المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6537 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
نصرة الملائكة للبدريين
2025-03-03
الحوار بين جبرائيل وابليس يوم بدر
2025-03-03
الخمس
2025-03-03
معرفة المرفوع
2025-03-03
معرفة المتّصل
2025-03-03
معرفة المسند
2025-03-03

12- حذيفة بن الأحوص
23-11-2016
تفسير الاية (246-252) من سورة البقرة
10-5-2017
تاريخ الرأي العام
24-8-2022
تأثيرتكتيكية البوليمرات على انتظام التركيب الجزيئي للسلاسل البوليمرية
14-12-2017
الفيُّومي
27-1-2016
Feit-Thompson Conjecture
13-9-2020


اللّهمّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ بَهائِكَ بِأَبهاهُ ، وَكلُّ بَهائِكَ بَهيّ . اللّهمّ إِنِّي أَسأَلكَ بِبَهائِك كُلِّهِ  
  
71   09:47 مساءً   التاريخ: 2025-03-02
المؤلف : السيد روح الله الموسوي
الكتاب أو المصدر : شرح دعاء السحر
الجزء والصفحة : ص7-24
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / أدعية وأذكار /

قول الداعي : « اللّهمَّ » - أصله « يا اللَّه » .

واعلم أنّ الإنسان هو الكون الجامع لجميع المراتب الغيبية والمثالية والحسّية ، منطوٍ فيه العوالم الغيبية والشهادتية وما فيهما ؛ كما قال اللَّه تعالى :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ([1]) ، وقال مولانا ومولى الموحّدين عليه السلام : وتزعم أنّك جرمٌ صغير * وفيك انطوى العالَمُ الأكبر ([2]).

فهو مع الملك ملك ، ومع الملكوت ملكوت ، ومع الجبروت جبروت .

وروي عنه عليه السلام وعن الصادق عليه السلام : « اعلم أنّ الصورة الإنسانية هي أكبر حجج اللَّه على خلقه ، وهي الكتاب الذي كتبه بيده ، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته ، وهي مجموع صورة العالمين ، وهي المختصر من اللوح المحفوظ ، وهي الشاهد على كلّ غائب ، وهي الطريق المستقيم إلى كلّ خير ، والصراط الممدود بين الجنّة والنار » ([3])، انتهى .

فهو خليفة اللَّه على خلقه ، مخلوق على صورته ، متصرّف في بلاده ، مخلّع بخلع أسمائه وصفاته ، نافذ في خزائن ملكه وملكوته ، منفوخ فيه الروح من الحضرة الإلهية ، ظاهره نسخة الملك والملكوت وباطنه خزائن الحيّ الذي لا يموت . ولمّا كان جامعاً لجميع الصور الكونية والإلهية ، كان مربّى بالاسم الأعظم المحيط لجميع الأسماء والصفات ، الحاكم على جميع الرسوم والتعيّنات .

فالحضرة الإلهية ربّ الإنسان الجامع الكامل ؛ فينبغي له أن يدعو ربّه بالاسم المناسب لمقامه والحافظ له من منافراته، ولهذا استعيذ باللَّه من الشيطان الرجيم دون سائر الأسماء ، وصار مأموراً بالاستعاذة بربّ الناس في قوله تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ([4])، من شرّ الذي ينافر مرتبتَه وكمالاته ، وهو الوسوسة في صدره من الموسوس القاطع لطريقه في سلوك المعرفة .

قال العارف الكامل كمال الدين عبدالرزّاق الكاشاني ([5]) في « تأويلاته » : « الإنسان هو الكون الجامع الحاصر لجميع مراتب الوجود ، فربُّه الذي أوجده وأفاض عليه كماله هو الذات باعتبار جميع الأسماء بحسب البداية ، المعبّر عنه باللَّه ؛ ولهذا قال تعالى : ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ([6])، بالمتقابلين من اللطف والقهر والجمال والجلال الشاملين لجميعها » ([7]) انتهى بعين ألفاظه .

فالمتكفّل لعوده من أسفل السافلين ، واسترجاعه من الهاوية المظلمة إلى دار كرامته وأمانه ، وإخراجه من الظلمات إلى النور ، وحفظه من قطّاع طريقه في السلوك ، هو اللَّه ؛ كما قال تعالى : اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ([8]) .

فالسالك في سلوكه بقدم المعرفة إلى اللَّه ، بمنزلة مسافر يسافر في الطريق الموحش المظلم إلى حبيبه ، والشيطان قاطع الطريق في هذا المسلك ، واللَّه تعالى هو الحافظ باسمه الجامع المحيط ، فلابدّ للداعي والسالك من التوسّل والتضرّع إلى حافظه ومربّيه بقوله « اللهمّ » أو « يا اللَّه »، وهذا سرّ تصدّر أكثر الأدعية به ، وإن كان التمسّك بسائر الأسماء الإلهية أيضاً حسناً بنظر آخر ، وهو استهلاك التعيّنات الأسمائية والصفاتية في أحدية الجمع ؛ على ما سيجيئ في سرّ الرجوع عن إثبات الأفضلية في فقرات الدعاء إلى قوله : « وكلّ بهائك بهيّ » إلى غير ذلك .

