المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



عبد الحميد بن يحيى الكاتب  
  
23333   11:24 صباحاً   التاريخ: 30-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص723-731
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو غالب عبد الحميد بن يحيى بن سعد، و كان جدّه سعد مولى العلاء بن وهب العامري من بني عامر بن لؤيّ بن غالب؛ و كان يعرف بعيد الحميد الأكبر (1) تمييزا له من عبد الحميد الاصغر الذي كان كاتبا لسليمان ابن عبد الملك (2).

و لعلّ مولد عبد الحميد بن يحيى كان في سنة 60 ه‍(680 م) في مدينة الأنبار على نهر الفرات ثم انتقل به أهله إلى الرّقّة، و كانت نشأته في الشام. و من الواضح أن عبد الحميد لم يكن عربيا، بل كان مولّدا: فارسيّا أو آراميّا.

و تكسّب عبد الحميد بن يحيى في أول أمره بتعليم الصبيان. ثمّ انّه تعلّم صناعة الكتابة على ختنه (صهره، زوج اخته) أبي العلاء سالم بن عبد اللّه مولى هشام بن عبد الملك و كاتبه (3).

و في العقد الفريد (4) أن عبد الحميد بن يحيى كتب ليزيد بن عبد الملك (101- 105 ه‍) . ثم ان عبد الحميد اتّصل بمروان بن محمّد بن مروان في أثناء ولاية مروان بن محمّد على أرمينية و آذربيجان (114-126 ه‍) و كتب له و أحسن خدمته. فلمّا انتقلت الخلافة إلى مروان بن محمّد في أوائل 127 ه‍(أواخر 744 م) انتقل معه عبد الحميد من أرمينية إلى دمشق و أصبح الكاتب الأول (رئيس ديوان الانشاء) في الخلافة الأمويّة.

لمّا انتصرت الدعوة العبّاسية كان عبد الحميد بن يحيى في من قتل من أشياع بني مروان؛ و كان مقتله مع مروان بن محمّد، في الاغلب، في بوصير من أرض الفيوم بمصر، في 26 من ذي الحجّة 132 ه‍(5-8-750 م) .

يبدو أن ثقافة عبد الحميد بن يحيى في العلوم الاسلامية و العلوم العربية كانت واسعة، و لا نستطيع أن نجزم بمقدار ما كان يعرفه من الفارسية و الأرمنية مثلا. لمّا نقل صالح بن عبد الرحمن ديوان العراق من الفارسية إلى العربية (5) «كان عبد الحميد بن يحيى يقول: للّه درّ صالح ما أعظم منّته على الكتّاب» (الفهرست 242) .

و عبد الحميد بن يحيى كاتب مترسّل جعل من الترسّل فنّا قائما بنفسه له قواعده و أصوله، و هو أول من أطال الرسائل و استعمل التحميدات في فصول الرسائل (6) و أطالها. . . و عنه أخذ المترسّلون و لطريقته لزموا، و هو الذي سهّل سبل البلاغة في الترسّل (الفهرست 117) ثم جعل من الكتابة الديوانية صناعة من الصناعات. و رسائل عبد الحميد كثيرة تبلغ نحو ألف ورقة (000,20 سطر) منها الرسائل القصار جدا و الرسائل الطوال جدا؛ و بعضها في أغراض غير ديوانية بحت.

قال أبو هلال العسكري (توفي 395 ه‍-1005 م) : «و كان عبد الحميد الكاتب استخرج أمثلة الكتابة التي رسمها من اللسان الفارسي فحوّلها إلى اللسان العربي» (7). و يتابع أبو هلال العسكري كلامه فيقول: «و يدلك على ذلك أيضا أن تراجم خطب الفرس و رسائلهم هي على نمط خطب العرب و رسائلها، و للفرس أمثال مثل أمثال العرب معنى و صيغة (؟) ، و ربّما كان اللفظ الفارسي في بعضها أفصح من اللفظ العربي. . . .»

