المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الهيكل المحوري Axial Skeleton
2024-12-22
الموقوفون لأمر الله
2024-12-22
سبعة أبواب لجنهم
2024-12-22
مناخ السفانا Aw
2024-12-22
جحود الكافرين لآيات الله الباهرات
2024-12-22
لا ينفع الايمان عند الباس
2024-12-22

المـساهمـون فـي التـسويـق الـدولـي
4/10/2022
صور الوساطة الجنائية
2023-09-06
مضخات الحمض
10-10-2016
الملوثات المؤثرة على صناعة الغزل والنسيج
2024-01-25
معنى قلوبنا غلف
2024-08-12
التزام الإدارة بتزويد المتعاقد بالمواد اللازمة لإنجاز العمل
8-6-2016


النظام الاجتماعي عند الإمام علي (عليه السلام) / علاقة الإنسان مع نفسه  
  
193   08:26 صباحاً   التاريخ: 2024-12-02
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : نظام العلاقات الاجتماعية في نهج البلاغة
الجزء والصفحة : ص44ــ56
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

من الأمور المهمة التي خطط لها الإسلام ووضع لها برنامجاً تربوياً متكاملاً، ورسم لها خطاً توجيهياً واسعاً هـي حدود الإنسان في تعامله مع نفسه.

وقد يأتي سؤال هنا: وهو أنه لماذا نحتاج إلى هذا البرنامج التربوي لتنظيم علاقة الإنسان بنفسه؟ وما شأن ذلك وارتباطه بعلاقة الإنسان مع الآخرين؟ وهل أن الإنسان يمكن أن يعيش في صراع وحرب معها؟ وهل يمكن أن يضر الإنسان نفسه؟ أو يخون نفسه؟.

والجواب: إن كثيراً من الناس يعادون أنفسهم من حيث لا يعلمون، ويتصدون لمحاربة أنفسهم وخيانتها والمكر بها والكيد لها، ويخسرون أنفسهم، ويضرون بها، ويُهلكون أنفسهم، من حيث لا يشعرون.

والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحالة في الناس إشارة واضحة فمن الناس من يظلم نفسه:

{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32].

{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عمران: 117].

ومن الناس من يبغي على نفسه:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23].

ومن الناس من يخون نفسه:

{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 187].

ومن الناس من يخسرون أنفسهم:

{قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 15].

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9].

فالقرآن الكريم أشار إلى كيفية علاقة الإنسان بنفسه حيث قد يظلمها وقد يبغي عليها وقد يخونها وقد يخسرها و... ولكن ما هي أسباب ذلك؟.

والجواب: أن الإنسان لم يتأمل في معرفة النفس، ولم يسعَ لفهم مكنونها ومحتواها وما هو الذي تحتاج إليه، لأن النفس تتخذ الشكل الذي على أساسه يتعامل الإنسان فيه معها. فمن يعمل الصالحات والخيرات ويضع للنفس قوانين مدروسة فلا شك أنها تبنى وتنشأ على ذلك وإلا فإنها سوف تسلك ظلمات ما بعدها ظلمات. وهذا بالتالي يؤدي إلى الخسران والهلاك.

والإمام علي (عليه السلام) اشار في كلماته إلى ما يفيد هذا المعنى - وهو ظلم الإنسان لنفسه وعدوانه عليها:

فقد ورد في نهج البلاغة عن الشريف الرضي أنه:

دخل الإمام (عليه السلام) على العلاء بن زيد الحارثي يعوده، وهو من أصحابه، فلما رأى سِعَةَ داره، قال:

((ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا؟ أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، بلى إن شئت بلغت بها الآخرة، تُقري فيها الضيف وتصل (فيها) منها الرحم ...)).

فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد؟.

قال (عليه السلام): وما لَهُ.

قال لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا.

قال (عليه السلام): عليَّ به.

فلما جاء قال (عليه السلام): يا عُدَيَّ نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله عز وجل أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها، أنت أهون على الله في ذلك.

قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك.

