المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الإرضاع  
  
2445   02:40 مساءً   التاريخ: 5-11-2017
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : ص47-52
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

من حق الولد على أبيه أن يوفر له المراضع ,وأن يختار منهن ذوات الأصل والحسب والموصوفات بالأخلاق الحسنة , ذلك أن الرضاعة من أهم الامور التي لا يُستغنى عنها للطفل  فهي التي تنشئه صحيا إضافة الى تنشئته روحيا , فإن احتضان الأم لولدها هذه الفترة التي يشرب فيها من لبنها تقوي امورا كثيرة , منها أنها تقوي العلاقة الروحية بين الأم وابنها .

وأفضل المراضع الأم على الإطلاق فلا أحد يعطي الولد ما تعطيه الأم من جرعات حنان زائدة  ويدل عليه ما رواه الإمام الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال :(ما من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه)(1) .

هذا لجهة مصلحة الولد إذ إن مصلحته في أن يرضع من أمه , ولكن لا تلزم الأم من الناحية الشرعية على ذلك , ولها أن تأخذ الأجرة عليه , فقد ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله :(ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها أكثر من حولين كاملين , إن أراد الفصال قبل ذلك عن تراض منهما فهو حسن والفصال الفطام)(2) .

فيظهر من الحديث ان لها أن تأخذ الأجرة عن أقصى المدة التي تسترضع فيها وهي الحولين الكاملين . ولكن مع ذلك لو عرفت المرأة ما تأخذه من الأجر على إرضاعها ما تركته , فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال:(أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئا من موضع الى موضع تريد به صلاحا نظر الله إليها , ومن نظر الله إليه لم يعذبه , فقالت أم سلمة : يا رسول الله ذهب الرجال بكل خير فأي شيء للنساء المساكين ؟ فقال(صلى الله عليه واله) : بلى إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله , فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه , فإذا ارضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل , فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال : استأنفي العمل فقد غفر لك)(3) .

فمن العجيب الغريب ان يكون الأجر في الرضاع على هذا المستوى , أي على مستوى أن تخرج المرأة بعد إرضاعها لا بنها كيوم ولدتها أمها من خلال غفران جميع ذنبها , ثم تلجأ نساؤنا في أيامنا هذه الى الرضاعة بالحليب الاصطناعي المنتج من البقر حفاظا على مظهرهن وكي لا تترهل صدورهن , ولا يلتفتن الى عظم الأجر الذي خسروه من خلال ترك الإرضاع  هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإرضاع بلبن الحيوان بعيد كل البعد عن التنشئة الإنسانية التي يحصل الطفل عليها من خلال الرضاعة بلبن الإنسان , وخاصة الام التي يحتوي لبنها إضافة الى المكونات الغذائية الجرعات الروحية المفعمة بالأحاسيس الإنسانية .

في حين أننا نرى ولعظيم أثر الإرضاع على المولود أن الإسلام شجع على أن نختار المرضعة والتي هي إنسان مثلنا اختيارا سليما , بأن تكون ممتلكة لمواصفات إنسانية كاملة فلا نختار الكافرة , ولا القبيحة , بل المؤمنة الحسناء , فلو سئل رسول الله (صلى الله عليه واله) في ذلك الوقت عن الحليب الصناعي لنهى عنه , وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في ذلك قوله:(لا تسترضع الصبي المجوسية , وتسترضع اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر ويمنعن من ذلك)(4) .

فإن المنع من استرضاع المجوسية لأنها كافرة مع الموافقة على النصرانية واليهودية المؤمنتان بالله دليل على تأثر الولد بما يرضع وتأثيره عليه , ويؤكد ذلك أيضا نهي النصرانية حال إرضاعها لابننا عن أن تشرب الخمر , وفي هذا الأمر إشارة الى أن شربها للمحرم الذي ينتقل الى دمها سينتقل بالضرورة الى دم الصبي فيكون له تأثير سلبي عليه , وهذا يعني أننا كلما حصلنا على مواصفات كمالية أكثر في المرضعة كلما كان ذلك أفضل ومستحب أكثر ,وقد ورد التأكيد على هذا المعنى ونص عليه صراحة في عدة أحاديث منها الحديث الوارد عن الإمام الباقر(عليه السلام) حيث قال:(استرضع لولدك بلبن الحسان وإياك والقباح فإن اللبن قد يعدي) (5) .

