أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
4165
التاريخ: 6-05-2015
2350
التاريخ: 16-10-2014
2124
التاريخ: 15-11-2014
4343
|
ثـانـي تـفـاسـير الصوفية التي ظهرت الى الوجود ، تفسير أبي عبد الرحمان السّلمي ، المسمى بـ(حقائق التفسير) هو ابو عبد الرحمان محمد بن الحسين بن موسى الأزدي السلمي ، المولود سنة (330هـ) . والـمـتـوفـى سنة (412هـ) . كان شيخ الصوفية ورائدهم بخراسان ، وله اليد الطولى في الـتـصوف ، وكان موفقاً في علوم الحقائق حسبما اصطلح عليه القوم وكان على جانب كبير من العلم بالحديث ، اخذ منه الحاكم النيسابوري والقشيري صاحب التفسير.
وهذا التفسير من أهم تفاسير الصوفية ، ويعد من أمهات المراجع للتفسير الباطني لمن تأخر عنه ، كالقشيري والشيرازي وأضرابهما من أقطاب الصوفية .
وهـو امـتـداد للتفسير الصوفي الذي ابتدعه التستري من ذي قبل وتفصيل فيه ، وتحرير واسع للذوق الصوفي في فهمه لمعاني كلمات اللّه في القرآن العظيم يقول في مقدمته :
" لـمـا رأيت المتوسمين بعلوم الظاهر ، صنفوا في أنواع القرآن ، من فوائد ومشكلات وأحكام وإعراب ولغة ومجمل ومفسر وناسخ ومنسوخ ما يشغل منهم لجميع فهم خطابه على حساب الحقيقة ، إلا [تفسير] آيات متفرقة نسبت الى أبي العباس بن عطاء .
و[تفسير] آيات ذُكر أنها عن جعفر بن محمد (عليه السلام) على غير ترتيب ، وكنت قد سمعت منهم في ذلك جزءاً استحسنته ، أحببت أن أضم ذلك الى مقالتهم ، وأضم أقوال المشايخ من أهل الحقيقة الى ذلك ، وأرتبه على السور حسب وسعي وطاقتي ، فاستخرت الله في جميع ذلك واستعنت به وهو حسبي ونعم المعين " (1) .
غـير ان الاقتصار على المعاني الاشارية ، والاعراض عن المعاني الظاهرة في هذا التفسير ، ترك لـلـعـلماء مجالاً للطعن عليه ، و لقى معارضات شديدة من معاصريه وممن أتوا بعده ، فاتهم بالابتداع والتحريف والقرمطة ، ووضع الاحاديث على الصوفية .
يقول ابن الصلاح (2) في فتاواه وقد سئل عن كلام الصوفية في القرآن : وجدت عن الامام ابي الحسن الواحدي المفسر انه قال : صنف ابوعبد الرحمان السلمي (حقائق التفسير) فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير ، فقد كفر.
قال : الظن بمن يوثق به منهم انه اذا قال شيئاً من أمثال ذلك انه لم يذكره تفسيراً ، ولا ذهب به مذهب الـشـرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم ، فإنه لو كان كذلك ، كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية ، وانـمـا ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن ، فإن النظير يُذكر بالنظير ، ومن ذلك قتال النفس في الآية الكريمة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123] فكأنه قال : أمرنا بقتال الـنـفـس ومـن يـلـيـنـا من الكفار ، ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك ، لما فيه من الابهام والإلباس (3) .
قال ابو بكر احمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى سنة (463هـ) ـ وهو قريب عهد به ـ : قال لـي مـحمد بن يوسف القطان النيسابوري : كان السُلمي غير ثقة قال الخطيب : وكان يضع للصوفية الأحاديث (4) .
وهكذا وصفه أبو العباس احمد بن تيمية الحراني المتوفى سنة (728هـ) بالوضع والاختلاق قال : ومـا يـنـقل في (حقائق) السُلمي من التفسير عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عامته كذب على جعفر ، كما قد كذب عليه غير ذلك (5) .
قـال الامـام ابـو عبد اللّه شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة (748هـ) في (تـذكـرة الحفاظ) : (ألف السُلمي حقائق التفسير فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية ، نسال اللّه العافية) (6) .
وقـال فـي تـرجـمـته في (سير أعلام النبلاء) : (و للسُلمي سؤالات للدار قطني عن أحوال الـمـشـايـخ والـرواة سـؤال عارف وفي الجملة ففي تصانيفه احاديث وحكايات موضوعة وفي (حـقـائق الـتفسير) اشياء لا تسوغ اصلاً ، عدها بعض الائمة من زندقة الباطنية ، وعدها بعضهم عرفاناً وحقيقة ، نعوذ باللّه من الضلال ومن الكلام بهوى ( (7) .
ومن ثم عد السيوطي المتوفى سنة (911هـ) تفسير السُلمي في كتابه (طبقات المفسرين) ضمن التفاسير المبتدعة قال : وإنما أوردته في هذا القسم لأنه غير محمود (8) .
