أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-06-2015
2223
التاريخ: 17-10-2014
1443
التاريخ: 27-04-2015
1500
التاريخ: 17-10-2014
1602
|
أن الدلائل العلمية تؤكد حقيقة صيانة القرآن كيانا متماسكا مستقلا لم تصل إليه يد التحريف ، ولم تستهدفه نبال العوادي ، وليس هذا أمرا اعتباطيا تحكمت فيه الظروف أو الصدف ، بل هو أمر حيوي قصدت إليه إرادة الغيب بإشاءة الله تعالى ، وتأسيسا على ذلك فلا يغير القرآن غرض طارئ ، ولا عدوان مباغت .
وحديثنا عن سلامة النص القرآني يقتضي دحض أي ادعاء مغاير ، ورد أي اتجاه مناوئ ، وهذا يدعو إلى تصفية دعاوى التحريف وتفنيد أباطيلها من الوجوه كافة .
ودعاوى التحريف لدى غربلتها ، ودراسة مظاهرها ، نجدها تتردد بين عدة ظواهر هي :
الادعاءات ، الافتراضات ، أخبار الآحاد ، الاتهامات ، الشبهات ، المحاولات .
ورصد هذه الظواهر يحتم مسايرة الموضوع لجزئياتها ، ولدى مسايرة الموضوع بجزئياته ، والظواهر بحيثياتها ، تجلى بطلان قسم منها ، وفشل القسم الآخر ، وتعثر الجزء الأخير في تحقيق الدعوى .
وسنقف عند هذه الظواهر وقفة المقوم المتحدي ، والناقد الموضوعي .
أولا : الادعاءات ، ويثيرها عادة زمرة من المستشرقين دون أساس يعتمد عليه ، حتى بدا بعضهم مترددا متخاذلا ، والبعض الآخر متحاملا .
فمع الجهد الكبير الذي بذله المستشرق الألماني الدكتور تيودور نولدكه ( 1836 م ـ 1930 م ) في كتابه القيم عن تأريخ القرآن ؛ إلا أننا نجد موقفه أحيانا غريبا ومتناقضا ، ففي الوقت الذي يعقد فيه بكتابه فصلا بعنوان : ( الوحي الذي نزل على محمد ولم يحفظ في القرآن ) والذي يبدو فيه قائلا بالتحريف تلميحا ، نجده يصرح بذلك في مادة قرآن بدائرة المعارف الإسلامية فيقول : « إنه مما لا شك فيه أن هناك فقرات من القرآن ضاعت ويثني على هذا الموضوع الخطي في دائرة المعارف البريطانية ، مادة قرآن فيقول : « إن القرآن غير كامل الأجزاء » (1) .
وجملة ما أثاره لا يعدو الادعاءات التي يصعب معها الاستدلال المنطقي ، ويبدو أن نولدكه قد تنازل عن آرائه وتراجع عنها شيئا ما ، فحينما ظهر كتاب المستشرق الألماني « فوللرز » عن لغة الكتابة واللغة الشعبية عند العرب القدماء ، أثار نقاشا حادا ، فقد زعم « فوللرز » في كتابه هذا أن القرآن الكريم قد ألف بلهجة قريش ، وأنه قد عدّل وهذب حسب أصول اللغة الفصحى في عصر ازدهار الحضارة العربية ، وقد انبرى نولدكه نفسه للرد عليه موضحا أن كلامه عار من الصحة والتحقيق العلميين (2) .
ثم قرر نولدكه بعد هذا أن النص القرآني يعتبر على أحسن صورة من الكمال والمطابقة (3) .
لقد فتح ( نولدكه ) الطريق أمام القول بتحريف القرآن ، ثم بدا مدافعا عنه ، مما بدا فيه متناقضا بين السلب والإيجاب في الموضوع .
وإذا كان ما قدمه الاستاذ نولدكه قد تضاءل قيمة نظرا لتردده في الأمر ، وعدم وضوح الرؤية له فيه ، فإن ما كتبه الأستاذ بول بكثير من عدم التورع ، لا يمكن أن يتهاون فيه .
لقد ألقت مسألة التحريف التي أثارها بعض المستشرقين ، عند الأستاذ بول بثقلها ، فكتب عنها بحثا في دائرة المعارف الإسلامية الألمانية (4) .
اعتبر بول التحريف تغييرا مباشرا لصيغة مكتوبة ، وأن الأمر الذي حدا بالمسلمين إلى الاشتغال بهذه الفكرة هو ما جاء بالقرآن من آيات اتهم فيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم اليهود وبتغيير ما أنزل إليهم من كتب وبخاصة التوراة . ولكن عرضه للوقائع والشرائع التي جاءت في التوراة انطوى على إدراك خاطىء أثار عليه النقد والسخرية من جانب اليهود ، فكان في نظرهم مبطلا .
وقد خلط ( بول ) في هذا البحث خلطا غير متناسق ، واكبته فيه النزعات المنحرفة ، وصاحبه إسراف وإفراط لا يمتان إلى استكناه الحقائق بصلة .
والذي يهمنا من بحثه أن نشير إلى ما يلي (5) :
أ ـ إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرد الحصول على تأييد أهل الكتاب بالمعنى الذي أشار إليه ، وإنما هو تعبير عن وحدة الديانات والشرائع والأنبياء في جميع الأطوار ، وأن أصول هذه الديانات واحدة ، وإن تغيير هذه الحقيقة الواقعة يعتبر تحريفا بالمعنى الذي أشار إليه القرآن : {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46] .
ب ـ إن الألفاظ التجريحية التي وردت في المقال بالنسبة للرسول الأعظم لا تتفق مع المنهج الموضوعي ، فقد أشار بل صرح بأن القرآن من تلقاء نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنه تحدث في القرآن بطريقة مبهمة ، وأن محمدا يستعمل لفظ حرف بدل القرآن .
وهذه مواد لا يفترض بعالم أن يتولى التحدث بها بأسلوب الغمز واللّمز ، وهو ما لا يقبل في بحث علمي ، ولسنا نرى ذلك غفلة أو هفوة بل هو تغافل وجفوة .
ج ـ ادعى الباحث أن خصوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذوا عليه نسخ بعض أحكام القرآن بأحكام أخرى ، مما حدا بعلماء المسلمين أن يذهبوا مذاهب شتى في تقديرهم للحقائق التي يقوم عليها هذا الاتهام .
