أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-23
![]()
التاريخ: 2023-10-17
![]()
التاريخ: 2025-04-02
![]()
التاريخ: 2024-07-03
![]() |
الإحرام ركن من أركان الحج من تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف ، ولا يجوز إلا في زمان مخصوص ، وهو شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة ، فمن أحرم قبل ذلك لم ينعقد إحرامه ، بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط ، وأيضا قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (1)، والتقدير وقت الحج ، لأن الحج لا يصح وصفه بأنه أشهر ، وتوقيت العبادة في الشرع بزمان ، يدل على أنها لا تجزي في غيره.
ولا تعلق للمخالف بقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ) (2) ، لأنا نخص الإحرام بما ذكرناه من الشهور ، بدليل ما قدمناه ، كما خصصنا كلنا ما عداه من أفعال الحج بأيام مخصوصة من ذي الحجة ، ولأن أبا حنيفة عنده : أن الإحرام ليس من الحج فلا يمكنه التعلق بالآية ، ولأن توقيت الفعل بوقت يقتضي جواز فعله فيه من غير كراهة ، وعند أبي حنيفة : أن تقديم الإحرام مكروه.(3)
ولا يجوز عقد الإحرام إلا في موضع مخصوص ، وهو لمن حج على طريق المدينة ذو الحليفة ، وهو مسجد الشجرة ، ولمن حج على طريق الشام الجحفة ، ولمن حج على طريق العراق بطن العقيق ، وأوله المسلخ وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق ، ولمن حج على طريق اليمن يلملم ، ولمن حج على طريق الطائف قرن المنازل.
وقلنا ذلك للإجماع المكرر وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة ، وأيضا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت هذه المواقيت ، وإذا كان معنى الميقات في الشرع ما يتعين للفعل ، ولا يجوز تقديمه عليه ، كمواقيت الصلاة ، كان من جوز تقديم الإحرام على الميقات مبطلا لهذا الاسم.
ومن تجاوز الميقات من غير إحرام متعمدا ، ولم يتمكن من الرجوع إليه ، كان عليه إعادة الحج من قابل ، وإن كان ناسيا أحرم من موضعه ، ويجوز لمن منزله دون الميقات الإحرام منه ، وإحرامه من الميقات أفضل.
وميقات المجاور ميقات أهل بلده ، فإن لم يتمكن فمن خارج الحرم ، فإن لم يقدر فمن المسجد الحرام ، وذلك بدليل الإجماع الماضي.
ويستحب لمريد الإحرام قص أظفاره وإزالة الشعر عن إبطيه وعانته ، وأن يغتسل ، بلا خلاف ، ويجب عليه لبس ثوبي إحرامه ، يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، ولا يجوز أن يكونا مما لا يجوز الصلاة فيه ، ويكره أن يكونا مما تكره الصلاة فيه ، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم ، بدليل الإجماع المتردد ، ويجزي مع الضرورة ثوب واحد بلا خلاف.
ويستحب أن يصلي صلاة الإحرام ، وأن يقول بعدها إن كان متمتعا:
اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك ، فيسر لي أمري ، وبلغني قصدي ، وأعني على أداء مناسكي ، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلي حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي. اللهم إن لم يكن حجة فعمرة. اللهم إن لم يكن عمرة فحجة. أحرم لك لحمي ودمي وشعري وبشري من النساء والطيب والصيد ، وكل محرم على المحرمين أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة.
وإن كان قارنا قال:
اللهم إني أريد الحج قارنا فسلم لي هدي وأعني على أداء مناسكي ، إلى آخر الدعاء.
وإن كان مفردا قال:
اللهم إني أريد الحج مفردا فسلم لي مناسكي وأعني على أدائها إلى آخر الدعاء ، ثم يجب عليه أن ينوي نية الإحرام على الوجه الذي قدمناه ، ويعقده بالتلبية الواجبة ، وهي:
لبيك اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.
ولا ينعقد الإحرام إلا بها أو بما يقوم مقامها من الإيماء لمن لا يقدر على الكلام ، ومن التقليد أو الإشعار للقارن ، بدليل الإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة ، وأيضا ففرض الحج مجمل في القرآن ، ولا خلاف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعل التلبية ، وفعله عليه السلام إذا ورد مورد البيان كان على الوجوب.
ويعارض المخالف بما روى من طرقهم أن جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له : مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج (4) وهذا نص ، وبقوله لعائشة : انقضي رأسك وامتشطي واغتسلي ودعي العمرة ، وأهلي بالحج (5) ، والإهلال هو التلبية ، وأمره على الوجوب ، وليس لهم أن يقولوا : المراد بالإهلال : الإحرام لأن الإهلال في لغة العرب رفع الصوت ، ومنه قولهم : استهل الصبي : إذا صاح ، ومنه سمي الهلال هلالا ، لارتفاع الأصوات عند رؤيته ، ويبطل ذلك ما رووه عن ابن عباس من قوله : إنه صلى الله عليه وآله وسلم أهل في مصلاه ، وحين مرت به راحلته ، وحين بلغ البيداء (6) لأن الإحرام متقدم على بلوغ البيداء.
