المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



عمر بن الوردي  
  
9737   01:59 صباحاً   التاريخ: 27-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص766-772
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2015 2766
التاريخ: 13-08-2015 2454
التاريخ: 12-08-2015 1854
التاريخ: 27-1-2016 5760

هو زين الدين عمر بن مظفّر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس ابن الورديّ، ولد في معرّة النعمان، سنة 689 ه‍ (1290 م) و درس في المعرّة نفسها و في حماة و حلب و دمشق. و كان قد عمل في حلب، و هو لا يزال شابّا، نائبا للقاضي محمد بن النقيب (ت 745 ه‍) . و توفّي ابن الوردي في حلب بالطاعون في ذي الحجّة من سنة 749 ه‍ (آذار-مارس 1349 م) .

كان عمر بن الورديّ أديبا ناثرا و شاعرا، كما كان ملمّا بعدد من فنون العلم و الأدب من الفقه و اللغة و النحو و التاريخ و النبات و الحيوان. غير أنّه اشتهر بالشعر و بقصيدة واحدة اسمها اللامية أو الوصيّة أو نصيحة الاخوان و مرشدة الخلاّن، و هي قصيدة حكميّة تبلغ سبعا و سبعين بيتا. هذه القصيدة فصيحة الألفاظ واضحة المعاني سلسلة عذبة برغم أن عددا من معانيها عاديّ جدّا، إلاّ أنّها تنبّه على معظم السيّئات التي يذهب الإنسان عادة ضحيّة لها في الحياة. و له رسائل و مقامات و عدد من الأراجيز.

ثمّ إنّ ابن الوردي مصنّف له من الكتب: تتمّة المختصر في أخبار البشر (أو: تاريخ ابن الوردي، لخّص فيه «المختصر في أخبار البشر» لأبي الفداء ثمّ أضاف إليه أحداث عشرين سنة من 729 ه‍ الى 749 ه‍) -خريدة العجائب و فريدة الغرائب (أكثره في الجغرافية و فيه كلام على المعادن و النبات و الحيوان، و لكن تغلب عليه الصبغة الأدبية الخيالية) -كتاب المنح. و له في الفقه: المسائل المذهبية في المسائل الملقّبة أبكار المعاني-فوائد فقهية-المسائل الملقّبة «الوردية» في الفرائض (تقسيم الارث) -رجز في أربع و عشرين مسألة-منظومة شهود السوء-الشهاب الثاقب و العذاب الواجب الواقع بذوي النحل الكواذب (ضدّ الفتوّة) . ثمّ له في اللغة و النحو و الشعر: مذكّرة الغريب نظما و شرحها-شرح ألفية ابن مالك- ضوء الدرّ على ألفية ابن معط-تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة*-قصيدة اللباب في علم الاعراب و شرحها-التحفة (النفحة) الوردية-اختصار ملحة الإعراب نظما-بحور الشعر. ثمّ له عدد من الأراجيز في موضوعات مختلفة: أرجوزة في تعبير الرؤيا (تفسير المنامات) -أرجوزة في خواصّ الأحجار-منطق الطير- البهجة (التحفة) الوردية (غير التي سبقت) في نظم الحاوي (نظم كتاب «الحاوي الصغير» لنجم الدين عبد الغفّار بن عبد الكريم القزويني المتوفّى 665 ه‍، و هو كتاب في الفقه الشافعي) . و كذلك له عدد من المقامات: مقامة في الطاعون العامّ- مقامة الصوفية-المقامة الدمشقية المسمّاة صفو الرحيق في وصف الحريق (حريق دمشق) .

مختارات من آثاره:

- قال عمر بن الورديّ يقرّظ قطعة من شعر ابن حبيب الحلبي (1):

. . . . تأمّلت هذه النبذة التي رقّ من قائلها الطباع فافتخرت بنظرها الأبصار على الأسماع. فوجدتها مشتملة على مباني القوافي الفوائق و المعاني الرواقي الرقائق، فقبسها بدريّ و كوكبها درّيّ (2): هاجت لي ذكرى حبيب (3) فهي زبدة من حليب، لا بل قطعة من طيب. أعذب من الوصال و ألذّ من الماء الزلال، و ألطف من الرياض عند الصباح و أرقّ من رحيق الطلّ في ثغور الأقاح (4). فيالها من مقطّعات نيل أضرمت في روح كلّ كليم نار خليل (5)، قدّر ناظرها في السرد و قال ناظرها بالجوهر الفرد (6)، و نابت مناب سيوف الهند و أغنت عن التشبيب بسعاد و هند. ما أطول صفات شعرها و ان كان قصيرا، فلو ألقيت على وجه أبي العلاء لأتى بصيرا (7). . . . .

