أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-05
![]()
التاريخ: 2025-01-30
![]()
التاريخ: 2023-03-31
![]()
التاريخ: 2024-05-22
![]() |
عرّف الخطيب الحافظ التابعي بأنّه : من صحب الصحابي .
وقال ابن الصلاح : ومطلقه مخصوص بالتابع بإحسان «1» .
وقد اشتهر جمع من التابعين بالتفسير ، وكانت مصادرهم في ذلك هو فهمهم لكتاب اللّه على ما جاء فيه وما ورثوه من الحديث المأثور عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وهو القليل كما مرّ ، وعلى ما تلقّوه من الصحابة من تفسيرهم ، وما أخذوه من أهل الكتاب ، ومن ثم على اجتهادهم الشخصي الذي يتّضح في الكثير من أقوال التابعين «2» .
حجّيّة تفسير التابعي :
اختلف الجمهور في حجّيّة قول التابعي ، فنقل عن أحمد بن حنبل روايتان إحداهما بالقبول والاخرى بعدم القبول . فيما ذهب آخرون كابن عقيل وابن شعبة إلى المنع «3» .
وقد نقل عن أبي حنيفة أنّه قال : ما جاء عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فعلى الرأس والعين ، وما جاء عن الصحابة تخيّرنا ، وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال «4» .
ومصدر الخلاف في قبول تفسير التابعي يعود إلى عدّة أمور :
الأوّل : قد سبق أنّهم اختلفوا في حجّيّة قول الصحابي وتفسيره ، فكيف بالتابعي ؟
الثاني : أنّ الشائع لديهم هو أنّ أقوال التابعين في الفروع ليست بحجّة ، فكيف تكون حجّة في التفسير؟ «5»
الثالث : أنّ تفسير التابعين كان في كثير منه يصدر عن رأي واجتهاد ، فهذا مجاهد ، وهو أشهر التابعين في التفسير ، والذي ينقل عنه البخاري كثيرا ، حتّى عدّوه أعلمهم بالتفسير ، وأخرج ابن جرير في تفسيره عن أبي بكر الحنفي ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به «6» ، كان من أكثر التابعين إعمالا لرأيه وكان يقول : أفضل العبادة الرأي الحسن «7» .
الرابع : اختلافهم في التفسير ، كما مرّ في الصحابة ، فإنّ هذا الاختلاف اتّسع في عهد التابعين ، وقال الغزالي : «والصحابة ومن بعدهم اختلفوا اختلافا كثيرا لا يمكن فيه الجمع ويمتنع سماع الجميع من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) . . .» بل إنّه لربّما روي عن أحدهم تفسير لآية ، وروي عنه نفسه خلافه ، ممّا يكون قد بدا له فيما بعد «8» .
الخامس : كثرة الوضع على التابعين ، كما كثر على الصحابة من أمثال ابن عبّاس وغيره ، وبهذا فسّر قول أحمد بن حنبل : ثلاثة أمور ليس لها إسناد ، التفسير والملاحم والمغازي «9» .
السادس : رجوع التابعين إلى أهل الكتاب وأخذهم منهم ، فقد روي أنّه سئل الأعمش : ما لهم يتقون تفسير مجاهد؟ فقال : كانوا يرون أنّه يسأل أهل الكتاب ، ولذا فإنّ ما روي عنه في تفسير الطبري والدرّ المنثور يشتمل على كثير من الاسرائيليات .
وأمّا ما قاله الذهبي من أنّ أكثر المفسّرين ذهب إلى أنّه يؤخذ بقول التابعي في التفسير لأنّ التابعين تلقّوا غالب تفسيراتهم عن الصحابة ، فمجاهد مثلا يقول : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها . . . «10» . فيردّه أمران ، أمّا في كبراه فإنّه اختلف في قبول تفسير الصحابي ، فضلا عن التابعي ، قال ابن الصلاح : « . . . فأمّا سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فمعدود في الموقوفات ، واللّه أعلم» «11» .