و بين الدارسين العرب و غير العرب خلاف على الأصل الذي اشتقّ منه عبد الحميد بن يحيى أسلوبه (8).

لا خلاف في أن العرب قد نقلوا عددا من كتب الفرس في السياسة و آداب السلوك، من أجل ذلك نجد عددا كبيرا من المعاني في السياسة و السلوك و غيرهما في كتابات العرب و أشعارهم منذ الجاهلية أيضا معروفة مألوفة في الأدب العربي، و لكن ما صلة أسلوب عبد الحميد بالأسلوب الفهلوي؟

لا يمنع مانع من أن يكون أسلوب عبد الحميد الكاتب في ترسّله قد تأثّر بشيء. من الاسلوب الفهلويّ في الخصائص اللفظية. غير أننا اليوم لا نستطيع الجزم في مدى ذلك الأثر، ما لم يقم علماء اللغة الفهلوية من المستعربين و يستخرجوا من النصوص الفهلوية الباقية خصائص الاسلوب الفهلوي في العهد الساسانيّ ثم يوازنوا بينها و بين أسلوب عبد الحميد. على أن مثل هذا الجهد لن يكون كبير الجدوى في ما أرى. قال الجاحظ (9)! «و نحن لا نستطيع أن نعلم أن الرسائل التي بأيدي الناس للفرس، أنها صحيحة غير مصنوعة، و قديمة غير مولّدة، إذ كان مثل ابن المقفّع و سهل بن هارون و أبي عبيد اللّه و عبد الحميد و غيلان يستطيعون أن يولّدوا مثل هذه الرسائل و يصنعوا مثل تلك السير» .

ثم ان هذا الاسلوب الانيق القائم في الدرجة الأولى على الموازنة (10) و على التّكرار في المواضع التي يحتاج فيها القارئ إلى التكرار لإدراك مقاصدها و استيعاب معانيها و ما يتّصل بذلك من الجناس و الطباق معروف لدى العرب منذ الجاهلية قبل أن يتّصل العرب بالفرس اتّصالا يطلعهم على الاساليب الأدبية في اللغة الفهلوية. ثم إنّ في القرآن الكريم نماذج كثارا من ذلك. و خطب العرب و رسائلهم قبل عبد الحميد كلّها ممهّدة إلى ذلك الإغراق و التكلّف اللذين قصد عبد الحميد اليهما في رسائله.

في عام 1941 تقدّم محمّد محمّدي إلى الجامعة الاميركية في بيروت برسالة (أطروحة) لنيل درجة أستاذ في الأدب موضوعها: «النظم الإدارية الساسانية في دولة الخلفاء الراشدين و ما ظهر لها من أثر في الأدب العربي» (11).

في هذه الرسالة جهد أبداه صاحبه في جمع الشواهد على تأثر العرب بألوان الحياة الفارسية، و خصوصا من المصادر العربية. أن محمّد محمّدي قد مسّ الاسلوب الفهلويّ و الاسلوب العربي مسّا رفيقا جدا (ص 45،89) ثم قال (ص 122) : «إن الكتب و الرسائل الفارسية كانت تفرّغ في العصر الساساني في قالب فنّي و سبك صناعيّ مقرّر. و كان الكتّاب يعنون بذلك عناية بالغة، و كان يظهر فيها الميل إلى الصنائع البلاغية و المحاسن اللفظية بحيث كانت تعدّ من القطع الأدبية و تتجلّى فيها الظرافة و الجمال» . و يشير محمّد محمّدي، في أثناء ذلك، إلى كتاب كريستنسن (12) «ايران في عهد الساسانيين» . غير أن المصادر الفهلوية الباقية لنا، على ما ذكره كريستنسن (ص 37-60) ، لا تفي بشيء من الموازنة التي نحن بسبيلها.