قال (عليه السلام): ويحك إني لست كأنت، إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدّروا أنفسهم بضعَفْةِ الناس كيلا يتبيغ(1) بالفقير فقره(2).

ويطرح الإمام علي (عليه السلام) في كلماته هذا الصراع الداخلي الذي يعيشه الإنسان مع نفسه، وهذا الصدام الذي يحدث بينهما، ولا شك بأن هذه القضية من القضايا الحساسة والدقيقة والخطيرة على الكثيرين. وذلك لأن النفس التي لا يبنيها الإنسان بالشكل السليم تصبح من أكبر الأعداء له ومن أهم المسائل التي تشغله عن التفكير بالخير وتورِدَهُ مورِد السوء حيث يقول (عليه السلام):

((لا عَدُوَّ أعدى على المَرْءِ من نفسه))(3).

((نفسك أقرب أعداؤك إليك))(4).

((نفسُكَ عَدُوٌّ مُحارِبٌ وضيدٌ مواثب إن غَفَلْتَ عنها قتلتك))(5).

فهذا العدو الذي يكمُن في عمق نفس الإنسان هو الذي يفسد على الإنسان حياته ويحولها إلى قطعة من العذاب المتصل، ويهلكه ويفقده الإستقرار والراحة والطمأنينة والسعادة في حياته كما يعمل أي عدو تجاه عدوه.

ولكي يسلم الإنسان من هذا العذاب والعناء، يضع الإمام علي (عليه السلام) حلًّا كاملاً لتنظيم حياة الإنسان وكيفية فرض سيطرته على هذا العدو الداخلي وكيفية تهذيب النفس، وتحديد نوعية العلاقة معها.

وكلمات الإمام (عليه السلام) تصرِّح وتشير إلى هذه القضية، وتحدد بعض النقاط التي يجب أن يسير عليها الإنسان للتغلب على هوى النفس ومشكلاتها، وحينئذ تتحقق سعادته ورفاهيته في الحياة وهـ وهي:

1- مراقبة النفس ومحاسبتها:

وذلك بأن يقوم الإنسان بعملية مراقبة ومحاسبة للنفس في كل يوم عما عملته من الطاعات والمعاصي، والموازنة بينهما.

فإن رجحت كفة الطاعات، شكر الله على توفيقه لها، وفوزه بشرف طاعته ورضاه.

وإن رجحت كفة المعاصي أدب المحاسب نفسه بالتقريع والتأنيب على إغفال الطاعة، والنزوع للآثام.

يقول (عليه السلام):

((إجعل من نفسك على نفسك رقيباً واجعل لآخرتك من دنياك نصيباً(6).

((من حاسب نفسَهُ رَبِحَ، ومن غَفَلَ عنها خَسِرَ، ومن خاف أمِنَ، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصَرَ فَهِم، ومن فَهِمَ عَلِمَ))(7).

((فحاسب نفسك لنفسك، فإنَّ غيرها من الأنفُس لها حَسيب غيرك))(8).

((عباد الله زنوا أنفسكم من قبل أن توزنوا، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا))(9).

((ما أحق الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغَلُهُ عنها شاغل يُحاسِبُ فيها نفسَهُ فينظُر فيما اكتسب لها وعليها في ليلها ونهارها))(10).

((حاسبوا أنفسكم بأعمالها، طالبوها بأداء المفروض عليها، والأخذ من فنائها لبقائها، وتزودوا وتأهبوا قبل أن تُبعثوا))(11).

وقال (عليه السلام) عن أهل الذكر:

((فلو مثلتَهُم لعقلك في مقاومهم(12) المحمودة، ومجالسهم المشهودة، وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة وكبيرة أمروا بها فقصَّروا عنها، أو نُهُوا عنها فَفَرَّطوا فيها، وحملوا ثِقَلَ أوزارهم ظهورهم....(13).

2ـ مجاهدة النفس:

في داخل كل واحد منا، قوى متصارعة ومتضاربة، مكوّنة من العقل والغريزة، والنفس والإرادة!... وهي بهذا الصراع تتمكن من بناء نفسها.