وأضاف : «أنّ إطلاق بعضهم أنّ تفسير الصحابة له حكم المرفوع إطلاق غير جيّد لأنّ الصحابة اجتهدوا في تفسير القرآن ، واختلفوا في بعض المسائل والفروع ، كما رأينا بعضهم يروي الاسرائيليات عن أهل الكتاب» «12» .
وقد تقدّم في الفصل السابق تفصيله .
وأمّا في صغراه ، فإنّ «من يطالع تفسير الطبري يجد روايات كثيرة رواها ابن عباس أو مجاهد عن ابن عباس ، ثمّ يرى أنّ كثيرا من روايات مجاهد تختلف عن روايات ابن عباس لفظا ومعنى» «13» .
موقف المفسّرين من تفسير التابعي :
ذكر الزركشي أنّ «عمل المفسّرين على خلافه- المنع من الأخذ به- وقد حكوا في كتبهم أقوالهم . . .» «14» ، ونجد في سيرة المفسّرين العملية ، أنّهم وإن أوردوا في كتبهم أقوال التابعين ، إلّا أنّهم لم يقفوا عليها دون نقد وتحليل ، بل وردّ لبعض الآراء ، كما نجد ذلك عند الطبري الذي يروي عن مجاهد- مثلا- ثمّ يردّ عليه ، وبقوّة أحيانا ، ففي تفسير قوله تعالى {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء : 79] ، علّق الطبري على قول مجاهد :
«أمّا ما ذكر عن مجاهد في ذلك فنقول لا معنى له . . . والشواهد في ذلك كثيرة» «15» .
موقف المفسّرين الشيعة منه :
نستطيع القول من الناحية العملية أنّ موقف المفسّرين الشيعة من التفسير المروي عن التابعين ، كان مشابها للموقف العملي للمفسّرين من جمهور السنّة ، إذ أنّهم استشهدوا بآرائهم ، وقبلوا الكثير منها ، وسكتوا عن بعضها الآخر ، ورجّحوا بعضها على البعض الآخر ، كما ردّوا قسما منها ، حيث لم تكن لديهم مقبولة لمعارضتها النص القرآني ، أو عدم توافقها مع السّياق أو غير ذلك .
فقد أكثر الطوسي في تفسيره التبيان من ذكر آراء التابعين ، ناسبا الأقوال إلى قائليها .
ونجد استشهاد الشيخ الطوسي بأقوال الصحابة والتابعين من أوّل تفسيره ، بل من مقدّمة تفسيره ، إذ ذكر فيها تحت عنوان : فصل في ذكر أسامي القرآن وتسمية السور والآيات ، رأيين في تسميته بالقرآن : أحدهما : ما روي عن ابن عباس أنّه قال (هو مصدر قرأت قرآنا) أي تلوته . . . الثاني : ما حكي عن قتادة ، أنّه قال (هو مصدر قرأت الشيء إذا جمعت بعضه إلى بعض . . .) ، ثمّ رجّح الرأي الأوّل بناء على توافقه مع ما ورد في القرآن ، فقال : «وتفسير ابن عباس أولى لأنّ قوله تعالى : {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } [القيامة : 17 ، 18] «16» .
ثمّ في نفس الفصل ، وفي بحثه عن معنى الآية ذكر أقوالا عن سعيد بن جبير ، وابن عباس ، والحسن البصري ، وابن عبّاس في قول آخر .
وبالسير في جميع أجزاء التفسير ، في أبواب المعنى للآيات ، يكاد لا يخلو باب فيه من ذكر آراء الصحابة والتابعين فيها ، حتى شكّلت تلك الآراء مادّة أساسيّة ينطلق منها المفسّر- إضافة إلى ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام)- للبحث والتأمّل والتدبّر واستنباط المعاني من الآيات «17» .
وكذلك نجد الطبرسي فإنّه يذكر في كلّ آية الأقوال المختلفة فيها مصنّفا إيّاها على أساس الرأي ، ناسبا إيّاها إلى قائليها من الصحابة والتابعين ، وما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) .
