المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



إبن قادوس الدمياطي  
  
4866   09:00 مساءاً   التاريخ: 26-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص302-305
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015 2270
التاريخ: 30-12-2015 5946
التاريخ: 28-12-2015 11488
التاريخ: 10-04-2015 2329

هو القاضي المفضّل كافي الكفاة ذو البلاغتين أبو الفتح محمود بن إسماعيل ابن حميد-أو ابن أحمد (1) -الدمياطيّ الفهري، أصله من دمياط، و لا نعرف عنه أكثر من أنّه كان كاتب الإنشاء في الدولة الفاطمية بمصر في الفترة الأخيرة من حياة تلك الدولة. و كانت وفاة ابن قادوس في 7 من المحرّم سنة 551 ه‍ (3/3/1156 م) .

كان ابن قادوس الدمياطيّ منشئا بارعا في النثر و النظم متين الشعر. أمّا نثره فنثر ذلك العصر، فيه تكلّف و استكثار من المدارك الفاطمية (الشيعية) . أما فنون شعره فالمدح و الرثاء و الهجاء و الوصف و الغزل و النسيب و المجون و الخمر. و له مدائح في الامام عليّ و آله.

مختارات من آثاره:

- كتب ابن قادوس في أحد أيّام عيد النحر (عيد الأضحى) و قد ركب الخليفة (خارجا من قصره الى المسجد الجامع) :

أما بعد، فالحمد للّه ماحي دنس الآثام بالحجّ الى بيت اللّه الحرام و موجب الفوز في المعاد (2) لمن عمل بمراشد أئمّة الهدى الكرام. . . . . و صلّى اللّه على جدّنا محمّد الذي لبّى و أحرم، و بيّن ما أحلّ اللّه و حرّم، و على أخيه أبينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب[عليه السلام] الذي ضرب و كبّر (3)، و حقّر من طغى و تجبّر، و على الأئمة من ذرّيّتهما أعلام الدين. . . . و إنّ من الايّام التي كملت محاسنها و تمّت، و كثرت فضائلها و جمّت (4). . . . يوم عيد النحر. . . . : و كان من قصصه (5)أن الفجر لمّا سلّ حسامه و أبدى الصباح ابتسامه نهض عبيد الدولة في جموع الأولياء و الأنصار و أولي العزم و الاستبصار، ميمّمين القصور الزاهرة متبرّكين بأفنيتها (6). . . . و تألّفوا صفوفا تبهر النواظر. . . مستصحبين فنونا من الأزياء تروق (7) و مستتبعين أصنافا من الأسلحة يغضّ لمعها من لمع اللّهب و البروق (8)، و الأعلام خافقة، و الرياح بألسنة النصر على الإخلاص لإمام العصر متوافقة. فأقاموا على تشوّف لظهوره (9)، و التطلّع (10) للتّبرّك بلامع نوره. و لمّا بزغت شمس سعادته، و جرت الأمور على إيثاره (11) و إرادته،

و بدت أنوار الإمامة الجليّة، و ظهرت طلعتها المعظّمة البهيّة، خرّ الأنام سجودا بالدعاء و التمجيد و الاعتراف بأنّهم العبيد بنو العبيد و استقلّ (12) ركاب أمير المؤمنين و وزيره السيّد الأجلّ. . . . . . .

- و قال ابن قادوس في الخمر:

قم قبل تأذين النواقيس ... و اجل علينا بنت قسّيس (13)

عروس دنّ لم يدع عتقها... إلاّ شعاعا غير ملموس (14)

تجلى علينا باسما ثغرها... فلا تقابلها بتعبيس

مذهبة اللّون إذا صفّقت... مذهبة للهمّ و البوس (15)

نار الى النار دعا شربها... و شرّدت بالعقل و الكيس (16)

لا غرو ما تأتيه من ريبةٍ... لأنّها عنصر إبليس (17)

ليس لها عيب سوى أنّها... حسرة أقوام مفاليس

في روضة كانت أزاهيرها... كأنّها ريش الطواويس

فاغتنم اللّذات في دولةٍ... صافية من كلّ تعكيس

بقيت في عمر فسيح المدى... من كلّ ما تحذر محروس (18)

- و قال أيضا في النسيب و الخمر:

و ليلة كاغتماض الطرف قصّرها... وصل الحبيب، و لم نقصر عن الأمل (19)

بتنا نجاذب أهداب الظلام بها... كفّ الملام و ذكر الصدّ و الملل (20)

فكلّما رام نطقا في معاتبتي... سددت فاه بطيب اللّثم و القبل

و بات بدر تمام الحسن معتنقي... و الشّمس في فلك الكاسات لم تفل (21)

فبت منها أرى النار-التي سجدت... لها المجوس-من الإبريق تسجد لي (22)

راح إذا سفك الندمان من دمها... ظلّت تقهقه في الكاسات من جذل (23)

فقل لمن لام فيها: إنّني كلف... مغرى بها مثلما أغريت بالعذل (24)

- و له في هجاء الرشيد بن الزبير و كان أسود:

يا شبه لقمان بلا حكمة... و خاسرا في العلم لا راسخا (25)

سلخت أشعار الورى كلّهم... فصرت تدعى الأسود السالخا (26)

- إن قلت من نار خلق‍ت... وفقت كلّ النّاس فهما

قلنا: صدقت، فما الّذي... أطفاك حتّى صرت فحما

__________________

1) ابن ميسر 97(مستشهدا به في «أدب مصر الفاطمية»139) .