-من مقدّمة تاريخ ابن الوردي «تتمّة المختصر في أخبار البشر» (8):

. . . . انّي رأيت «المختصر في أخبار البشر» . . . . من الكتب التي لا يقع مثلها (9) و لا يسع جهلها، فإنّه (10) اختاره من التواريخ التي لا تقع إلا للملوك و نظمه في سلوك الحسن بحسن السلوك (11) فانجلى كالعروس التي حسنها المغرب و جمالها الكامل و ثغرها العقد و ضراتها الدول المنقطعة و خيالها لذّة الأحلام و لفظها المنتظم و خدّها ابن أبي الدم و محبّتها تجارب الأمم و حسّادها بنو اسرائيل و نظرها مفرّج الكروب و دلالها وفيات الأعيان و وصلها الأغاني و قربها مروج الذهب. . . . . فاختصرته في نحو ثلثيه اختصارا زاده حسنا و كفل بوجازة اللفظ و كمال المعنى. . . . أقمت (12) به إعرابه و ذللت صعابه و نمّقته بيانا. . . و أودعته شيئا من نظمي و نثري و رجوت دعوة صالحة عند ذكري، و حذفت منه ما حذفه أسلم. . . و سأذيّله-ان شاء اللّه-من سنة تسع و سبعمائة التي وقف المؤلّف عليها إلى التي صرنا إليها (13)، و سمّيته «تتمّة المختصر في أخبار البشر» . . . . . .

- من اللامية:

اعتزل ذكر الأغاني و الغزل... و قل الفصل و جانب من هزل (14)

و دع الذكرى لأيّام الصبا... فلأيام الصبا نجم أفل (15)

و اهجر الخمرة إن كنت فتى... كيف يسعى في جنون من عقل (16)

و اتّق اللّه، فتقوى اللّه ما... جاورت قلب امرئ إلاّ وصل

ليس من يقطع طرقا بطلا... إنّما من يتقي اللّه البطل

اطلب العلم و لا تكسل، فما... أبعد الخير على أهل الكسل (17)

لا تقل: قد ذهبت أربابه... كلّ من سار على الدرب وصل

في ازدياد العلم إرغام العدا... و جمال العلم إصلاح العمل

أنا لا أختار تقبيل يدٍ... قطعها أجمل من تلك القبل

ملك كسرى عنه تغني كسرة... و عن البحر اجتزاء بالوشل (18)

لا تقل: أصلي و فصلي أبدا... إنّما أصل الفتى ما قد حصل (19)

قد يسود المرء من غير أبٍ... و بحسن السبك قد ينفى الزغل (20)

و كذا الورد من الشوك، و ما... ينبت النرجس إلاّ من بصل

قيمة الإنسان ما يحسنه... أكثر الإنسان منه أم أقل (21)

بين تبذير و بخل رتبة... و كلا هذين إن زاد قتل

ليس يخلو المرء من ضدّ و إن... حاول العزلة في رأس جبل

جانب السلطان و احذر بطشه... لا تعاند من إذا قال فعل

لا تل الحكم و إن هم سألوا... رغبة فيك و خالف من عذل (22)

إنّ نصف الناس أعداء لمن... ولي الاحكام؛ هذا إن عدل

خذ بنصل السيف و اترك غمده... و اعتبر فضل الفتى دون الحلل (23)

لا يضرّ الفضل إقلال، كما... لا يضرّ الشمس إطباق الطفل (24)

حبّك الأوطان عجز ظاهر... فاغترب تلق عن الأهل بدل

- و له من قصيدة في مدح شهاب الدين بن فضل اللّه (العمري) :

أ أقتل بين جدّك و المزاح... بنبل جفونك المرضى الصحاح (25)

يكدّرني نواك و أنت صافٍ... و يسكرني هواك و أنت صاح

و ما لصباح وجهك من مساء... و لما لمساء شعرك من صباح (26)

رضاك الى رضابك لي دليل... أ ليس كلاهما روحي و راحي (27)

يحقّ لمن لحاني فيك ذمّي... و حقّ لكاتب السر امتداحي (28)

