أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/10/2022
1288
التاريخ: 11/10/2022
1060
التاريخ: 4-1-2023
1172
التاريخ: 12/10/2022
1017
|
نمو معظم المدن السعودية كان اما في جيوب صغيرة من الأراضي القابلة للزراعة المنتشرة وسط الامتدادات الجبلية القاحلة، او في الأراضي الصحراوية، او في ملتقى طرق القوافل القديمة وعلى جوانب الأودية، والموضع الذي نشأت فيه المدينة المنورة يقع عند نقطة انقطاع الطريق في "الواحة، وسط الحجاز" حيث يلتقي عندها الطريق البري الشمالي بالطريق البري الجنوبي والذي ربط مراكز الحضارات الشمالية (مصر وبلاد الشام) بالجنوبية (بلاد اليمن).
وهناك الكثير من الروايات عن نشأة المدينة المنورة، فإلى جانب الاسطورة التي تربط بداية نشأة المدينة كمستوطنة إلى الألف الأولى قبل الميلاد، وتخلع هذه الرواية اسم "يثرب نسبة إلى يقرب بن أبيل من العماليق، وهذا الموضع يعتقدا نه "قرية العيون" شمال غرب المدينة او بمعنى آخر المنطقة الممتدة بين وادي قناة في الشرق، وزبالة الزج في الجنوب وحدائق المال في الشمال والمكانان الأخيران غير معروفين في الوقت الحاضر، كما توجد روايات تربط بين المدينة والهجرات اليهودية التي استقرت في الأجزاء العالية من المدينة، جنوبا والتي تعرف اليوم بـ " قباء، والعوالي" ، حيث تتميز بخصوبتها ووفرة مواردها المائية، وهجرات اخرى عربية من أهمها هجرة قبائل "يثرب، والأوس، والخزرج" حيث استقرت يثرب في منطقة العيون، والأوس في قباء وقربان والحرة الشرقية بينما سكان الخزرج وسط المدينة.
من العرض السابق يتضح لنا ان المدينة المنورة أصبحت في الفترة السابقة للإسلام تتألف من عدة مواضع (نوايات) منفصلة صالحة للسكن ويقف وراء هذا التعدد انتشار الآبار والعيون في المنطقة والتي أقامت حولها العشائر او القبائل، متخذة من الحصون والأطام وسيلة لحماية أفرادها.
ولا تدلنا المصادر التاريخية بشكل قاطع على معرفة الزمن الذي نشأت فيه المدينة المنورة ولا حتى الزمن الذي اكتسبت فيه اسمها الحالي، إلا ان هناك اتفاقا على ان التاريخ الثابت لظهور أهمية المدينة يرجع إلى هجرة الرسول عليه السلام إليها، حيث اتخذ يثرب بدلاً من مكة التي تقع إلى الجنوب منها على بعد 420 كم مركزا للدعوة الاسلامية حيث وجد العون والمساعدة من قبيلتي "الاوس والخزرج" وكان ذلك في السنة الأولى للهجرة الموافق 622م، وربما تكون يثرب أقدم نشأة من ذلك، بل لعلها كانت احدى المحطات التجارية المنافسة، الا ان بزوغ الوظيفة الدينية ضمنت الاستمرار والتواجد وحفظها ولولا ذلك ربما ظلت المدينة محدودة الشأن.
ومن دراسة تاريخ القوى السياسية التي مرت على حكم المنطقة خلال القرون المنصرمة وحتى نهاية الربع الثاني من القرن العشرين الميلادي، والتي تركت بصماتها على نمو وتطور المدينة، وتحليل الاشارات الموجزة التي وردت في المصادر المحدودة، يمكن التعرف على النمط الذي نمت عليه المدينة المنورة خلال القرون الماضية وحتى الوقت الحاضر وكذلك التأثير الذي تركه هذا النمو على التكوين الحالي للمدينة ويتضح ذلك من المراحل الزمنية التالية :
1- مرحلة تبدأ من أوائل القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي :
ففي بدايتها نشأت المدينة مرتبطة بالبيئة الصحراوية اقتصاديا وذلك لفقر ظهيرها المباشر، فنواتها القديمة "يثرب" مارست وظيفة المحطة التجارية لخدمة طريق القوافل القديم، وبعد فترة من الزمن ساهم في مزاولة هذه الوظيفة عدة نوايات اخرى تخص القبائل اليهودية والعربية قبل الاسلام.