وبإيجاز نقول : إن نسخ الأحكام شيء ، والتحريف شيء آخر ، فالنسخ لا يكون تحريفا ، وإنما هو إحلال لحكم مكان حكم ، أو رفع لحكم من الأحكام من قبل الله تعالى ، تخفيفا عن العباد ، أو رعاية لمصلحة المسلمين ، أو استغناء عن حكم موقوت بحكم مستديم ، وما أشبه ذلك مما يتعلق بالشريعة أو بمعتنقيها ، ولا مجال إلى الطعن في هذه الناحية على ادعاء التحريف في القرآن .
د ـ يقول الباحث ، وهو يضرب على وتر حساس : « وقد أثيرت تهمة التحريف فيما وقع من جدل بين الفرق الإسلامية المختلفة. فالشيعة يصرون عادة على أن أهل السنة قد حذفوا وأثبتوا آيات في القرآن بغية محو أو تفنيد ما جاء فيه من الشواهد ، معززا لمذهبهم ، وقد كال أهل السنة بطبيعة الحال نفس التهمة للشيعة » (6) .
وهنا أثار مسألة مهمة في أقدس أثر من تراث المسلمين ، ولم يعط دليلا واحدا على صحتها ، ولم يثبت مرجعا واحدا يتتبع هذا الإتهام .
والمسلمون جميعا قد اتفقوا على سلامة القرآن من التحريف وتبادل الاتهامات كما سترى فيما بعد ، لا يغير من الحقيقة شيئا ، وقد كان الأجدر بالباحث أن يتناول الموضوع بشكل آخر ، فيعرض إلى آراء المسلمين بخلو القرآن من التحريف ، بدلا من تجريح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ونسبة ما لم يكن إلى المسلمين .
إن مما يؤسف له حقا أن يستغل ( بول ) نصا من نصوص القرآن في إدانة اليهود ( النساء : 46 ) ليبني عليه حكما طائشا على إدراك خاطىء ، فيعتبر التحريف تغييرا مباشرا لصيغة مكتوبة في القرآن ، ولكنه لم يعطنا نموذجا واحدا على هذا التغيير المباشر ، وهذا المنظور الفاضح لم يوافقه عليه حتى المستشرقون أنفسهم ، فهناك بضع شهادات لكبار علماء الاستشراق العالمي ، تؤكد سلامة النص القرآني من التحريف والتغيير والتبديل ، دون كتب الديانات الأخرى .
وقد أورد أبو الحسن الندوي جملة من نصوص وأسماء المستشرقين في هذا الموضوع (7) .
إن كثيرا من الأحكام الاستشراقية قد تمليها نزعات عدائية حينا ، وتبشيرية حينا آخر ، وهنا يكمن الخطر فيجب ـ والحالة هذه ـ أن يعامل الحكم الاستشراقي بكثير من الحذر .
ثانيا : الافتراضات : على مدعي التحريف أن يحدد زمن وقوع التحريف كافتراض أولي لإثارة أصل المشكلة ، وإذا أخفق في تحقيق هذا الافتراض بطلت الدعوى من الأساس .
والتحريف المدعي : إما أن يقع في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإما في عهد الشيخين ، وإما في عصر عثمان ، وإما زمن الإمام علي عليه السلام ، وإما في الحكم الأموي ، إذ لا يخلو ذلك عن أحد هذه الأزمنة ، إذ لم يدع أحد ـ على ما افترض ـ وقوع التحريف بعد العصر الأموي .
أما الافتراض الأول ، وهو وقوع التحريف في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فباطل إجماعا ، بما تبين لنا من مدارسة ظاهرة الوحي ومعطياتها ، فقد ثبت ان الوحي منفصل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شخصيته المستقلة ، وأنه مؤتمن على الرسالة ، وقد أداها متكاملة غير منقوصة بنص القرآن الكريم : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا...} [المائدة: 3] .
فلو كان هناك ما يمنع من الكمال ، لما أيده القرآن ، وأي مانع عنه أفظع من إباحة التحريف في النص الذي ثبت إعجازه ، وكان دليل رسالته ، وبرهان دعواه ، فهذا الافتراض ـ إذن ـ مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعن البيئة التي رافقت القرآن في عصره إذ كان الحاكم والمشرع والآمر .
وأما ادعاء وقوعه في زمن الشيخين ، فلم يعضده دليل نصي أو عقلي ، وحرص الشيخين على النص القرآني أشهر من أن يذكر ، فالدعوى باطلة .
وأما في عهد عثمان ، فعثمان هو الذي وحد المصحف على لغة قريش ، والقراءات التي سبقت هذا التوحيد كانت اجتهادية في أغلب الظن ، ومظنة الخطأ لو وقعت في الاجتهاد ، فلا أساس لها في مس القرآن الكريم ، وانتشار القرآن آنذاك مانع كبير من أن يقع عليه شيء من التحريف ؛ وقد تعرض عثمان لثورة مضادة ، فما ادعى عليه شيء من هذا القبيل على الإطلاق ، فالدعوى ـ إذن ـ باطلة .
وأما في عهد الإمام علي عليه السلام فلا يصح أن يقع التحريف للأسباب المتقدمة ، ولاعتبارات أخرى :
1 ـ إن حريجة الإمام علي عليه السلام في الدين بل وفي الجزئيات التشريعية معلومة الحال ، فكيف تجاه أصل الدين ، ونظام الإسلام ، وهو القرآن ، فلو سبق أن امتدت له يد التحريف ، لما وقف مترددا في إرجاع الحق إلى نصابه ، وإلغاء سمات التحريف ، فكيف يصح أن يقع في عهده ، وهو من هو في ذات الله .
2 ـ إن الإمام علي عليه السلام احتج بالقرآن على أهل الجمل ، ودعي إليه في التحكيم مع أهل صفين ، فلو كان في القرآن ما ليس منه ، أو أنه لم يشتمل على كل القرآن ، لما صح له به الاحتجاج ، ولا قبوله في التحكيم ، وهذا أمر مشهور لا يحتاج معه إلى برهان .
3 ـ إن خطب الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة ، تشير إلى القرآن في كثير من التفصيلات هداية واسترشادا وتوجيها للناس ، فلو كان هناك مما يدعى شيء لأبان ذلك على الأقل وأنكره ، ولأحتج فيه على من تقدمه ، فلما لم يفعل ذلك علمنا بسلامة القرآن .