و لست سوى ابن فضل اللّه أعني... شهاب الدين ذي الغرر الملاح (29)

له قلم بفضل اللّه يحيا... لنا يحيى به بعد انتزاح (30)

أشدّ من القضاء مضاء أمر... وأجرى في الخطوب من الرياح (31)

فخذها بنت ليلتها عروسا... تزفّ إليك كالخود الرداح (32)

و ما أنا شاعر، حاشا علومي... و لست أرى التكسّب بامتداح

فلي من أنعم الرحمن مال... يصون عن احتياج و اجتياح (33)

و لم أقصد بمدحك غير ردّ... أروض به الزمان عن الجماح (34)

- و قال في الشكوى من الزمان و الناس:

لا تحرصنّ على فضل و لا أدب... فقد يضرّ الفتى علم و تحقيق

و لا تعدّ من العقّال بينهم... فإنّ كلّ قليل العقل مرزوق

و الحظّ أحسن من خطّ تزوّقه... فما يفيد قليل الحظّ تزويق

و العلم يحسب من رزق الفتى، و له... بكلّ متّسع في الفضل تضييق (35)

أهل الفضائل و الآداب قد كسدوا... و الجاهلون لقد قامت لهم سوق (36)

و الناس أعداء من سارت فضائله... و إن تعمّق قالوا عنه زنديق (37)

_____________________

1) ابن حبيب الحلبي الشاعر )ت 779 ه‍) ، انظر ترجمته تحت.

2) سأشرح الألفاظ بايجاز، لأن التوريات و الكنايات كثيرة متشعبة المآخذ: القبس: شيء قليل من نار أخذ من نار كثيرة. بدري: نسبة الى البدر )جميل) . الكوكب: النكتة )العلامة) في الشيء. درى: كثير اللمعان.

3) حبيب: أبو تمام حبيب بن أوس الشاعر. ذكرى حبيب اسم الشرح الذي صنعه أبو العلاء المعري لديوان أبي تمام.

4) الرحيق: العسل، السائل الحلو في قلوب الأزهار. الطل: المطر الخفيف، الندى الذي يسقط ليلا فيتجمع قطرات على الأغصان. الأقاح جمع الجمع: جمع الاقحوان )جمع أقحوانة) : نبات له زهر قلبه أصفر و حول قلبه بتلات بيض تشبه بها الاسنان.

5) مقطعات نيل (قطع من الاراضي الخصبة على ضفتي نهر النيل!) . الكليم: موسى (كلمه اللّه) . الكليم: المجروح (المحب الذي هجره حبيبه) . الخليل: ابراهيم. نار خليل (نار أراد قوم ابراهيم أن يحرقوه بها فجعلها اللّه باردة فلم تؤذه) .

6) ناظرها (ناظمها!) و ناظرها (قارئها!) السرد: نسج الدروع (من حديد) . قدر في السرد: أتفن الصناعة و جعل المصنوعات متناسقة وافية بالغاية منها. الجوهر الفرد: الذرة التي تتألف منها الأجسام (من مصطلحات الفلاسفة) -اجاد ناظمها فيها و أعجب قارئها بها.

7) شعرها: ليلها؟ أبو العلاء: المعري الأعمى. لأتى بصيرا اشارة الى يعقوب الذي بكى على ضياع ابنه يوسف حتى عمي. ثم جاءوا اليه بقميص يوسف و وضعوه على وجهه فعاد بصيرا.

8) لأبي الفداء (ت 732 ه‍) انظر، فوق، ص 741.

9) لا يقع مثلها: لا يتفق مثلها (لا نجد مثله) .

10) فإنه (فإن أبا الفداء) .

11) استخدم ابن الوردي في هذه المقدمة عددا كبيرا من أسماء الكتب على سبيل الكناية و التورية: العروس. . . حسنها المغرب (الغريب، النادر) و جمالها الكامل و لفظها المنتظم. . . و وصلها الأغاني و قربها مروج الذهب، الخ. من ذلك حسن السلوك في سياسة الملوك لمحمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي (ت 774 ه‍) - المغرب في حلى المغرب (لابن سعيد الاندلسي) -المنتظم لابن الجوزي-تجارب الامم (لابن مسكويه) – (مفرج الكروب في أخبار بني أيوب لابن واصل) -وفيات الأعيان (لابن خلكان) -الأغاني (لابي الفرج الاصفهاني) الخ. ابن أن الدم-ابو اسحاق ابراهيم بن عبد اللّه (ت 642 ه‍)

12) يبدو أنه ينقص هنا كلمة: بوجازة اللفظ و كمال المعنى «مما» أقمت به. . .

