أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-1-2016
3744
التاريخ: 6-1-2016
2784
التاريخ: 3-1-2016
4357
التاريخ: 3-1-2016
14620
|
وقد حدث خلال سنين الحرب الباردة والتي امتدت حتى آخر ثمانيات القرن العشرين إن دخلت أطراف ثالثه في معادلة توزيع مياه النيل حسب ما كانت قواعد هذه السنوات تسمح به فعلى طول سنواتها كان خصمي الحرب الباردة يستخدمان ورقة مياه النيل لتحقيق هدف ابعاد نفوذ الطرف الأخر عن دول الحوض بما جعل الحفاظ على الوضع القائم ممكنا. وفى خلال تلك السنوات استطاعت مصر أن تستفيد من التنافس بين الدولتين الأعظم وأن تبنى السد العالي بمساعدة الاتحاد السوفيتي السابق الذي قبل أن يمد يد العون لبنائه بعدما رفضت الولايات المتحدة وحلفائها ذلك - وردت الولايات المتحدة على هذه الضربة بإرسال البعثات إلى إثيوبيا في ستينات القرن العشرين لدراسة أمكان بناء السدود على منابع النهر بغرض توصيل رسالة إلى مصر بأن الأضرار بها سهل وأن حياتها مرهونة بمن يحكمون منابع النيل وعندما انقلب الحال وأصبحت إثيوبيا حليفا للاتحاد السوفيتى فى سبعينات القرن العشرين قام الاتحاد السوفيتي بتوصيل رسالة إلى مصر التي كانت تتقارب مع الولايات المتحدة في هذه الأثناء عن طريق التلويح ببناء السدود على النهر وهو الأمر الذي ردت عليه مصر على لسان رئيسها السادات بأنها ستقوم بهدم أي سد تقيمه إثيوبيا على النهر أن هي أقدمت على ذلك . وكان هذا التهديد هو الذي أعطى لمقوله أن حروب المستقبل ستكون بسبب المياه واستخدامها واسعا حتى بعد انتهاء الحرب الباردة على الرغم من أن هذه المقولة هي من مخلفاتها والتي ما كان من الممكن أن تؤخذ بأي جديه إلا في ظروفها وبمساعدة طرف من أطرافها. وفى خلال السنوات الأولى من تسعينات القرن العشرين استخدم السودان نفس الورقة للضغط على مصر عندما ساءت علاقاته معها وقام بتوزيع إعلان الصداقة والسلام مع إثيوبيا واشترك معها في تأسيس منظمة حوض النيل الأزرق يهدف الاستفادة من مياه هذا النهر دون اعتبار لمصر التي تدع للانضمام إليها وقد تغير الحال وتجمدت أعمال هذه المنظمة في أخر سنوات تسعينات القرن العشرين عندما تحسنت العلاقات المصرية السودانية وعادت الأمور إلى ما كانت عليه طول التاريخ الحديث وخاصة بعد توقيع اتفاقية عام 1959 عندما ارتبط الأمن المائي لكل من مصر والسودان طبقا لهذه الاتفاقية مع التمسك بها وحسن تنفيذها ، حيث عمل البلدان على إنجاح عمل اللجنة الفنية المشتركة وأبعادها عن اى خلافات سياسية . وفى هذا المجال لابد أن نذكر أن في السودان جناح يعتقد أن اتفاقية 1959 فيها ظلم كبير للسودان لأنها لا تعطيه ما يعتقد هذا الجناح إنها مستحقه من المياه التي تبررها إمكانياته الزراعية وقدرته الاستيعابية الكبيرة لاستخدام المياه وهذا الجناح تحركه دوافع سياسية، فليس في السودان أزمة مياه او نقص في التنمية الموارد المائية مع الوطن العرب الموارد المائية في الوطن العربي الباب الأول مصادرها يبرر هذا الموقف. وطول سنين الحرب الباردة ولسنوات طويلة بعد انتهائها كانت السياسة المائية المصرية تهدف إلى الاحتفاظ بالوضع القائم والعمل على منع بناء السدود على منابع النهر أو القيام بأي عمل يمكن أن يعيق وصول المياه إليها. ولم تكن دول أعلى الحوض راضيه عن هذا الوضع (القائم) فقد كانت تعتقد انه في صالح مصر، لأنه يعطيها نصيبا كبيرا من المياه والتي تنبع منها والتي كانت مصر والسودان قد اقسماها دون استشارة دول أعلى الحوض في سنه 1959 وكانت مصر حتى وقت قريب تواجه هذه الشكاوى في اتجاهين.