« أما دعوى وقوع التحريف بعد زمان الخلفاء لم يدعها أحد فيما تعلم ، غير أنها نسبت إلى بعض القائلين بالتحريف ، فادعى أن الحجاج لما قام بنصرة بني أمية اسقط من القرآن آيات كثيرة كانت قد نزلت فيهم ...
وهذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين ... فإن الحجاج واحد من ولاة بني أمية ، وهو أقصر باعا ، وأصغر قدرا من أن ينال القرآن بشيء ، بل وهو أعجز من أن يغير شيئا من الفروع الإسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة ، وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تأريخه » (8) .
إذن فالافتراضات الموهومة جميعا لا تقوم على أساس علمي أو عقلي ، فهي مرفوضة جملة وتفصيلا ، بعد أن ثبت بطلانها جزئية جزئية ، وفرضية فرضية .
ثالثا : الروايات ، والتي عبرنا عنها بأنها أخبار أحاد ، وهو كذلك ، فهي متناثرة هنا وهناك ، ويستنتج منها وقوع التحريف تصريحا أو تلميحا ، ولكنها لا تصلح دليلا في قضية ، ولا برهانا على دعوى ، إذ لم تبلغ حد الشهرة فضلا عن التواتر ، ولأن الضعف الكذب والتدليس واضح الإمارات في الرواة ، والاضطراب والتناقض متوافر في الأسانيد ، وأبرزها كالتالي :
1 ـ نسبوا إلى ابن مسعود (رض) أنه أسقط سورة الفاتحة من مصحفه (9) .
أقول وهي رواية يجوز معها الشك والسهو والنسيان وإن لم نقل الكذب للأسباب التالية :
أ ـ قال ابن حزم : هذا كذب على ابن مسعود (10) .
ب ـ إنها معارضة بقراءة ابن مسعود لها في الصلاة ، ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب .
ج ـ إن صحت الرواية ، فقد غلب على ظن ابن مسعود أن الفاتحة لا يمكن أن تنسى لوجوب تعلمها على المسلمين كافة ، وإن ما كتب من القرآن كان لمخافة النسيان والضياع .
د ـ إن مصحف ابن مسعود وأمثاله ليست إلا مصاحف فردية ، كمن يكتب لنفسه سورة ، ويغفل سورة ، فإن سقط من مصحفه شيء فلا ينسحب ذلك على القرآن .
هـ ـ أن المصحف الإمام المتداول بالأمس واليوم عند المسلمين قد اشتمل على الفاتحة ، فلا تحريف إذن بهذا الملحظ .
و ـ يبدو لي أن الرواية مكذوبة على ابن مسعود جملة وتفصيلا للإيهام بدافع سياسي ـ بأن عدم اشتراكه عند جمع المصحف ـ كما يدعى ـ كان لهذا ولأمثاله .
2 ـ ما أورده السيوطي وغيره ، أن هناك سورتين لم تكتبا بالمصحف ، وهما سورة الحفد وسورة الخلع ، وذلك عند الجمع ، وقد علمهما علي وعمر ، وكان أبي يقنت بهما على ما أورده المروزي ، وأنه كان قد كتبهما في مصحفه ، وهناك طائفة من الصحابة تستظهرهما وتقرؤهما في الصلاة أو القنوت (11) .
ويرد على هذه الروايات ما يلي :
أ ـ إننا قد رجحنا أن يكون القرآن مجموعا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإذا ثبت ذلك بطلت هذه الدعاوى .
ب ـ لو أن عليا وعمر ، كانا قد علما بأن هاتين سورتان ، فما يمنعهما من إلحاقهما بالمصحف ، وهما من القوة بحيث لا يستطيع أحد معارضتها مجتمعين إطلاقا .
ج ـ لو كان الإمام علي عليه السلام يعلم هاتين السورتين ، فلم لم يشر بهما إلى أحد ذريته وشيعته لحفظهما من الضياع ، وذلك في عهد خلافته ، ولا رواية واحدة تدل على ذلك .
د ـ إن السياق الجملي للسورتين المزعومتين ، لا يتناسب مع مناخ القرآن البلاغي ، ولا أسلوبه الإعجازي ، ولا لغته المتميزة ، فلغة القرآن « سبوح لها منها عليها شواهد ، ولغة هاتين السورتين الموهومتين لغة دعاء مجرد » (12) .
3 ـ نسب إلى عكرمة أنه قال : لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان ، فوجد حروفا من اللحن ، فقال : لا تغيروها ، فإن العرب ستغيرها ، أو قال ستعربها بألسنتها » (13) .
ولا دلالة في هذا على التحريف إطلاقا ، وإذا صح ، ففيه دلالة على اشتباه الكتبة ، ولكن الأمر المشكل فيها هو لماذا أمر عثمان بعدم تغييرها ، ولماذا لا يكون هذا الأمر مخترعا لا سيما وأن الرواية منقطعة غير متصلة ـ لأن عكرمة هذا لم يسمع من عثمان شيئا بل لم يره كما يرى ذلك الداني (14) .
4 ـ روى ابن عباس عن عمر أنه قال : « إن الله عز وجل بعث محمدا بالحق ، وأنزل معه الكتاب ، فكان مما أنزل إليه آية الرجم ، فرجم رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ورجمناه بعده ، ثم قال : كنا نقرأ : ( ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ) أو : ( إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ) (15) .
ويرد على هذه الرواية ما يأتي :
أ ـ لم ترو هذه الرواية متواترة عن عمر ، وإنما رويت بطريق الآحاد ، وهي بعيدة الصدور عن عمر ، إذ لو اعتقد أنها آية ( آية الرجم ) لأثبتها لأنه كان يحتل الموقع الأول في الدولة مع وجود أبي بكر ، وأية قوة تقف في صدر عمر إذا أراد شيئاُ آنذاك ، وعلى فرض صحة وجود الآية فلا دلالة فيها على التحريف لأنها من نسخ التلاوة ، وإن كنا نعارضه . ونعتبره أساساً للقول بالتحريف .
ب ـ إن حكم الرجم ثابت في السنة ، ولا يعني ذلك أن ما ثبت في السنة ثابت في القرآن ، بل كلا هما يشكلان أساس التشريع . وهناك جملة من الأحكام كانت السنة أصلاً لها ولا ذكر لها في القرآن كإعداد الصلاة ، وبعض مراسيم الحج ، وأنصبة الزكاة ، وهكذا .
5 ـ روى عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت : « كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مئتي آية ، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر إلا ما هو الآن » (16) .