وهذا الحديث الشريف يؤكد لنا أنه لا ينحصر انتقال الأثر من المرضعة في الأمور المادية التي تتناولها , أو تتعاطاها , بل يشمل حتى انتقال المواصفات النفسية والشكلية وهو ما عبر عنها في الرواية بأن اللبن يعدي .

وقد حدد الشرع الحنيف إضافة الى شخصية المرضعة واستحباب أصل الرضاعة تحديد مدة الرضاع , وقد اختلف الفقهاء في تحديدها حيث اعتبر البعض أن الإرضاع اللازم هو حولين كاملين أن سنتين مستندين في ذلك بما ورد من القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى :{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[البقرة: 233] . وهذا النص القرآني هو تحديد صريح بأن المدة المحددة للرضاع هي سنتين , ولكن الظاهر من هذه الآية الكريمة تحديد الحد الأقصى من مدة الرضاع , وإن كان من الممكن أن تكون أقل من ذلك بدليل أن الله سبحانه وتعالى قال:{لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: 233].

وهناك في الأحاديث الشريف ما يدل على هذا المعنى ومنها ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) حيث قال:(الفرض في الرضاع أحد وعشرون شهرا فما نقص عن أحد وعشرين شهرا فقد نقص المرضع , وإن أراد أن يتم الرضاعة فحولين كاملين)(6) .

ولذلك أفتى الفقهاء قدس الله سبحانه وتعالى أسرارهم بأنه لا إلزام بإتمام الحولين الوارد في الآية الكريمة ولكنهم اعتبروه الحد الأقصى لها , بمعنى أنه يمكن للأم أن تستمر في الرضاع حتى السنتين , وبعض الفقهاء الآخرين ذهبوا الى رأي آخر وهو استحباب إتمام الرضاعة الى السنتين , ولكن مع ذلك يبقى السؤال الأساسي وهو : هل يلزم الأب , أو الأم بالإحدى وعشرين شهرا , وعلى حسب ما ورد في الرواية السابقة ؟ حيث إن تعبير الفرض يظهر منه بشكل واضح اللزوم وليس مجرد الاستحباب أو الإباحة . وهذا الرأي عليه مشهور الفقهاء  وفي بعض الروايات اعتبر أن النقص عن ذلك يعتبر ظلما في حق الولد , فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال:(الرضاع واحد وعشرون شهرا فما نقص فهو جور على الصبي)(7) .

ولكن هذا الإلزام إن كان فهو على الولي ولا تجبير الأم على الإرضاع ,بل لها أن تأخذ الأجرة على ذلك وهي أولى إن تبرعت , أو طلبت ثمنا لذلك مبلغا مساويا , أو أقل من المبالغ التي ستدفع لمرضعة أخرى , أو كما في هذه الأيام مساويا أو أقل لتكلفة الحليب المجفف فهي أولى من غيرها , أو من الحليب المجفف , أما الام فلا تجبر على الإرضاع ويدل  عليها ما ورد في قوله سبحانه وتعالى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}[الطلاق: 6] . فإن التعبير بقوله فإن أرضعن لكم دليل على أن الأمر لها وبيدها ولا تدل على الإلزام بل على التخيير .

وتدخل الشرع أيضا في كيفية الإرضاع فطلب أن لا تكون الا على جنابة واستحب لها أن تكون على وضوء , بل أكثر من ذلك فقد ارشدها لكيفية الإرضاع فقد ورد عن أم إسحاق بنت سليمان عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنها قالت : نظر لي أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا أرضع أحد ابني محمد وإسحاق فقال:(يا أم إسحاق لا ترضعيه من ثدي واحد وأرضعيه من كليهما يكون أحدهم طعاما والآخر شرابا)(8) .

وهذا دليل على مستوى الاهتمام الذي أولاه الشرع الإسلامي لموضوع الأولاد في مرحلة الولادة .

______________

1ـ وسائل الشيعة الجزء 15 ص 175 .

2- وسائل الشيعة الجزء 15 ص 177 .

3- وسائل الشيعة الجزء 15 ص 175 .

4- وسائل الشيعة الجزء 15 ص 185 .

5- وسائل الشيعة الجزء 15 ص189 .

6- وسائل الشيعة الجزء 15 ص177 .

7- وسائل الشيعة الجزء 15 ص177 – 178 .

8- وسائل الشيعة الجزء 15 ص176 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.