فإلى أن يقوم عالم بالأدب الفهلوي و الأدب العربي ثم يجد نصوصا فهلوية صالحة لمثل هذه الموازنة يظلّ عبد الحميد الكاتب صاحب فنّ الترسّل الذي شهر به، استخرجه من الأساليب العربية السابقة على زمانه مع الإيغال في الصناعة المعنوية ثم الصناعة اللفظية خاصّة.

و كان لعبد الحميد الكاتب شيء يسير من الشعر، قال الجاحظ (13): «و كان عبد الحميد الأكبر و ابن المقفّع، مع بلاغة أقلامهما و ألسنتهما، لا يستطيعان من الشعر إلاّ ما لا يذكر مثله» (لانحطاطه عن مستوى الجودة) . على أن ابن قتيبة (14) روى لعبد الحميد أبياتا من الرجز.

المختار من رسائله:

- لعبد الحميد بن يحيى الكاتب تحميد كتب به بعد أحد الفتوح (الانتصارات) . و هذا تحميد مشهور يسمع بعضه أحيانا في مقدمة خطبة يوم الجمعة:

الحمد للّه العليّ مكانه، المنير برهانه، العزيز سلطانه، الثابتة كلماته، الشافية آياته، الذي قدر على خلقه بملكه، و عزّ في سماواته بعظمته، و دبّر الأمور بعلمه، و قدّرها بحكمه على ما يشاء من عزمه، مبتدعا لها بإنشائه إياها و قدرته عليها و استصغار عظمها. . . لا تجري إلاّ على تقديره، و لا تنتهي إلاّ على تأجيله، و لا تقع إلاّ على سبق من حتمه، كلّ ذلك بلطفه و قدرته و تصريف وحيه، لا معدل لها عنه و لا سبيل لها غيره، و لا يعلم أحد بخفاياها و معادها إلاّ هو، فإنه يقول في كتابه الصادق (15): «وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ اَلْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ، وَ يَعْلَمُ ما فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ؛ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها، وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ اَلْأَرْضِ وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ» .

-في سنة 106 و سنة 115 و سنة 116 ه‍(724،733،734 م) وقع في الشام طواعين. و يبدو أن هشام بن عبد الملك أراد أن يكتب إلى الولاة، في إحدى هذه السنوات، ما يطمئنهم و يزجر الرعية عن الإرجاف و الفتن، فكتب عبد الحميد بن يحيى إلى يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم الثقفي والي اليمن (106-120 ه‍) رسالة جاء فيها:

. . . فان أمير المؤمنين كتب إليك، و هو في نعم اللّه عليه و بلائه عنده في ولده و أهل لحمته (16)، و الخاصّ من أموره و العامّ، و الجنود و القواصي و الثغور و الدهماء (17) من المسلمين، على ما لم يزل وليّ النعم يتولاّه من أمير المؤمنين حافظا له فيه، مكرما له بالحياطة لما ألهمه اللّه فيه من أمر رعيّته على أعظم و أحسن و أكمل ما كان يحوطه فيه و يذبّ له عنه (18). و اللّه محمود مشكور اليه فيه مرغوب.

و أحبّ أمير المؤمنين-بسرورك به-أن يكتب اليك بذلك لتحمد اللّه عليه و تشكره به، فان الشكر من اللّه بأحسن المواضع و أعظم المنازل؛ فازدد منه تزدد به، و حافظ عليه تحفظ به، و ارغب فيه يهد إليك مزيد الخير و نفائس المواهب و بقاء النعم. فاقرأ على من قبلك كتاب أمير المؤمنين ليسرّ به جندك و رعيّتك و من حمّله اللّه النعم بأمير المؤمنين ليحمدوا ربّهم على ما رزق اللّه عباده من سلامة أمير المؤمنين في بدنه، و رأفته بهم و اعتنائه بأمورهم، فإن زيادة اللّه تعلو شكر الشاكرين. و السلام!

- رسالة موجزة في التوصية بصاحب حاجة:

«حق موصل كتابي إليك كحقه عليّ، إذ جعلك موضعا لأمله و رآني أهلا لحاجته. و قد أنجزت حاجته فصدّق أمله» .