[ قوله ] : « إنّي » - لم يكن هذا في الحقيقة إثبات الأنانية ؛ لأنّ الأنانية تنافي السؤال ، والداعي يقول : « إنّي أسألُكَ » ، وهذا نظير قوله تعالى : أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ ([9]) ، مع أنّ الأنتمية السوائية مدار الاستغناء لا الفقر ، فما كان منافياً لمقام السالك إلى اللَّه تعالى إثبات الاستقلال والاستغناء ، كتسمية « أنتم » في قوله تعالى: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ ([10]) . وأمّا إثبات الأنانية في مقام التذلّل ، وإظهار الفقر فليس مذموماً ، بل ليس من إثبات الأنانية ، نظير « أنتم » في قوله : يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ ([11])، بل حفظ مقام العبودية والتوجّه إلى الفقر والفاقة ، إن كان في الصحو الثاني فهو من أتمّ مراتب الإنسانية ؛ المشار - إليه بقوله - صلّى اللَّه عليه وآله - على ما حكي : « كان أخي موسى عينه اليمنى عمياء ، وأخي عيسى عينه اليسرى عمياء ، وأنا ذو العينين » ([12]) فحفظ مقام الكثرة في الوحدة ، والوحدة في الكثرة ، لم يتيسّر لأحد من الأنبياء والمرسلين ، إلّا لخاتمهم بالأصالة وأوصيائه بالتبعية ، وصلّى اللَّه عليه وعليهم أجمعين .

[ قوله ] : « أسْألُكَ » ([13]) - السؤال بلسان الاستعداد غير مردود ، والدعاء به مقبول مستجاب ؛ لأنّ الفاعل تامّ وفوق التمام ، والفيض كامل وفوق الكمال . وعدم ظهور الفيض وإفاضته من قبل نقصان الاستعداد ، فإذا استعدّ القابل لقبوله ، فيفيض عليه من الخزائن التي لا تبيد ولا تنفد ، ومن المعادن التي لا تنتهي ولا تنقص ، فينبغي للداعي أن يبالغ في تنزيه باطنه وتخلية قلبه من الأرجاس والملكات الرذيلة ، حتّى يسري دعاء قاله إلى حاله ، وحاله إلى استعداده ، وعلنه إلى سرّه ، ليستجاب دعاه ويصل إلى مناه .

فاجتهد لأن يكون سرّك داعياً وباطنك طالباً ، حتّى ينفتح على قلبك أبواب الملكوت ، وينكشف على سرّك أسرار الجبروت ، ويجري فلك عقلك في بحار الخير والبركات ؛ حتّى يصل إلى ساحل النجاة ، ونجا من ورطة الهلكات ، ويطير بجناحيه إلى عالم الأنوار ، عن هذه القرية الظلمانية ودار البوار . وإيّاك وأن تجعل الغاية لهذه الصفات الحسنى والأمثال العليا - التي بها تقوم السماوات والأرضون ، وبنورها تنوّرت العالمون - الشهوات الدنيّة ، واللذّات الداثرة البالية ، والأغراض الحيوانية ، والكمالات البهيمية والسبعية .

وعليك بطلب الكرامات الإلهية والأنوار العقلية ، والكمالات اللائقة بالإنسان بما هو إنسان ، والجنّات التي عرضها كعرض السماوات والأرضين . هذه أيضاً في بدء السلوك والسير ، وإلّا فحسنات الأبرار سيّئات المقرّبين .

فالعارف الكامل من جعل قلبه هيولى لكلّ صورة أورد عليه المحبوب - فلا يطلب صورة وفعلية - وتجاوز عن الكونين وارتفع عن النشأتين ؛ كما قال العارف الشيرازي ([14]) : در ضمير ما نمى گنجد به غير از دوست كس * هر دو عالم را به دشمن ده كه ما را دوست بس ([15])

و [ قال ] في موضع آخر : نيست در لوح دلم جز الف قامت دوست * چه كنم حرف دگر ياد نداد استادم ([16])

وهذا هو حقيقة الإخلاص الذي أشار إليه في الأخبار بقوله : « من أخلص للَّه أربعين صباحاً ، جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه » ([17]) .

وفي « الكافي » عن أبي الحسن الرضا عليه السلام : « إنّ أمير المؤمنين - صلوات اللَّه عليه - كان يقول : طوبى لمن أخلص للَّه‌ العبادة والدعاء ، ولم يشغل قلبه بما تراه عيناه ، ولم ينس ذكر اللَّه بما تسمع أذناه ، ولم يحزن صدره بما أعطي غيره » ([18]) .

هذا ، فتبّاً لعبد يدّعي العبودية ، ثمّ دعا سيّده ومولاه بالأسماء والصفات التي قامت بها سماوات الأرواح وأراضي الأشباح ، وكان مسؤوله الشهوات النفسانية والرذائل الحيوانية ، والظلمات التي بعضها فوق بعض ، والرئاسات الباطلة ، وبسط اليد في البلاد والتسلّط على العباد .

تو را ز كنگرهء عرش مىزنند صفير * ندانمت كه در اين دامگه چه افتاده است ([19])

وطوبى لعبد عبد الربّ له وأخلص للَّه‌ ولم ينظر إلّا إليه ولا يكون مشترياً للشهوات الدنيوية أو للمقامات الأخروية .

غلام همت آنم كه زير چرخ كبود * ز هر چه رنگ تعلق پذيرد آزاد است ([20])

 

[ قوله ] : « من بهائك ([21]) بأبهاه ، وكلّ بهائك بهيّ اللهمّ إنّي أسألك ببهائك كلّه ».

« من بهائك » متعلّق ب « أبهاه » ، وهو متعلّق ب « أسألك » ، أي : أسألك بأبهى من بهائك . وكذلك سائر الفقرات .