13) بدأ ابن الوردي في اتمام كتاب «المختصر» (لأبي الفداء) من سنة 709(مع أن أبا الفداء سار في تاريخه الى سنة 729 ه‍-و لعل ابن الوردي لم يقع على نسخة تامة من المختصر) ثم وقف سنة 749 ه‍، و هي السنة التي توفي ابن الوردي فيها.

14) الفصل: الجد (بكسر الجيم) ، الكلام الفاصل الحاسم، الصدق.

15) أفل: غاب، ذهب و مر.

16) الفتى: الرجل الشجاع اللبق.

17) . . . . الخيرات عن. . . .

18) كسرة: القطعة الصغيرة (من الخبز) . الوشل: الماء القليل.

19) الاصل: من تقدمك في عمود النسب (كالأب و الجد) . الفصل: من تأخر عنك (كالابن و الحفيد) .

20) من غير أب: من غير أب مشهور. الزغل: الغش، العناصر الغريبة الخسيسة أو الضارة (تستخرج المعادن من الارض خاما-ممزوجة بأشياء غريبة-فاذا أحسنا سبكها، أي صهرها و معالجتها صفت و صلحت. و كذلك الطفل يصلح بالتربية، بحسن السبك!)

21) أكثر (فعل ماض) الانسان منه ام أقل منه (من العمل الحسن) .

22) عذل: لام.

23) الحلة (بضم الحاء) : الثوب الجميل النفيس.

24) الإقلال: الفقر. الطفل: الفيء الكثيف الذي يحدث بعد الظهر من اصفرار الشمس قبيل الغروب، ظلمة الليل المقبلة في آخر النهار.

25) النبل (جمع نبلة بفتح النون) : السهام. الجفون المرضى: الناعسة (كأنها مريضة) من صفات الجمال.

26) بياض وجهك (صباح وجهك: جمالك) دائم. و سواد شعرك (شبابك) دائم.

27) الرضاب: الريق ما دام في الفم. الراح: الخمر.

28) لحاني: لامني. كاتب السر (الممدوح!) . : يحق له ان يمدحني على مدحي إياه (لأنه يعلم أني محب له مخلص في مدحه) .

29) الغرة: البياض في مقدمة الرأس (كرم الأصل و العمل الصالح) .

30) . . . . . فضل اللّه (ابن فضل اللّه) . يحيى (عبد الحميد بن يحيى) (راجع، فوق،1:723) واضع قواعد الكتابة الديوانية. -لابن فضل اللّه العمري (الممدوح) براعة عبد الحميد بن يحيى في الترسل (كتابة الرسائل) .

31) أمره نافذ في الأيام العادية و في أيام الخطوب (الشدائد) .

32) بنت ليلتها: قصيدة نظمت بسرعة (في ليلة واحدة) . عروس (قصيدة بارعة جيدة كالعروس) . الخود: المرأة الجميلة. الرداح: المرأة السمينة الضخمة الارداف.

33) الاجتياح: النازلة (المصيبة الجائحة التي تأخذ كل شيء) .

34) أقصد ردا (زيادة فضل) أذل به الدهر فلا يجمح علي (يجور علي: يظلمني) -أريد زيادة من المال آمن بها من غدر الزمان. أو: غير ود (بالواو: صداقة) : إذا علم الدهر انك صديقي لم يجسر على العدوان عليّ.

35) في الأمثال: ذكاء المرء محسوب عليه (ان الذكاء الذي يهبه اللّه للفرد يقوم مقام جزء من حظه من الدنيا كالمال و السعادة الخ) . -تهب الدنيا للفرد ذكاء ثم تضيق عليه في كل متسع (ميدان) آخر من وجوه الحياة.

36) كسدوا: قل الطلب عليهم. قامت للجاهلين سوق: راجت أحوالهم و كثر رزقهم.

37) من سارت فضائلهم: كثرت أعمالهم الحميدة و اشتهروا بذلك. تعمق: نظر في باطن الأمور، أكثر التفكير. الزنديق: الذي يعلن التساؤل عن صحة الواجبات الدينية، و المقصود هنا: أحد أتباع المذهب الفارسي القديم (الكافر) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.