الاتجاه الأول : هو بتبرير حصولها على حصتها الكبيرة من المياه بسبب أن النيل هو مصدرها الوحيد وانه إذا أريد إعادة فتح ملف توزيع المياه فينبغى اعتبار جميع مصادر المياه المتاحة لكل دولة ومن المعروف أن السودان وإثيوبيا لهم مصادر كثيرة للمياه بل وانهار أخرى غير النيل بعضها يصب في البحر الأحمر وبعضها يصب في المحيط الهندي والكثير من هذه الأنهار غير مستغل وربما كان النظر في تنمية أحواضها أعظم فائدة واقل تكلفه فسهول الكثير منها وخاصة التي تصب في المحيط الهندي أكثر انبساطا بما يجعل ضبط مياهها سهلا مقارنة بروافد النيل التي تنبع من المرتفعات الإثيوبية وتمر فى خوانق عميقة ذات انحدار كبير وحامله للكثير من الرواسب
.أما الاتجاه الثاني : التي كانت مصر تسلكه من اجل الاحتفاظ بالوضع القائم فقد كان في احتواء اي تجمع لدول الحوض وتبنيه وأبعاده عن تدخل أي طرف ثالث وأخذ زمام المبادرة فيه على أمل أن تحتويه أو أن تجعله متوائما مع الوضع القائم . وكانت تأخذ المبادرة للاشتراك فى كل لجنة أو نشاط مشترك لدول الحوض ولعبت مصر دورا مهما في تشجيع دول المنبع للقيام بدراسة هيدروميترولوجية للبحيرات الاستوائية عندما ارتفع منسوبها ارتفاعا مفاجئا في اوائل ستينات القرن العشرين وقد تمخضت جهودها عند مشروع الهيدروميت الذى موله البرنامج الإنمائي للولايات المتحدة ونفذته منظمة الأرصاد الجوية وكانت مصر عضوا فيه وشجعت باقي دول الحوض على المشاركة فيه .كما عملت من خلال منظمة الوحدة الأفريقية في مؤتمر القمة الذي عقد في لاجوس بنيجيريا في عام 1980 على تشجيع تجمعات اقتصادية أفريقية إقليمية لبناء تجمع في حوض النيل ، حيث دعت وزارة الخارجية دوله لاجتماع عقد في الخرطوم في عام 1983 حضرته مصر والسودان وأوغندة وزائير وجمهورية أفريقيا الوسطى وتمخض الاجتماع عن ميلاد وتجمع غير رسمي مسمى (الاندوجو) وهي كلمة سواحلية تعنى الأخوة وقد انضمت الى التجمع بعد ذلك كلا من رواندا وبورندي وتنزانيا - إلا أن هذا التجمع لم يحظ بالنجاح نظرا لغياب إثيوبيا ، احد أهم دول المنبع - وللحق كانت ظروف الحرب الباردة غير مواتية لقيام أي تجمع فعال مما سهل مهمة الحفاظ على الوضع القائم وأبعاد أي طرف ثالث من الدخول لتغييره ، حيث أعاقت ظروف الحرب الباردة إقدام رأس المال العالمي ومؤسسات التمويل الدولية عن الاستثمار في أي مشروع لتنمية حوض النهر وتغير الحال بعد انتهاء الحرب الباردة وبدأ دخول مؤسسات التمويل الدولية كطرف ثالث بغرض إقامة نظام جديد يحل محل الوضع القائم فيها حيث بدأ الدخول المنظم لهذه المؤسسات في عام 1992 وعندما اجتمع وزراء الموارد المائية الست من دول الحوض (مصر - السودان - الكونغو - رواندا - تنزانيا – أوغندة) وبحضور مندوبين من دول الحوض الأخرى تحت رعاية هذه المؤسسات وقرروا إنشاء لجنة للتعاون الفنى (تكونيل) تقدمت بورقة عمل في عام 1995 مولها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة تقترح نظام لإدارة مياه النيل لصالح دولة . وعرضت هذه الورقة على مجلس وزراء الموارد المائية لدول الحوض والذي وافق عليها وقرر التقدم إلى البنك الدولي للمساهمة فى تمويل ما جاء بها من توصيات ووافق البنك على ذلك بعد أن يقوم بدراستها وتمت الدراسة بالفعل بواسطة لجنة شكلها خبراء دولتين اقترحت بعض التعديلات التي عرضت على مجلس وزراء الموارد المائية لدول الحوض فوافق عليها في اجتماع عقد بمدينة أروشا بتنزانيا