واعلم أنّ السالك بقدم المعرفة إلى اللَّه لا يصل إلى الغاية القصوى ، ولا يستهلك في أحدية الجمع ، ولا يشاهد ربّه المطلق إلّا بعد تدرّجه في السير إلى منازل ومدارج ومراحل ومعارج من الخلق إلى الحقّ المقيّد، ويزيل القيد يسيراً يسيراً ، وينتقل من نشأة إلى نشأة ومن منزل إلى منزل ، حتّى ينتهي إلى الحقّ المطلق ، كما هو المشار إليه في الكتاب الإلهي لطريقة شيخ الأنبياء - عليه وعليهم الصلاة والسلام - بقوله تعالى : فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي ، إلى قوله : وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ([22]) فتدرّج من ظلمات عالم الطبيعة ، مرتقياً إلى طلوع ربوبية النفس ، متجلّية بصورة الزهرة ، فارتقى عنها فرأى الأفول والغروب لها ، فانتقل من هذا المنزل إلى منزل القلب الطالع ، قمرُ القلب من أفق وجوده ، فرأى ربوبيته ، فتدرّج عن هذا المقام إلى طلوع شمس الروح ؛ فرأى غروب قمر القلب ، فنفى الربوبية عنه ، فأثبت الربوبية ثالثة لشمس الروح ، فلمّا أفلت بسطوع نور الحقّ وطلوع الشمس الحقيقي نفى الربوبية عنها وتوجّه إلى فاطرها ، فخلص عن كلّ اسم ورسم وتعيّن ووسم ، وأناخ راحلته عند الربّ المطلق .

فالعبور عن منازل الحواسّ والتخيّلات والتعقّلات ، والتجاوز عن دار الغرور إلى غاية الغايات ، والتحقّق بنفي الصفات والرسوم والجهات ، عيناً وعلماً ، لا يمكن إلّا بعد التدرّج في الأوساط من البرازخ السافلة والعالية إلى عالم الآخرة ، ومنها إلى عالم الأسماء والصفات ، من التي كانت أقلّ حيطة إلى أكثر حيطة ، إلى الإلهية المطلقة ، إلى أحدية عين الجمع ، المستهلك فيها كلُّ التجلّيات الخلقية والأسمائية والصفاتية ، الفانية فيها التعيّنات العلمية والعينية .

وأشار المولوي ([23]) إلى هذا التدرّج بقوله : از جمادى مردم ونامى شدم * وزنما مردم ز حيوان سر زدم

إلى قوله : پس عدم گردم عدم چون ارغنون * گويدم كانّا إليه راجعون ([24]) وهذا هو الظلومية ([25]) المشار إليها بقوله تعالى : إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا ([26]) على بعض الاحتمالات .

وهذا مقام أَوْ أَدْنى ([27]) أخيرة مقامات الإنسان ([28]) بل لم يكن هناك مقام ولا صاحب مقام .

وهذا مقام الهيمان المشار إليه بقوله تعالى : ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ([29])، ([30]) على بعض الاحتمالات .

فإذا بلغ السالك إلى الحضرة الإلهية ، ورأى بعين البصيرة الحضرة الواحدية ، وتجلّى له ربّه بالتجلّيات الأسمائية والصفاتية ، وتوجّه إلى محيطية بعض الصفات والأسماء ومحاطية بعضها ، وفضيلة بعضها وأفضلية الأخرى ، يسأل ربّه باللسان المناسب لنشأته ، ويدعوه بالدعاء اللائق بحضرته ، بأبهى الصفات وأجملها وأشرف الآيات وأكملها ، فيسري من لسان حاله إلى قاله ، ومن سرّه إلى مقاله ، فيقول : « أسألك من بهائك بأبهاه » إلى غير ذلك .

والسؤال في الحضرة الإلهية بطور يخالف طور السؤال في الحضرة الغيب المقيّد ، وهو غير السؤال في الشهادة ، ومسؤولاتها أيضاً متفاوتة بمناسبة النشئات ؛ كما سيجيئ في قوله عليه السلام : « اللهمّ إنّي أسألك من مسائلك بأحبّها إليك » .

هذا ، وإذا تجاوز عن الحضرة الإلهية إلى الحضرة الأحدية الجمعية ، المستهلكة فيها الحضرات ، الفانية فيها التعيّنات والتكثّرات ، وتجلّى عليه بالمالكية المطلقة - كما قال : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ، وحيث لم يكن في هذا اليوم خلق وأمر ، ولا اسم ورسم ، ورد أنّ لا يجيبه إلّا نفسه ([31]) ، فقال : لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ([32]) - ففي هذا المقام لم يكن سؤال ولا مسؤول ولا سائل، وهو السكر الذي هيمان ودهشة واضطراب لمشاهدة جمال المحبوب فجأة ، فإذا أفاق بتوفيقات محبوبه عن هذا الهيمان والدهش ، وصحى عن المحو ، وأمكنه التميّز والتفرقة ؛ لتمكّن الشهود فيه واستقامته واستقراره وحفظه الحضرات الخمس ، يرى أنّ الصفات التي [ كان ] يراها في الصحو الأوّل بعضها أبهى وبعضها بهيّ وبعضها أكمل وبعضها كامل ، كلّها من تجلّيات ذات أحدي محض ، ولمعات جمال نور حقيقي بحت . فلا يرى في هذا المقام أفضلية وأشرفية ، بل يرى كلّها شرفاً وبهاءً وجمالًا وضياءً ، فيقول : كلّ بهائك بهيّ وكلّ شرفك شريف ، لم يكن أشرفية في البين ، لكون الكلّ أمواج بحر وجودك ، ولمعات نور ذاتك ؛ وكلّها متّحدة مع الكلّ والكلّ مع الذات . فإثبات التفضيل في الصحو الأوّل، ونفيها في الصحو بعد المحو، مع إرجاع الكثرات إليه.