وكمثال على ذلك ، فانّه ذكر في الحروف المعجمة المفتتحة بها السور ابتداء ثلاثة أقوال ، عن الأئمة (عليه السلام) وعن عليّ (عليه السلام) برواية العامّة ، وعن الشعبي ، ثمّ أضاف عشرة وجوه فسّرت بها :
الأوّل : عن الحسن وزيد بن أسلم .
الثاني : عن ابن عباس ، وعن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) .
الثالث : عن سعيد بن جبير .
الرابع : عن قتادة .
الخامس : عن ابن عباس وعكرمة .
السادس : عن أبي العالية ، وبعض أخبار الشيعة .
السابع : عن مقاتل بن سليمان .
الثامن : قول لغوي .
التاسع : قول تفسيري مطلق .
العاشر : عن قطرب واختاره أبو مسلم الاصفهاني .
ونجده يعقّب بالقول في باب اللغة : أجود هذه الأقوال القول الأوّل المحكي عن الحسن . . . «18» .
وسار على هذا النهج حتى الجزء الأخير من تفسيره؛ إذ قال في تفسير قوله تعالى :
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر : 1] : «اختلفوا في تفسير الكوثر :
فقيل : هو نهر في الجنّة . . . عن عائشة وابن عمر . . . وابن عباس .
وروي عن أبي عبد اللّه- الصادق- (عليه السلام) أنّه قال : نهر في الجنة أعطاه اللّه نبيّه عوضا من ابنه .
وقيل : هو حوض النبيّ (صلى الله عليه وآله) الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة . عن عطاء وأنس .
وقيل : الكوثر الخير الكثير . عن ابن عباس وابن جبير ومجاهد .
وقيل : هو النبوّة والكتاب . عن عكرمة .
وقيل : هو القرآن . عن الحسن .
وقيل : هو كثرة الأصحاب والأشياع . عن أبي بكر بن عيّاش .
وقيل : هو كثرة النسل والذرية ، وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة (عليه السلام) حتى لا يحصى عددهم واتّصل إلى يوم القيامة مددهم .
وقيل : هو الشّفاعة . رووه عن الصادق (عليه السلام) .
ثمّ قال معقّبا : «واللفظ يحتمل للكلّ فيجب أن يحمل على جميع ما ذكر من الأقوال ، فقد أعطاه اللّه سبحانه وتعالى الخير الكثير في الدنيا ووعده الخير الكثير في الآخرة ، وجميع هذه الأقوال تفصيل للجملة التي هي الخير الكثير في الدّارين» «19» .
وكمثال على ترجيحه بعض أقوال التابعين وردّه لبعض الأقوال الاخرى ، ممّا لم يتقبّله ، فإنّه في تفسير قوله تعالى : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة : 22، 23] ، قال : «اختلف فيه على وجهين ، أحدهما : أنّ معناه نظر العين ، والثاني : أنّه الانتظار .
واختلف في حمله على نظر العين على قولين :
أحدهما : أنّ المراد إلى ثواب ربّها ناظرة ، أي هي ناظرة إلى نعيم الجنّة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها . . . روي ذلك عن جماعة من علماء المفسّرين من الصحابة والتابعين لهم وغيرهم .
والآخر : أنّ النظر بمعنى الرؤية ، والمعنى تنظر إلى اللّه معاينة . رووا ذلك عن الكلبي ومقاتل وعطاء وغيرهم . وهذا لا يجوز لأنّ كل منظور بالعين مشار إليه بالحدقة واللّحاظ ، واللّه يتعالى عن أن يشار إليه بالعين ، كما يجلّ اللّه عن أن يشار إليه بالأصابع . . .» «20» .
وعلى هذه السيرة أيضا ، نجد الطباطبائي- من أعلام الشيعة المعاصرين- ينقل في تفسيره إضافة إلى أقوال الصحابة ، أقوال التابعين كسعيد بن جبير (57 موردا) والحسن البصري (73 موردا) وعكرمة (69 موردا) وقتادة (90 موردا) ومجاهد (83 موردا) «21» .