في مارس 1998. وتمثل هذه الورقه الأساس الذي بنيت عليه مبادرة حوض النيل الذي أعلن مجلس وزراء الموارد المائية عن قيامها في اجتماع عقد في مدينة أروشا في فبراير 1999 حيث تهدف هذه المبادرة إلى التنمية الشاملة لحوض نهر النيل وبناء نظام جديد يعيد تنظيم اقتصاد دولة ويعظم الاستفادة من ثروتها الطبيعية وتنال مبادرة حوض النيل المساندة الكاملة من مؤسسات التمويل الدولية وفى مقدمتها البنك الدولى والوكالة الكندية للتنمية الدولية والبرنامج الإغاثي للأمم المتحدة والتي تعهدت بتمويل مرحلتها الأولى في اجتماع عقد بمدينة جنيف في شهر يونيو عام 2001. وتسعى هذه المرحلة إلى بناء رؤية مشتركة (Shared vision) بين دول الحوض قدرت تكاليف وضع برنامجها بحوالي 211 مليون دولار ومدة تنفيذها بين 3 سنوات وتحتوى الرؤية على خمس برامج أساسية تتعلق بالعمل البيئي عبر الحدود والتجارة الإقليمية للكهرباء بين دول الحوض والاستخدام الأمثل للمياه في الزراعة وتخطيط وإدارة مصادر المياه وبرنامجين مساعدين يتعلقان ببناء الثقة وتوطيد الاتصال بين دول الحوض ومد جسور التعاون بينهما من اجل تحقيق التكامل الاقتصادي الاجتماعي.
كما تحتوي المبادرة في نفس الوقت على برنامجين فرعيين أولهما يخص دول شرق النيل (مصر- السودان - إثيوبيا) وثانيهما يخص الدول البحيرية (بوروندي - الكونغو - كينيا - رواندا - تنزانيا - أوغندة بالإضافة الى مصر والسودان وحددت دول شرق النيل خمس برامج للدراسة هى الإدارة المتكاملة لمصادر المياه - ضبط الفيضان - توليد الكهرباء وتوزيعها - الري والصرف - إدارة بعض أحواض التصريف. أما الدول البحيرية فقد حددت 12 مشروعا مشتركا بعضها جاهز للتنفيذ على الفور تتعلق بالتنمية الزراعية والسمكية وإدارة مصادر المياه ومكافحة ورد النيل الذي علا منطقة السد ومناطق كثيرة بحوض السوباط والغزال) وتوليد الكهرباء وتوزيعها وقد تكون من اجل تمويل تنفيذ هذا البرنامج جهاز دولى يسمى الكونزوريتوم الدولى للتعاون من اجل النيل (ICCON) الذي عقد أول اجتماع له في جنيف في شهر يونيو 2001 بغرض اعتماد برنامج الرؤية المشتركة ويحمل برنامج الرؤية المشتركة كما جاءت في مبادرة حوض النيل من العواقب ما يمكن أن يعيد تشكيل نهر النيل ويغير تشكيل نهر النيل ويغير اقتصاد دول تغييرا جذريا وشاملاً ويصعب التنبؤ لهذه التغييرات فلا زالت التفاصيل الكاملة للمشروع التي ستأتي بها هذه الرؤية غير معروفه على وجه التحديد كما أنها لم تتبلور بعد ومحاطة بالكتمان - ولو حدث تنفيذ لأي من المشروعات التي يتداولها خبراء الكونزوريتوم أو ما يصرح به المسئولون في دول الحوض وخاصة ما تعلق منها ببرنامج تخطيط وإدارة مصادر المياه وتنظيم اتجاهها عند خطوط تقسيمها سنكون أمام تغيير كامل في شكل نهر النيل كما نعرفه اليوم فإذا تحقق على سبيل المثال بناء سد كبير للاستخدام المستديم للمياه على النيل الأزرق فى إثيوبيا فأن عملية التخزين القرني لدول أدنى الحوض (مصر - السودان) ستنتقل من مصر إلى إثيوبيا مما سيكون نزيرا بنهاية دور السد العالى كخزان للمياه أو كمصدر لتوليد الكهرباء بما يحمله ذلك من تغيرات شاملة على ارض مصر وتوجهات اقتصادها وإذا أتيح لإثيوبيا أن يكون لها نصيب من مياه الروافد التي تنبع منها كما تشير كل برامج المبادرة فأن ذلك سيكون على حساب حصة مصر والسودان وأغلب الظن أن خفض حصة مصر من المياه سيكون على حساب الزراعة فيها والتي سيتراجع دورها.
