المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

خصائص نظام الرقابة الناجح
2023-06-11
Morgan William Crofton
13-11-2016
قصة النبي شعيب (عليه السلام )
18-11-2014
شكل الأسئلة المغلقة في الاستبيان
3-4-2022
الفائدة التي يجنيها المتهم من تخصص القاضي الجنائي
10-3-2018
ولاية سمرة من قبل معاوية
6-4-2016


بدْء نزول القرآن  
  
2914   07:15 مساءاً   التاريخ: 12-10-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : تلخيص التمهيد
الجزء والصفحة : ج1 ، ص64-76 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / تاريخ القرآن / نزول القرآن /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-4-2016 27500
التاريخ: 20-6-2016 3419
التاريخ: 11-6-2021 2625
التاريخ: 3-05-2015 2067

لا شكَّ أنّ القرآن نزل على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك ، لقوله تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة : 185] ، وقوله : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان : 3] ، وقوله : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر : 1].

وليلة القدر عندنا مردَّدة بين ليلتين في العشر الأخير من شهر رمضان المبارك : إحدى وعشرين ، أمْ ثالثة وعشرين ، والأرجح أنَّها الثانية ، لحديث الجهني (1) . وقال الصدوق ( رحمه الله ) : اتَّفق مشايخنا على أنَّها ليلة ثلاث وعشرين (2) .

والكلام في تعيين ليلة القدر ليس من مبحثنا الآن ، وإنَّما يهمّنا التعرّض لجوانب من هذا التحديد ، أي نزول القرآن في ليلةٍ واحدة ـ هي ليلة القدر ـ من شهر رمضان :

أوّلاً : منافاته ـ ظاهراً ـ مع ما أسلفناه من اتّفاق الإمامية وعدد من أحاديث غيرهم ، على أنَّ البعثة كانت في رجب ، ولا شكَّ أنَّ البعثة كانت مقرونة بنزول آيٍ من القرآن ، خمس آيات من أوّل سورة العلَق ، فكيف يتمّ ذلك مع القول بنزول القرآن ـ كلّه أو بدْء نزوله ـ في شهر رمضان في ليلة القدر ؟ .

ثانياً : ماذا يكون المقصود من نزول القرآن في ليلة واحدة هي ليلة القدر ؟ هل نزل القرآن كلُّه جملة واحدة تلك الليلة ؟ مع العلم أنَّ القرآن نزل نجوماً لفترة عشرين أو ثلاثة وعشرين عاماً ، حسب المناسبات والظروف المختلفة ، ودُعيت باسم ( أسباب النزول ) ، فكيف ذلك ؟ .

ثالثاً : ما هي أوَّل آية أو سورة نزلت من القرآن ؟ فإن كانت هي سورة العلَق أو آيٍ منها ، فلِمَ سُمّيت سورة الحمد بفاتحة الكتاب ؟ إذ ليس المعنى أنَّها كتُبت في بدْء المصحف ؛ لأنَّ هذا الترتيب شيء حصل بعد وفاة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، أو لا أقلّ في عهد متأخّر من حياته ـ فرضاً ـ في حين أنّها كانت تسمّى بفاتحة الكتاب منذ بداية نزولها : ( لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب ) (3) حديث مأثور عن لسان النبي ( صلّى الله عليه وآله ) .

وللإجابة على هذه الأسئلة الثلاثة ـ بصورة إجمالية ـ نقول :

إنَّ بدْء البعثة يختلف عن بدء نزول القرآن ككتاب سماوي ؛ لأنَّه ( صلّى الله عليه وآله ) نُبِّئ ولم يؤمَر بالتبليغ العامّ إلاّ بعد ثلاث سنوات ، كان خلالها يدعو في اختفاء حتّى نزلت آية {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر : 94] ، ومن هذا الحين جُعل القرآن ينزل تِباعاً ، بسِمة كونه كتاباً أُنزل من السماء ، وكان يُسجَّل على العَسْب واللخاف ، يكتبه مَن كان يعرف الكتابة من المؤمنين ، وهُم عدد قليل ، خلال عشرين عاماً .

وقد كان بدْء نزول القرآن ـ بعد تلك الفترة ـ في ليلة القدر من شهر رمضان ؛ وبهذا الاعتبار صحَّ التعبير بأنَّ القرآن نزل في ليلة القدر ، وإن كان نزوله تِباعاً استغرق عشرين عاماً ؛ إذ كلّ حدَث خطير تكون له مدَّة وامتداد ، فإنَّ تاريخه يسجَّل حسب مبدأ شروعه ، كما سنفصّل الكلام عنه .