وهـكـذا ذكـر الامـام الـحافظ شمس الدين محمد بن احمد الداودي المتوفى سنة (945هـ) في (طـبقات المفسرين) ، قال : وكتاب (حقائق التفسير) للسُلمي قد كثر الكلام فيه ، من قبل انه اقتصر فيه على ذكر تأويلات ومحامل للصوفية ، ينبو عنها ظاهر اللفظ (9).
وإليك الان نماذج من تأويلات السُلمي ، مما ينبو عنها لفظ القرآن الكريم :
قـال فـي الآية {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66] : قال محمد بن الفضل : اقتلوا انفسكم بمخالفة هواها ، او اخرجوا من دياركم ، اي اخرجوا حب الدنيا من قلوبكم ، ما فعلوه إلا قليل منهم في العدد ، كثير في المعاني ، وهم أهل التوفيق والولايات الصادقة (10) .
وفـي سـورة الرعد عند قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ} [الرعد: 3] يـقـول : قال بعضهم : هو الذي بسط الارض وجعل فيها اوتاداً من اوليائه وسادةً من عبيده ، فإليهم الملجأ وبهم النجاة ، فمن ضرب في الارض يقصدهم فازو نجا ، ومن كان بُغيته لغيرهم خاب وخـسـر سـمعت علي بن سعيد يقول : سمعت أبا محمد الحريري يقول : كان في جوار الجنيد إنسان مصاب في خربة ، فلما مات الجنيد وحملنا جنازته ، حضر الجنازة ، فلما رجعنا تقدم خطوات وعلا مـوضـعـاً مـن الارض عـالياً ، فاستقبلني بوجهه ، وقال : يا أبا محمد ، إني لراجع الى تلك الخربة ، وقد فقدت ذلك السيد ، ثم أنشد شعراً :
وما أسفي من فراق قوم ـــــ هم المصابيح والحصون .
والمدن والمزن والرواسي ـــــ والخير والأمن والسكون .
لم تتغير لنا الليالي ـــــ حتى توفتهم المنون .
فكلّ جمر لنا قلوب ـــــ وكلّ ما لنا عيون (11) .
وفـي سـورة الـحـج عـنـد قـولـه تـعـالـى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] ، يقول : قال بعضهم : أنزل مياه الرحمة من سحائب القربة ، وفتح الى قلوب عـباده عيوناً من ماء الرحمة ، فأنبتت فاخضرت بزينة المعرفة ، و أثمرت الايمان ، وأينعت التوحيد ، أضـاءت بـالـمحبة فهامت الى سيدها ، واشتاقت الى ربها فطارت بهمتها ، وأناخت بين يديه ، وعكفت فأقبلت عليه ، وانقطعت عن الاكوان أجمع ذاك آواها الحق اليه ، وفتح لها خزائن انواره ، واطلق لها الخِيَرَة في بساتين الأنس ، ورياض الشوق والقدس (12) .
وفـي سورة الرحمان عند قوله تعالى : {فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ } [الرحمن: 11] يقول : قال جـعـفر : جعل الحق تعالى في قلوب اوليائه رياض أُنسه ، فغرس فيها اشجار المعرفة ، أصولها ثابتة فـي أسرارهم ، وفروعها قائمة بالحضرة في المشهد ، فهم يجنون ثمار الأنس في كل أوان ، وهو قـولـه تـعـالى : {فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ } اي ذات الألوان ، كل يجتني منه لوناً على قدر سعته ، وما كوشف له من بوادي المعرفة وآثار الولاية (13) .
وفي سورة الانفطار {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13، 14] يقول : قال جعفر : النعيم : المعرفة والمشاهدة ، والجحيم : النفوس ، فان لها نيراناً تتقد (14) .
وفـي سورة النصر {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] يقول : قال ابن عطاء اللّه : اذا شغلك به عـمـا دونـه فـقـد جـاك الـفـتـح مـن اللّه تـعالى ، والفتح : هو النجاة من السجن البشري بلقاء اللّه تعالى (15) .
_____________________
1- تفسير السُلمي ، ج1 ، ص19-20 .
2- هو الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام في قطره وعصره ، تقي الدين أبو عمرو عثمان بن المفتي صلاح الدين عبد الرحمان الكردي الشهر زوري الموصلي . ولد سنة (577هـ.) وتوفي سنة ( 643هـ.) بدمشق ، ودفن بمقبرة الصوفية ، وكان قبره ظاهراً يزار (سير أعلام النبلاء ، ج23 ، ص140 ، رقم 100 ) .
3- فتاوي ابن الصلاح ، ص29 (التفسير والمفسرون ، ج2 ، ص368).
4- تاريخ بغداد ، ج2 ، ص248 .
5- منهاج السنة لابن تيمية ، ج4 ، ص155 .
6- تذكرة الحفاظ ، ج3 ، ص1046 .
7- سير أعلام النبلاء ،ج17 ، ص252 .
8- طبقات المفسرين للسيوطي ، ص31 (ط ليدن) .
9- طبقات المفسرين للداوودي ، ج2 ، ص139 .
10. تفسير السُلمي ، ص49.
11. تفسير السُلمي ، ص 138 .
12. تفسير السُلمي ، ص212 .
13. تفسير السُلمي ، ص344 .
14. تفسير السُلمي ، ص385 .
15. تفسير السُلمي ، ص402 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|