ومن الألفاظ المستحبة في التلبية:
لبيك ذا المعارج لبيك ، لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك ، لبيك مبدئ الخلق ومعيده لبيك ، لبيك غافر الذنب لبيك ، لبيك قابل التوب لبيك ، لبيك كاشف الكرب العظام لبيك ، لبيك فاطر السماوات لبيك ، لبيك أهل التقوى وأهل المغفرة لبيك ، لبيك متمتعا بالعمرة إلى الحج لبيك ، إن كان متمتعا ولا يقول : لبيك بعمرة وحجة تمامها عليك ، لأن ذلك يفيد بظاهره تعليق نية الإحرام بالحج والعمرة معا ، وذلك لا يجوز.
وإن كان قارنا أو مفردا قال : لبيك بحجة تمامها وبلاغها عليك ، وإن كان نائبا عن غيره قال : لبيك عن فلان بن فلان لبيك.
وأوقات التلبية أدبار الصلوات ، وحين الانتباه من النوم ، وبالأسحار ، وكلما علا نجدا ، أو هبط غورا ، أو رأى راكبا ، ويستحب رفع الصوت بها للرجال ، وأن لا يفعل إلا على طهر ، وآخر وقتها للمتمتع إذا شاهد بيوت مكة ، وحدها من عقبة مدنيين إلى عقبة ذي طوى ، وللقارن والمفرد إذا زالت الشمس من يوم عرفة ، وللمعتمر عمرة مبتولة إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم ، فإن كان المعتمر خارجا من مكة فإذا شاهد الكعبة.
والمتمتع إذا لبى بالحج متعمدا بعد طواف العمرة وسعيها وقبل التقصير بطلت متعته ، وصار ما هو فيه حجة مفردة ، وإن لبى ناسيا لم تبطل ، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
وإذا انعقد إحرامه حرم عليه أن يجامع ، أو يستمني ، أو يقبل ، أو يلامس بشهوة بلا خلاف ، وأن يعقد نكاحا لنفسه أو لغيره ، أو يشهد عقدا ، فإن عقد فالعقد فاسد ، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
ويعارض المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب (7) ، وفي رواية : ولا يشهد ، وهذا نص. وقولهم : لفظة نكاح حقيقة في الوطء خاصة ، غير مسلم ، بل وفي العقد ، بدليل ظاهر الاستعمال ، قال الله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) (8) (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) (9) (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) (10) ولا خلاف أن المراد بذلك العقد.
وإذا كان لفظ النكاح مشتركا وجب حمله على الأمرين ، وما رووه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم تزوج ميمونة (11) وهو محرم (12) معارض بما روي عن ميمونة من قولها : خطبني رسول الله وهو حلال وتزوجني وهو حلال (13) وفي خبر آخر : وتزوجني بعد رجوعه من مكة ، وخبر المنكوحة أولى لأنها أعرف بحقيقة الحال ، وأيضا فالعرب تسمي من كان في الشهر الحرام محرما قال الشاعر (14):
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما ...
ولم يكن عاقدا للإحرام بلا خلاف ، فيحمل خبرهم على أن الراوي أراد به تزويجها وهو في الشهر الحرام.
ويحرم عليه أن يلبس مخيطا بلا خلاف ، إلا السراويل عند الضرورة عند بعض أصحابنا (15) وبعض المخالفين (16) ، وعند قوم من أصحابنا أنه لا يلبس حتى يفتق ويصير كالمئزر وهو أحوط ، وأن يلبس ما يستر ظاهر القدم من خف أو غيره بلا خلاف ، وأن تلبس المرأة القفازين (17) بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
ويعارض المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تنتقب المرأة في الإحرام ولا تلبس القفازين (18) وهو نص.
ويحرم على الرجل تغطية رأسه ، وعلى المرأة تغطية وجهها بلا خلاف ، ويحرم عليه أن يستظل وهو سائر ، بحيث يكون الظلال فوق رأسه كالقبة ، فأما إذا نزل فلا بأس بجلوسه تحت الظلال ، من خيمة أو غيرها ، ويحرم عليه الارتماس في الماء ، وذلك بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
ويحرم عليه أن يصطاد ، أو يذبح صيدا ، أو يدل على صيد ، أو يكسر بيضة بلا خلاف ، وأن يأكل لحمه وإن صاده المحل ولم تكن منه دلالة عليه ، بلا خلاف من الأكثر ، ودليلنا على ذلك إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط ، وقوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (19) ، لأنه يتناول كل فعل لنا في الصيد من غير تخصيص.