ويرد على هذه الرواية إشكالان :
أ ـ إن عروة بن الزبير ضعيف الرواية .
ب ـ لو كانت عائشة وهي أم المؤمنين ومسموعة الكلمة ، ولها أثرها في الدولة الإسلامية آنذاك تعتقد هذا الأمر فلماذا أخفته ، وحينما عارضت عثمان لماذا لم تذكر في معارضتها هذا الأمر وهو خطير جدا .
فالأحرى إذن أن تكون الرواية موضوعة لا أصل لها .
6 ـ قال لبيب السعيد في نفي أدلة التحريف وذكر رواياتها : ما ادعاه بعض الغلاة المنتسبين إلى الشيعة : أن عليا عليه السلام جمع القرآن فكان فيه ما سموه « فضائح المهاجرين والأنصار » وأن عمر طلب إلى زيد بن ثابت أن يسقط من القرآن هذه الفضائح ... (17) .
وهذه الرواية ظاهرة النحل والبطلان من وجوه :
أ ـ إن الروايات متظافرة على جمع الإمام علي للقرآن حتى سمي ذلك بمصحف علي ، وهذا المصحف لا يختلف عن مصاحف بقية الصحابة ممن جمعوا القرآن ، ولا عن القرآن المعاصر بشيء ، لأن الإمام علي عليه السلام كان قد ولي الخلافة ، ولو كان في القرآن شيء منه لم يثبت لأثبته وفق ما يراه وهو الإمام الحاكم آنذاك .
ب ـ قد يستفاد من كثير من النصوص ـ كما أسلفنا القول فيه ـ (18) أن الإمام علي عليه السلام قد جمع القرآن ورتبه تأريخيا بحسب النزول وأسبقيته ، ولا مانع من هذا ، كما أنه قد قسمه على سبعة أجزاء بحسب ما أثبته الزنجاني بعنوان ( ترتيب السور في مصحف علي ) وقد طبع في لايبزيك عام 1871 م (19) .
ومع هذا فلا تختلف سور القرآن ونصوصه عن مصاحف المسلمين في شيء ، إلا أنه قد يجمع التأويل إلى جنب التنزيل ـ كما سترى هذا فيما بعد في دفع الشبهات ـ فيكون مصحفه قد اشتمل على التأويل الصادر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبر به الإمام ، أو الصادر عنه هو بالذات مضافا إلى أصل القرآن الكريم ، ومن قال بغير هذا فأهل البيت والإمامية براء منه .
ج ـ كيف يصح أن تكون هناك سور وآيات قد فاتت جميع المسلمين ، والقرآن منتشر بين ظهرانيهم ، ولم يستطع أحد أن يحفظ منها شيئا ، وقد سبق لنا القول بأن حفاظ القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمئات (20) .
د ـ إن ما قدمه المهاجرون والأنصار للإسلام والقرآن يعد مفخرة وأي مفخرة بحد ذاته ، فما هو الذنب الذي اقترفه هؤلاء في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرادى أو مجتمعين ، حتى ينزل فيهم ما يسمها بالفضائح ، وهب أن معدودين تجاوزوا حدودهم ، فما نصنع بأولئك الذين يقول فيهم القرآن جهارا نهارا في سورة الفتح :
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29].
قال الاستاذ لبيب السعيد : « وعندي أن نسبة هذه المزاعم إلى الشيعة ـ بعامة ـ هو قول تنقصه الدقة فضلاً عن الصحة . فهذه طائفة من علماء الشيعة يتبرأون من هذه المزاعم » (21) .
7 ـ روى المسور بن مخرمة : « قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا : ( أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة ) فإنا لا نجدها . قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن »(22) . ويرد على هذه الرواية أمران :
الأول : ما هي القيمة الكبرى التي يتمتع بها عبد الرحمن بن عوف في المجتمع الإسلامي ـ آنذاك ـ ولا يتمتع بها عمر حتى يسأله عن شيء يجيبه به عبد الرحمن بأنه أسقط فيما أسقط من القرآن .
الثاني : من هؤلاء القوم الذين أسقطوا من القرآن ما هو منهم ، وكيف يصح التصديق بمثل هذه الأباطيل .
وهناك روايات تجري بهذا المضمار أعرضنا عن ذكرها ، ولا كبير أمر بمناقشتها ، إذ لا تختلف عما تقدم املاها الكذب والاستهانة بمقدرات الكتاب العظيم . وجميعها لا يشكل دليلا واحدا مقنعا على دعوى التحريف .
وفي نهاية هذا الجانب نشير أن صاحب كتاب المباني قد عقد فصلا قيما في مقدمته بعنوان الفصل الرابع : ( في بيان ما ادعوا على المصحف من الزيادة والنقصان والخطأ والنسيان والكشف عنها بأوجز بيان ) .
وقد تتبع فيه هذا الباب تتبعا إحصائيا وفند فيه مزاعم التحريف (23) .
رابعا : الاتهامات ، يبدو أن العصر العباسي الأول قد اختار لدوافع سياسية أن ينمي روح التفرقة والخلاف بين مختلف المسلمين ، وأن يخلق من قضايا جزئية متواضعة أمورا كلية مهمة ، فنشأ عن ذلك القول بخلق القرآن بين قدمه وحدوثه ، وما جر ذلك من الولايات بين المسلمين على أنها قضية فكرية ، ويومها وجدنا التيارات تتقاذف بالآراء على السطح ، لتصم هذا بالكفر تارة ، وغيره بالنفاق تارة أخرى ، وسواهما بالزندقة أحيانا ، ونشأت هذه البذرة الخبيثة بين صفوف المسلمين ، ووجدت لها مناخا صالحا في تربة العصر العباسي الثاني ، حيث عمّق الفرقة ، وعصف بالوحدة ، فكانت الاتهامات المتبادلة تحبك بالظلام فتلقي بجرانها بين المسلمين ، فينقض هذا ما أبرم ذلك ، ويردّ ذلك على اتهامات ذه .
وقد وجدت مسألة القول بالتحريف من هذه المسائل ، إذ استثنينا القول بنسخ التلاوة ، فكل طائفة من المسلمين تنزه نفسها عن القول بها ، وبعض المذاهب تنسب القول بها إلى البعض الآخر ، وبالنتيجة تجد الجميع يبرؤون منها ، وهذا هو الصحيح .
