أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1882
التاريخ: 27-11-2014
2297
التاريخ: 2024-08-23
226
التاريخ: 11-10-2014
4621
|
قد اختلف في أول من نقط المصحف وشكله ، فالمشهور على أنه أبو الأسود الدؤلي ، نص على ذلك جملة من المؤرخين والمؤلفين في التراجم ، وكشاهد على ذلك نذكر ما يلي :
١ - قال ابن النديم : وقد اختلف الناس في السبب الذي دعا أبا الأسود إلى ما رسمه من النحو ، فقال أبو عبيدة : أخذ النحو عن علي بن أبي طالب أبو الأسود ، وكان لا يخرج شيئا أخذه عن علي كرم الله وجهه إلى أحد ، حتى بعث إليه زياد أن اعمل شيئا يكون للناس إماما ، ويعرف به كتاب الله ، فاستعفاه من ذلك ، حتى سمع أبو الأسود قارئا يقرأ {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بالكسر . فقال : ما ظننت أن أمر الناس آل إلى هذا ، فرجع إلى زياد ، فقال : أفعل ما أمر به الأمير ، فليبغني كاتبا لقنا يفعل ما أقول ، فأتى بكاتب من عبد القيس فلم يرضه ، فأتى بآخر ، فقال أبو العباس المبرد : أحسبه منهم ، فقال أبو الأسود : إذا رأيتني فتحت فمي بالحرف فانقط فوقه على أعلاه ، وإن ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف ، وإن كسرت فاجعل النقطة من تحت الحرف ، فهذا نقط أبي الأسود (1).
وذكر المرزباني وجها آخر أيضا وهو : أن أبا الأسود مر بكلاء البصرة وإذا قارئ يقرأ {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ، وفي آخرين ، حتى سمع رجلا قال : سقطت عصاتي. فقال : لا يحل لي بعد هذا أن أترك الناس ، فجاء إلى زياد ... الخ كما في الفهرست (2).
٢ - وقال السيوطي : اختلف في نقط المصحف وشكله ، ويقال : أول من فعل ذلك أبو الأسود الدؤلي بأمر عبد الملك بن مروان ، وقيل الحسن البصري ويحيى بن يعمر ، وقيل : نصر بن عاصم ، وأول من وضع الهمزة والتشديد والروم والإشمام الخليل (3).
٣ - وقال أبو هلال العسكري : أبو الأسود أول من نقط المصحف (4).
٤ - أما الدكتور جواد علي فيقول : أغلب روايات أهل الأخبار أن الخط العربي الأول لم يكن مشكلا ، وأن الشكل إنما وجد في الإسلام ، وكان موجده أبو الأسود الدؤلي ، فاستعمل النقط بدل الحركات ، ثم أبدل الخليل بن أحمد الفراهيدي النقط برموز أخرى (5).
٥ - وقال الحموي : والأكثر على أنه (أي أبو الأسود) أول من وضع العربية ونقط المصحف (6).
٦ - ومثله ما في الإصابة في ترجمة أبي الأسود (حرف الظاء قسم / ١) عن المبرد قال : أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود ، وقد سئل أبو الأسود عمن نهج له الطريق فقال : تلقيته عن علي بن أبي طالب.
إلى غير ذلك مما هو مذكور في تراجمه في ثنايا العديد من الكتب ، فمن أراد المزيد فليراجعها.
إذا ، فشكل القرآن وإعرابه بواسطة النقط كان من وضع العالم الجليل أبي الأسود الدؤلي عليه الرحمة.
وأما نقط الكتاب :
بمعنى إزالة اللبس الحاصل بين الحروف المتشابهة بواسطة النقط ، فهذا مما وضعه تلميذ أبي الأسود : يحيى بن يعمر (7) أو تلميذه الآخر : نصر بن عاصم (8) ، ويدل على ذلك :
١ - ما ذكره الدكتور جواد علي ، حيث قال : الذي عليه الجمهور أن الإعجام كان من عمل نصر بن عاصم ، فلما كثر الخطأ في قراءة القرآن - بسبب عدم تمييزهم بين الحروف المتشابهة ، وتفشي وباء الجهل بعدم التمييز في القراءة بين المتشاكلة - فزع الحجاج إلى كتابه وسألهم أن يضعوا لهذه الأحرف المتشابهة علامات تميزها بعضها من بعض ، فيقال : إن نصر بن عاصم قام بذلك ، فوضع النقط أفردا وأزواجا.
