المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23



السمات الأساسية لأسلوب أدب الطفل  
  
2373   03:19 مساءً   التاريخ: 12/10/2022
المؤلف : محمد حسن بريغش
الكتاب أو المصدر : أدب الأطفال أهدافه وسماته
الجزء والصفحة : ص179 ــ 187
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

في مرحلة ما قبل الكتابة - لا يمكن تقديم أدب الأطفال إلا عن طريق الكتب المصورة، أو الحكايات والقصص المصورة، وقد بدأ بعض الكتّاب تسجيل أشرطة صوتية، أو أشرطة صوت وصورة (فيديو)، لهذه المرحلة.

أما في الكتب المصورة فيمكن استخدام بعض الكلمات إلى جانب الصورة(1)، وقد يكتفى بالصور وفق تسلسل محدد يحكي حوادث القصة، بحيث توحي للطفل بالأحداث، والمعاني المقصودة. وهذه الكتب تحتاج إلى الكاتب الذي يصوغ الفكرة، ويكتب الحكاية أو القصة بالأسلوب البسيط، وإلى الرسام الذي يتفهم هذه القصة، ويحولها إلى رسوم معبرة، تحمل ملامح الشخصيات بلباسها وحركاتها، وتعبر عن البيئة بخطوطها وألوانها لتعطي الطفل انطباعاً واضحاً عن العادات والتقاليد، والملامح الشخصية لأبطال القصة أو الحكاية، فضلا عما تضم من رسوم للحيوانات والأشياء التي يمكن أن يستفيد الطفل بزيادة خبراته منها. وهذه القصص تدور غالباً حول الأشياء المحسوسة الملموسة التي يمكن أن تتكون لها ذهنية واضحة، حيث لا يمكن إدراك الأمور المعنوية كالكرامة والرذيلة والحرية بطريقة الصور(2).

وقد يستمع الطفل إلى القصة من أمه، ويتابعها مشاهدةً في الكتاب المصور، أو يشاهد القصة كلها مصورة بدون أي حديث عنها، ويترك لخياله متابعة أحداثها من تتابع الصور.

ولقد وصلت الكتب المصورة إلى مرحلة جيدة باستعمال الألوان والصور المجسمة أو النافرة، والثابتة والمتحركة، ومن خامات مختلفة، بعضها من الورق، وبعضها من القماش أو البلاستيك أو غير ذلك(3).

وليس خافياً أن الكتب المصورة بحاجة إلى فهم ووعي وتفقه من الأديب المسلم والرسام المسلم لكي يختار من الرسوم ما يحقق غايته، دون الوقوع بأي محرم، وينبغي دراسة هذا الأمر من قبل المختصين على ضوء الأهداف الواضحة لأدب الطفل، وفي حدود الشريعة الإسلامية لتتضح الأبعاد والمجالات التي يمكن أن يرتادها الأديب في الكتب المصورة.

وهذا العمل يحتاج إلى دراسة مستفيضة في مسائل التربية وعلم النفس، وفن الخط، والرسم والتلوين لإخراج مثل هذه الكتب الناجحة، مع العلم بأنه من الضروري أن تحاول الصور نقل الأفكار والانفعالات المختلفة.

والأطفال يستجيبون لتفسير هذه الانفعالات، وتنشط خيالاتهم لفهم الحركة المصورة(4). والكتب المصورة تربط الطفل بالواقع، وتفتح بصيرته على ما حوله، وتزيد من اعتماده على نفسه، وتنمي دقة ملاحظته، وتقرب المعاني إلى ذهنه، وتزيد من خبرته، وتعلمه بعض المفاهيم مثل تصغير الأحجام الكبيرة وتكبير الأحجام الصغيرة، وتنشط ذاكرته(5).

كذلك الأشرطة المسجلة، أي الحكايات المسموعة، والقصص المروية بأصوات مختلفة كالأم، أو الأب، أو المعلم، أو المعلمة، أو الجدة أو الشيخ... إلخ.

ولا يكفي أن تكون الحكايات المسموعة بالسرد وحده، بل تحتاج إلى نوع من التلوين الصوتي الذي يساعد على تصوير الموقف، وتمثل الأحداث، ونقل المشاعر والانفعالات، ورسم الأجواء المحيطة بالحوادث. ومن المستحسن أن تكون هناك أصوات مساعدة معبرة، إما عن طريق تسجيل أصوات حقيقية (الريح، أصوات الحيوانات، بعض الأصوات التي تصدر عن القيام بحركات معينة)، أو عن طريق تقليد هذه الاصوات(6).

