أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-09
1608
التاريخ: 12-10-2014
1389
التاريخ: 12-10-2014
1314
التاريخ: 10-12-2014
1615
|
نقرأ في قوله تعالى : {انَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا ايُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب/ 56).
لقد تم تجسيد مقام نبي الإسلام صلى الله عليه و آله في هذه الآية بأفضل وجه، ذلك أنّ اللَّه تعالى وملائكته المقربين يصلون على النبي صلى الله عليه و آله، وكذلك صدور الأمر لجميع المؤمنين أن يصلوا ويسلموا عليه بدون استثناء.
أي مقام اسمى من هذا المقام؟ وأي عظمة فوق هذه العظمة؟
صحيح أنّه لم يرد في هذه الآية، كلام عن آل الرسول صلى الله عليه و آله إلّا أننا نقرأ في الكثير من الروايات أنّ أصحابه وانصاره عندما سألوه : كيف نصلي ونسلم عليك، فقد جعل الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله «الآل» إلى جانب الصلاة عليه، وجميع الرحمة والسلام اللذين يطلبان من اللَّه تعالى فهما له، وآله أيضاً، وهذه قرينة على أنّ الصلوات والتحية من اللَّه والملائكة تتسم بالتعميم أيضاً، فهي تشمل الرسول صلى الله عليه و آله وآله وهذه ليست مسألة بسيطة، بل إنّها توضح أنّ لهم مقامات تالية لمقام الرسول صلى الله عليه و آله، وتكليف شبيه بتكليفه من بعض الجهات، وإلّا فإنّ هذا المقام الشامخ لا يمكن أن يكون لهم بسبب القرابة فقط.
وننتقل الآن إلى طائفة من هذه الروايات الواردة في أشهر مصادر السنة :
1- نقل في «صحيح البخاري» عن أبي سعيد الخدري قلنا : يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله السلام عليك معلوم، كيف نصلّي عليك؟ قال : «قولوا اللّهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم» (1).
وينقل هذا الحديث في نفس الكتاب والصفحة بنحو اكمل عن «كعب بن عجره» أحد الصحابة المعروفين أنّه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله : عرفنا كيفية السلام عليك، ولكن كيف يجب أن تكون الصلوات عليك؟ قال : «قولوا اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد» (2).
تجدر الإشارة إلى أنّ البخاري يذكر هذه الأحاديث في نهاية الآية الشريفة : {إنّ اللَّه وملائكته ...}.
2- نقل في «صحيح مسلم» وهو ثاني مصدر معروف للحديث عند الاخوة السنّة عن «أبي مسعود الأنصاري» أنّ الرسول صلى الله عليه و آله دخل علينا ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال بشير بن سعد : يا رسول اللَّه! لقد امرنا اللَّه بأنّ نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت الرسول أولًا، ثم قال : «قولوا اللّهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبراهيم، بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد» (3).
3- وفي تفسير «الدر المنثور» وهو اشهر تفسير روائي ينقل نفس رواية «أبو سعيد الخدري» عن «البخاري» و «النسائي» و «ابن ماجة» و «ابن مردويه» عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله (4).
ونقل في نفس الكتاب عبارة «أبو مسعود الأنصاري» عن «الترمذي» و «النسائي» و «ابن مردويه» (5).
وينقل عين هذا المضمون أيضاً بفارق قليل عن «مالك» و «أحمد» و «البخاري» و «مسلم «و «أبو داود» و «النسائي» و» ابن ماجة» و «ابن مردويه» عن «أبي أحمد الساعدي» (6).
و ينقل الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين عن ابن أبي ليلى أنّ «كعب بن عجرة» صادفني وقال : أتريد أن اعطيك هدية سمعتها من الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله؟! قلت : بلى اهدني! قال : سألنا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : كيف نصلي عليكم أهل البيت؟ قال قولوا : «اللّهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، اللّهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد».