هذا إذا كان النظر إلى التجلّيات الصفاتية والأسمائية، وأمّا إذا كان المنظور التجلّيات الخلقية والمظاهر الحسنى الفعلية ، فالعروج إلى مقام التحقّق بالمشيئة المطلقة المستهلكة فيها التعيّنات الفعلية ، لا يمكن إلّا بعد التدرّج في مراتب التعيّنات : فمن عالم الطبيعة يعرج إلى عالم المثال والملكوت متدرّجاً في مراتبهما ، ومنهما إلى عالم الأرواح المقدّسة بمراتبها ، ومنه إلى مقام المشيئة التي استهلك في عينها جميع الوجودات الخاصّة والتعيّنات الفعلية . وهذا هو مقام التدلّي في قوله تعالى : دَنا فَتَدَلَّى ([33]) فالمتدلّي بذاته لم تكن له حيثية إلّا التدلّي ، ولم يكن ذاتاً يعرض لها التدلّي .

والفقر الذي هو الفخر المطلق ([34]) ، هو المشيئة المطلقة المعبّر عنها بالفيض المقدّس ، والرحمة الواسعة ، والاسم الأعظم ، والولاية المطلقة المحمّدية ، والمقام العلوي . وهو اللواء الذي آدم ومن دونه تحته ([35]) ، والمشار إليه بقوله « كنت نبيّاً وآدم بين الماء والطين » ([36]) أو « بين الروح والجسد » ([37]) أي : لا روح ولا جسد، وهو العروة الوثقى والحبل الممدود بين سماء الإلهية وأراضي الخلقية ، وفي دعاء الندبة : « أين باب اللَّه الذي منه يؤتى ، أين وجه اللَّه الذي إليه يتوجّه الأولياء ، أين السبب المتّصل بين الأرض والسماء » ([38]) .

وفي « الكافي » عن المفضّل ، قال : قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام : كيف كنتم حيث كنتم في الأظلّة ؟ فقال : « يا مفضّل ، كنّا عند ربّنا ، ليس عنده أحد غيرنا ، في ظلّة خضراء ، نسبّحه ونقدّسه ونهلّله ونمجّده، وما من ملك مقرّب ولا ذي روح غيرنا ، حتّى بدا له في خلق الأشياء ، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم ، ثمّ أنهى علم ذلك إلينا » ([39]).

والأخبار من طريق أهل البيت عليهم السلام ، بهذا المضمون كثيرة ([40]) .

فشهود هذا المقام أو التحقّق به ، لا يتيسّر إلّا بعد التدرّج في مراقي التعيّنات .

فقبل الوصول إلى هذا المقام ، يرى السالك بعض الأسماء الإلهية أبهى من بعض ، كالعقول المجرّدة والملائكة المهيّمة ، فيسأل بأبهى وأجمل وأكمل .

فإذا وصل إلى مقام القرب المطلق وشهد الرحمة الواسعة والوجود المطلق والظلّ المنبسط والوجه الباقي ، الفاني فيه كلّ الوجودات ، والمستهلك فيه كلّ العوالم من الأجساد المظلمة والأرواح المنوّرة ، يرى أنّ نسبة المشيئة إلى كلّها على السواء ، فهي مع كلّ شيء : فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ([41]) ، وَهُوَ مَعَكُمْ ([42]) ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ([43]) ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ([44])، فعند ذلك ينفي الفضيلة ويقول : « وكلّ بهائك بهيّ . وكلّ جمالك جميل » .

وما ذكرنا مشترك بين جميع الفقرات ، وإن كان بعضها بالمقام الأوّل أنسب وبعضها بالثاني أليق .

وأمّا ما اختصّت به هذه الفقرة ، فالبهاء هو الحسن ، والحسن هو الوجود ، فكلّ خير وبهاء وحسن وسناء فهو من بركات الوجود وأظلاله ، حتّى قالوا : مسألة أنّ الوجود خير وبهاء بديهية ([45]) .

فالوجود كلّه حسن وبهاء ونور وضياء . وكلّما كان الوجود أقوى كان البهاء أتمّ وأبهى .

فالهيولي لخسّة وجودها ونقصان فعليتها دار الوحشة والظلمة ، ومركز الشرور ومنبع الدناءة ([46]) ، ويدور عليها رحى الذميمة والكدورة ، فهي لنقصان وجودها وضعف نوريتها ، كالمرأة الذميمة المشفقة عن استعلان قبحها ؛ كما قال الشيخ ([47]) .

والدنيا لوقوعها في نعال الوجود وأخيرة تنزّلاته يدعى بأسفل السافلين وإن كانت بنظر أهلها بهيّة حسناء لذيذة ؛ لأنّ كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * ([48]) . فإذا ظهر سلطان الآخرة ، وانكشف الحقيقة بارتفاع الحجاب عن بصيرة القلب ، وتنبّهت الأعين عن نوم الغفلة ، وبعثت الأنفس من مراقد الجهالة عرفت حالها ومرجعها ومآلها ، وانكشفت ذمامتها وقباحتها وظلمتها ووحشتها .

روي عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله : « يُحشَر بعضُ الناس على صورة تحسن عندها القِرَدَةُ والخنازير » ([49]) .