وإذا صاحبت هذه الأصوات صور تمثيلية معبرة، أو صور واقعية (بالفيديو)، يكون تأثيرها أكبر، مع الاحتراز من استخدام الرائي أو الفيديو كجهاز دائم للتسلية، ومشاهدة شتى الأفلام والمسلسلات التي تدفع بها الشركات التجارية(7).

وأما في المرحلة التي يتعلم فيها الطفل القراءة والكتابة، وما بعدها فإن استخدام الكتابة أمر ضروري؛ لأنها تؤدي إلى تنمية مهاراته وزيادة خبراته وتوسع معارفه، وإثراء مفرداته وألفاظه.

والطفل (يقرأ لينطلق إلى عالم جديد من السعادة والمتعة)، مع الفائدة التي يحصل عليها من هذه القراءة، فضلاً عن أن القراءة ترضي حب الاستطلاع عند الطفل، وقابلية النمو الفكري والعاطفي(8)، وتنشط خياله، وتدفعه للتأمل والتفكير والبحث.

فالقراءة غذاء فكري ونفسي واجتماعي وعاطفي، وهي حاجة نمائية أكيدة تساعد الطفل على النمو العقلي والمعرفي، وتتيح له التعرف على البيئة والاتصال بعالم الكبار، وتساعده على النمو الاجتماعي، وتكون الذوق الفني، والتعرف على كثير من البيئات الأخرى(9).

وفي القراءة تتعمق مفاهيم العقيدة، وتنغرس الفضائل، وتزداد معرفته بدينه، وتصوره لمجتمعه.

ولا بد من مراعاة المراحل المختلفة حينما يكتب الأديب للطفل، ويتعرف إلى المفردات والألفاظ المألوفة لديه، التي تمكنه من فهم ما يقرأ، أو تدفعه للتفكير والتأمل فيما يقرأ.

وكذلك لا بد من مراعاة الفروق بين الجنسين من ناحية الأسلوب والموضوع(10).

وأما اللغة التي يجمع عليها كتاب أدب الأطفال، فهي اللغة السهلة الواضحة التي يفهمها الأطفال، التي تساعدهم على معرفة الفكرة المطروحة، أو متابعة حوادث القصة، أو تصور ما يجري في الحكاية، ولذلك ينبغي للكاتب أن يعرف مستوى الأطفال الذين يكتب لهم، ومراحل نموهم الفكري واللغوي والاجتماعي وأن يعرف البيئة التي يتوجه لها بالكتابة.

وكذلك لا بد من البعد عن التعقيد في الأسلوب، والغرابة في اختيار الألفاظ، وعدم استعمال الأسلوب المجازي الذي لا يستطيع الطفل إدراكه.

ومهم جداً - ونحن نسعى لتربية الأطفال تربية إسلامية - استخدام الفصحى في الحديث والكتابة، مع اختيار الأسلوب البسيط المفهوم، والتدرج في استعمال اللغة، والحرص على الضبط، وتجنب الأخطاء النحوية والإملائية، أو إدخال الألفاظ الأجنبية بغير ضرورة قصوى، وعدم استعمال الكلمات العامية، أو طرق التعبير التي تخالف أساليب العربية وطرقها الصحيحة، مع الحرص على السهولة والوضوح ينبغي استخدام التدرج في زيادة خبرات الطفل وثروته اللغوية بإدخال ألفاظ ومفردات جديدة، شريطة أن تساعد العبارة أو التركيب على فهمها وإيضاحها(11). وكذلك من المهم تدريب الطفل على فهم العبارة القرآنية، وتذوق جمالها ومعرفة أسلوبها، والتمعن بمعناها، والتفكر بما فيها من أحكام أو توجيهات أو أوامر أو عبر(12).

وفهم العبارة القرآنية غاية من غايات أدب الطفل، لأن ذلك يؤدي إلى تحقيق عدة أهداف عقدية وتربوية وتعليمية وجمالية، فضلا عن طبع الفتى بالأصالة، وتذوق الأسلوب العربي الفصيح، بعيداً عن الأساليب التي بدأت تبتعد - باسم التحديث والتطوير - عن الأساليب العربية، وتسير نحو الاستغراب ليصبح قرآننا أولاً، ثم تراثنا، كتاباً بعيداً عن أذواقنا، ومألوفنا، وتفكيرنا، بل ليصبح كل ذلك نوعاً من التراث الذي يحمل طابع القدم والقداسة دون أن يكون له في حياتنا ذلك التأثير.

وكذلك لا بد من تدريب الطفل على فهم عبارة الحديث الشريف، والتراث العربي الإسلامي الأصيل، من خطب وأقوال وروايات تحمل خصائص هذه اللغة، ومميزات الأسلوب العربي الأصيل. ولا يعني هذا نقل هذه العبارات أو استخدامها بطريقة عشوائية، بل للأديب أن يبتكر الطريقة المناسبة لتحقيق هذا الهدف، مع الاهتمام بطبيعة المرحلة، وخصائص النمو، والسن الذي يوجه له هذا الأدب. وهناك محاولات كثيرة في هذا الشأن لكتاب كثيرين(13).

