أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2014
4090
التاريخ: 18-3-2016
2305
التاريخ: 21-3-2016
3895
التاريخ: 14-10-2014
2135
|
سبق ذكر الظروف الّتي صنعها الأمويون للنيل من عليّ (عليه السلام) وشيعته ، حتّى أن معاوية بعد عام الجماعة- الّذي استتبّ له فيه الأمر- كتب كتابا إلى جميع عمّاله جاء فيه : (أن برئت الذمّة ممّن روى شيئا في فضل أبي تراب وأهل بيته) . وقام الخطباء على كل منبر يلعنون عليّا ويبرءون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته .
وفي المقابل فإنّ معاوية قام ببذل الأموال للرواة والمحدّثين بفضل عثمان وبني اميّة ، حتّى شاع الحديث في كل البلدان ، فبعث كتابا آخر جاء فيه : أنّ الحديث قد نشأ في عثمان وكثر في جميع الأمصار فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة . . . ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في فضل أبي تراب- علي- إلّا وأتوني بناقض له في الصحابة فإن هذا أحبّ إليّ وأقرّ لعيني وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان . فقرأ عمّاله كتابه على الناس فرووا أخبارا كثيرة في مناقب الصحابة لا حقيقة لها ولا واقع «1» .
وقد شاعت واتّسعت سياسة الوضع الأموية حتّى غدت سنّة لأصحاب الفرق والاتجاهات السياسية والفكرية المختلفة . قال ابن قتيبة مصورا هذه الأوضاع : «إنّ كلّ طائفة من هذه الطوائف المختلفة في المبادئ الّتي تعتمد عليها قد روت الأحاديث المختلفة الّتي تؤيد مذهبها واتجاهها» «2» .
واستمرّ خلفاء بني اميّة على هذه السيرة ، وامتدّت أيديهم إلى القرآن ليفسّره علماء السلطان بما تهوى أنفسهم ، حتّى أنّهم فسّروا لسليمان بن عبد الملك أنّ الآية : {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور : 11] قد أنزلت في علي (عليه السلام) «3» .
وكان شيعة أهل البيت (عليه السلام) يقتلون ويشرّدون ويعانون من الكبت والقمع والاضطهاد ، قال الباقر (عليه السلام) : «فقتلت شيعتنا بكلّ بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة والتّهمة ، وكلّ من يذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سجن ونهب ماله وهدمت داره . . . حتّى بلغ الحال بهم أنّ الرّجل كان يتمنّى أن يقال له زنديق أو كافر ولا ينسب إلى التشيّع لعليّ» «4» .
ومن الطبيعي فإنّ مثل تلك الظروف الإرهابية ، خصوصا على المستوى الثقافي ، وتلك الهجمة الاعلامية الشرسة لتشويه صورة الإمام علي (عليه السلام) وشيعته ، قد خلقت عند البعض نوعا من ردّ الفعل ، وعند آخرين بعضا من التعصّب ، وربّما الغلو ، خصوصا عند بعض الفرق الّتي التجأت بفعل المطاردة الشرسة إلى بعض البلاد النائية عن سلطتهم ، فإنّ أئمّة أهل البيت (عليه السلام) كانوا دوما تحت المراقبة الشديدة من قبل هؤلاء الحكّام ، ممّا حدّد حركتهم وحرّية اتصالهم بأتباعهم ، وسمح لبعض هذه الأفكار المتطرفة بالنمو في بعض الأوساط .
ويرجع بعض الباحثين بدء الوضع عند الشيعة إلى ردّ الفعل على الإعلام الأموي ، وذلك وعند ما تخلخل الوضع الأموي و «أحسّ ضعفاء الشيعة بالفرج بعد الشدّة ، وكانت أسماعهم قد ملئت بشتم عليّ الّذي حاول الأمويون أن يصوّروه وكأنّه من ألدّ أعداء الاسلام والانسانيّة ، تطوّع منهم من لا يملك من الدّين والصّبر . . . إلى مقابلة الكذب بمثله والشّتم والسّباب بلونه ولغته ونسبوا أكثره إلى الأئمّة ليكون أقرب إلى التصديق وأكثر شيوعا وانتشارا بين الناس» «5» . وهكذا فإنّ أكثر الموضوعات في الكتب الشيعية كانت في باب الفضائل والمثالب ، ولم يكن أهل البيت (عليه السلام) بحاجة إلى ذلك ، وقد نزل بحقهم القرآن ، إذ أذهب اللّه عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ، وجعلهم الرسول (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين قرناء القرآن الّذين لا يفترقون عنه ، وغير ذلك من الآثار الصحيحة .
ونجد في تحليل هذه الظاهرة رأيا آخر ، إذ أنّه يرجع حركة الغلو والوضع في الفضائل نسبة إلى أئمّة أهل البيت (عليه السلام) ، يرجع ذلك- إضافة إلى دور الغلاة- إلى المعادين لأهل البيت (عليه السلام) ، الّذين وضعوا روايات منكرة لتشويه صورتهم وتضعيف حجّتهم ، فهو- والرأي للعلّامة التستري- بعد أن بيّن وضع عدد من الروايات بهذا الشأن ، وقال : « . . . ليس كل ما نسب إليهم- الأئمّة (عليهم السلام)- صحيحا ، فقد وضع جمع من الغلاة أخبارا في معجزاتهم وفضائلهم وغير ذلك» ، وذكر بعض الآراء والروايات المؤيّدة ، قال : «كما انّه وضع جمع من النصّاب والمعاندين أخبارا منكرة في فضائلهم ومعجزاتهم بقصد تخريب الدين ، ولأن يرى الناس الباطل منه فيكفروا بالحقّ منه .
قال الباقر (عليه السلام) : ورووا عنّا ما لم نقله ولم نفعله ليبغضونا إلى الناس» .
ثمّ ذكر رواية عن الصدوق في العيون تؤكّد هذا المعنى ، وهي : «إنّ إبراهيم بن أبي محمود قال للرضا (عليه السلام) : يا ابن رسول اللّه! إن عندنا أخبارا في فضائل أمير المؤمنين وفضلكم أهل البيت ، وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم ، أ فندين بها ؟
فقال (عليه السلام) : يا ابن محمود ! إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا ، وجعلوها على ثلاثة أقسام : أحدها الغلوّ ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا ، فإذا سمع الناس الغلوّ فينا كفّروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا ، وقد قال اللّه عزّ وجلّ : { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام : 108] - إلى أن قال- : يا ابن أبي محمود ! احفظ ما حدّثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدّنيا والآخرة» «6» .
______________________________
(1)- الموضوعات في الأخبار والآثار/ الحسني/ ص 115 و116 .
(2)- م . ن/ ص 144 .
(3)- م . ن/ ص 137 .
(4)- م . ن/ ص 114 .
(5)- م . ن/ ص 122 .
(6)- مستدرك الأخبار الدخيلة/ العلّامة محمّد تقي التستري/ ج 1/ ص 216 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|