الولي - الوالي - المولى - الحافظ - الحفيظ - الرقيب - المهيمن. |
8752
10:24 صباحاً
التاريخ: 20-12-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-09-2014
5318
التاريخ: 26/12/2022
1454
التاريخ: 9-11-2014
5011
التاريخ: 9-11-2014
4865
|
إنّ الصفات المذكورة أعلاه ذات مفاهيم مهمّة ومتقاربة وجميعها من صفات الفعل، لذا فقد بحثناها في محلٍّ واحد ليتضح ويكتمل تفسيرها في ظل بعضها البعض، وفي الواقع أنّ هذه المجموعة هي من الصفات الخالقيّة والربوبيّة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى جميع هذه الصفات (حيث ذُكرت أحيانا مرّة واحدة وأحياناً اخرى عدّة مرّات) والآن لنتأمل خاشعين في الآيات التالية :
1- {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاءَ فاللَّهُ هُوَ الوَلِىُّ}. (الشورى/ 9)
2- {وَمَالَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}. (الرعد/ 11)
3- {بَلِ اللَّهُ مَولَاكُم}. (آل عمران/ 150)
4- {فَاللَّهُ خَيرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ}. (يوسف/ 64)
5- {إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ}. (هود/ 57)
6- {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ رَّقِيبًا}. (الأحزاب/ 52)
7- {هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ}. (الحشر/ 23)
توضيح وبلاغ :
«الولي» : من (الولاء)، بالأصل بمعنى استقرار شيئين إلى جوار بعضهما، وتأتي بمعنى القرب، سواءً من حيث المكان أم القرابة النسبيّة، أم من حيث الدين والصداقة والنّصرة والإعتقاد.
هذا ما صرّح به الراغب في مفرداته، وأضاف : (الوِلاية) بكسر الواو تعني المساعدة والنصرة (والوَلاية) بفتح الواو تعني تدبير الأمور (1).
وقد اعتبر صاحب مقاييس اللغة أيضاً أنّ أصل هذه الكلمة يعود إلى مفهوم القرب، وفسّر صاحب كتاب لسان العرب أيضاً كلمة (ولي) بمعنى الناصر والمتولّى لأمور العالم والخلائق.
وعلى أيّة حال، فلهذه الكلمة معانٍ كثيرة، لكنها عندما تُستعمل بخصوص اللَّه تعالى لا ريب في أنّها تعني الولاية وتدبير أمور العالم ونصرة العباد ومؤازرتهم.
وكلمة (مَولى) مشتقّة أيضاً من هذه المادّة، وذُكرِت لها معان كثيرة تعود جميعها إلى الأصل الذي ذكرناه أعلاه (وهو القرب).
وقد ذكر المرحوم العلّامة الأميني رحمه الله- لهذه الكلمة- سبعاً وعشرين معنىً مختلفاً مستخلصاً من كتب اللغة وموارد استعمالها (2).
وكذلك فقد ذكر ابنُ الأثير في النهاية ستة عشر معنىً لها.
وصرّح في إحدى عباراته : بأنّ (مولى) تعني (ولي)، واستشهد في ذلك بقول عمر لعلي عليه السلام : (أصبحت مولى كل مؤمن).
وأضاف قائلًا : قال جماعة بأنّ سبب هذا الأمر هو قول أُسامة لعلي عليه السلام : أنت لستَ بمولاي! بل مولاي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فسمع الرسول هذا الكلام فقال : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» (3).
ومما ذكرناه يتّضح أنّ معنى كلمة (والي) أيضاً والتي هي اسم فاعل من هذه المادة.
لهذا فاللَّه (وليٌ) و (مولى) و (والي) في نفس الوقت، فهو مدبّر أمورنا ومخيَّرٌ فيها وحاكمنا وناصرنا، وهكذا شأنه مع بقية موجودات عالم الوجود.
وكلمة (حافظ) مشتقّة من مادّة (حفظ) وهي ذات معنى مشهور وواضح، وهو الحفظ، وقال الراغب : إنّها تعني رعاية ومراقبة شيء معين، لذلك يُطلق على حالة كظم الغضب (حفيظة) لأنّها تستلزم أن يهتم الإنسان بمراقبة نفسه.