ثم يقول الحاكم النيسابوري وقد عزم على ذكر أحاديث غير مذكورة في صحيحي البخاري ومسلم : نقل البخاري هذا الحديث في كتابه عن «موسى بن إسماعيل» بنفس هذا السند والألفاظ، والسبب في ذكري إيّاه ثانية هنا يعود للإشارة إلى أنّ «أهل البيت» و «الآل» أمر واحد، وتجدر الإشارة إلى أنّ الحاكم نقل هذا الحديث بعد حديث «الكساء» الذي اشير فيه وبشكل صريح أنّ أهل بيتي علي وفاطمة والحسن والحسين (7)، وهذا تعبير عميق المعنى.
وبعد ذلك ينقل «الحاكم» حديث الثقلين، وبعده حديث «أبو هريرة» أنّ الرسول صلى الله عليه و آله نظر إلى علي والحسن والحسين وقال : «أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم» (8).
ونقل محمد بن جرير الطبري في تفسيره نهاية هذه الآية الرواية أعلاه مع اختلاف بسيط عن «موسى بن طلحة» عن أبيه، ويروي برواية اخرى نفس الحديث عن ابن عباس، وفي رواية ثالثة عن «زياد» عن «إبراهيم»، وفي رواية رابعة عن «عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري» (9).
ونقل البيهقي أيضاً في كتابه المعروف «السنن» روايات متعددة بهذا الصدد حيث إنّ بعضها يوضح تكليف المسلمين في الصلاة وأثناء التشهد، ومنها في حديث عن «أبي مسعود وعقبة بن عمرو»، ينقل أنّ رجلًا جاء وجلس بين يدي الرسول صلى الله عليه و آله وكنا جلوساً عنده، فقال : يا رسول اللَّه إنا نعرف كيفية السلام عليك، ولكن كيف نصلي عليك أثناء الصلاة؟
فسكت الرسول صلى الله عليه و آله حتى قلنا : ليت الرجل لم يسأل مثل هذا السؤال، ثم قال : «إذا أنتم صليتم علي فقولوا اللّهم صل على محمد النبي الامي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الامي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد».
ثم ينقل عن «أبي عبد اللَّه الشافعي» أنّه حديث صحيح بشأن الصلوات على النبي صلى الله عليه و آله في الصلوة (10).
وأورد البيهقي أحاديث متعددة اخرى بصدد كيفية الصلاة على الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله بشكل مطلق أو في الصلاة خاصة في حديث عن «كعب بن عجرة» عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله ينقل أنّه كان يقول في الصلاة : «اللّهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد» (11).
يتضح من هذا الحديث أنّه حتى الرسول صلى الله عليه و آله كان يذكر هذه الصلوات في صلواته.
يقول البيهقي في نهاية احدى الروايات التي لم يرد الحديث فيها عن الصلاة :- هذه الروايات ناظرة إلى حال الصلاة لأنّ جملة «قد علمنا كيف نسلم» هي إشارة إلى السلام في التشهد (السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللَّه وبركاته) لذا فإنّ المراد من الصلوات هي الصلوات في حال التشهد (12).
وعلى هذا الأساس فإنّ المسلمين مأمورون بالصلاة على الرسول صلى الله عليه و آله في التشهد أيضاً كما هم مأمورون حسب اعتقاد جميع الفرق الإسلامية بالسلام على الرسول صلى الله عليه و آله في التشهد بلفظ : «السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللَّه».
وبالرغم من أنّه يلاحظ هنا اختلاف بسيط بين المذاهب الأربعة للسنّة، إذ إنّ الشافعيين والحنبليين يقولون : الصلاة على الرسول صلى الله عليه و آله في التشهد الثاني واجبة، في الوقت الذي يقول المالكيون والحنفيون : إنّها سنّة (13)، إلّا أنّه وطبقاً للروايات الآنفة فإنّها واجبة على الجميع.
وعلى أيّة حال فإنّ الكتب التي نقلت فيها الروايات المرتبطة بالصلوات على محمد وآل محمد صلى الله عليه و آله (سواء بشكل مطلق أو في خصوص التشهد في الصلاة) أكثر ممّا أوضحناه في هذا الموجز، وما ذكر هنا كان بمثابة نموذج من هذه الروايات والكتب، وقد نقل هذه الروايات مجموعة من الصحابة أمثال ابن عباس، وطلحة، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأبو مسعود الأنصاري، وبريدة، وابن مسعود، وكعب بن عجره، وشخص علي صلى الله عليه وآله.