- رسالة موجزة في الرد على عامل أهدى إلى مروان عبدا أسود:

«لو وجدت لونا شرّا من السواد و عددا أقلّ من الواحد لأهديته، و السلام» .

- رسالة مطولة جدا، بل هي أطول رسائله، كتبها إلى أبي مسلم الخراساني لما اتسعت دعوة بني العبّاس. قيل ان الرسالة حملت على جمل لطولها (المقصود أن الرسالة طويلة جدا و ليس معنى ذلك انه كتبت على ورق مقدار حمل جمل) .

و تقول الرواية إنّ أبا مسلم أحرق هذه الرسالة لما وصلت اليه، و لم يعرف منها بعد ذلك إلاّ الجملة التالية:

«. . . إذا أراد اللّه إهلاك نملة أنبت لها جناحين. . .»

- رسالة مطولة (19) في نصيحة ولي العهد عبد اللّه بن مروان بن محمد-و كان على الجزيرة-لما خرج الضحّاك بن قيس الشيباني على الامويين 127-128 ه‍ -744-745 م) :

«أمّا بعد، فإن أمير المؤمنين عند ما اعتزم عليه من توجيهك إلى عدو اللّه الجلف الجافي. . . أحبّ أن يعهد. . . عهدا يحمّلك فيه أدبه و يشرع لك عظته، و ان كنت-و الحمد للّه-من دين اللّه و خلافته بحيث اصطنعك لولاية العهد. . .

«اعلم أن للحكمة مسالك تفضي مضايق أوائلها. . . إلى سعة عاقبتها. . . و قد تلقّتك أخلاق الحكمة من كل جهة بفضلها من غير تعب البحث في إدراكها. . .

«و اعلم أن كل أعدائك لك عدوّ يحاول هلكتك و يعترض غفلتك لأنها خدع إبليس و حبائل مكره و مصائد مكيدته فاحذرها مجانبا. . . و جاهدها إذا تناصرت عليك بعزم صادق لا ونية فيه، و حزم نافذ لا مثنوية لرأيك بعد إصداره عليك، و صدق غالب لا مطمع في تكذيبه. . . فاجتلب لنفسك محمود الذكر و باقي لسان الصدق بالحذر لمّا تقدّم فيه أمير المؤمنين. . .

- رسالة إلى الكتّاب-هذه رسالة تخرج عن معنى الرسائل الإدارية، إنها في الحقيقة «موضوع في رسالة» أو هي أساس لكتاب يؤلّف في آداب الكتابة و قواعدها. و في هذه الرسالة فكرة اجتماعية جديدة في تاريخ العرب و تاريخ غير العرب أيضا، فان عبد الحميد نظر إلى «كتّاب الدواوين» على انهم هيئة منظّمة و نقابة محدودة. فأوصى بعض الكتّاب ببعض و حثّ الاقوياء منهم و ذوي الجدّ و اليسار على مساعدة الفقراء و من عجز عن متابعة صناعته:

«أما بعد، حفظكم اللّه، يا أهل صناعة الكتابة. . . فان اللّه عزّ و جلّ جعل الناس بعد الأنبياء و المرسلين، صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين، و من بعد الملائكة المقرّبين أصنافا-و إن كانوا في الحقيقة سواء-و صرّفهم في صنوف الصناعات و ضروب المحاولات إلى أسباب معاشهم و أبواب رزقهم. فجعلكم-معشر الكتّاب-في أشرف الجهات، أهل الادب و المروءات. بكم تنتظم للخلافة محاسنها و تستقيم أمورها. . . فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون و أبصارهم التي بها يبصرون، و ألسنتهم التي بها ينطقون و أيديهم التي بها يبطشون. . .