وبعد هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة واستقراره فيها عام 622م أخذ شكلها العام يتميز بتجمع النوايات وتركزها حول المسجد النبوي الذي أصبح قلب المدينة العمراني وحوله اخذت تنمو المساكن والأسواق، إلى جانب ان المسجد أصبح مقراً للدين والحكم، والذي كان قبل الاسلام قاصراً عليها حيث تقوم "دولة المدينة"، إلا انه بعد انتصار الدعوة الاسلامية وانتشارها تحولت عاصمة لدولة مترامية الاطراف من مصر حتى بلاد العرب والعمران في هذه الفترة اخذ ينمو بالاتجاه نحو الجنوب الشرقي حيث وفرة المياه وعذوبتها إلى جانب خصوبة الأرض، مما أدى إلى اندماج مواضعها السكنية المتعددة والقضاء على العزلة الداخلية، واستمرت بعد ذلك على الرغم من انتقال الوظيفة السياسية (العاصمة) عنها بممارسة وظيفتها التجارية كمحطة وسوق على طريقا لتجارة بين الشامل واليمن، ومدينة دينية تحظى بالرعاية والاهتمام من قبل حكام الدول الاسلامية التي تعاقبت على حكم المنطقة.
وفي هذه الفترة لا نجد ما يشير إلى تغيرات هامة في وظائفها وتركيبها طوال العصور الوسطى، ما عدا ما أصابها من التدهور في فترات الاضطراب والحروب التي انهكت الدولة العباسية، وضعفها الاقتصادي وانحسار دورها التجاري العالمي مع انهيار طريق التجارة القديم البري بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح وتحول طريق التجارة إلى المحيط الاطلسي بدلاً من البحر الأحمر.
2- وفي الفترة الواقعة من منتصف القرن الثامن عشر وحتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين الميلادي :
ونتيجة لأهميتها الدينية في قلوب المسلمين نالت المدينة المنورة طوال هذه الفترة بعض الاصلاحات من قبل السلطات الحاكمة في ذلك الوقت، الأمر الذي جعلها تنمو وتتسع، وساعد على ذلك طوبوغرافيتها المنبسطة إلى حد ما فأخذ نموها يتجه شرقاً وغرباً وشمالاً، الأمر الذي ضاعف حجمها أكثر من ثلاث مرات عما كانت عليه وقد تحدد نمو المدينة حول المسجد بالسور الذي جدد مرات عديدة كان أهمها التجديد العثماني.
وقد بني السور حول المدينة المنورة لأول مرة من الطوب واللبن عام 76 – 877م، ثم هدم وجدد من قبل العباسيين ما بين 978 – 983م، وأضيفت له اضافات بسيطة عام 1162م، ولقد أعيد بناؤه للمرة الاخيرة في العهد العثماني خلال عشر سنوات (937 – 946هـ)، في عهد السلطان سليمان القانوني حيث شيد على أنقاض الاسوار القديم , وكان الهدف من بناء السور حماية المدينة من الأعراب ومنع دخولهم مسلحين، وبقي السور يحيط بالمدينة حتى بدأت المراحل الأولى لإزالته عام 1366هـ 1948م، ولابد من الاشارة انه لم يكن للإنسان دور كبير في ذلك قدر ما كان للعوامل الطبيعية التي أثرت عليه إلى جانب اهمال صيانة السور الأمر الذي عجل بتهدمه واختفاء آثاره في منتصف الثمانينيات الهجرية الستينيات الميلادية من هذا القرن. وكان للسور المحيط بالمدينة مجموعة من البوابات من أهمها :
_ باب الجمعة – ويؤدي للبقيع.
_ باب الشمالي – الجرف سيد الشهداء.
_ باب الحمام – للعوالي.
_ باب القاسمية – المناخة.
_ الباب الصغير – للمناخة.
_ باب المجيدي – بئر حاء.
_ باب بصرى – للسحيمي.
_ باب العنبرية – للقادمين من جدة وينبع.
وهذه الأبواب مقر للجمارك ومحصلي الضرائب من التجار في ذلك الوقت.
وخلال العهد العثماني اخذت المدينة المنورة تنمو وتتطور داخل السور ومن ابرز التغيرات في هذه الفترة :
1_ توسعة المسجد النبوي الشريف 1844- 1856م.
