أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
![]()
التاريخ: 11-12-2015
![]()
التاريخ: 24-09-2014
![]()
التاريخ: 24-09-2014
![]() |
هناك جماعة بين المسلمين وغير المسلمين تدعى ب (المجسّمة) ، والتي تعتقد بجسمانية اللَّه ، وتنسب إليه جميع عوارض الأجسام ، وقد نُقلَت عنهم مطالب مُضحكة ومُخجلَة في نفس الوقت ، إلى درجة أنّ الشهرستاني في كتاب «الملل والنحل» ينقل عنهم أنّهم يقولون حتى بإمكانية لمس اللَّه ، ومصافحته ومعانقته ، من قبل المسلمين الخُلَّص !! حتى أنّه نُقِلَ عن (داود الجواربي) ، الذي كان من القائلين بهذا المذهب ، أنّه قال : «اعفوني من الفرج واللحية واسألوني عمّا وراء ذلك ، فمعبودي جسم ودم ولحم ، وله جوارح وأعضاء ، من يدٍ ورجلٍ ، ورأس ، ولسان ، وعينين ، وأذنَين ، ومع ذلك فهو جسم لا كالأجسام وليس كمثله شيء ، ولحم لا كاللحوم!».
وكذلك نُقل عنه أيضاً بأنّه كان يقول : «إنّه (1) أجوف من أعلاه إلى صدره ، مصمت ما سوى ذلك ، وإنّ له وفرة سوداء (2) وله شعر قط (3)).
ويذكر (المحقق الدواني) عنهم عجائب اخرى فيقول : «إنّهم طوائف مختلفة ، فبعضهم يقول : إنّه (عزّ وجلّ) مركب من لحم ودم !!
ويقول البعض الآخر : إنّه نور متلالي كصحيفة بيضاء طوله سبعة أشبار من أشباره هو !
ويقول البعض : إنّه شاب أمرد ذو شعرٍ مجعّد !
والبعض يقولون : إنّه بشكل شيخ كبير لون شعر رأسه ولحيته سوداء بيضاء» (4).
إنّ هذا الكلام غير العقلائي يشير بوضوح إلى مقدار ما تحمله هذه الطائفة من انحطاط فكري ، فعبّروا عن اللَّه تعالى بتعابير لا تصدر حتى من الأطفال الصغار ، ولم يخجلوا من ذكر هذه الأمور.
طبعاً لا يمكن التصديق الآن بوجود أحد من المسلمين أو غير المسلمين يحمل مثل هذه الاعتقادات.
وبما أنّ كلّ إفراطٍ يتبعه تفريط ، فقد ظهر في مقابل هؤلاء جماعة احترزوا عن التشبيه إلى درجة أنّهم كانوا يقولون : إذا حرّك أحد يديه أثناء قراءة آية {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص : 75] وجب قطع يديه ! أو إذا أشار بأصبعيه عند قراءة هذه الرواية الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال : «قلبُ المؤمن بين إصبعَين من أصابع الرحمن». وجب قطع كلا إصبعيه»! (5).
وعلى أيّة حال يظهر أنّ هذه العقائد السخيفة الركيكة بخصوص جسميّة اللَّه تعالى تنبع من أحد أمرين :
الأول : الأنس المفرط بعالم المادّة والمحسوسات ، الأنس المصحوب بالسّذاجة والجهل الذي لا يسمح للإنسان تقبَّل شيء غير المادّة ، الأنس الذي يؤدّي إلى مقايسة اللَّه عزّ وجلّ بالإنسان وصفاته.
الثاني : التعابير الكنائية والمجازيّة الملحوظة في القرآن الكريم والروايات الإسلامية ، حيث يمكن أن يتوهّم السُّذَّج منها الجسميّة.
ولكن بالإلتفات إلى نقطة واحدة يتّضح بأنّ قبول فكرة الجسميّة بالنسبة للَّه تعالى يُساوي نفي إلوهيته ، ونفي وجوب وجوده ، لأنّ كُلّ جسمٍ يتشكل من أجزاء ، ولابدّ له من لزوم المكان والزمان ، وكونه معرضاً للحوادث والتغيُّرات ويتجه دائماً نحو الهلاك والفناء ، وتكفي كل واحدةٍ من هذه الصفات لنفي إلوهية اللَّه ووجوب وجوده.
مضافاً إلى ذلك أنّه لو كان جسماً لكان له شبيه ومثيل ، ونحن نعلم أنّ آيات متعددة من القرآن الكريم نفت عن اللَّه تعالى أي شبيهٍ أو مثيل.
ونختم هذا الكلام بحديثٍ منقول عن الإمام الكاظم عليه السلام : «ذكر عنده قوم زعموا أنّ اللَّه تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا ؟ فقال : إنّ اللَّه لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل ، إنّما منظره في القرب والبعد سواء) .... ، ولم يحتج إلى شيء بل يُحتاج إليه ، أمّا قول الواصفين :
إنّه ينزل تبارك وتعالى عن ذلك فإنّما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة ، وكل متحرك محتاج إلى من يحرّكه أو يتحرك به فمن ظن باللَّه الظنون فقد هلك وأهلك ، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حدّ من نقص أو زيادة ، أو تحريك أو تحرك ، أو زوال أو استنزال ، أو نهوض أو قعود فإنّ اللَّه عزّ وجلّ عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوّهم المتوهمين» (6).
وهناك روايات كثيرة في هذا المجال ولكن وضوح الموضوع يغنينا عن التوغُّل في البحث (7).
والعجب من إصرار بعض أرباب الملل والنحل على نسب مسألة الاعتقاد بجسمانية اللَّه تعالى إلى الشيعة اتباع مذهب أهل البيت عليه السلام ، لكن مطالعة كُتب الشيعة تشير بوضوح إلى انهم بلغوا القمّة في تنزيه اللَّه تعالى عن الجسمانية ، وأي صفةٍ من صفات الأجسام وعوارضها ، لذا فقد قال الإمام الرضا عليه السلام : «إنّه ليس منّا من زعم أن اللَّه عزّ وجلّ جسم ونحن منه بُراء في الدنيا والآخرة» (8).
_______________________
(1) الملل والنحل ، ج 1 ، ص 96- 97.
(2) «الوفرة» (بفتح وسكون) شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الاذن.
(3) «شعر قط» (بالفتح والتشديد) و«قطط» (الفتحتين) وقيل قصير كثير الجعودة ، حسن التجاعيد.
(4) بحار الأنوار ، ج 3 ، ص 289.
(5) الملل والنحل ، ج 1 ، ص 97.
(6) بحار الأنوار ، ج 3 ، ص 311 ، ح 5 باختصار.
(7) لزيادة الأطلاع على روايات هذا الموضوع راجع توحيد الصدوق ، ص 97- 104- باب أنّه عزّ وجلّ ليس بجسمٍ ولا صورةٍ (فهنالك عشرون رواية منقولة حول هذا الموضوع 205).
(8) توحيد الصدوق ، نفس الباب السابق ، ح 20.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|