وهذا الكمال الحيواني والخير البهيمي والسبعي أيضاً من بركات الوجود وخيراته ونوره وبهائه .

فكلّما خلص الوجود من شوب الأعدام والفقدانات ، واختلاط الجهل والظلمات ، يصير بمقدار خلوصه بهيّاً حسناً ، فالعالم المثال أبهى من ظلمات الطبيعة ، وعالم الروحانيات والمقرّبين من المجرّدات أبهى منهما ، والعالم الربوبي أبهى من الكلّ ؛ لخلوصه عن شوب النقص ، وتقدّسه عن اختلاط الأعدام ، وتنزّهه عن الماهية ولواحقها ؛ بل لا بهاء إلّا منه ، ولا حسن و [ لا ] ضياء إلّا لديه ، وهو كلّ البهاء وكلّه البهاء .

قال السيّد المحقّق الداماد قدّس سرّه ([50]) في « التقديسات » - على ما صحّ عنه ([51]) - : « وهو تعالى كلّ الوجود وكلّه الوجود ، وكلّ البهاء والكمال وهو كلّه البهاء والكمال ، وما سواه على الإطلاق لمعات نوره ورشحات وجوده وظلال ذاته » ([52]) انتهى .

فهو تعالى بهاء بلا شوب الظلمة ، كمال بلا غبار النقيصة ، سناء بلا اختلاط الكدورة ؛ لكونه وجوداً بلا عدم وإنّيّة بلا مهيّة .

والعالم باعتبار كونه علامة له ومنتسباً إليه ، وظلّه المنبسط على الهياكل الظلمانية ، والرحمة الواسعة على الأراضي الهيولانية ، بهاء ونور وإشراق وظهور : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ ([53]) ، وظلّ النور نور : أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ([54]) ، وباعتبار نفسه هلاك وظلمة ووحشة ونفرة : كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ([55]) ، فالوجه الباقي بعد استهلاك التعيّنات وفناء المهيّات ، هو جهة الوجوب المتدلّية إليه ، التي لم تكن مستقلّة بالتقوّم والتحقّق ، ولا حكم لها بحيالها ، فهي بهذا النظر هو .

وروي عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله : « لو دُلّيتم إلى الأرض السفلى بحبل لهبطتم على اللَّه » ([56]) . فهو هو المطلق والبهاء التامّ ، لا هوية و [ لا ] بهاء لغيره .

والعالم بجهة السوائية لم يكن له البهاء والهويّة ولا الوجود والحقيقة ؛ فهو خيال في خيال ، والكلّي الطبيعي غير موجود ، فإذا لم يكن موجوداً فكيف [ يكون ] له البهاء والنور والشرف والظهور ، بل هو النقصان والقصور والهلاك والدثور .

إبانة : في الفرق بين البهاء والجمال

إنّ من الصفات الإلهية ما لها الحيطة التامّة على سائر الصفات ، كالأئمّة السبعة ؛ ومنها ما لم تكن كذلك ، وإن كانت لها المحيطية والمحاطية أيضاً . وبهذا يمكن تحصيل الفرق بين صفة البهاء والجمال ؛ فإنّ البهاء هو الضياء المأخوذ فيه الظهور والبروز ، دون الجمال ، فالصفات الثبوتية كلّها جمال وبعضها بهاء . والبهيّ من أسماءِ الذات باعتبار ومن أسماء الصفات بالآخر ، ومن أسماء الأفعال باعتبار ثالث ؛ وإن كان بأسماءِ الصفات والأفعال أشبه . والجميل من أسماءِ الذات بوجه ومن أسماءِ الصفات بوجه ، دون أسماءِ الأفعال ؛ وإن كان بأسماءِ الصفات أشبه وأنسب . وسيأتي - إن شاء اللَّه - في شرح قوله عليه السلام : « اللهمّ إنّي أسألك من قولك بأرضاه » ما يفيدك في هذا المقام أيضاً ([57]) . نقل وكشف : في ذكر كلام بعض المشايخ

قال بعض أعاظم المشايخ من أهل السير والمعرفة رضوان اللَّه عليه ([58]) في كتابه - الموسوم ب « أسرار الصلاة » - في تفسير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بحسب أسرار الحروف - بعد ذكر أخبار ، منها ما روي في « الكافي » و « التوحيد » و « المعاني » عن العيّاشي عن أبي عبداللَّه عليه السلام : « الباء بهاء اللَّه والسين سناء اللَّه والميم مجد اللَّه » ([59]) . والقمّي عن الباقر والصادق والرضا - عليهم السلام - مثله ، ولكن بدل « مجد اللَّه » « ملك اللَّه » ([60]) - بهذه العبارة :

« يعرف من هذه الأخبار وغيرها ، ممّا روي في الأبواب المختلفة ، أنّ عالم الحروف عالم في قبال العوالم كلّها ، وترتيبها أيضاً مطابق مع ترتيبها ، فالألف كأنّه يدلّ على واجب الوجود ، والباء على المخلوق الأوّل ، وهو العقل الأوّل والنور الأوّل ، وهو بعينه نور نبيّنا صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم . ولذا عبّر عنه ببهاءِ اللَّه ، لأنّ البهاء بمعنى الحسن والجمال . والمخلوق الأوّل إنّما هو ظهور جمال الحقّ ، بل التدقيق في معنى البهاء أنّه عبارة عن النور مع هيبة ووقار ، فهو المساوق الجامع للجمال والجلال » ([61]) انتهى ما أردناه من كلامه ، زيد في علوّ مقامه .