2_ مد سكة حديد الحجاز بين المدينة ودمشق 1908 – 1914م.
وقد ترتب على هذه المشروعات انه ساهمت في زيادة عدد السكان من 20 ألف إلى 85 ألف نسمة، وهذا بدوره أدى إلى زيادة المساحة التي تمثلت في زيادة طول السور (3000م).
وتبدو المنطقة السكنية للمدينة في العصر العثماني، مندمجة وأقرب للاستدارة مستمرة على صورتها القديمة طوال العصور الوسطى حيث انكمشت إلى قرب حدودها القديمة قبل الهجرة في اطارها الطبوغرافي العام بين الوديان والحرات والجبيلات المتداخلة مع السكن، يحيطها السور الذي تتخلله البوابات وتتسمه القلعة، وتنقسم من الداخل إلى أحواش ضمن حارات ضيقة وأزقة متعرجة تكون مسدودة او مفتوحة، وقد وصفت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري 1303 هـ الموافق 1885م بأن المنازل كانت مصطفة حيث تؤلف اطارا لوحدة سكنية مغلقة، لا تعلو عن طابقين، مستمدة مادة بناءها من التربة والصخور المحلية ومسقوفة من جذوع النخيل، يتوزع داخلها الأسواق، وكان هناك 11 سوقاً في المناخة، أكبرها وأوسعها سوق : الحبابة، والثمارة، والسمانة، والرواسة، الفلتية، الخضرية، والدلالين، والجزارة والعطارة والقماشة والخردية.
ومن الوصف السابق يتضح لنا ان المدينة المنورة طوال الفترة التي امتدت حتى نهاية النصف الأول من هذا القرن كانت تنمو وتتغير في تركيبها الداخلي والوظيفي الا ان معظم ذلك كان يقع داخل السور وفي أحيائها المتعددة وهي :
"الاغوات – باب المجيدي – الساحة – باب الشامي – التاجوري – زقاق الطيار – العنبرية – قباء – قربان – العوالي".
وبعد ازالة السور اضيف إليها : "العنابس – الحرة الغربية – الحرة الشرقية – الجرف – النصر – سيد الشهداء – العيون – الدخل المحدود – المطار. ومعظم الاحياء القديمة التي تقع حول الحرم أزيلت خدمة لتوسعة المسجد النبوي وما يتبعها من خدمات.
وفي هذه الفترة كانت منازل المدينة مبنية من الحجر الجبري ومكونة من دور واحد والبعض من دورين وقلة من المنازل تعلو لثلاثة او أربعة أدوار، وتعلو واجهات هذه المنازل المشربيات الجميلة، وتتميز شوارعها بأنها ضيقة، وسكانها محدودو العدد حيث كانوا يتراوحون ما بين 35- 85 الف نسمة .
3- أوضحت دراسة المرحلتين الأولى والثانية ان هناك بعض العوائق التي حالت دون انطلاق المدينة المنورة وتوسعتها في أي اتجاه، وكان السور من أهم هذه العوائق، فقد تحكم في نموها وتطورها المحدود طوال القرون الماضية.
وكان للظروف العسكرية والأمنية اثر في وجوده والتمسك به، فقد أدى دوراً هاما في صد هجمات البدو والغزاة المحليين، إلى جانب حماية المدينة من اي غزو خارجي، واستمر هذا الوضع حتى قيام المملكة عام 1932م حيث انتهى دوره عندما آلت السلطة في الحجاز للسعوديين، الذين وحدوا أقاليم الجزيرة العربية ونشروا فوقها الأمن والعدل، الأمر الذي ساعد على ظهور بعض التجمعات السكنية خارج السور، ويمكن اعتبار ذلك مؤشرا لنهاية السور الذي هدم في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين وانطلاقة جديدة لنمو المدينة. ولخاصة القول أنه كان من نتائج استتباب الامن وازالة السور المحيط بالمدينة وتوفير المياه، بداية التطور والتوسع الذي أخذت تشهده المدينة المنورة في الفترة المعاصرة منذ الخمسينات وحتى وقتنا الحاضر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يعلن إطلاق المسابقة الجامعية الوطنية لأفضل بحث تخرّج حول القرآن الكريم
|
|
|