المُتعلّقة بتكوين شيء ، و( فيكون ) تُمثّل تكوين الشيء حالاً فورَ إرادته تعالى ، الأمر الذي يَتمثّل في لفظة المضارع الدالّة على التحقّق في الحال ، ولا يصلح لذلك صيغة الماضي إلاّ بتأويله إلى إرادة الحال أي ( فكان في الحال ) ، وهذا ممّا يكفله صيغة المضارع من غير تأويل ، وهذا هو معنى قولهم : ( فيكون ) حكايةُ حالٍ ماضية . (4) أي وإن كان الأمر قد مضى ، لكنّها حكاية عن أمر كان حالاً في ظرفه : فقد تَكَوَّن الشيء حالاً فورَ الإرادة ، وهذا من تصوير الحال الماضية كما يقول أهل المعاني .
فمعنى قوله ( كن فيكون ) : أنْ لا فاصل زمنيّاً بين إرادته تعالى وتكوين الشيء {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [القمر : 50] {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس : 82] ، أي لا فاصل
ـ عند إرادته تعالى لتكوين شيء ـ بين هذه الإرادة وتكوين ذاك الشيء حالاً .
قال الحجّة البلاغي : ( فيكون ) فعل مضارع دالّ على الثبوت ، لبيان الملازمة الدائمة بين قوله ( كن ) وبين تكوّن الشيء بهذا الأمر لا محالة ، وبهذه القُدرة التامّة والمُلازمة الدائمة خُلق عيسى من غير فَحل ، إذ قال له : ( كن ) .
وهو كلام صادر في مقام الاحتجاج بالتمثيل ، ولا تقوم الحجّة بهذا التمثيل ولا يحصل المراد منه في الاحتجاج إلاّ ببيان الملازمة .
وهذا بخلاف ما لو قال : كن فكان ؛ لأنّ هذا الأُسلوب ( الثاني ) لا يُفيد إلاّ أنّ آدم كان ، سواءٌ أَكان ذلك باتفاق أم بملازمة خاصّة بذلك الكون أو عامّة ، وهو أمرٌ معلوم لا فائدة في بيانه ولا حجّة فيه على خَلق عيسى من غير فحل ، فلا يكون التفريع لو قيل : كن فكان ، إلاّ لغواً في كلام متهافت (5) .
والخلاصة : أنّ المُضارعة هنا يدلّ على المُلازمة الدائمة بين قولة ( كن ) والتكوين ، فصحّ جريانه بشأن آدم والمسيح على سواء ، وهذا على خلاف ما لو قيل ( فكان ) ؛ لاحتمال مجرّد الاتفاق وليس عن ملازمةٍ دائمة... وهو تنبّه لطيف أَفادته قريحة شيخنا العلاّمة البلاغي المهديّ بهداية اللّه تعالى ، فرحمة اللّه عليه مِن مجاهد في سبيل اللّه بالعلم والعمل الدائب ، أفاض اللّه عليه شآبيب رضوانه ، آمين .
_____________________________________
(1) هاشم العربي في ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص 417 ـ 418 .
(2) إشارة إلى الآية 171 من سورة النساء .
(3) تفسير المنار ، ج3 ، ص319 .
(4) الكشّاف ، ج1 ، ص368 .
(5) الهدى إلى دين المصطفى ، ج1 ، ص380 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|