أمّا أوَّل آية نزلت فهي الآيات الخمس من أوَّل سورة العلَق ، ونزلت بقيَّتها في فترة متأخرّة ، غير أنَّ أوّل سورة كاملة نزلت من القرآن هي سورة الحمد ، ومن ثمَّ سمّيت بفاتحة الكتاب .

هذا إجمال الكلام حول هذه المواضيع الثلاثة ، وأمّا التفصيل فهو كما يلي :

فترة ثلاث سنوات :

ولنفرض أنَّ البِعثة كانت في رجب ، حسب رواية أهل البيت ( عليهم السلام ) ولفيف من غيرهم ، لكنَّ القرآن ـ بسِمة كونه كتاباً سماويّاً ودستوراً إلهيّاً خالداً ـ لم ينزل عليه إلاّ بعد فترة ثلاث سنين ، كان النبي ( صلّى الله عليه وآله ) خلالها يكتُم أمْره من مَلأ الناس ، ويدعو إلى الله سرّاً ، ومن ثَمَّ لم يكن المشركون يتعرّضون أذاه ، سوى طعنات لِسَانية ، حيث لا يرون من شأنه ما يُخشى على دينهم .

وكان يصلّي إذ ذاك مع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أربعة : عليّ ، وجعفر ، وزيد ، وخديجة ، وكلّما مرَّ بهم مَلأ من قريش سخِروا منهم .

قال عليّ بن إبراهيم القمّي : فلمّا أتى لذلك ثلاث سنين ، أنزل الله عليه : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } [الحجر : 94 ، 95] قال : وكان ذلك بعد أن نُبّئ بثلاث سنين  .

وقال اليعقوبي : وأقام رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بمكّة ثلاث سنين يكتم أمْره (4) .

وقال محمَّد بن إسحاق : وبعد ثلاث سنين من مبعثه نزل { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } ، فأُمِر أن يجْهر بالدعوة ويعمَّ الإنذار (5) .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( مكث رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بمكَّة بعدما جاءه الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة ، منها ثلاث سنين مختفياً خائفاً لا يُظهر أمْره ، حتّى أمَره الله أن يصدع بما أُمر به ، فأظهر حينئذٍ الدعوة ) (6) .

وهذه الروايات إذا لاحظناها مع روايات قائلة : إنَّ فترة نزول القرآن على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) استغرقت عشرين عاماً ، تُعطينا أنَّ مبدأ نزول القرآن كان متأخّراً عن البعثة بثلاث سنوات ، إذ لا شكّ أنَّ القرآن كان ينزل عليه ( صلّى الله عليه وآله ) حتّى عام وفاته ؛ وبذلك يلتئم القول بأنَّ بدْء نزول القرآن كان في شهر رمضان ، ليلة القدر ، كما نصَّ عليه القرآن الكريم .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ثمَّ نزل القرآن عشرين عاماً ) كما جاء في رواية الكليني (7) ، والعيّاشي (8) ، وأشار إليه الصدوق (9) ، والمجلسي (10) . والنصّ على تحديد فترة نزول القرآن بعشرين عاماً كثير (11) .

وإلى هذا المعنى تشير الرواية عن سعيد بن المسيّب ، قال : أُنزل على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وهو ابن ثلاث وأربعين (12) ، أي أُنزل عليه القرآن عند ذلك ، إذ لا شكّ أنَّ النبوّة نزلت عليه ( صلّى الله عليه وآله ) عند اكتمال الأربعين ، وهذا إجماع الأمّة ، وعليه اتّفاق

كلمتهم ، فكيف يخفى على مثل سعيد ؟! .

وأوضح من ذلك ما رواه الإمام أحمد بسند متَّصل إلى عامر الشعبي : أنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) نزلت عليه النبوَّة وهو ابن أربعين سنة ، فقُرن بنبوّته إسرافيل ثلاث سنين ، فكان يعلِّمه الكلمة والشيء ، ولم ينزل القرآن ، فلمّا مضت ثلاث سنين ، قُرن بنبوَّته جبرائيل ، فنزل القرآن على لسانه عشرين سنة ، عشراً بمكَّة وعشراً بالمدينة ، فمات ( صلّى الله عليه وآله ) وهو ابن ثلاث وستّين سنة . قال ابن كثير : وهو إسناد صحيح إلى الشعبي (13) .

