أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-2-2018
3000
التاريخ: 10-04-2015
2214
التاريخ: 24-06-2015
2062
التاريخ: 29-12-2015
4105
|
هو كعب بن جعيل بن عجرة بن قمير (1) بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حبيب بن غنم بن تغلب بن وائل. و كان اسم أمّه ليلى. و أمّا منازل قومه فكانت في ديار ربيعة من الجزيرة الفراتية من أعلى العراق بجهات سنجار و نصيبين.
و لعلّ كعب بن جعيل لم يسلم باكرا، يدلّنا على ذلك أمور منها أن أثر النّصرانية بارز في شعره في الألفاظ و المعاني حتّى قال خليل مردم (2): «و الغريب أن أثر النصرانية في شعر كعب (بن جعيل) التّغلبيّ المسلم أكثر ظهورا منه في شعر الأخطل التغلبي النصراني» . و مما يمكن أن يدلّ على ذلك (على تأخّره في الدخول في الاسلام) قصّته مع يزيد بن معاوية:
في الكامل للمبرّد (ص 101) : «كان يزيد بن معاوية عتب على قوم من الأنصار (3)فأمر كعب بن جعيل التغلبيّ بهجائهم. فقال له كعب: أ أهجو الأنصار؟ أ رادّي أنت إلى الكفر بعد الاسلام؟ و لكنّي أدلّك على غلام من الحيّ نصرانيّ كأنّ لسانه لسان ثور» ، يعني الاخطل.
و لعلّ عداوة الاخطل الشابّ لكعب بن جعيل-و الاخطل ممّن بقوا على النصرانية-دليل آخر على ذلك.
برز كعب بن جعيل في الحياة الاجتماعية و في النزاع السياسي و الأدبي حينما اتّصل بسعيد بن العاص الذي ولاّه عثمان بن عفّان على الكوفة، سنة 30 ه (650-651 م) . و قد ظلّ كعب يفد على سعيد و يمدحه إلى ما بعد سنة 50 هـ (670 م) حينما كان سعيد واليا على المدينة. في تلك الأثناء اتّصل كعب بن جعيل بالضحّاك بن قيس الفهريّ- و كان الضحّاك عاملا (جابيا للضرائب) لمعاوية على الجزيرة، سنة 36 ه. و لمّا وقعت الفتنة بين عليّ و معاوية (4)، في سنة 36 ه أيضا، اختار كعب بن جعيل أن يقف بجانب معاوية فكان يحرّض أهل الشام بشعره على الثأر لعثمان. ثم ان كعب بن جعيل شهد معركة صفّين مع معاوية.
و أسنّ كعب بن جعيل كثيرا حتّى أدرك مبايعة الوليد بن عبد الملك بالخلافة، سنة 86 ه(705 م) .
كعب بن جعيل شاعر مشهور جعله ابن سلاّم رأس الطبقة الثالثة من الشعراء المسلمين (5). و لقد كان كعب في أيامه شاعر معاوية و شاعر أهل الشام و شاعر تغلب. غير أن معظم شعره قد ضاع في زمن متقدّم جدّا، فلم يصل إلينا منه إلاّ أقلّه. و شعره الباقي قليل جزل الألفاظ سليم المبنى واضح المعاني لا تكلّف فيه، و هو قصيد و رجز. أما أغراضه فهي المديح و الرثاء و الهجاء و الغزل، و له وصف بارع للقصور و للطبيعة تظهر فيه خصائص البيئة الفراتية بوضوح. و كان كعب بن جعيل يهاجي الاخطل، و قد وقع بينه و بين النّجاشي الحارثي هجاء (الكامل 187) . و مع أن كعب بن جعيل قد تحوّب من هجاء الانصار، فقد فارق ذلك الخلق الكريم و ذمّ الامام عليا (الكامل 185) .