أقول : إنّ الصفات المتقابلة لاجتماعها في عين الوجود بنحو البساطة والتنزّه عن الكثرة ، الكلّ منطوٍ في الكلّ ، وفي كلّ صفة جمالٍ جلال ، وفي كلّ جلال جمال ، إلّا أنّ بعض الصفات ظهور الجمال وبطون الجلال وبعضها بالعكس ، فكلّ صفة كان الجمال فيها الظاهر فهي صفة الجمال ، وكلّ ما كان الجلال فيه الظاهر فهو صفة الجلال . والبهاء وإن كان النور مع هيبة ووقار - وهو جامع للجمال والجلال – إلّا أنّ الهيبة فيه بمرتبة البطون ، والنور بمرتبة الظهور ؛ فهو من صفات الجمال الباطن فيه الجلال ، ولمّا كان الجمال ما تعلّق باللطف بلا اعتبار الظهور وعدمه فيه ، كان البهاء محاطاً به وهو محيط به .

وما ذكر جارٍ في مرتبة الفعل والتجلّي العيني حذواً بالحذو ، فالبهاء ظهور جمال الحقّ والجلال مختفٍ فيه ، والعقل ظهور جمال الحقّ ، والشيطان ظهور جلاله ، والجنّة ومقاماتها ظهور الجمال وبطون الجلال ؛ والنار ودركاتها بالعكس .

إن قلت : أليس قد ورد في بعض الأخبار من طريق أهل البيت الأطهار - صلوات اللَّه عليهم - : « بالباء ظهر الوجود وبالنقطة تحت الباء تميّز العابد عن المعبود » ([62]) ، وظهور الوجود بالمشيئة فإنّها ألحق المخلوق به ، وفي بعض الأخبار : « خلق اللَّه الأشياء بالمشيئة وخلق المشيئة بنفسها » ([63]) ، فما وجه جعل باء « البهاء » عالم العقل ؟

قلت : هذا أيضاً صحيح بوجه ؛ فإنّ العقل بوجه مقام المشيئة ؛ لكونه ظهورها ومقام إجمال العوالم ، كما حقّق في محلّه أنّ شيئية الشيء بصورة تمامه وكماله ([64]) .


[1] البقرة ( 2 ) : 31 .

[2] ديوان اشعار منسوب به حضرت أمير المؤمنين علي عليه السلام : 62 .

[3] شرح الأسماء ، السبزواري : 67 ؛ انظر المجلي ، ابن أبي جمهور الإحسائي : 169 ، 259 ؛ جامع الأسرار : 383 ؛ كلمات مكنونه : 125 .

[4] الناس ( 114 ) : 1 .

[5] كمال الدين عبدالرزّاق الكاشاني ( - حدود 736 ق ) من كبار العرفاء . من تلامذة ومريدي نور الدين عبد الصمد الأصفهاني . كان مائلًا إلى محيي الدين بن عربي ، قائلًا بقوله في وحدة الوجود . وله مباحثات في هذه المسألة مع علاء الدولة السمناني أحد معاصريه . من آثاره : « شرح فصوص الحكم » ، « شرح منازل السائرين » ، « اصطلاحات الصوفية » و « تأويل القرآن الحكيم أو تأويلات القرآن » ؛ كلّها من المتون الدقيقة المعوّل عليها في هذا الفنّ .

راجع دائرة المعارف فارسي 2 : 1668 ؛ معجم المؤلّفين 5 : 215 ؛ هدية العارفين 1 : 567 .

[6] ص ( 38 ) : 75 .

[7] تفسير القرآن الكريم ، ابن عربي ( تأويلات القرآن الكريم ، عبدالرزّاق الكاشاني ) 2 : 873 .

[8] البقرة ( 2 ) : 257 .

[9] فاطر ( 35 ) : 15 .

[10] النجم ( 53 ) : 23 .

[11] فاطر ( 35 ) : 15 .

[12] انظر بيان السعادة في مقامات العبادة 4 : 99 و 127 .

[13] قوله : « أسألك . . . » . وكان شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي - أدام اللَّه أيّام إفاضاته ‌يقول عند سؤالي عن المسؤول عنه في هذه الفقرات : إنّ المسؤول عنه هو التحقّق بمقام هذه الأسماء ، فقوله : « اللهمّ إنّي أسألُكَ من بَهائك بأبهاه » أي : مسؤولي منك مقام البهائية من بهائك ، والاستجلاء بالتجلّي الأتمّ من بين التجلّيات البهائية ، فيستجاب مسؤوله بالتجلّي الأتمّ ، فيرى كلّ التجلّيات البهائية مستهلكة في ذاته . وعند التحقّق بهذا المقام والرجوع من الكثرة إلى الوحدة نفى الفضيلة بين التجلّيات وتكلّم بلسان القال وقال : « وكلّ بَهائكَ بَهيّ » وإذا بلغ بهذا المقام أراد تمكّنه فيه ومقام الاستقامة ، فيسأل اللَّه بعده بجميع الأسماء لأن يستقرّه في هذا المقام ، فيقول : « اللهُمَّ إِنّي أَسأَلُكَ بِبَهائِكَ كُلّه » فالسؤال في المقام الأوّل غير القسم بالأسماء والنعوت . وفي المقام الثاني أقسم اللَّه بها ليستقرّه . و « ليس وراء عبّادان قرية » ( أ ) حتّى تكون هذه الصفات والأسماء وسيلة لها . [ منه عفي عنه ]

أ - مجمع الأمثال : 606 .