وهذه الرواية وإن كانت فيها أشياء لا نعرفها ـ ولعلَّها من اجتهاد الشعبي الخاصّ ـ لكنَّ الذي نريده من هذه الرواية هو : جانب تحديد نزول القرآن في مدَّة عشرين عاماً ، وإنَّ نزوله تأخَّر عن البعثة بثلاث سنين ، وهذا شيء متَّفق عليه .

آراء وتأويلات :

وأمّا تأويل نزول القرآن في ليلة القدر من شهر رمضان ـ مع العلم أنَّ القرآن نزل منجَّماً طول عشرين ، أو ثلاثة وعشرين عاماً في فترات ومناسبات خاصَّة ، تُدعى بأسباب النزول ـ فللعلماء في ذلك آراء وتأويلات :

1 ـ إنَّ بدْء نزوله كان في ليلة القدر من شهر رمضان .

وهذا اختيار محمَّد بن إسحاق (14) ، والشعبي (15) ، قال الإمام الرازي : وذلك لأنَّ مبادئ المِلل والدوَل هي التي تؤرَّخ بها ؛ لكونها أشرف الأوقات ؛ ولأنَّها أيضاً أوقات مضبوطة معلومة (16) . وهكذا فسَّر الزمخشري الآية بذلك ، قال : ابتدأ فيه إنزاله (17) .

وهو الذي نرتأيه ؛ نظراً لأنّ كل حادث خطير إذا كانت له مدَّة وامتداد زمني ، فإنَّ بدْء شروعه هو الذي يسجَّل تاريخياً ، كما إذا سئل عن تاريخ دولة أو مؤسَّسة أو تشكيل حزبي ، أو إذا سُئل عن تاريخ دراسة طالب عِلم أو تلبّسه الخاص وأمثال ذلك ، فإنَّ الجواب هو تعيين مبدأ الشروع أو التأسيس لا غير .

وأيضاً فإنّ قوله تعالى : { أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } والآيات الأُخَر ، حكاية عن أمرٍ سابق لا يشمل نفس هذا الكلام الحاكي ، وإلاّ لكان اللفظ بصيغة المضارع أو الوصف ، فنفس هذا الكلام دليل على أنَّ من القرآن ما نزل متأخّراً عن ليلة القدر ، اللهمّ إلاّ بضربٍ من التأويل غير المستند ، على ما سيأتي .

كما أنّ اختلاف مناسبات الآيات ـ حسب الظروف والدواعي ـ أكبر دليل على اختلاف مواقع نزولها ، إذ يربط ذلك كلّ آية بحادثة في قَيد وقتها ، وهذا في كلّ آية نزلت بشأن حدَث أو واقعة وقعت في وقتها الخاصّ ، وجاءت آية تعالجها في نفس الوقت ، كلّ ذلك دليل على أنَّ القرآن لم ينزل جملة واحدة ، وإلاّ لَمَا كان موقع لقولة المشركين : {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً }  قال تعالى ـ ردّاً على هذا الاعتراض ـ : {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان : 32] أي : كان نزول القرآن تِباعاً وفي فترات مناسبة أدعَم لاطمئنان قلْبك ، حيث الشعور بعناية الله المتواصلة في كلِّ آونة ومناسبة (18) .

وذهب إلى هذا الرأي أيضاً ابن شهرآشوب في المناقب ، قال : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة : 185] أي : ابتدأ نزوله (19) .

وقال في متشابهات القرآن : والصحيح أنَّ القرآن في هذا الموضع لا يفيد العموم ، وإنّما يفيد الجنس ، فأيّ شيء نزل فيه فقد طابق الظاهر (20) .

ويبدو من الشيخ المفيد ( قدّس سرّه ) من آخِر كلامه ، ردّاً على أبي جعفر الصدوق ( عليه الرحمة ) ـ فيما يأتي ـ اختيار هذا القول أيضاً ، قال : وقد يجوز في الخبر الوارد بنزول القرآن جملةً في ليلة القدر ، أنّه نزلت جملةٌ منه ليلة القدر ، ثمَّ تلاه ما نزل منه إلى وفاة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فأمّا أن يكون نزَل بأسْره وجميعه في ليلة القدر ، فهو بعيد عمَّا يقتضيه ظاهر القرآن ، والمتواتر من الأخبار ، وإجماع العلماء على اختلافهم في الآراء (21) .