والذي يحدث داخل أعماق الإنسان هو أن يقف العقل والفطرة وجنودهما وهم يشكلون جبهة الإنسانية بكل أبعادها وأعماقها، وفي المقابل، يقف الشيطان وقبيله، مع النفس وغرائزها، في صف واحد لتشكيل جبهة الحيوانية.

ثم يتفجر الصراع، حتى إذا تغلبت إحدى الطائفتين على الأخرى، أخذت زمام الفرد، وساقته إلى حيث تشاء.

وهذا الصراع إنما يحدث من أجل أن يستكمل الواحد منا رحلته في الحياة... وفي الحقيقة إن التكامل لا ينمو، إلا في ظل الصراع والمنافسة والتغلب على النفس الأمارة بالسوء، وهذا ما نسميه بمجاهدة النفس.

قال (عليه السلام) في وصية له إلى شريح بن هانئ:

((اواعلم إنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تُحِبُّ مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعاً رادعاً، ولنزوتك عند الحفيظة(14)، واقما(15) قامِعاً(16).

وقال (عليه السلام) عن صفات (المتقي):

((إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يُعطِها سُؤلَها فيما تحب... نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة))(17).

وفي عهده (عليه السلام) إلى مالك الأشتر يقول:

((... وأمرَهُ أن يكسِرَ نَفْسَهُ من الشهوات، ويَزَعها عند الجَحَمات، فإن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الله))(18).

((إن طاعة النفس ومتابعة أهويتها أُسس كُلِّ مِحنةٍ ورأسُ كُلَّ غواية))(19).

((إنَّكَ إِن مَلَّكت نَفْسَكَ قِيادَك أفسدت معادك واوردتك بلاءً لا ينتهي وشقاءً لا ينقضي))(20).

((خالف نفسك تستقيم وخالط العُلماء تَعْلَم))(21).

3- تعويد النفس على الطاعة والعبادة:

النفس الانسانية أشبه بشيء بالطفل المولود حديثاً فإن شخصيته في المستقبل المنظور تتأثر بنوعية التربية التي يتلقاها والأدب الذي يتربى عليه، والأمور التي يتعود عليها من أهله والمحيط الذي يعيش فيه، لذا فإن من الضروري ترويضه وتدريبه وتعويده على كل صفات الخير.

وهكذا النفس فإن تكوينها يتأثر ويتفاعل مع القضايا التي يعوِّدها عليها صاحبها. فإن عودها على طاعة الله كانت نفساً طيبة طاهرة، وإلا كانت نفساً أمارة بالسوء.

يقول الإمام علي (عليه السلام):

((عباد الله، إنَّ أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه، وإن أغشّهم لنفسه أعصاهم لربه؛ والمغبون مَن غَبَن نفسه، والمغبوط من سَلِمَ له دینه))(22).

((فطوبى لذي قلب سليم، أطاع من يهديه، وتجنب من يرويه وأصاب سبيل السَّلامة يبصر مَن بَصره، وطاعة هادٍ أمره... فقد أقيم على الطريق، وهُدي نهج السبيل))(23).

((وخادع نفسك في العبادة، وارفُق بها ولا تقهرها، وخذ عفوها ونشاطها، إلا ما كان مكتوباً عليك في الفريضة، فإنه لا بد من قضائها، وتعاهدها عند محلها))(24).

4- ترويض النفس على التقوى وأعمال البر:

قال (عليه السلام):

((أفضل الأعمال ما أكرهت نفَسكَ عليه))(25).

((وإنما هي نفسي أروضُها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبُتَ على جوانب المَزْلَق))(26).

((أسهروا عيونكم، وأضمروا بطونكم، واستعملوا أقدامكم، وأنفقوا أموالكم، وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم، ولا تبخلوا بها عنها))(27).