فالقاضي ابو بكر الباقلاني ( ت : 403 هـ ) يكيل في نكت الانتصار السباب والتهم دون حساب لشيعة أهل البيت عليهم السلام في القول بالزيادة والنقصان وعقد لذلك عدة أبواب (24) من كتابه لا تقوم على أساس علمي على الإطلاق ، ولا تخدم القرآن ولا المسلمين في كل الأحوال .
بينما وجدنا الطبرسي ( ت: 548 هـ ) ينسب الزيادة والنقصان فيه إلى الحشوية من العامة (25) .
إن ما يؤخذ به هو الاعترافات لا الشهادات التي نجدها هنا وهناك وقد لا تمثل واقعاً ، ولا تدفع شبهة ، إن الروايات المتقدمة لم يقل بها الإمامية ، ولم يؤيدها الجمهور ، والدفاع عنها ، أو تبني نسخ التلاوة منها ، يمهد السبيل إلى القول بالتحريف ، وردّها يعني تزييف مضاميينها .
أ ـ وفي هذا الضوء كان ما قرره السيد الخوئي جديراً بالاعتبار ، قال : «المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف ، وأن الموجود بأيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي صل الله عليه وآله وسلم الأعظم وقد صرح بذلك كثير من الأعلام ، ومنهم رئيس المحدثين الصدوق محمد بن بابويه ، وقد عدّ القول بعدم التحريف من معتقدات الإمامية ، منهم شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ، وصرح بذلك في أول تفسير « التبيان » ونقل القول بذلك أيضاً عن شيخه علم الهدى السيد المرتضى ، واستدلاله على ذلك بأتم دليل ، ومنهم المفسر الشهير الطبرسي في مقدمة تفسيره « مجمع البيان » ، ومنهم شيخ الفقهاء الشيخ جعفر كاشف الغطاء في بحث القرآن من كتابه « كشف الغطاء » وادّعى الإجماع على ذلك ، ومنهم العلامة الجليل الشهشهاني في بحث القرآن من كتابه « العروة الوثقى » ونسب القول بعدم بالتحريف إلى جمهور المجتهدين . ومنهم المحدث الشهير المولى محسن القاشاني في كتابيه ( الوافي وعلم اليقين ) . ومنهم بطل العلم المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي وفي مقدمة تفسيره « ألاء الرحمن » .
وقد نسب جماعة القول بعدم التحريف إلى كثير من الأعاظم ، منهم شيخ المشايخ المفيد ، والمتبحر الجامع الشيخ البهائي ، والمحقق القاضي نور الله ، وأحزابهم » (26) .
ب ـ وتأسيسا على ما تقدم ، فقد نفى السيد المرتضى علم الهدى ( ت : 436 هـ ) القول بالتحريف جملة وتفصيلا فقال : « إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حد لم يبلغه فيما ذكرناه ، لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية ، والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد ... إن العلم بتفسير القرآن وإبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما عم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمزني ، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلهما ما يعلمونه من جملتهما ، حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا في النحو ليس من الكتاب لعرف وميّز وعلم أنه ملحق ، وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه ، أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعر » (27) .
ج ـ قال الشيخ الطوسي ( ت : 460 هـ ) في مقدمة تفسيره :
« المقصود من هذا الكتاب علم معانيه ، وفنون أغراضه ، وأما الكلام في زيادته ونقصانه فما لا يليق به أيضا ، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها . والنقصان منه ؛ فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق الصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله ، وهو الظاهر في الروايات ، غير أنه رويت روايات كثيرة ، من جهة الخاصة والعامة ، بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا توجب علما وعملا ، والأولى الإعراض عنها ، وترك التشاغل بها ، لأنه يمكن تأويلها » (28) .
د ـ وقال الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت : 548 هـ ) :
« ومن ذلك الكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، فإنه لا يليق بالتفسير ، فأما الزيادة فيه فمجمع على بطلانها ، وأما النقصان منه ، فقد روى جماعة من أصحابنا ، وقوم من حشوية العامة : أن في القرآن تغييرا أو نقصانا ، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه ، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات » (29) .
هـ ـ وتعرض أعلام المعاصرين للمسألة ويهمنا رأي كل من :
1 ـ السيد محسن الحكيم ، وهو يصرح : « إن سلف المسلمين كافة ، وعلماء الإسلام عامة ، منذ بدأ الإسلام إلى يومنا هذا ، يرون أن القرآن في ترتيب سوره وآياته ، هو كما بين أيدينا ، ولم يعتقد أحد من السلف في التحريف » (30) .
2 ـ السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، وهو يقول : « إن أي حديث ، حول أي تحريف في القرآن ، لا يعدو أن يكون خرافة ، فإن القرآن الكريم لم يعتره أي تغيير من أي نوع » (31) .
وفي ضوء ما تقدم من هذه الأقوال الصريحة من قبل أعاظم علماء الإسلام ، لا يبقى أدنى شك ، في أن لغة الاتهام والتهجم لا يكتب لها الاستمرار في التضليل ، لهذا فقد كان الدكتور محمد عبد الله دراز مخطئا إن لم يكن مفتريا بقوله : « ولقد ظن بعض الشيعة أن عثمان قد بدل في نص القرآن ، أو أنه على وجه التحديد أسقط شيئا يتعلق بعلي بن أبي طالب » (32) .
فإنه لم يثبت مرجعا واحدا لاتهامه هذا بل على العكس من ذلك ، فقد أورد ما يناقض زعمه ، وأورد رأي الشيخ الطوسي بقوله :
« ومهما يكن من أمر ، فإن هذا المصحف هو الوحيد المتداول في العالم الإسلامي ـ بما فيه فرق الشيعة ـ منذ ثلاثة عشر قرنا من الزمان .
ونذكر هنا رأي الشيعة الإمامية ( أهم فرق الشيعة ) ، كما ورد بكتاب أبي جعفر الأم :
« إن اعتقادنا في جملة القرآن الذي أوحى به الله تعالى إلى نبيه محمد هو كل ما تحتويه دفتا المصحف المتداول بين الناس لا أكثر ، وعدد السور المتعارف عليه بين المسلمين هو ( 114 ) سورة ، أما عندنا فسورتا الضحى والشرح تكونان سورة واحدة ، وكذلك سورتا الفيل وقريش ، وأيضا سورتا الأنفال والتوبة . أما من ينسب إلينا الاعتقاد في أن القرآن أكثر من هذا فهو كاذب » (33) .