وقد ورد تعبير جامع حول هذا المجال في كتاب التحقيق :
وتعطي كلمة حفظ معانيَ مختلفة تبعاً لاختلاف الموارد والموضوعات على الرغم من كون أصلها واحد، فقد يُقال : حفِظَ المال، أي من التلف، وحفِظَ الأمانة، أي من الخيانة، وحفِظَ الصلاة، أي من الفوت، وحفِظَ فلاناً، أي رعاه، وحفظ يمينه وعهده، أي من مخالفته، وحفظ الأمر الفلاني، أي أودعه في ذهنه (بحيث لا ينساه) ... (4).
ومن هنا يتضح معنى كلمة (حافظ) أيضاً، وتعتبر كلمة (حفيظ) التي هي صفة مشبهة أبلغ معنىً وأكثر ثباتاًمن كلمة (حافظ) التي هي اسم فاعل.
وعلى أيّة حال، فعندما تختص هذه الصفة باللَّه تعالى فإنّها تُعطي معنىً واسعاً يشمل حفظ اللَّه ورعايته لجميع الموجودات الماديّة والمعنويّة، والسماوات والأرض، وكذلك حفظ أعمال العباد، والشرائع والكتب السماوية، وحفظ الأنبياء والأئمّة المعصومين من المزالق (الخطايا)، وحفظ أي عهدٍ عاهد به عباده.
وعليه فإنّ (حافظية) اللَّه و (حفيظيته) تشمل مفاهيم اخرى (كالقيمومية).
ولولا الحفظ الإلهي لما بقي في السماء والأرض موجودٌ على قيد الحياة لحظة واحدة، كما ورد في الآية : {وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَيُرسِلُ عَلَيكُم حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوتُ تَوَفَّتهُ رُسُلُنَا وَهُم لَا يُفَرِّطُونَ}. (الأنعام/ 61)
يتضح من هذه الآية أنّ اللَّه قد أمر الملائكة بحفظ الناس من الحوادث والبلايا حتى وصول الأجل المعيَّن.
وقد ورد شبيهٌ لهذا المعنى في قوله تعالى : {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ يَحفَظُونَهُ مِن أَمرِ اللَّهِ}. (الرعد/ 11)
ونظيرهُ ما جاء عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في نهج البلاغة : «إِنَّ مع كل إنسانٍ ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خليّا بَينَهُ وبَينَهُ» (5).
وقد ورد في سورة الإنفطار أيضاً ما يخص الملائكة المكلَّفين بحفظ وتسجيل أعمال العباد، قال تعالى : {وَإِنَّ عَلَيْكُم لَحَافِظِينَ* كِرَاماً كَاتِبِينَ* يَعلَمُونَ مَا تَفعَلُونَ}.
(الإنفطار/ 10- 12)
وعليه فإنّ حفظ اللَّه، بالمعنى الواسع للكلمة، يتحقق عن طريق علمه وقدرته سبحانه من جهة، وعن طريق الملائكة المكلَّفين بإداء هذه المهمّة من جهةٍ اخرى.
وكلمة (رقيب) كما ورد في المفردات هي بالأصل مشتقّة من مادّة (رقبة) أي العنق، وأُطلقت فيما بعد على المحافظين والمراقبين، إمّا لكونهم يحفظون رقبة مَنْ يرعونَهُ ويحمونه (لأنّ الرقبة من أهم أعضاء البدن فإنّها تُعدّ كناية عن كل وجود الإنسان)، وإمّا لأنّهم يمدّون رقابهم وينظرون إلى ما حولهم بحذرٍ تحسُّباً من المخاطر، لذلك يُطلق على المحل الذي يقف فيه مثل هؤلاء الأفراد (المرقَبْ) (6).
إلّا أنّه ذُكر في بعض كتب اللغة عكس هذا المفهوم، أي أنّ المفهوم الأصلي لهذه الكلمة هو الحراسة والإشراف على الشيء، وإنّما سمي العنق (بالرقبة) لأنّه يُستعان بحركاتها عند الحراسة والمراقبة بواسطة العين والأذن (7).
وقد ورد في كتاب (العين) بأنّ أصل هذه الكلمة يعني (الإنتظار)، وفي كتاب مقاييس اللغة بأنه يعني (الإستطالة برعاية شيء وحراسته).
وعلى أيّة حال فعندما تختصّ هذه الصفة بالباري تعالى فإنّها تعني الحافظ الذي لا يخفى عليه شيء.