* * *

2 ـ كان ينزل على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في كلّ ليلة قدر من كلّ عام ، ما كان يحتاج إليه الناس في تلك السنة من القرآن ، ثمّ يُنزّله جبرائيل حسب مواقع الحاجة شيئاً فشيئاً بما يأمره الله تعالى ، فيكون المقصود من شهر رمضان هو النوع ، لا رمضان خاصّ ـ وهو احتمال الإمام الرازي أيضاً ـ (22) .

وهذا اختيار ابن جريح (23) ، والسدّي ، وأسنده الأخير إلى ابن عبّاس أيضاً (24) ، ونقلة القرطبي عن مقاتل بن حيّان ، ووافقه الحليمي والماوردي وغيرهما (25) .

غير أنَّ هذا الاختيار يخالفه ظاهر قوله تعالى : ( أُنْزِلَ فِيهِ ) ، أو ( أنزَلنَاهُ ) حكاية عن حدث سابق ، فلو صحّ هذا القول ؛ لكان المناسب يقول : ( نُنزله ) صفة للحال ! .

وأيضاً يردّه ما استبعدناه على الرأي الخامس الآتي : ما هي الفائدة المتوخّاة من نزول القرآن قبل الحاجة إليه ، ولاسيَّما في صيغة جملة الماضي أو الحال ، المستدعية كونها نزلت لمناسبة وقتية ، لا موقع لنزولها قبل ذلك ، حسب التعبير اللفظي ؟! .

* * *

3 ـ شهر رمضان الذي نزل في شأنه القرآن ، أي في فرْض صيامه ، كما يقال :

نزل في فلان ، أو في مناسبة كذا قرآن ، والمراد من القرآن آية أو آيات منه (26) .

قال الضحّاك : { شَهْرُ رَمَضَانَ الّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } أي الذي أُنزل صَومُه في القرآن (27) .

قال سفيان بن عيينة : معناه : أُنزل في فضْله القرآن ، واختاره الحسين بن الفضل وابن الأنباري (28) .

لكنّ هذا الوجه يخصّ آية البقرة ، ولا يجري في آيتَي الدخان والقدر ، كما لا يخفى ، فضلاً عن أنَّه تأويل في اللفظ لا مبرِّر له ولا مستند .

* * *

4 ـ إنَّ معظمه نزل في أشهر رمضان ، ومن ثَمَّ صحَّت نسبة الجميع إليه .

وهذا احتمال ثانٍ احتملهما سيّد قطب ، قال : الشَهر الذي أُنزل فيه القرآن ، إمّا بمعنى أنّ بدْء نزوله كان في رمضان ، أو أنّ معظمه نزل في أشهر رمضان (29) .

لكن لا دليل على أنَّ معظم آيات القرآن نزلت في أشهر رمضان وفي ليلة القدر بالخصوص ، ولعلَّ الواقعية تأبى هذا الاحتمال رأساً .

* * *

5 ـ القرآن نزل جملةً واحدةً في ليلةٍ واحدةٍ هي ليلة القدر ، إلى بيت العِزَّة أو البيت المعمور ، ثمَّ نزل على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في فتَرات ومناسبات ، طول عشرين أو ثلاثة وعشرين عاماً .

ذهب إلى هذا القول جماعة من أرباب الحديث ، نظراً لظاهر أحاديث رُويت في ذلك :

قال الشيخ الصدوق ( عليه الرحمة ) : نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر ،  جملةً واحدةً إلى البيت المعمور في السماء الرابعة ، ثمَّ نزل من البيت المعمور في مدَّة عشرين سنة ، وأنَّ الله أعطى نبيَّه العلم جملةً واحدةً ، ثمَّ قال له : { وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى‏ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } (30) .

قال العلاَّمة المجلسي ـ تعقيباً على هذا الكلام ـ : قد دلَّت الآيات على نزول القرآن في ليلة القدر ، والظاهر نزوله جميعاً فيها ، ودلَّت الآثار والأخبار على نزول القرآن في عشرين (31) أو ثلاث وعشرين سنة (32) .

وورد في بعض الروايات أنَّ القرآن نزل في أوّل ليلة من شهر رمضان (33) ، ودلّ بعضها على أنّ ابتداء نزوله في المبعث (34) ، فيُجمع بينها بأنَّ : في ليلة القدر نزل القرآن جملةً من اللَوح المحفوظ إلى السماء الرابعة ( البيت المعمور ) ، لينزل من السماء الرابعة إلى الأرض تدريجاً .