[14] الخواجة شمس الدين محمّد بن محمّد الشيرازي ( 792 أو 791 ق ) أكبر الشعراء المتغزّلين الإيرانيين ومن كبار الشعراء المُجيدين . ابتدأ بتحصيل العلوم في عنفوان شبابه وأحاط بالفنون الأدبية إحاطة تامّة . كان حافظاً للقرآن ، وعن هذا كان تخلّصه في شعره ب « حافظ » . شعره مزاج من المضامين الفلسفية والعرفانية مع دقّة المعاني ولطافة التعبير . توفّي في مسقط رأسه ومدفنه الآن مزار معروف .

راجع دائرة المعارف الإسلامية 7 : 253 - 257 ؛ هدية العارفين 2 : 173 .

[15] ديوان حافظ : 391 ، غزل 324 .

[16] ديوان حافظ : 496 ، غزل 429 .

[17] بحار الأنوار 67 : 242 / 10 ؛ كنز العمّال 3 : 24 / 5271 ( مع تفاوت يسير ) ؛ شرح الأسماء ، السبزواري : 703 .

[18] الكافي 2 : 16 / 3 .

[19] ديوان حافظ : 90 ، غزل 23 .

[20] ديوان حافظ : 90 ، غزل 23 .

[21] اعلم أن السؤال بهذه الأسماء الإلهية والنعوت الربوبية ، لا يمكن بحقيقته إلا عند تجليه تعالى بها على العبد السالك الداعي ، فبعد ما يتجلى عليه ربه باسم ، يسأله به أن يتحقق بمقامه وينجبر به نقصانه . وهذا لا يمكن إلا للأولياء والأنبياء عليهم السلام والصلاة ، فاللازم للداعي السائل أن ينزل لسانه منزلة لسان الولي الكامل المكمل ، ويدعو الله عن لسان ذلك الولي ؛ فإن بعض فقرات الأدعية ليس لنا أن نتفوه به ، كفقرات هذا الدعاء على ما ذكرنا ، وكبعض فقرات دعاء كميل بن زياد ، فلابد للداعي أن ينزل فيه نفسه منزلة أمير المؤمنين عليه السلام والصلاة ، ويقرأ عن لسانه عليه السلام . [ منه عفي عنه ]

[22] الأنعام ( 6 ) : 76 - 79 .

[23] جلال الدين محمّد بن محمّد ( 604 - 672 ق ) شاعر وصوفي كبير . تلمذ عند أبيه ثمّ الشيخ برهان الدين المحقّق الترمذي . قعد للدرس والوعظ بعد أبيه إلى أن اتّفق أن لاقى الشمس التبريزي ، فترك بالمرّة مزاولة علوم الظواهر واشتغل بتهذيب النفس ومراقبة الباطن . أسّس الطريقة المولوية وجعل للموسيقي عند احتفالاتها مكاناً . من آثاره : المثنوي المعروف ب « مثنوي معنوي » ، ديوان غزلياته المشهور بديوان كبير و « كلّيات شمس تبريزي » ، « فيه ما فيه » ، « مجالس سبعة » ومكتوبات .

راجع دائرة المعارف فارسي 1 : 743 و 744 ؛ دائرة المعارف الإسلامية 7 : 60 - 63 ؛ روضات الجنّات 8 : 62 - 70 ؛ هدية العارفين 2 : 130 .

[24] مثنوى معنوي : 512 ، دفتر سوم ، بيت 3901 و 3906 .

[25] قوله : « وهذا هو الظلومية . . . » وبواسطة الظلومية وعدم المقام للنفس الناطقة قيل : لا ماهية لها ( أ ) ؛ فإنّ المقام حدّ ، فإذا لم يكن لها مقام فلا حدّ لها ، فلا ماهية لها : يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ ( ب ) . وأمّا سائر مراتب الوجود فإنّ لكلّ منها مقاماً معلوماً : ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ ( ج ) ، « منهم ركّع لا يسجدون ومنهم سجَّد لا يركعون » ( د ) فالذي لم يكن له مقام ويكون مظهر كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ( ه ) هو الإنسان . [ منه عفي عنه ]

أ - مجموعه مصنّفات شيخ إشراق ، التلويحات 1 : 115 - 117 ؛ أسرار الآيات ، صدر المتألّهين : 159 - 162 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 43 ، 252 ، وراجع ما يأتي في الصفحة 162 .

ب - الأحزاب ( 33 ) : 13 .

ج - الصافّات ( 37 ) : 164 .

د - نهج البلاغة : 41 ، الخطبة الأولى . فيه : « منهم سجود لايركعون وركوع لا ينتصبون » .

ه - الرحمن ( 55 ) : 29 .

[26] الأحزاب ( 33 ) : 72 .

[27] النجم ( 53 ) : 9 .

[28] أيفي قوس الصعود . وله مقام آخر ، هو مقام الجمع بين الوحدة والكثرة والبقاء بعد الفناء بالحقّ . [ منه عفي عنه ]

[29] القلم ( 68 ) : 1 .

[30] قوله : « ن والقلم » . فإنّ « ن » على ما أفاده شيخنا العارف إشارة إلى الملائكة المهيمنة ، الذين استغرقوا في ذاته تعالى ، ويكون لهم بمشاهدة جلاله ( أ ) وتجلّيات ذاته هيمان ودهشة ، ولهذا كانت صورتها الكتبية أقرب إلى الدائرة التامّة ، وكان طرفاها متوجّهاً إلى السماء ، وكانت كالمتحيّر حول النقطة المركزية . [ منه عفي عنه ]

أ - وفي نسخة الأصل : « جماله » بدل « جلاله » .