المختار من شعره:
- قال كعب بن جعيل التغلبي سنة 36 ه، قبيل معركة صفّين، «يحلل الموقف» الذي ساد بين عليّ [عليه السلام] و معاوية ثم بين أهل الشام و أهل العراق:
أرى الشام تكره ملك العراق... و أهل العراق لهم كارهونا
و كلّ لصاحبه مبغض... يرى كلّ ما كان من ذاك دينا (6)
إذا ما رمونا رميناهم... و دنّاهم مثل ما يقرضونا (7)
و قالوا عليّ إمام لنا ... فقلنا رضينا ابن هند رضينا (8)
و قالوا نرى أن تدينوا لنا... فقلنا لهم: لا نرى أن ندينا (9)
و من دون ذلك خرط القتاد... و طعن و ضرب يقرّ العيونا (10)
و كلّ يسرّ بما عنده... يرى غثّ ما في يديه سمينا (11)
و ما في عليّ لمستعتب... مقال سوى ضمّه المحدثينا (12)
و إيثاره اليوم أهل الذّنوب... و رفع القصاص عن القاتلينا (13)
إذا سيل عنه زوى وجهه... و عمّى الجواب على السائلينا (14)
فليس براض و لا ساخط...و لا في النهاة و لا الآمرينا (15)
- لمّا وقعت الحرب في صفّين جعل كعب بن جعيل في إحدى الليالي يرتجز في أمر الحرب بين المسلمين:
أصبحت الأمّة في أمر عجب... و الملك مجموع غدا لمن غلب
أقول قولا صادقا غير كذب...إنّ غدا تهلك أعلام العرب
غدا نلاقي ربّنا فنحتسب...غدا يصيرون رمادا قد ذهب
بعد الجمال و الحياء و الحسب... يا ربّ، لا تشمت بنا و لا تصب
من خلع الأنداد طرّا و الصلب (16)
و لكعب بن جعيل قصيدة يظهر الندم فيها على مهاجاة (الاخطل) التي حملته على شتم تغلب التي هي عشيرته. ثم هو يمر بمديح لمعاوية و اعتذار اليه؛ ثم يذكر أمر أبي موسى الاشعري و عمرو بن العاص لمّا اجتمعا بعد معركة صفّين في أذرح للتحكيم بين معاوية و عليّ.
ندمت على شتم العشيرة بعد ما... مضى و استتبّت للرواة مذاهبه (17)
فأصبحت لا أسطيع ردّا لما مضى... كما لا يردّ الدرّ في الضرع حالبه (18)
معاوي، أنصف تغلب ابنة وائل... من الناس، أودعها و حيّا تضاربه (19)
قليل على باب الامير لباثتي....إذا رابني باب الامير و حاجبه (20)
و لمّا تداروا في تراث محمّد... سمت بابن هند في قريش مضاربه (21)
سعى لابن عفّان ليدرك ثأره... و أولى عباد اللّه بالثأر طالبه (22)
و قد غشيتنا في الزّبير غضاضة... و طلحة إذا قامت عليه نوادبه (23)
فردّ ابن هند ملكه في نصابه... و من غالب الأقدار فاللّه غالبه (24)
و ما لابن هند في لؤيّ بن غالب... نظير، و ان جاشت عليه أقاربه (25)
فهذاك ملك الشام واف سنامه... و هذاك ملك القوم قد جبّ غاربه (26)
يحاول عبد اللّه عمرا، و إنّه... ليضرب في بحر عريض مذاهبه (27)
______________________
1) في بعض المصادر: جعيل بن قمير بن عجرة.
2) محاضرات المجتمع العلمي العربي بدمشق 2:507.
3) الانصار: أهل المدينة (نصروا الرسول و كانوا معه على المشركين) ؛ راجع، فوق، ص 384.
4) راجع، فوق، ص 308.
5) طبقات الشعراء 129.
6) كان رجل من أهل العراق و أهل الشام يرى أن الاحداث السياسية التي جرت بين علي و معاوية جزء من الدين الذي يدين به هو يجب أن يحافظ عليه بالسيف. -في الكامل (ص 185) : و كلا لصاحبه مبغضا.
7) إذا رمونا (إذا هم رشقونا بالنبال، أي حاربونا) حاربناهم و دناهم (اقتضيناهم وفاء الدين، أي أسأنا اليهم و انتقمنا منهم كما كانوا هم يقرضونا، أي يسلفون الينا الاساءة و بمثل ما كانوا يفعلون بنا) .
8) ابن هند: معاوية بن أبي سفيان.
9) دان: خضع، قبل بحكم الآخرين عليه.