ورغم أن علماء الإماميّة قد اهتمّوا بأقوال الصحابة والتابعين ، والتزموا الكثير منها ، ورجّحوا بعضها على البعض ، إلّا أنّهم لم يلتزموها من باب أنّها تحمل الحجّيّة لكونها صادرة عن صحابي أو تابعي ، وإنّما لأنّها من باب الآراء المعتبرة الواردة في التفسير ، فيترجّح منها ما ترجّح بقوّة الدليل والبرهان ، لا بسلطة القائل وحجّيّته الذاتية «22» ، وهو موقف مشابه لرأي بعض علماء أهل السنّة ، كما سبق .
فإنّ الموقف لم يكن ينطلق من كون الرجل صحابيّا أم تابعيّا أم غير ذلك ، وإنّما من خلال ما روي ونقل عنه ، «لأنّ من المفسّرين من حمدت طرائقه ومدحت مذاهبه كابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد وغيرهم ، ومنهم من ذمّت مذاهبه كأبي صالح والسدي والكلبي وغيرهم» ، فهم يتتبّعون الدليل ، وينظرون إلى ما قال لا من قال إذ «لا ينبغي أن يقلّد أحدا من المفسّرين ، بل ينبغي أن يرجع إلى الأدلّة الصحيحة : إمّا العقليّة ، أو الشرعيّة ، من إجماع عليه ، أو نقل متواتر به عمّن يجب اتباع قوله . . .» «23» .
لذا كان منهجهم هو مناقشة الآراء وتضعيف الروايات في ضوء متونها ، وقد ضعّفوا- إضافة إلى بعض آراء الصحابة والتابعين- روايات وردت عن أهل البيت (عليه السلام) ، إمّا لعدم تأييد القرآن لمضامينها أو لاضطراب في متونها أو في معانيها «24» .
ومن خلال ما ذكرناه يتّضح بطلان قول من قال بأنّ الإماميّة لا يلتفتون إلى الروايات الواردة في التفسير عن غير أئمّتهم ، بما في ذلك الصحابة والتابعين مهما علا مصدر هذه الروايات «25» .
______________________________
(1)- استنادا إلى قوله تعالى : {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة : 100] . مقدّمة ابن الصلاح/ ص 444 .
(2)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 105 .
(3)- م . ن ./ ص 131 ، والبرهان/ ج 2/ ص 158 .
(4)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 131 .
(5)- مقدّمة تفسير مجاهد ، نقلا عن : تاريخ التفسير للشيخ قاسم القيسي/ ص 136 .
(6)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 110 .
(7)- تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة/ ص 69 ، نقلناه عن مقدّمة تفسير مجاهد .
(8)- مقدّمة تفسير مجاهد/ ج 10/ ص 23 .
(9)- م . ن .
(10)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 131 .
(11)- مقدّمة ابن الصلاح/ النوع الثامن/ ص 128 .
(12)- علوم القرآن ومصطلحه/ د . صبحي الصالح/ ص 220 .
(13)- مقدّمة تفسير مجاهد/ ص 25 .
(14)- البرهان/ ج 2/ ص 158 .
(15)- مقدّمة تفسير مجاهد/ ص 26 .
(16)- التبيان/ ج 1/ مقدّمة المؤلف/ ص 18 .
(17)- على سبيل المثال ، راجع ج 1/ ص 23 ، 29 ، 32 ، 42 ، 47 . . . الخ .
(18)- مجمع البيان/ ج 1/ ص 45- 46 .
(19)- م . ن ./ ج 10/ ص 366 .
(20)- م . ن/ ص 155 .
(21)- الفهارس في تفسير الميزان/ مؤسّسة الأعلمي .
(22)- الميزان/ ج 1/ المقدّمة/ ص 9 .
(23)- التبيان للطوسي/ المقدّمة 2/ ص 6 .
(24)- انظر الميزان/ ج 1/ ص 65 ، ج 4/ ص 81 ، 253 و259 ، ج 11/ ص 85 ، ج 18/ ص 162 و260 .
(25)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 41- 42 .
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تبحث مع العتبة الحسينية المقدسة التنسيق المشترك لإقامة حفل تخرج طلبة الجامعات
|
|
|