المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الخنساء  
  
2956   10:42 صباحاً   التاريخ: 29-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص317-319
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2016 6933
التاريخ: 12-08-2015 3551
التاريخ: 13-08-2015 2199
التاريخ: 30-12-2015 7870

هي تماضر بنت عمرو الشريد من بني سليم، والخنساء لقب لها. وكان بنو سليم يسكنون ما بين شماليّ الحجاز ونجد. وقد خطبها دريد بن الصمّة، وكان شيخا كبيرا فردته إذ آثرت ان تتزوج في قومها. وقد تزوّجت رواحة بن عبد العزّى السلمي فولدت له عبد اللّه، ثم خلف عليها مرداس بن أبي عامر السلمي فولدت له زيدا ومعاوية وعمرا.

ثم قتل أخواها معاوية وصخر، في الجاهلية: كان معاوية شقيقها وقد قتله هاشم وزيد المرّيّان، وكان صخر أخاها لأبيها طعنه أبو ثور الاسدي، فاحتمل الطعنة عاما ثم توفّي متأثرا بها فحزنت عليهما حزنا شديدا وأخذت برثائهما وبالبكاء عليهما حتى عميت. وسبب حزنها الشديد على أخيها صخر خاصة أنها كانت قد تزوجت رجلا كريما مسرفا فأتلف ماله. فجاءت الخنساء إلى أخيها صخر تشكو له ذلك فقاسمها ماله. وعاد زوجها فأنفق ما جلبته من أخيها. فعادت إلى أخيها مرتين أخريين فقاسمها في كل مرة منهما ما كان قد بقي معه في كل مرة.

ولما جاء الاسلام وفدت الخنساء على الرسول مع قومها وأنشدته من شعرها وأسلمت بين يديه هي وقومها. ولم تترك الخنساء الحزن على أخويها ورثاءهما على الرغم مما خوطبت به في ذلك. ولما وفدت على عمر بن الخطاب في المدينة -وكان لها من العمر خمسون عاما-قال لها عمر، وقد رأى شدة حزنها على أخويها: لماذا تحزنين عليهما وهما في النار؟ فقالت له: ذلك أدعى لحزني عليهما، لقد كنت من قبل أبكي لهما من الثأر وأنا اليوم أبكي لهما من النار!

ولقد كان للخنساء أربعة بنين، فلما سار العرب لفتح العراق جمعت بنيها الاربعة وحضّتهم على القتال ونصرة الاسلام فخاضوا معركة القادسية واستشهدوا جميعهم، فلما جاءها النعيّ بمصرعهم لم تزد على ان قالت: الحمد للّه الذي شرّفني بقتلهم وأرجو أن يجمعني بهم في مستقرّ رحمته.

وقيل إن وفاة الخنساء كانت في سنة 24 ه‍ (644-645 م)، في أول خلافة عثمان بن عفّان، وقيل بل في سنة 42 ه‍ (663 م)، في أيام معاوية.

الخنساء أعظم شواعر العرب على الاطلاق. وشعرها مقطعات كله، وهو فصيح اللفظ رقيق متين السبك رائق الديباجة. وقد غلب على شعرها الفخر قليلا والرثاء كثيرا لما رأينا من فجيعتها بأخويها خاصة. ورثاؤها واضح المعاني رقيق صادق العاطفة بدويّ المذهب على كثرة ما فيه من التلهّف والمبالغة في ذكر محامد أخويها.

-المختار من شعرها:

من المختار من رثاء الخنساء لأخيها صخر قولها:

أعينيّ جودا ولا تجمدا... ألا تبكيان لصخر النّدى

ألا تبكيان الجريء الجميل...أ لا تبكيان الفتى السيدا

رفيع العماد طويل النجا...د ساد عشيرته امردا

إذا القوم مدوا بايديهمُ... إلى المجد، مدّ اليه يدا

فنال الذي فوق أيديهمُ... من المجد ثم انتمى مصعدا

يحمّله القوم ما عالهم...وان كان أصغرهم مولدا

وان ذكر المجد ألفيته... تأزّر بالمجد ثم ارتدى

ومن رثائها المشهور:

يذكرني طلوع الشمس صخرا...واندبه لكل غروب شمس

ولو لا كثرة الباكين حولي...على اخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي، ولكن...أعزي النفس عنه بالتأسّي

فلا واللّه، لا أنساك حتّى...أفارق مهجتي وأزور رمسي

فقد ودعت، يوم فراق صخر...أبي حسّان، لذاتي وأنسي

فيا لهفي عليه ولهف أمي...أ يصبح في الضريح وفيه يمسي

ومن مراثي الخنساء المشهورة في أخيها صخر قولها:

قذى بعينك أم بالعين عوّار...أم ذرّفت، أم خلت من أهلها الدار (1)

كأن عيني، لذكراه إذا خطرت...فيض يسيل على الخدين مدرار (2)

تبكي خناس على صخر وحق لها...إذ رابها الدهر ان الدهر ضرّار

وان صخرا لوالينا (3) وسيدنا...وان صخرا إذا نشتو لنحّار (4)

وان صخرا لمقدام إذا ركبوا...وان صخرا إذا جاعوا لعقّار (5)

وان صخرا لتأتمّ الهداة به...كأنه علم في رأسه نار (6)

______________________

1) القذى (الوسخ) دليل الرمد (المرض)، والتذريف: كثرة البكاء (من الحزن). والعوار: أثر العود إذا طرفت به العين. وكل هذه تؤلم وتمنع النوم.

2) إذا خطرت ذكراه: إذا تذكرته. المدرار: الكثير المتدفق.

3) الوالي: الذي يلي أمرنا (يهتم بنا).

4) نحار: كثير النحر (الذبح) للغنم والإبل.... (كريم جدا).

5) مقدام: جريء. إذا ركبوا (استعدوا للذهاب إلى الحرب). العقار: كثير الذبح للإبل (كريم). ان الإبل تعقر: (تضرب في إحدى قوائمها) أو لا حتى تسقط أرضا، ثم تنحر (تذبح).

6) ان الهداة (الذين يهدون الناس) يهتدون بصخر. انه عظيم مشهور ظاهر لكل عين كالنار المشتعلة في رأس العلم (الجبل).

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.