5- إستشعارها الخوف من الله تعالى:

قال (عليه السلام):

((ولو تعلمون ما أعلم ممَّا طُويَ عنكم غيبه، إذاً لخرجتم إلى الصَّعُدات تبكون على أعمالكم، وتلتدمون على أنفسكم، ولتركتم أموالكم لا حارس لها ولا خالِفَ عليها، ولَهَمَّتْ كلَّ أمرئ منكم لا يلتفت إلى غيرها ولكنكم نسيتم ما ذكرتم، وأمنتم ما حذرتم، فتاه عنكم رأيكم وتشتّت عليكم أمركم))(28).

وينبغي للإنسان في هذه الدنيا أن يعلم بأن هناك أموراً كبعض الممارسات والصفات قد تحول بينه وبين تهذيب نفسه. فعليه إذن أن يكون حريصاً في اختراق الشهوات لعمله، وإماتت الدنيا لقلبه، وإستعباد النفس له. فأفضَلُ طريق للإنسان لأجل صلاح نفسه أن لا يتبع الهوى وطول الأمل.

((إن أخوف ما أخاف عليكم إثنان: أتباع الهوى، وطول الأمل، فأما أتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة))(29).

وهذه الأمور التي ذكرناها حول جهاد النفس ومراقبتها ومحاسبتها لها فضائلها وآثارها الإيجابية على السلوك في الطريق إلى الله تعالى، لأن رَدع النفس عن كثيرٍ مما تحبّ يؤدي إلى عدم سيطرة الأهواء والشهوات على الإنسان، وعدم وقوعه في المهالك والمعاصي.

((من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خَسِرَ))(30).

((إن المجاهد نفسَهُ على طاعة الله وعن معاصيه عند الله سبحانه بمنزلة بر شهيد))(31).

((إنَّك إن جاهدت نفسك حُزْت على رِضَى الله))(32).

((جاهد شهوتكَ وغالِب غَضَبَك وخالِف سوء عادتِكَ تَزْكُ نَفْسُكَ وَيُكمل عقلك وتستكمل ثواب ربِّكَ))(33).

وكلام الإمام علي (عليه السلام) عن النفس الإنسانية وضرورة محاسبتها ومراقبتها وبالتالي تعويدها وتدريبها على الخير يهدف إلى بناء الشخصية المثالية التي تحترم ذاتها وتعمل على إصلاح سريرتها وباطنها، وقد أراد الامام (عليه السلام) أن ينطلق من صلاح الباطن الذي هو بمثابة وضع حجر الأساس في عملية الإصلاح الاجتماعي، فمن الباطن يبدأ الإنسان رحلته لبناء العلاقات الاجتماعية النموذجية التي هي انعكاس واضح لصلاح النفس الانسانية.

___________________________

(1) تبيغ الدم بصاحبه: إذ هاج.

(2) نهج البلاغة.

(3) تصنيف غرر الحكم ص 234.

(4) نفس المصدر.

(5) نفس المصدر.

(6) تصنيف غرر الحكم ص 235.

(7) نهج البلاغة: الحكمة 208.

(8) نهج البلاغة: الخطبة 222.

(9) نهج البلاغة: الخطبة 90.

(10) تصنيف غرر الحكم ص 236.

(11) تصنيف غرر الحكم ص 236.

(12) مقاوم - جمع مقام: مقاماتهم في خطاب والوعظ.

(13) نهج البلاغة: الخطبة 222.

(14) الحفيظة: الغضب.

(15) واقماً: قاهراً.

(16) نهج البلاغة: الرسالة 56.

(17) نهج البلاغة: الخطبة 193.

(18) نهج البلاغة: والرسالة 153.

(19) تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم ص 237.

(20) نفس المصدر.

(21) نفس المصدر.

(22) نهج البلاغة: الخطبة 86.

(23) نهج البلاغة: الخطبة: 214.

(24) نهج البلاغة: الرسالة 69.

(25) نهج البلاغة: الحكمة 249.

(26) نهج البلاغة: الرسالة 45.

(27) نهج البلاغة: الخطبة 183.

(28) نهج البلاغة: الخطبة 116.

(29) نهج البلاغة: الكتاب 42.

(30) نهج البلاغة: الحكمة 208.

(31) تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم ص 242.

(32) تصنيف غرر الحكم ص 242.

(33) تصنيف غرر الحكم ص242. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.