ومن الطبيعي أنّ رعاية اللَّه وحفظه لما في الوجود، وجميع العباد، وأعمالهم، تكون بواسطة وجوده في كل مكان، فلا حاجةَ له إلى نظرٍ أو مدّ رقبةٍ، ولا ما شاكل ذلك من عوارض الموجودات الماديّة.
ووردت كلمة (مهيمن) في موضعين من القرآن الكريم، الأول في الآية 23 من سورة الحشر، كصفة للَّه، والتي ذكرناها أعلاه، والثاني في الآية 48 من سورة المائدة، كصفة للقرآن الكريم.
وهناك رأيان حول أصل هذه الكلمة، يتمثل الأول باعتقاد جماعة بأنّها مأخوذة من مادّة (هَيْمَنَ) أي بمعنى الرعاية والحفظ، لكن الكثير من أرباب اللغة يعتقدون بأنّها مشتقة من مادّة (إيمان) التي تبدلت همزتها إلى هاء، وتعني الواهب للسكينة والأمان، وعندما تختصُّ هذه الكلمة بالباري تعالى فانّها تأتي بمعنى الحفيظ.
وفسّرها البعض بمعنى الشاهد والناظر أو القيّوم بأمور الخلائق (8).
وقد ورد في مصباح الكفعمي عن بعض العلماء- حول تفسير هذه الكلمة- : إنّها تعني الحافظ لأعمال العباد ومقدرات أعمارهم وأرزاقهم (9)، ولكن كما قلنا : إنّ لهذه الكلمة معنىً أوسعَ.
من مجموع ما ذكرناه في تفسير هذه الصفات السبع، التي لها مفاهيم متقاربة أو متلاصقة مع بعضها، تتجلى أمامنا صفحة اخرى من المعارف وصفات الفعل الإلهيّة، صفحة ذات آثار تربويّة ثمينةٍ وقيمّة جدّاً.
إنّها تدعو الناس إلى فعل الخيرات واجتناب أي لونٍ من القبائح والسيئات، وذلك لأنّهم يعلمون بأنّ اللَّه يراهم حيثما كانوا، وتطمئنهم إزاء الحوادث الصعبة، لأنّهم يعلمون بأنّ اللَّه هو الحافظ.
لهذا فإننا نقول : إنّ ذكر الصفات الإلهيّة في القرآن الكريم ذو هدفين اساسيين : أحدهما رفع مستوى معرفة الإنسان بربّه، والآخر تربيته في مختلف الجوانب.
_______________________
(1) ذكر المرحوم الكفعمي في المصباح عكس هذا، وكذلك ابن الأثير في النهاية، فقد ذكر أنّ الولاية تعني تصدّي إدارة الأمور، والوَلاية بمعنى النصرة والمساعدة، ولا يُستبعد أن يكون هنالك خطأ في نقل كتاب المفردات.
(2) من معانيها رب، عم وأولاد العم، ولد، ابن الأخت، مطلق سراح العبد، مالك، تابع، المنعم عليه، شريك، زوج، صاحب، جار، ضيف، زوج البنت، قريب، مُنعم، عقيد، ولي، أولى، سيد، صديق، ناصر، المتصرف في الأمور، مدبّر الأمور. الغدير، ج 1، ص 362.
(3) نهاية ابن الأثير، ج 5، ص 228، مادّة (ولي).
(4) التحقيق في كلمات القرآن الكريم، مادّة (حفظ).
(5) نهج البلاغة، القصار الكلمات، الكلمة 201.
(6) المصباح المنير للفيومي.
(7) التحقيق في كلمات القرآن الكريم.
(8) لسان العرب، مقاييس اللغة، ونهاية ابن الأثير. وقد نُقل في بعض التفاسير عن أبي عبيدة أحد علماء اللغة بأنّه قال : يوجد في كلام العرب خمسة أسماء فقط على هذا الوزن هي : (المهيمن) (المبيطر)، (المسيطر)، (المبيقر)، و (المخيمر) ... عن تفسير روح الجنان.
(9) مصباح الكفعمي، ص 318.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل معتمد المرجعية الدينية العليا وعدد من طلبة العلم والوجهاء وشيوخ العشائر في قضاء التاجي
|
|
|