قال تعالى : {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا } [الكهف : 77].

قال المُتعرِّب : والوجه استطعَماهم .

قال العلاّمة البلاغي : ولعلّه تَوهّم أنّ الجملة ( استطعَما أهلها ) جواب ( إذا ) ، ولم يدرِ أنّها وصفٌ للقرية ( أي القرية التي استطعما أهلها... ) . وجواب ( إذا ) إنّما هو قوله تعالى في آخر الآية : ( قَالَ لَوْ شِئْتَ... ) (1) .

قال الإمام الرازي : التكرير قد يكون للتأكيد وهو معروف واقعٌ في اللغة كقول الشاعر :

لـيتَ الغُرابَ غداةَ ينعبُ iiدائماً      كان الغرابُ مُقطّعَ الأوداجِ (2)

وقال أبو حيّان الغرناطي : وتكرّر لفظ ( أهل ) على سبيل التوكيد ، وقد يظهر له فائدة عن التوكيد ، وهو أنّهما حين أَتيا أهلَ القرية لمْ يأتيا جميع أهل القرية ، إنّما بعضهم ، فلمّا قال ( استطعما... ) احتُمل أنّهما لم يستَطعِما إلاّ أُولئك البعض الذين أَتياهم ، فَجيء بلفظ ( أهلها ) ليَعمّ جميعهم وأنّهم تَتَبّعوهم واحداً واحداً بالاستطعام منهم فأَبَوا جميعاً أنْ يُضيّفوهما ، ولو كان التركيب ( استطعماهم ) لكان عائداً على أُولئك البعض المأتيّينّ أَوّلاً فحسب ، وهو خلاف المقصود (3) .

__________________________

(1) الهدى إلى دين المصطفى ، ج1 ، ص389 .

(2) التفسير الكبير ، ج21 ، 156 .

(3) تفسير البحر المحيط لأبي حيّان الأندلسي الغرناطي ، ج6 ، ص151 .