ويحرم عليه أن يدهن بما فيه طيب ، أو يأكل ما فيه ذلك ، وأن يتطيب بالمسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران بلا خلاف ، ويحرم عليه الفسوق وهو عندنا الكذب على الله تعالى ، أو على رسوله ، أو على أحد الأئمة من آل محمد عليهم السلام ، والجدال وهو عندنا قول : (لا والله) و (بلى والله) بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
وقول المخالف : ليس في لغة العرب أن الجدال هو اليمين ، ليس بشيء ، لأنه غير ممتنع أن يقتضي العرف الشرعي ما ليس في الوضع اللغوي ، كما يقوله في لفظة (غائط) ثم الجدال إذا كان في اللغة المنازعة والمخاصمة ، وكان ذلك يستعمل للمنع والدفع ، وكانت اليمين تفعل لذلك كان كافيا فيها معنى المنازعة.
ويحرم عليه أن يقطع شيئا من شجر الحرم الذي لم يغرسه في ملكه ، وليس من شجر الفواكه ، والإذخر (20) ، وأن يجز حشيشه بلا خلاف ، فأما شجر الفواكه والإذخر وما غرسه الإنسان في ملكه فيجوز قطعه ، وكذا رعي الحشيش بدليل إجماع الطائفة.
وأيضا فتحريم ذلك يفتقر إلى دليل شرعي ، وليس في الشرع ما يدل عليه ، ويخص الرعي عمل المسلمين من لدن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك وإلى الآن من غير إنكار من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الصحابة أو أحد العلماء.
ويحرم عليه أن يزيل شيئا من شعره ، أو يقص شيئا من أظفاره ، وأن يتختم للزينة ، أو يدمي جسده بحك أو غيره ، وأن يزيل القمل عن نفسه ، أو يسد أنفه من الرائحة الكريهة ، بلا خلاف أعلمه.
ويحرم عليه أن يلبس سلاحا ، أو يشهره إلا لضرورة ، وأن يقتل شيئا من الجراد والزنابير مع الاختيار ، فأما البق والبراغيث فلا بأس أن يقتل في غير الحرم ، ولا بأس بقتل ما يخافه من الحياة والعقارب والسباع في الحرم وغيره بدليل الإجماع الماضي ذكره.
ويحرم عليه أن يمسك ما كان معه من صيد قبل الإحرام ، وأن يخرج شيئا من حمام الحرم منه ، وأن لا يرده بعد إخراجه ، وأن يمسك ما يدخل به إلى الحرم من الطير بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط ، وأيضا قوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (21) ، والمراد تحريم أفعالنا فيه ، واستدامة الإمساك بعد الإحرام ، ودخول الحرم ، والإخراج واستدامة فعلنا فيه ، فيجب أن يكون محرما.
__________________
(1) البقرة : 197.
(2) البقرة : 189.
(3) لاحظ المغني لابن قدامة : 3 ـ 224 كتاب الحج باب ذكر الإحرام.
(4) التاج الجامع للأصول : 2 ـ 121.
(5) صحيح البخاري : 2 ـ 172 كتاب الحج ، والتاج الجامع للأصول : 2 ـ 126.
(6) جامع الأصول لابن الأثير: 3 ـ 435 برقم 1364.
(7) التاج الجامع للأصول : 2 ـ 117 كتاب الحج ، وجامع الأصول لابن الأثير : 3 ـ 412 .
(8) النور : 32.
(9) النساء : 25.
(10) النساء : 3.
(19) ميمونة بنت الحارث ، تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سنة 7 ه ـ روت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنها ابن أختها عبد الله بن عباس وغيره ، ماتت سنة 51 ه ـ ، لاحظ اعلام النساء : 5 ـ 138 وتهذيب التهذيب : 12 ـ 453.
(12) صحيح البخاري : 3 ـ 19 ، والتاج الجامع للأصول : 2 ـ 117 ، ونيل الأوطار : 5 ـ 14.
(13) سنن الترمذي : 3 ـ 201 ، وجامع الأصول : 3 ـ 411 ، والتاج الجامع للأصول : 2 ـ 117.
(14) الشاعر هو الراعي النميري ، ومصرعه الأخير : (ودعا فلم أر مثله قتيلا) ، لاحظ الأغاني : 23 ـ 348 ، وجمهرة العرب : 1 ـ 523.
(15) القاضي ابن البراج : المهذب : 1 ـ 212.
(16) لاحظ صحيح البخاري : 3 ـ 21 كتاب الحج.
(17) القفاز ـ مثل تفاح ـ : شيء تتخذه نساء الأعراب ، ويحشى بقطن يغطي كفي المرأة وأصابعها. المصباح المنير.
(18) صحيح البخاري : 3 ـ 19 كتاب الحج.
(19) المائدة : 96.
(20) الإذخر ـ بكسر الهمزة والخاء ـ : نبات معروف زكي الريح. المصباح المنير.
(21) المائدة : 96.
|
|
لشعر لامع وكثيف وصحي.. وصفة تكشف "سرا آسيويا" قديما
|
|
|
|
|
كيفية الحفاظ على فرامل السيارة لضمان الأمان المثالي
|
|
|
|
|
شعبة مدارس الكفيل: مخيَّم بنات العقيدة يعزِّز القيم الدينية وينمِّي مهارات اتخاذ القرار لدى المتطوِّعات
|
|
|