الملاحظة المحيرة جدّاً أنّ علماء السنّة بالرغم من كل هذه التأكيدات الواردة في روايات الرسول صلى الله عليه و آله بشأن إضافة آل محمد تراهم دائماً (باستثناء بعض الموارد النادرة) يحذفون «آل محمد» ويقولون صلى اللَّه عليه وسلم!.
والأعجب من ذلك أنّه في كتب الحديث، وحتى في الأبواب التي تنقل فيها الروايات الآنفة بشأن إضافة «آل محمد صلى الله عليه و آله» فإنّهم عندما يذكرون اسم الرسول صلى الله عليه و آله في طيات هذه الأحاديث يقولون : «صلى اللَّه عليه وسلم»! (بدون إضافة الآل) ولا ندري ما عذرهم بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في هذه المخالفة الصريحة لأوامره وتوجيهاته؟
فمثلًا يكتب البيهقي في عنوان هذا الباب «باب الصلوة على النبي صلى اللَّه عليه وسلم في التشهد»! وكذا الحال في البعض الآخر من مصادر الحديث المعروفة.
إنّ اختيار هذا العنوان سواء كان من قبل مؤلفي هذه الكتب أو من قبل المحققين التالين لهم، ومع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد في نهايته عجيب ومتناقض جدّاً.
وننهي هذا الموضوع بذكر حديثين آخرين :
1- ينقل ابن حجر في الصواعق هكذا : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال : «لا تصلوا علي الصلاة البتراء، قالوا : وما الصلاة البتراء؟ قال : تقولون اللّهم صل على محمد وتمسكون، بل قولوا :
اللهم صل على محمد وآل محمد» (14).
يوضح هذا الحديث أنّه حتى كلمة «على» يجب أن لا تفصل بين محمد، وآل محمد ويجب القول : «اللهم صل على محمد وآل محمد».
2- ينقل السمهودي في الاشراف على فضل الاشراف عن ابن مسعود الأنصاري أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال : «من صلى صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل» (15).
وعلى ما يبدو أنّ الإمام الشافعي في شعره المعروف، أخذ بنظر الاعتبار هذه الرواية يقول :
يا أهل بيت رسول اللَّه حبكم فرض من اللَّه في القرآن انزلهُ
كفاكم من عظيم القدر أنّكم من لم يصل عليكم لا صلاة لهُ (16)
يا ترى، أنّ الذين يمتلكون مثل هذا المقام الذي يجب ذكر أسمائهم إلى جانب اسم النبي صلى الله عليه و آله في الصلوة كواجب وفريضة إلهيّة، هل يمكن مساواتهم مع الآخرين.
وهل يبقى مكان لغيرهم للتصدي لمسألة الولاية والإمامة وخلافة النبي صلى الله عليه و آله بوجودهم؟ وأي منصفٍ بوسعه أن يرجّح الآخرين عليهم- مع حيازتهم على كل هذه الفضائل والمقام الشامخ-؟ ألّا توضح كل هذه الادلة مسألة الولاية والخلافة بشكل مباشر؟ لكم أن تحكموا بأنفسكم.
______________________
(1) شواهد التنزيل، ج 1، ص 262.
(2) صحيح البخاري ج 6، ص 151.
(3) المصدر السابق.
(4) صحيح مسلم، ج 1 ص 305، ح 65.
(5) تفسير در المنثور، ج 5 ص 217.
(6) المصدر السابق.
(7) المصدر السابق.
(8) المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 148.
(9) المستدرك على الصحيحين ج 3، ص 149.
(10) تفسير جامع البيان، ج 22 ص 32.
(11) سنن البيهقي ج 2 ص 146 و 147.
(12) سنن البيهقي ج 2 ص 147.
(13) سنن البيهقي ج 2 ص 147.
(14) الفقه على المذاهب الأربعة، ج 1، ص 266.
(15) الصواعق، 144.
(16) السمهودي في الاشراف، ص 28 طبقاً لنقل احقاق الحق، ج 18، ص 310.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|