فتنافسوا-يا معشر الكتّاب-في صنوف الآداب و تفقّهوا في الدين و ابدءوا بعلم كتاب اللّه عزّ و جلّ، ثم العربية فإنها ثقاف ألسنتكم. ثم أجيدوا الخطّ فإنه حلية كتبكم، و ارووا الاشعار و اعرفوا غريبها و معانيها و ايام العرب و العجم و أحاديثها و سيرها، فإن ذلك معين لكم على ما تسمو اليه هممكم. و لا تضيعوا النظر في الحساب فانه قوام كتاب الخراج. و ارغبوا بأنفسكم عن المطامع سنيّها و دنيّها. . . و نزّهوا صناعتكم عن الدّناءة و اربأوا بأنفسكم عن السّعاية و النّميمة.

«و تحابّوا في اللّه عزّ و جلّ في صناعتكم و تواصوا عليها بالذي هو أليق لأهل الفضل و العدل و النبل من سلفكم. و إن نبا الزمان برجل منكم فاعطفوا عليه و واسوه حتى ترجع اليه حاله. . . و إن أقعد أحدا منكم الكبر عن مكسبه و لقاء إخوانه فزوروه و عظّموه و شاوروه و استظهروا بفضل تجربته و قديم معرفته. و ليكن الرجل منكم على من اصطنعه و استظهر به ليوم حاجته اليه أحوط منه على ولده و أحبّ، فإن عرضت في الشّغل محمدة فلا يصرفها إلاّ إلى صاحبه، و إن عرضت مذمّة فليحملها هو من دونه. . .»

_________________

1) البيان و التبيين 1:208؛ العقد 4:218،224؛ غير أن بروكلمان (الملحق 1:105) يجعل عبد الحميد بن يحيى هذا «عبد الحميد الاصغر» .

2) العقد 4:219.

3) الفهرست 117.

4) العقد 4:219.

5) راجع، فوق، ص 352.

6) في بدء كل مقطع من مقاطع الرسالة الواحدة.

7) ديوان المعاني (عنيت بنشره مكتبة القدسي، القاهرة 1352 ه‍) ص 2:89؛ راجع أيضا كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري (القاهرة، دار احياء الكتب العربية 1371 ه‍-1952 م) ص 69.

8) في كتاب «تطور الأساليب النثرية» للأستاذ أنيس المقدسي (الطبعة الأولى 1:156-159) كلام على خصائص عبد الحميد و مختارات من رسائله.

9) البيان و التبيين 3:29. «أنها» زائدة. ابو عبيد اللّه الكاتب و غيلان الدمشقي القدري (البيان و التبيين 1:295) .

10) الموازنة في البلاغة بناء جمل من كلمات تتقارب في العدد و في الصيغ.

11) رسالة غير مطبوعة في مكتبة الجامعة الاميركية في بيروت، رقمها A 37 T.

12) ايران في عهد الساسانيين، ألفه بالفرنسية أرثر كريستنسن، ترجمه يحيى الخشاب و راجعه عبد الوهاب عزام (نشرت هذا الكتاب وزارة التربية و التعليم-الادارة العامة، قسم الترجمة) ، القاهرة (مطبعة لجنة التأليف و الترجمة و النشر)1957 م: eugahnepoC. de eme 2,nesnetsirbC ruhtrA rap,sedinassaS sel suos narI'L .4491) draagseknuM(

13) البيان و التبيين 1:208.

14) الشعر و الشعراء 553.

15) القرآن الكريم-سورة الانعام (6:59) .

16) أهل لحمته: أقاربه.

17) القواصي جمع قاصية: البعيدون عن حضرة الخليفة عن العاصمة. الثغور جمع ثغر: أطراف البلاد، المواضع التي يخشى منها مجيء العدو، طلائع الجند التي تحمي الحدود. الدهماء: جماعة الناس، السواد الاعظم.

18) يذب عنهم: يدفع عنهم، يحميهم.

19) صبح الأعشى 1:195-233، رسائل البلغاء (الطبعة الثانية)139-164.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.