وهنا يتجلى أن الاتهامات التي لا تستند إلى أصل وثيق ، تذهب أدراج الرياح .
خامسا : الشبهات ، قد يتذرع القائلون بالتحريف بتوافر بعض الشبهات الدالة على ذلك ، وليس في هذه الشبهات ـ كما سترى ـ أدنى دليل على ما يدعون ، وسنشير إلى أهمها ، ونتعقب ذلك بالرد والدفع والمناقشة (34) .
أ ـ إن التحريف سنة قد جرت في حياة الأمم السابقة ، والقرون الغابرة ، فاشتمل حتى على التوراة والإنجيل وسائر الكتب الدينية ، فلم لا يشمل القرآن ما شمل غيره .
وللرد على هذه الشبهة نرصد ما يلي :
1 ـ ليس من سنة الكون التحريف ، ولا من طبيعة خرق النواميس الحقة ، فموجده أتقن كل شيء صنعا ، وأنزله بمقدار ، ولا يمثل سنة الكون من يتلاعب بمقدارته من شعوب وأمم وقبائل وأجيال .
2 ـ إن التوراة والإنجيل لم يتعهد الله سبحانه وتعالى ـ كشأن الكتب السماوية الأخرى ـ بحفظهما ، ولا بصيانتهما ، وإنما أوكل ذلك البشر ، محنة منه وابتلاء على طاعته أو معصيته ، فاستحفظ على ذلك الأحبار والربانيين بدلالة قوله تعالى :
{ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] .
3 ـ إن القرآن نزل على سبيل الإعجاز الدائمي فوجب حفظه تأبيدا ، وتلك الكتب جاءت للبيان التوقيتي فلا يستلزم حفظها كحفظه ، ولم يرد أنها نازلة على سبيل الإعجاز والتحدي .
ب ـ هناك روايات تشير صراحة إلى أن كل ما وقع في الأمم السابقة ، لا بد أن يقع في هذه الأمة ، ومنه التحريف ، بدلالة ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل ما كان في الأمم السالفة ، سيكون في هذه الأمة مثله ، حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة » (35) .
وغير هذه من الروايات الدالة على هذا المعنى ويرد عليها ما يلي :
1 ـ إن هذه الروايات أخبار آحاد ، ولم يدع فيها التواتر ، وإذا كان الأمر كذلك فإنها لا تفيد علما ولا عملا .
2 ـ على فرض صحة هذه الروايات فإنها تدل على مشابهة الأحداث من بعض الوجوه بين الأمم لا في كل جزئياتها وتفصيلاتها فإن وقع التحريف عندها في كتبها ، فيكفي في وقوع التحريف في هذه الأمة عدم اتباعهم لحدود القرآن وإن أقاموا حروفه (36) .
3 ـ هناك كثير من الوقائع التي حدثت في الأمم السابقة ولم تقع في أمة محمد ، ولم تصدر من المسلمين أمثالها ونظائرها ، كعبادة العجل ، وتيه بني إسرائيل ، وغرق فرعون ، وملك سليمان عليه السلام ، ورفع عيسى عليه السلام إلى السماء ، وموت هارون عليه السلام وهو وصي موسى عليه السلام قبل موت موسى عليه السلام نفسه ، وولادة عيسى عليه السلام من غير أب ، وعذاب الاستئصال وغيرها (37) .
ج ـ تشير روايات الأئمة من أهل البيت عليهم السلام إلى أن عليا كان له مصحف غير المصحف المتداول ، وهذا يعني التغاير بين المصحفين ، أو فرضية الزيادة والنقصان بين النصين ، وروايات هذا الباب كثيرة ، أبرزها ، قول الإمام علي عليه السلام :
« يا طلحة إن كل آية أنزلها الله تعالى على محمد عندي بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخط يدي ، وتأويل كل آية أنزلها الله تعالى على محمد وكل حلال أو حرام ، أو حد ، أو حكم ، أو شيء تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة ، فهو عندي مكتوب بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخط يدي ، حتى أرش الخدش ... (38) .
ومنها ما في احتجاجه عليه السلام على الزنديق من أنه : « أتى بالكتاب كملا مشتملا على التأويل والتنزيل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، لم يسقط منه ألف ولا لام ، فلم يقبلوا ذلك » (39) .
ومنها ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري قال : « سمعت أبا جعفر يقول ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده عليهم السلام » (40) .
وفي التوفيق بين هذه الروايات وبين نفي التحريف عن القرآن الكريم ، نرى أن الإمام علي عليه السلام ـ كما أسلفنا القول ـ (41) قد جمع القرآن وفق ترتيب خاص ، جمع فيه إلى جنب التنزيل التأويل ، وفصل فيه بين الناسخ والمنسوخ ، ورتب فيه السور أو الآيات ترتيبا تأريخيا بعناية زمن النزول ، ولكن لا يعني ذلك أي اختلاف أو تناقض بين ما جمعه وبين القرآن ، وقد يستفاد من جملة روايات أخرى أنه أول من جمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ مع كونه مجموعا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ وفق هذا الترتيب الذي لو صح ، لقلنا إن ترتيب القرآن اجتهادي ، أو أن الإمام علي عليه السلام قد علم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يعلمه غيره ، فكان أن جمع القرآن كما أنزل ، فقد روى السدي عن عبد خير عن الإمام علي :
« إنه رأى من الناس طيرة عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقسم أن لا يضع عن ظهره رداء حتى يجمع القرآن ، قال : فجلس في بيته حتى جمع القرآن ، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن ، جمعه من قبله ، وكان عند آل جعفر » (42) .
وليس في جميع الروايات دلالة على أن المجموع من قبل علي يختلف عن نص القرآن المتداول اليوم ، إذ لو كان مخالفا له في شيء لظهر أيام خلافته أو عند ورثته من الأئمة عليهم السلام ، فلما لم يكن من هذا شيء يذكر ، علمنا سلامة القرآن .
د ـ وهناك بعض الروايات عن الأئمة تدل بظاهرها على التحريف ، منها ما رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
« يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون ، المصحف والمسجد والعترة . يقول المصحف : يا رب حرفوني ومزقوني ، ويقول المسجد : يا رب عطلوني وضيعوني ، وتقول العترة : يا رب قتلونا وطردونا ، وشردونا » (43) .
ومنها قول الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام : « أؤتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه » (44) .
