الرد على المادييين الذين ذهبوا الى أن المادة أزلية وأبدية ولا حاجة الى علة خارجية |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
![]()
التاريخ: 1-07-2015
![]()
التاريخ: 5-12-2017
![]()
التاريخ: 12-1-2017
![]() |
أنهم يقولون: بأن المادة أزلية وأبدية وباصطلاح الموحدين هي واجب الوجود. فلا حاجة إلى سبب وعلة خارجية.
وأجيب عن ذلك: أولا: بأن الدليل التجربي الذي لا يحكي إلا عن موارد التجربة لا يقدر على حل المسألة الفلسفية وهي أن المادة هل تكون أزلية وأبدية أم لا، لأن السابق واللاحق خارجان عن دائرة التجربة وحيطتها.
وثانيا: أن الثابت في العلوم الطبيعية هو إمكان تبديل العناصر الأولية البسيطة باصطلاح القوم بعضها إلى بعض كتحويل اليورانيوم إلى عنصر الراديوم ومنه إلى الرصاص، أو تبديل المادة إلى الطاقة والطاقة إلى المادة، وثبت أيضا أن من الممكن أن يتحول بعض أجزاء الذرة إلى جزء آخر كتحويل بروتون أثناء عملية الذرة إلى نيوترون وبالعكس (1) وهو أحسن شاهد على أن العناصر، بل المادة والطاقة بما هي عناصر ومادة وطاقة لا تكون ذاتية، وإلا فلم تتخلف. فهذه بالنسبة إلى المادة عوارض وحيث أن لكل صفة عارضة، علة خارجية، فلهذه العناصر والمادة والطاقة علة خارجية، فبان أن ذات المادة في كونها عناصر أو مادة أو طاقة تحتاج إلى سبب خارجي، فحديث غنى المادة عن العلة كذب محض (2).
وثالثا: أن خواص واجب الوجود من كونه عين الفعلية، فلا سبيل للقوة والاستعداد والإمكان إليه، ومن كونه بسيطا مطلقا فلا مجال لتوهم الأجزاء الخارجية والذهنية كالجنس والفصل له، ومن كونه غير مشوب بالعدم فلذا لا يمكن فرض عدمه لا في السابق ولا في اللاحق، وغير ذلك من خواصه لا توجد في المادة حتى تكون باصطلاح الموحدين واجب الوجود، فإن المادة إمكانات لا فعليات. ومن شواهده هو التبدل والتحول الدائم فيها فهي قبل التحول إلى شئ تكون بالنسبة إليه إمكانا استعداديا، ولا تكون هي بالفعل، وإنما صارت هي بعد اجتماع الشرائط والأسباب، وحيث إن القوة هي فقدان الفعلية فلا تجتمع قوة الشئ مع فعليته في آن واحد، فالمادة التي تكون قابلة للتحول لا تخلو عن القوة والاستعداد في حال من الأحوال.
وهكذا أن المادة مركبة، سواء كانت العناصر الأولية أربعة كما عن الأقدمين من اليونانيين: الماء والهواء والتراب والنار، أو سبعة بإضافة:
الكبريت والزئبق والملح كما عن بعض آخر غيرهم، أو أزيد إلى أن بلغت إلى اثنين وتسعين ذرة - أتم - كما انتهت إليه الفيزياء الحديثة في اليورانيوم وهو أثقل العناصر المستكشفة إلى الآن، فرقمه الذري -92- بمعنى أن نواته المركزية تشتمل على -92- وحدة، من وحدات الشحنة الموجبة، ويحيط بها ما يماثل هذا العدد من الألكترونات، أي من وحدات الشحنة السالبة (3).
هذا مضافا إلى أن نفس الذرة - أتم - أيضا مركب، لأنها لا تخلو عن الجهات الست، وما لا يخلو عن الجهات الست، ذو أبعاد ومركب، وإن لم يمكن تجزئتها بالآلات والأدوات المتعارفة، وتسميتها بالجزء البسيط الذي لا يتجزأ، أو الجوهر الفرد، مسامحة في الحقيقة ولعلها باعتبار الأدوات الميسورة. فالمادة أيما صغرت لا تخلو عن التركيب مطلقا، ومن المعلوم أن كل مركب محتاج إلى أجزائه وإلى مؤلف تلك الأجزاء، والواجب غني غن كل حاجة.
على أن كل جزء من أجزاء المركب مقدم عليه في الوجود، إذ المركب يتوقف على أجزائه في الوجود توقف الكل عليها، فالمركب يوجد بعد وجود أجزائه وليس له قبل وجود تلك الأجزاء وجود، مع أن الواجب تعالى ليس بمركب ولا مسبوق بالعدم، كما أنه ليس بمحدود. وبالجملة أوصاف المادة تتغاير مع أوصاف الواجب فلا تليق بأن تسمى واجب الوجود.
ورابعا: بأن المادة إذا كانت استعدادا لقبول التطورات وليست بفعليات، فسبب صيرورة القوة إلى الفعلية: إما عدم - وهو كما ترى - إذ العدم الذي هو لا شئ لا يصلح للتأثير. وإما هو نفسها، وهو أيضا فاسد، لأنها في حال كونها قوة فاقدة الفعليات، إذ يستحيل أن تجتمع قوة الأشياء مع فعليتها في حال واحد، فانحصر الأمر إلى أن السبب هو غير المادة وهو الله تعالى.
وخامسا: أن ملاك الحاجة إلى العلة موجود في المادة أيضا، فإنها ممكنة الزوال، إذ لا يلزم من فرض عدمها محال، وكل ما لا يلزم من فرض عدمه محال فهو ممكن الزوال، ومن المعلوم أن الشئ الذي يمكن زواله ليس بواجب، بل هو ممكن من الممكنات التي تحتاج في وجودها إلى الواجب تعالى.
" ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل " (4).
______________
(1) راجع فلسفتنا: ص 320.
(2) راجع فلسفتنا: ص 100.
(3) راجع فلسفتنا: ص 317 - 319.
(4) الانعام: 102.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تبحث مع العتبة الحسينية المقدسة التنسيق المشترك لإقامة حفل تخرج طلبة الجامعات
|
|
|