10) القتاد: شوك تأكله الجمال، و هو شوك كثيف صعب القلع و القص. خرط القتاد قطع القتاد (كناية عن صعوبة الأمر الذي يحاوله الانسان أحيانا) . يقر العيونا: يرضي أصحابه (يرضينا نحن، إذ سننتصر عليكم) .
11) الغث: الهزيل النحيل، ما كانت مادته خفيفة. (يرى الذي لا قيمة له ذا قيمة كبيرة) .
12) ليس لنا مأخذ (و لا عتب) على علي الا أنه يجمع حوله المحدثين (بكسر الدال: المذنبين، القتلة؛ و بفتح الدال: صغار السن الذين لا خبرة و لا رأي صحيحا لهم و الاصوب كسر الدال) .
13) ايثاره: تفضيله.
14) إذا سيل عنه: إذا سئل عن عثمان بن عفان و قتله. زوى وجهه: أدار وجهه (تجاهلا للإجابة الصريحة على السؤال المحق) . عمى الجواب: جعله غامضا.
15) النهاة جمع ناه: رادع، مانع (الذي ينهى الناس عن الشر) .
16) نلاقي ربنا: نموت. احتسب: عد مصيبته (أو موته) في سبيل اللّه. لا تصب (بسوء، بالموت في القتال) . الانداد: الشركاء الذين يعدهم الوثنيون مع اللّه. الصلب: جمع صليب: شارة الدين المسيحي (يشير كعب بن جعيل إلى انه كان على النصرانية ثم فارقها و اعتنق الاسلام) .
17) ندمت على أنني هجوت قوما من عشيرتي. و لكن لا فائدة من الندم لأن ذلك الشعر خرج من فمي و انتشر في البلاد و حفظه الرواة.
18) الدر: اللبن. الضرع: ثدي الناقة أو البقرة (لا تمكن إعادة اللبن إلى الضرع بعد حلبه منه) .
19) يا معاوية، أنصف تغلب من خصومها أو دعها تنصف نفسها (تأخذ بحق نفسها) من خصومها.
20) اللباثة: اللبث (بضم اللام) ، البقاء، الوقوف بباب (الامير) . -إذا شككت في محبة الامير لي أو إذا رأيت في وجه الحاجب على باب الأمير تغيرا.
21) تداروا في تراث محمد: تظاهروا أنهم يدافعون عن ارث رسول اللّه (عن الدين) . سمت بابن هند: ارتفعت بمعاوية (انتصر معاوية) ؛ مضاربه: أخلاقه (دهاؤه و سياسته) أو معاركه و مقدرته في الحرب.
22) غشيتنا: أظلتنا، أصابتنا، لحقتنا. غضاضة: ذلة، منقصة. الزبير بن العوام و طلحة بن عبيد اللّه كانا يطالبان بالخلافة بعد عمر بن الخطاب و ينافسان عثمان بن عفان في أيام الشورى. قامت عليه نوادبه: مات.
23) . . . يضع كعب بن جعيل في هذا البيت قاعدة سياسية: أولى الناس بالثأر (هنا: بالحق في الخلافة) الذي يطالب بالثأر، لا الذي يدعي أن الحق كان في الأصل حقه.
24) أعاد ابن هند (معاوية) ملك عثمان إلى نصابه (أهله: البيت الأموي)
25) . . . . في بني لؤي بن غالب: في قريش كلها. جاشت: ثارت. أقاربه (كناية عن آل هاشم الذين يمثلهم في النزاع مع معاوية علي بن أبي طالب؛ و بنو هاشم في الأصل أبناء عم بني أمية) .
26) واف سنامه: تام غير منقوص. قد جب غاربه: قد ذهب سنامه (انتقل الملك من بني هاشم إلى بني أمية. -يشبه الشاعر الملك بجمل. فالجمل الذي له سنام صحيح كبير جمل قوي نشيط؛ و الجمل الذي ذهب سنامه جمل مهزول نحيل مريض) .
27) يحاول عبد اللّه (أبو موسى الاشعري) أن يكون (في الدهاء و المقدرة) مثل عمرو (بن العاص) ، و لكنه لا يستطيع (كمن يسبح في بحر واسع جدا فلا يعرف كف يتجه و لا كيف يمكن أن يصل إلى البر) . القوم: خصوم بني أمية.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|