وأخيراً فإنه من الضروري اختيار طريقة تناسب سن الطفل ومرحلته في إعداد الكتاب وإخراجه، واختيار حجم الحرف المطبوع وشكله، وعدد الأسطر وطريقة الإخراج واستخدام الألوان والصور التوضيحية المرافقة عند الضرورة.

مع الحرص على ضبط الكلمات بالحركات، وتحديد حجم الكتاب وشكله، وكل ذلك مهم في تقبل الطفل، وانطباعه بما يقع عليه بصره في أي كتاب.

وأختم هذه الفقرة ببعض ما كتبه بعض المهتمين بأدب الأطفال وثقافتهم: (لهذا عليك قبل البدء بالكتابة أن تكون واثقاً في نفسك فيما إذا كنت تكتب عن الأطفال أو للأطفال.. هل لك قارئ أو قرّاء مرتقبون؟ ولكن ما لم يكن لك أنت الكاتب قارئ محدد راسخ الهدف الذي توجه قصتك نحوه، فلعل مؤلفك يتذبذب، ويتردد ويسقط بين أسلوبين وتضيع الفرصة. وبناء على هذا، ولأجل الوضوح في أسلوبك وعرضك ومنفعتهما، عليك أن توطد قناعتك قبل أن تبدأ وترى إذا كنت تنوي أن تكتب لفلانة أو لفلان من الأطفال..) إلخ(14)، أديب الأطفال ينبغي أن يتعرف إلى جمهوره الأطفال، أن يحيط بهذا العالم الغريب - مع الرغم أن الإحاطة التامة تظل أمراً عسيراً - لأن ما يكتبه، شكلاً ومضموناً، يخضع لطبيعة هذا الجمهور وخصائصه. ولا يكفي أن يتعرف الأديب إلى عدد من الأطفال سواء كانوا أبناءه، أم أبناء جيرانه، أم تلامذته، بل ينبغي أن يدرس جمهور الأطفال دراسة علمية معتمداً على ما توصل إليه رجال التربية وعلماء النفس في هذا المجال.

والأديب المسلم لا يكتفي بذلك، بل يرجع إلى ما كتبه علماء المسلمين عن الفطرة الإنسانية وعن الطفل معتمدين على نصوص ثابتة بالدرجة الأولى، ويستفيدون من دراسات العلماء الغربيين في هذا المجال أيضاً.

(ولكن هل يعني هذا أن يتصرف الأديب حيال الأطفال مثلما يتصرف رجل التربية أو عالم النفس وهو الأديب الفنان؟!

الجواب على ذلك: لا، لأن موقف أديب الأطفال كموقف الفنان التشكيلي إزاء لوحته الفنية التي يبدعها، إنه يتطلع إليها من بعد قريب بين حين وحين، ليعود ويحمل الفرشاة ليضيف لمسة أو يضيف إليها لوناً وهكذا.

ولا يكفي أن يعرف أديب الأطفال جمهوره جيداً، بل لا بد من أن يحترمهم، ويلقي في روعهم أنه صديق لهم، وألا يغالي بأستاذيته عليهم، أو أن يقلل من شأنهم أو يستخف بهم وبقدراتهم)(15).

يقول عبد التواب يوسف حول الكتابة للأطفال: (إن خيال الطفل دنيا واسعة بلا حدود، تعيش فيها صور وشخصيات وأحداث ومرئيات، وإذا نحن لم نخلق(16)، له هذه الدنيا، فإنه يبتكرها، ويوجدها، إنها دنيا يستبقيها الطفل مما يسمعه من قصص أو حكايات، ويعيد فيها تنظيم العالم حسب رؤيته، وكما يحلو له أن يصوره..).

(وأطفال اليوم قد ضاقوا بسذاجة الكتب التي تسمى كتب الأطفال وضاقوا ـ ببساط الريح ـ، ـ وسندريللا ـ وغيرها، ورفضها كثيرون لأنها بالغة السذاجة، ولا تجدد خيالهم، وفي الوقت الذي يستطيع هذا الخيال أن يغير الكثير من ذوقهم، وبالتالي يغير من عالمنا ذاته، ولهذا ينادي بعض الباحثين بألا نخاطب الطفل من أعلى خاصة في مجال الخيال، لأنه يسبقنا ويتفوق علينا في هذا الميدان بالذات)(17).