ولا دليل في هذه الروايات على التحريف بالمعنى المشار إليه ، فهي تحمل أن القرآن قد حرّف بحدوده وضوابطه ، فهو لا يعمل به ، ولم يحرف بنصوصه وأصوله ، فهي ثابتة لم تتغير ، وسالمة لم تتحرف ، أما أن القرآن لا يعمل به ، ويشتكي غدا عند الله ، فهو ما تحمل عليه هذه الروايات دون سواه من المفاهيم .
هـ ـ وهناك شبهة تتلخص في أن كيفية جمع القرآن ـ بحسب روايات الجمع الموهوم ـ بشهادة الشهود ، وإقامة البينة ، تستلزم نسيان بعض القرآن ، إما بموت من معه شيء من القرآن فضاع ، وإما على سبيل السهو والخطأ ، وعدم الضبط ، شأنه في ذلك شأن المجاميع الأخرى التي تتعرض للطوارئ .
والإجابة عن هذه الشبهة ودفعها ، نرى أن القرآن ـ كما سبق بيانه ـ (45) قد جمع متكاملا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانتفت الشبهة جملة وتفصيلا .
قال السيد المرتضى علم الهدى ( ت : 436 هـ ) :
« إن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجموعا ، مؤلفا على ما هو عليه الآن ، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان ، حتى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنه كان يعرض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويتلى عليه ، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث ، وأن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخبارا ضعيفة ، ظنوا صحتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته » (46) .
سادسا : المحاولات ، ما زلت أتذكر ، قبل عشرين عاما خلت ، ونحن طلبة في الجامعة ، أن أستاذنا الجليل الدكتور أحمد عبد الستار الجواري عضو المجمع العلمي العراقي ، قد لفت أنظارنا ـ من على كرسي التدريس ـ إلى حادث خطير ، يجب على العرب والمسلمين أن يحتدوا طاقاتهم لمحاربته ، والوقوف بحزم يدا واحدة لصده ، وهو قيام إسرائيل بمحاولة جادة لتحريف القرآن . وأتذكر أيضا أننا أصبنا بما يشبه وقع الصاعقة ، وقلبنا وجوه الاحتمالات في الموضوع ، وبعد حين ظهر صدق الحديث ، فقد جاء في الإعلام المصري ما يؤيد هذا النبأ الجلل ، وقرأنا آنذاك عن الخطوات التي اتخذت تجاهه .
1 ـ في أيلول عام 1960 م أفادت أنباء القاهرة : أن إسرائيل قد قامت بطبع مائة ألف نسخة من القرآن الكريم ، وقد أدخلت عليها التحريف ، وذلك بإحداث أكثر من ألف خطأ مطبعي ولفظي متعمد ، في طبعة محرفة للقرآن ، وقد تم توزيع هذه النسخ المحرفة في جملة من البلدان الآسيوية والإفريقية ، كالمغرب ، وغانا ، وغينيا ، ومالي ، ودول أخرى . وقد اكتشفت سفارة الجمهورية العربية المتحدة في المغرب هذه المحاولة الأثيمة ، فأشعرت بذلك السلطات في القاهرة ، وبعثت إليها ببعض النسخ المحرفة (47) .
2 ـ وكان نتيجة هذا العمل اطلاعنا على أبرز مظاهر التحريف المهمة ، وهي كالآتي :
أ ـ حذف الآيتين التاليتين من القرآن الكريم ، ومنع تدريسهما في مدارس العرب والمسلمين في الأرض المحتلة :
{يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9] .
ب ـ حذف كلمة « غير » لينقلب المعنى عكسيا من قوله تعالى :
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]. ج ـ حذف كلمتي « ليست » من الآية الكريمة :
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ...} [البقرة: 113] .
د ـ إبدال عبارة « والله عزيز حكيم » بعبارة « والله غفور رحيم » من قوله تعالى :
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38] (48)
3 ـ لقد أحدث هذا العمل ضجة في الجمهورية العربية المتحدة دون سواها من البلدان العربية والإسلامية آنذاك ، وكان دور الأستاذ الأكبر محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر رحمه الله ، دورا كبيرا مشرفا فبالإضافة إلى تشاوره مع وزير الأوقاف المصري في الإجراءات الإحترازية لصد هذه الظاهرة ، وذلك بتشكيل لجنة مشتركة لمراجعة المصحف المحرّف ، وتعرية الأخطاء المطبعية المتعمدة ، وتحذير المسلمين من تداوله ، فقد أرسل ببرقية إلى الرئيس جمال عبد الناصر يستشير حميته وغيرته ، ومما جاء فيها :
« إن إسرائيل التي قامت على البغي والطغيان والاعتداء على المقدرات والمقدسات ما زالت تعيش في هذا العبث ، وتحيا في إطار هذا الطغيان ، وإنها ـ بتحريفها القرآن الكريم ـ تريد القضاء على معتقداتنا وديننا ، وهي بذلك تمارس ما كان عليه آباؤهم من تحريف الكلم عن مواضعه ابتغاء كبت الدعوة الإسلامية وإعاقتها .
إن المسلمين في أنحاء الأرض يهرعون إليكم ـ وكلهم أمل في قوة إيمانكم ، وغيرتكم على دينكم ـ أن تعملوا على حفظ كتاب الله ، فتقفوا في وجه هذا العدوان الأثيم ... » (49) .
4 ـ وفيما عدا مصر لم نجد صوتا حيويا للبلاد العربية والإسلامية لشجب هذا الاعتداء الساخر ، باستثناء الإفتاء السوداني ، والحكومة الأردنية .
فقد أمر مفتي الديار السودانية موظفي المحاكم الشرعية وأصحاب المكتبات العامة بضرورة مراجعة المصاحف قبل تداولها للتأكد من سلامتها من التحريف ، وذلك عن طريق تسرب هذا المصحف الذي نشرته إسرائيل (50) .
وأصدرت الحكومة الأردنية بيانا استنكرت فيه جريمة التحريف ، وبيّنت عرض إسرائيل على الدول الإفريقية التي وزعمت فيها المصحف المحرف ، أن ترسل لها من يقوم بتدريس اللغة العربية في إطار النسخة المشوهة من المصحف (51) .
ولم تنجح المؤامرة الإسرائيلية في تحريف القرآن ، إذ تم اكتشاف الجريمة مبكرا ، وأمكن القضاء عليها في مهدها ، وتنبه المسلمون في شرق الأرض وغربها إلى هذه الحركة ، فعزلت هذه النسخ المزورة وقضي عليها قضاء نهائيا .