وعند مراجعة استخدامات الأرض والمياه في إثيوبيا سنرى أن هناك مشروعات كثيرة ومتداولة منذ زمن بعيد تهدف إلى حجز المياه النابعة من روافدها - ويبدوا أن هذه المشروعات سترى النور في الظروف الجديدة التي جاءت بها مبادرة حوض النيل - وقد توصل أحد خبراء الكونزوريتوم الدولى فى دراسة نشرت منذ سنوات بأن بناء السد العالى على النيل الأزرق ليس ضاراً بل على العكس من ذلك سيكون في صالح جميع دول الحوض فتنظم هذه السدود سريان مياه النيل الأزرق بانتظام على مدار السنة بدلا من النمط الحالى الذى يأتي بمعظمها في يوم واحد . ويتأرجح تصرف النهر في الوقت الحالي حول المليار متر مكعب في شهر أغسطس ثم يعود إلى الهبوط تدريجيا إلى أقل من 2 مليار متر مكعب فى شهر ديسمبر. ولذلك فأنه يأتي أكثر من 85 % من الماء في الأشهر الأربعة من يوليو إلى أكتوبر ولو أن إثيوبيا بنت السدود المقترحة على النيل الأزرق وحجزت لنفسها 6 مليار متر مكعب فأنها ستطلق الباقي بمعدل 3.6 مليار متر مكعب شهريا بعد حجز 3% من الماء سيضيع بالبخر في خزاناتها لاستخدامات مصر والسودان وإطلاق الماء بانتظام من إثيوبيا سينهى ظاهرة الفيضان والذبذبات التي تأتي معه في خزان السد العالي بما سيحمى السودان من مخاطر الفيضانات العالية وبما سيقلل من ارتفاع المياه في بحيرة ناصر إلى الحد الذي سيقلل البخر منها بما يقارب ما ستأخذه إثيوبيا من الماء بالإضافة الى ذلك فأنه سوف يمنع وصول الطمى الى السودان ومصر بما سيرفع من كفاءة سدود السودان على النيل الأزرق والتي يتجمع فيها الطمي في الوقت الحاضر ويقلل من سعتها كما سيساعد مصر على الحفاظ على بحيرة ناصر من الأطماع ، ومن المعروف أن الطمى الذى يحمله الفيضان في الوقت الحاضر يتجمع عند الشلال الثانى فى حدود مصر والسودان بكميات قد تعيق سريان النهر على أن مثل هذه السدود يمكن أن تكون لها أضرار كبيرة فبالإضافة إلى صعوبة تنفيذها على خانق النيل الازرق العميق وذو الانحدار الكبير وارتفاع تكلفتها فإن أثارها الجانبية ستكون كبيرة جدا . لذلك سيكون سببا لتعرضهما إلى أخطار كبيرة ستفوق بكثير ما يمكن أن يجنياه من فوائد فحجز الطمى سيغير من نظام النهر وسيطلق جزءا من تلك الطاقة التي كان النهر يصرفها فى حمله فتزيد من قدرته على النحر سواء على جانبيه أو لتعميق مجراه بما يجعله نهراً صعب المراس ستحتاج حماية جوانبه والاراضي التي تحفه والمنشآت المقامة عليه إلى كثير من الجهد والمال. وبدون الدخول في تفاصيل كثيرة فأن النظرة الفاحصة لمثل هذه السدود وما يمكن أن تجلبه سواء في مجال الزراعة أو الطاقة الكهرومائية. ولا يبدو مبررا للتكاليف الباهظة التي ستتحملها دول الحوض لبقائها - ويجمع الاقتصاديون على أن زمن بناء السدود الكبرى قد راح أوانه بسبب انخفاض عائد الزراعة وعدم أمكان دول الحوض من الاستفادة من الطاقة الكهرومائية الكبيرة المولدة ذلك لان ليس لديها قوة استيعابية لها مما سيجعل أمر تصديرها إلى خارج دول الحوض بل وإلى خارج القارة الأفريقية واردا.
ولما كانت أثار مبادرة حوض النيل لم تتضح بعد وفي أطار الوضع القائم المعرض للتغير الكامل. إلا أن هذا الوضع يتطلب المتابعة والدراسة والمعرفة الهندسية والهيدرولوجية لمجرى النهر من المنبع الى المصب، ذلك بالإضافة إلى الوجود المستمر من جانب مصر في قلب دول الحوض فى مختلف الصور الثقافية والتجارية والاجتماعية.
|
|
خطر خفي في أكياس الشاي يمكن أن يضر صحتك على المدى البعيد
|
|
|
|
|
ماذا نعرف عن الطائرة الأميركية المحطمة CRJ-700؟
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة يستقبل المتولّي الشرعي للعتبة الرضوية المطهّرة والوفد المرافق له
|
|
|