(كتاب الطفل فن أيضاً، إنه نتاج فكري فني يمر بمراحل مختلفة، تبدأ في التأليف والإعداد، وتمر بالتحرير والرسم والتصميم والإخراج فالنشر فالتوزيع، لتنتهي بالتعزيز الإعلامي، والتشجيع على مختلف مستوياته، والمهم في هذا الأمر كتاب الأطفال الجيد، ولأن الكتاب الجيد هو غذاء العقل والروح مثلما يكون الطعام الجيد هو غذاء الجسم، فإن الكتاب السيئ يصيب العقل والروح بالهزال والفقر مثلما يفعل الطعام الذي يخلو من المقومات الغذائية)(18).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ أدب الأطفال ومكتباتهم / 11.

2ـ أدب الأطفال، مبادئه ومقوماته / 72.

3ـ المصدر السابق.

4ـ في أدب الأطفال: د / الحديدي / 88.

5ـ أدب الأطفال ومكتباتهم / 13، 14.

6ـ انظر سلسلة البراعم السمعية: قصص القرآن للبراعم / 1-30: محمد موفق سليمة، إصدار مكتبة الحرمين السمعية - الرياض.

7ـ انظر: بصمات على ولدي / 26: حيث أشار تقرير نشرته مجلة اليونسكو إلى أن ما تقدمه وسائل الإعلام ولا سيما الرائي يعطل القدرات التأملية الخلاقة لدى الأطفال، إضافة للآثار السلبية الأخرى، كتدني الذوق العام، وإثارة الغرائز، والترويج للأخلاق الفاسدة: كالكذب والخداع والمراوغة، مع إظهارها بأنها ذكاء ومهارة وخفة، وصرف الأطفال عن الحقائق الواقعية، مع الأخطار الصحية، حيث قرن بعض العلماء (التلفزيون بالسيجارة والسيارة)، مع سوء استعمال اللغة.. إلخ. وانظر: أدب الأطفال دراسة وتطبيق عبد الفتاح أبو معال / 12.

8ـ أدب الأطفال ومكتباتهم: سعيد أحمد حسن / 14.

9ـ المصدر السابق.

10ـ تثقيف الطفل - فلسفته وأهدافه / 139.

11ـ في أدب الأطفال: د / الحديدي / 265 – 266، وللمرحوم كامل كيلاني رأي في هذا، إذ يرى أن تكون اللغة التي يقدم بها الكاتب لأدب الأطفال أرقى من مستواه قليلاً حتى يستفيد منها بمحاكاتها، ومن ثم تتحسن لغته وأسلوبه، مع حرصه على تجنيب الأطفال الخطأ اللغوي والمعنوي في كتاباته، ويوضح خطته في ذلك بأنه وجد الكتب العربية الأصيلة مثل: الجبل أمام صغارنا، فوضع أمام عينيه، المثل الإسباني في قصة (حي بن يقظان)، وهو أن امرأة إسبانية كانت تحمل عجلاً صغيراً كل يوم وتصعد السلم وتهبط به وكبر العجل حتى صار ثوراً وهي على عادتها تحمله كل يوم دون أن تتأثر لأنها لم تحس بالزيادة مع التدرج.

12ـ للأستاذ محمد موفق سليمة محاولات في هذا الشأن تحت عنوان (أنا أقرأ وأفهم كتاب الله)، وهي سلسلة من (8) حلقات، وكان يأتي بالآية القرآنية أو السورة القصيرة فيشرحها شرحاً بسيطاً مفهوماً للطفل ثم ينظم أبياتاً مقتبسة منها: (فاتحة القرآن جميلة المعاني، نبدئها بالحمد، لخالق الأكوان للراحم الرحمن، والمالك الديان، اياك ربي نعبد أنت المعين السند، اهدِ الغلام المؤمنا، صراط رشدٍ وسنا صراط من قد أنعما، عليه لا من حرما).

13ـ هناك محاولات كثيرة في هذا الجانب للأستاذ محمد موفق سليمة وغيره. وصدر له (سبعة يظلهم الله في ظله، وحق المسلم على المسلم، وثلاثيات نبوية)، وغيرها.

14ـ كيف تكتب للأطفال: جون أيكن، ترجمة كاظم سعد الدين، ط / 1، 1988م، وزارة الثقافة والإعلام ببغداد، دار ثقافة الأطفال.

15ـ أدب الأطفال، فلسفته فنونه وسائطه: هادي نعمان الهيتي.

16ـ الأفضل أن نقول: (لم نصور أو نصف أو... ونتحاشى استعمال كلمة نخلق).

17ـ عبد التواب يوسف وأدب الطفل / 62 - 63.

18ـ الكتاب والأطفال: محمد بسام ملص / 64. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.