[31] تفسير القمّي 2 : 252 .

[32] غافر ( 40 ) : 16 .

[33] النجم ( 53 ) : 8 .

[34] راجع عوالي اللآلي 1 : 39 / 38 ؛ بحار الأنوار 69 : 49 / 58 ؛ 55 / 85 .

[35] راجع بحار الأنوار 16 : 402 / 1 ؛ المسند ، أحمد بن حنبل 3 : 152 / 2546 .

[36] عوالي اللآلي 4 : 121 / 200 ؛ ينابيع المودّة 1 : 46 / 5 .

[37] الاحتجاج 2 : 480 / 323 ؛ المسند ، أحمد بن حنبل 13 : 95 / 16576 .

[38] بحار الأنوار 99 : 107 / 2 .

[39] الكافي 1 : 441 / 7 .

[40] راجع الكافي 1 : 441 / 8 و 9 ؛ بحار الأنوار 5 : 234 / 7 ، و 259 / 66 ، و 261 / 67 .

[41] البقرة ( 2 ) : 115 .

[42] الحديد ( 57 ) : 4 .

[43] الواقعة ( 56 ) : 85 .

[44] ق ( 50 ) : 16 .

[45] الحكمة المتعالية 1 : 340 ، و 7 : 62 ؛ شوارق الإلهام 1 : 227 ؛ شرح المنظومة 2 : 68 .

[46] قوله : « ومنبع الدناءة . . . » . ومع ذلك فهي منبت الشجرة الإنسانية ، ومزرعة بزور الحقائق‌ الوجودية ، ومحلّ بروز الأنوار الطاهرة ؛ ولولاها لما تدرّج موجود في الكمال ، ولما حصل لأحد الفناء في الحقّ ذي الجلال ، فهي مع كمال خسّتها أصل تمام الحقائق ومفتاح أبواب الرحمة ، فاعرف ذلك واجعله لفهم سائر مراتب الوجود التيهي بمرتبة عليا ومحلّ أسنى ؛ وآمِنْ بما صحّ عن أولياء الحكمة : إنّ الوجود خير وبهاء . [ منه عفي عنه ]

[47] رسائل ابن سينا ، رسالة العشق : 379 ؛ انظر الحكمة المتعالية 2 : 246 ؛ شرح المنظومة 4 : 219 .

[48] المؤمنون ( 23 ) : 53 ؛ الروم ( 30 ) : 32 .

[49] شرح فصوص الحكم ، الكاشاني : 188 ؛ الحكمة المتعالية 9 : 227 .

[50] المير محمّد باقر بن المير شمس الدين الحسيني ( 1041 ق ) الشهير بالمير الداماد . فيلسوف كبير جامع للعلوم العقلية والنقلية وذو يد طولي في العلوم الغريبة . وكان بجانب هذا شاعراً بالفارسية والعربية متخلّصاً ب « إشراق » . تلمذ له الفيلسوف العظيم صدر الدين الشيرازي . له آثار منها : « القبسات » ، « الأفق المبين في الحكمة الإلهية » ، « الرواشح السماوية في شرح أحاديث الإمامية » وهو شرح لكتاب « الكافي » .

راجع أعيان الشيعة 9 : 189 ؛ نجوم السماء في تراجم العلماء : 46 - 50 ؛ روضات الجنّات 2 : 61 - 67 .

[51] شرح الأسماء ، السبزواري : 479 .

[52] مصنّفات ميرداماد ، التقديسات 1 : 158 ، تقديس 49 .

[53] الإسراء ( 17 ) : 84 .

[54] الفرقان ( 25 ) : 45 .

[55] القصص ( 28 ) : 88 .

[56] سنن الترمذي 5 : 78 / 3352 ؛ شرح فصوص الحكم ، القيصري : 837 ؛ الحكمة المتعالية 1 : 114 .

[57] يأتي في الصفحة 135 - 137 .

[58] هو الميرزا جواد بن الميرزا شفيع الملكي التبريزي ( - 1343 ق ) فقيه وعالم أخلاقي كبير . تَلْمذ عند المولى حسين قلي الهمداني سنين متمادية في النجف الأشرف ودرس الفقه والأصول عند الآغا رضا الهمذاني وآخرين .

رجع إلى إيران في سنة 1320 ق وسكن مدينة قم . أقام مجلسا للموعظة ولتربية النفوس المستعدّة في بيته . من آثاره : « أسرار الصلاة » ، « المراقبات أو أعمال السنة » و « رسالة لقاء اللَّه والسلوك إليه » .

راجع معجم المؤلّفين 3 : 166 ؛ أعيان الشيعة 4 : 254 ؛ نقباء البشر 1 : 329 .

[59] الكافي 1: 114 / 1 ؛ التوحيد ، الصدوق : 230 / 2 ؛ معاني الأخبار : 3 / 1.

[60] تفسير القمّي 1 : 28 .

[61] أسرار الصلاة ، الملكي التبريزي : 284 .

[62] مشارق أنوار اليقين : 38 ؛ شرح الأسماء ، السبزواري : 52 ؛ تفسير بيان السعادة 1 : 29 .

[63] الكافي 1 : 110 / 4 ؛ التوحيد ، الصدوق : 148 / 19 مع تفاوت .

[64] الحكمة المتعالية 2 : 32 ؛ شرح المنظومة 2 : 357 .




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.