2) المعاد (بفتح الميم) : الآخرة، يوم القيامة.

3) ضرب و كبر: ضرب عنق خصمه ثم كبر اللّه شكرا للّه على الفوز و الانتصار.

4) جم الماء: كثر.

5) كان من قصصه (بفتح القاف و الصاد) : من أمره، من وصف حاله.

6) ميممين: متجهين، متوجهين. الأفنية جمع فناء (بكسر الفاء) : الباحة الواسعة أمام المنزل.

7) راق الشيء العين: سرها.

8) غض البصر: خفضه. غض من الشيء: وضع (نقص، قلل) من قدره.

9) تشوف: تطلع بشوق. لظهوره (لخروج الامام الفاطمي من القصر) .

10) و تطلع؟

11) جرت الامور على ايثاره (على ما يرغب و يفضل) .

12) استقل الركب: تحرك و سار.

13) تأذين: أذان: المناداة الى الصلاة. جلا-يجلو: أظهر، كشف، أبرز الشيء في أحسن زينته. بنت قسيس (الخمر) .

14) دن (بفتح الدال) : وعاء كبير للخمر. العتق (بفتح العين أو كسرها) : القدم (بكسر القاف و فتح الدال) .

15) مذهبة (بفتح الهاء) : لها لون الذهب. مذهبة (بكسر الهاء) : مزيلة. البوس-البؤس: الشقاء.

16) الخمر تشبه النار في لونها، و شرب الخمر سبب لدخول شاربها الى النار (جهنم) . شردت بالعقل و الكيس: تشرد العقل (من الرأس و المال من) الكيس.

17) لا غرو (لا عجب) اذا حملت شاربها على أن يفعل أفعالا مريبة (فاسقة، شريرة) لأنها (النار ثم الخمر التي تشبه النار) عنصر (أصل) ابليس.

18) تحذر: تخاف، تخشى.

19) كاغتماض الطرف: قصيرة. قصرها وصل الحبيب: في اجتماعي بالحبيب بدا لي أن الليل يمر بسرعة. لم نقصر عن الأمل: لم نقصر، لم نتهاون، في البلوغ الى ما نشتهي. يجوز أن نقرأ: «و لم تقصر» (بضم الصاد) عن الامل-لم تكن تلك الليلة (في اتاحة اللذة لنا) أقل مما كنا نأمل.

20) بتنا (قضينا الليل) كف الملام (لوم الناس لنا) أهداب (جمع هدبة بضم الهاء: طرف الثوب الذي لم ينسج نسجا كاملا) . الصد: الالتفات عن الأمور، النفور من الاشياء. -قضينا الليل كله نشرب الخمر بسرعة و نسابق الظلام (مرور الوقت في الليل) حتى نشرب أكثر ما نستطيع شربه قبل أن ينتهي الليل و قبل أن نترك متسعا من الوقت يضد فيه عنا الحبيب أو يمل منا (أو نمل نحن منه) فينغص ذلك كله سرورنا.

21) بدر تمام الحسن: الحبيب الجميل (الذي يشبه البدر ليلة تمامه) . و الشمس في فلك الكاسات: (الخمر) لم تفل (يقصد الشاعر: لم تأفل) : لم تغب. -كنا نشرب الخمر باستمرار.

22) لما شربت الخمر خيل (بالبناء للمجهول) إلي أن نفسي عظمت حتى لكأن الخمر التي تنصب من فم الابريق (و لونها أحمر كالنار) تنصب ساجدة لي، مع أن النار في الأصل هي إله للمجوس يسجدون لها.

23) اذا سفك الندمان (الذين يشربون الخمر معا) دمها: اذا صبوها من الدن (خرجت حمراء فكأنهم يسفكون دم الدن) ، ثم أحدثت صوتا و هي تنصب في الراووق أو القدح كالقهقهة (الضحك بصوت) من الجذل (السرور، الفرح) .

24) الكلف: الذي هو شديد التعلق بما يحبه. مغرى بها (بشرب الخمر) : متعلق بها-أحبها، كما أنت مغرى بعذلي (بلومي على شرب الخمر) .

25) لقمان الحكيم (كان أسود!) . الراسخ في العلم: المتمكن فيه، الضليع من العلم (الكثير العلم) .

26) سلخ الاشعار: نقلها، أخذها، قلدها، ادعاها لنفسه. الاسود السالخ: الثعبان الاسود اذا سلخ جلده (بدله في موسم تبديل الحيات لجلدها) ظهر أشد سواد.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.