ثم قال : إن نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر كانا ممن أخذ العلم عن أبي الأسود الدؤلي. نقطا الإعجام بنفس المداد الذي كان يكتب به الكلام ، حتى لا يختلط بنقط أستاذهما أبي الأسود (9).
والمعروف أن أبا الأسود كان ينقط القرآن بلون غير لون الخط كما قال جرجي زيدان. وأضاف : وقد شاهدنا في دار الكتب المصرية مصحفا كوفيا منقطا على هذه الكيفية ، وجدوه في جامع عمرو ، بجوار القاهرة ، وهو من أقدم مصاحف العالم ، ومكتوب على رقوق كبير بمداد أسود ، وفيه نقط حمراء اللون ، فالنقطة فوق الحرف فتحة ، وتحته كسرة ، وبين يدي الحرف ضمة ، كما وضعه أبو الأسود (10).
وكذا قال الزرقاني الذي ذكر أن الحجاج أمر رجلين جليلين يعالجان هذا المشكل ، هما : نصر بن عاصم الليثي ، ويحيى بن يعمر العدواني.
٢ - ما عن ابن خلكان قال : كان لابن سيرين مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر (11).
٣ - ما ذكره البعض حيث قال - بعد نقله قصة الحجاج ونصر - : فالظاهر أن النقط المذكورة هي من قبيل الإعجام لتمييز الحروف المتشابهة ، ولكن نصرا لم ينقط إلا بضعة حروف مما يكثر (12).
٤ - حكى أبو أحمد العسكري : أن الناس غبروا يقرأون بمصحف عثمان نيفا وأربعين سنة إلى أيام عبد الملك بن مروان ، ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق ، ففزع الحجاج بن يوسف إلى كتابه ، وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المتشابهة... الخ (13).
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة التي لا مجال لتتبعها.
وتكون النتيجة : أن نقط القرآن بمعنى إزالة الالتباس بين الحروف المتشابهة كان بلون المداد الذي كان يكتب به الكلام ، وأن ذلك - كما يقول الزرقاني - كان من هذين الشخصين الجليلين ، اللذين نجحا في هذه المحاولة وأعجما المصحف الشريف لأول مرة ، ونقطا جميع الحروف المتشابهة والتزما أن لا تزيد النقط في أي حرف على ثلاث.
_________________________
(1) الفهرست لابن النديم : ص ٦٦ في أخبار النحويين وأسماء كتبهم.
(2) نور القبس المختصر من المقتبس : ص ٤.
(3) الإتقان : ج ٢ ص ١٧١.
(4) الأوائل : ج ١ ص ١٣٠.
(5) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام : ج ٨ ص ١٩٠.
(6) نقله عنه العلامة التستري في قاموس الرجال : ج ٥ ص ٥٨٣.
(7) يحيى بن يعمر العدواني البصري ، أحد قراء البصرة ، كان عالما بالقرآن الكريم والنحو ولغات العرب. قال ابن خلكان : إنه كان من الشيعة الأول ، القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم. وكذا قال الحموي في بلدانه ، توفي سنة ١٢٩ ه. (راجع الكنى والألقاب وقاموس الرجال).
(8) نصر بن عاصم الليثي ، هو أحد قراء البصرة ، أخذ عن أبي الأسود الدؤلي ، ويحيى بن يعمر ، وأخذ عنه أبو عمرو بن العلاء ، توفي سنة ٨٩ ه. (مباحث في علوم القرآن ، نقلا عن بغية الوعاة).
(9) المفصل في تاريخ العرب : ج ٨ ص ١٨٧.
(10) تاريخ التمدن الإسلامي : ج ٣ ص ٦١.
(11) وفيات الأعيان : ج ٦ ص ١٧٥.
(12) تاريخ التمدن الإسلامي : ج ٣ ص ٦٢.
(13) وفيات الأعيان : ج ٢ ص ٣٢ في ترجمة الحجاج ، نقلا عن العسكري في كتاب التصحيف.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|