5 ـ ولقد كان حدثا عالميا كبيرا ما توصل إلى ابتكاره الأصيل ، الأستاذ لبيب السعيد من تفكيره في تسجيل المصحف المرتل ، وبعد محاولات ومشاريع وأوليات وعقبات ، تم تسجيل القرآن الكريم كاملا ، وحفظ صوتا مسموعا مرتلا برواية حفص لقراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي ، بصوت المرحوم الشيخ محمود خليل الحصري ، عدا تسجيلات سواه من القراء ، وخصصت مصر وإلى اليوم إذاعة خاصة يتلى بها ليل نهار اسمتها : إذاعة القرآن الكريم .
لقد تم هذا الحدث في صورته النهائية التنفيذية في : 23 يوليو 1961 (52) .
وتقرر توزيع اسطوانات المصحف المرتل في الدول التي وزعت فيها اسرائيل المصاحف المحرفة (53) .
وكأنما جاء هذا الحدث ردا حاسما لدرء محاولة التحريف .
وبذلك تحقق لسلامة القرآن الكريم عاملان : الكتابة في المصحف كما نزل ، والتلاوة على الأسماع من خلال المصحف المرتل تسجيلاً كاملا ، محافظا فيه على أصول القراءة ، وشرائط العربية ، وترتيل الصوت ، ذلك مضافا إلى الحفظ المتجاوب معه في الصدور .
لقد تحقق في هذا الزمان بالذات ، وهو زمان ابتعد عن القرآن ، ما لم يتحقق له في الأزمان السالفة ، من ضبط وشكل ، ورسم ، وقراءة ، وتلاوة ، وطباعة ، وعناية من كل الوجوه ، بما يتناسب مع التأكيد الإلهي بقوله تعالى :
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وذلك من معاجز القرآن وأسراره .
______________________
(1) المؤلف ، المستشرقون والدراسات القرآنية : 30 وانظر مصدره .
(2) ظ : آلبرت ديتريش ، الدراسات العربية في ألمانيا : 13 .
(3) ظ : نولدكه . تأريخ القرآن : 2 | 93 .
(4) ظ : بول ، دائرة المعارف الإسلامية الألمانية : 4 |604 ـ 608 .
(5) ظ : المؤلف ، المستشرقون والدراسات القرآنية : 40 ـ 41 .
(6) ظ : بول ، دائرة المعارف الإسلامية الألمانية : 4 | 608 .
(7) ظ : الندوي ، النبي الخاتم : 30 ـ 31 .
(8) الخوئي ، البيان : 219 .
(9) السيوطي ، الاتقان : 1 | 83 .
(10) المصدر نفسه : 1 | 221 .
(11) ظ : السيوطي ، الاتقان : 1 | 184 وما بعدها .
(12) ظ : نص هاتين السورتين في : السيوطي ، الاتقان : 1 | 184 وما بعدها .
(13) المصدر نفسه : 1 | 183 .
(14) ظ : الداني ، المقنع : 115 .
(15) مسند أحمد : 1 | 47 .
(16) السيوطي ، الاتقان : 2 | 40 .
(17) لبيب السعيد ، الجمع الصوتي الأول للقرآن .
(18) ظ : فيما سبق : الفصل الثاني : نزول القرآن .
(19) ظ : الزنجاني ، تأريخ القرآن : 69 ـ 73 .
(20) ظ : فيما سبق . الفصل الثالث : جمع القرآن .
(21) لبيب السعيد ، الجمع الصوتي الأول للقرآن : 449 .
(22) السيوطي ، الاتقان : 2 |42 .
(23) مقدمتان في علوم القرآن : 78 ـ 116 .
(24) ظ : الباقلاني ، نكت الانتصار : 95 ـ 203 + 239 ـ 242 وغيرها .
(25) الطبرسي ، مجمع البيان : 1 | 15 .
(26) الخوئي ، البيان : 200 وما بعدها .
(27) الطبرسي ، مجمع البيان : 1 | 15 .
(28) الطوسي ، التبيان : 1 | 3 .
(29) الطبرسي ، مجمع البيان : 1 | 15 .
(30) (31) لبيب السعيد ، الجمع الصوتي الأول للقرآن : 451 وما بعدها وانظره مصدره .
(32) محمد عبد الله دراز ، مدخل إلى القرآن الكريم : 39 .
(33) المرجع نفسه : 39 وما بعدها ، وانظر مصادره .
(34) ظ : الخوئي ، البيان : 220 وما بعدها في ذكر مجمل ومفصل هذه الشبه .
(35) المجلسي ، بحار الأنوار : 8 | 4 .
(36) (37) ظ : الخوئي ، البيان : 221 .
(38) ظ : الخوئي البيان : 222 وما بعدها وانظر مصادره .
(39) (40) المصدر نفسه : 222 وما بعدها .
(41) ظ : فيما سبق ، الفصل الثاني نزول القرآن : + الفقرة : 6 من هذا الفصل .
(42) الخوئي ، البيان : 503 .
(43) (44) المصدر نفسه : 288 وانظر مصادره .
(45) ظ : فيما سبق ، الفصل الثالث ـ جمع القرآن : .
(46) الطبرسي ، مجمع البيان : 1 | 15 .
(47) ظ : جريدة الأهرام القاهرية عدد : 28 ديسمبر 1960 + مجلة آخر ساعة ، عدد : 11 يناير 1961 م ، للمقارنة .
(48) ظ : في المقارنة بين ما أوردناه في كل من : سليمان حسف عبد الوهاب ، تحريف اليهود للقرآن قديما وحديثا ، مقال في مجلة منبر الإسلام المصرية ، عدد جمادى الآخرة ، 1385 + لبيب السعيد ، الجمع الصوتي للقرآن : 473 وما بعدها .
(49) جريدة الأهرام عدد : 29 ديسمبر 1960 + جريدة الجمهورية القاهرة بالتأريخ نفسه .
(50) ظ : جريدة المساء القاهرية ، عدد : 10 فبراير ، 1961 م .
(51) ظ : جريدة الأخبار القاهرية ، عدد : 8 أبريل 1961 م .
(52) ظ : لبيب السعيد ، الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم : 114 .
(53) ظ : جريدة الجمهورية القاهرية ، عدد : 2 يناير 1961 م
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|