ونزل في أوَّل ليلة من شهر رمضان جملة القرآن على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ؛ لِيعلَمه هو ولا يتْلوه على الناس ، ثمَّ ابتدأ نزوله آية آية وسورة سورة في المبعث أو غيره ؛ ليتْلوه على الناس (35) .

وأخرج الطبراني وغيره عن ابن عبّاس ، قال : أُنزل القرآن ليلة القدر جملةً واحدةً إلى السماء الدنيا ، ووضِع في بيت العزَّة ، ثم أُنزل نجوماً على النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في عشرين سنة .

قال جلال الدين : وهذا هو أصحُّ الأقوال وأشهرها . وروى في ذلك روايات كثيرة ، حُكِمَ على أكثرها بالصحَّة ، رواها عن : الحاكم ، والطبراني ، والبيهقي ، والنسائي وغيرهم (36) .

وروى الطبري بسنده عن واثلة بن الأسقع عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قال : ( أُنزلت صحُف إبراهيم أوَّل ليلة من شهر رمضان ، وأُنزلت التوراة لستٍّ مضَين من رمضان ، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلَت منه ، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان ) (37) .

وفيه عن السدّي عن ابن عبّاس ، قال : شهر رمضان ، والليلة المباركة ليلة القدر ؛ فإنَّ ليلة القدر هي الليلة المباركة ، وهي في رمضان ، نزل القرآن جملةً واحدةً من الزُبر إلى البيت المعمور ، وهي مواقع النُجوم في السماء الدنيا ، حيث وقع القرآن ، ثمَّ نزل على محمَّد ( صلّى الله عليه وآله ) بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسْلاً (38) .

وكان عطيَّة بن الأسود قد وقع في نفسه الشكّ من هذه الآية ، وقد نزل القرآن في جميع شهور السنة ، فسأل ابن عبّاس عن ذلك ، فأجابه بما تقدَّم (39) .

وهكذا روى جلال الدين بسنده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) قال : أنزلَ الله صحُف إبراهيم أوَّل ليلة من رمضان ، وأنزل التوراة على موسى لستٍّ خلَون من رمضان ، وأنزل الزبور على داود لاثنتي عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الإنجيل على عيسى لثمان عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الفرقان على محمَّد ( صلّى الله عليه وآله ) لأربع وعشرين خلَت من شهر رمضان (40) .

ومن طُرقنا روى العيّاشي عن إبراهيم ، أنَّه سأل الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن قوله تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة : 185] كيف أُنزل فيه القرآن ، وإنَّما أُنزل القرآن في طول عشرين سنة ، من أوَّله إلى آخِره ؟! فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( نزل القرآن جملةً واحدةً في شهر رمضان إلى البيت المعمور ، ثمَّ أُنزل من البيت المعمور في طول عشرين سنة ، ثمَّ قال : قال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ( نزلت صحُف إبراهيم في أوّل ليلة من شهر رمضان ، وأُنزلت التوراة لستٍّ مضين من شهر رمضان ، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، وأُنزل الزبور لثماني عشرة من رمضان ، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان ) (41) .

وجاء الحديث في الكافي ، إلاّ أنّ في آخِره : ( وأُنزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان ) ، والرواية عن الحفص بن غياث (42) .

وفي التهذيب جاء قِسم من الحديث برواية أبي بصير ، وفي آخِره : ( وأُنزل الفُرقان في ليلة القدر ) (43) .

هذه جملة من روايات مأثورة ، تفسِّر نزول القرآن جملةً واحدةً في ليلة واحدة ، إمّا إلى البيت المعمور في السماء الرابعة ـ كما في روايات الخاصّة ـ أو إلى بيت العزَّة في السماء الدنيا ، كما في بعض روايات العامَّة ، ثمَّ منها نزلت آياته مفرَّقة على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حسب الظروف والمناسبات رسْلاً رسْلاً .

وقد أخذ الظاهريون من أصحاب الحديث بظاهر هذه الروايات ، مستريحين بأنفسهم إلى مدلولها الظاهري تعبُّداً محضاً .

أمّا المحقِّقون من العلماء ، فلم يرِقْهم الأخْذ بما لا يمكن تعقّله ، ولا مقتضى للتعبّد بما لا يرجع إلى أصول العباديات ، ومن ثمَّ أخذوا ينقدون هذه الأحاديث نقداً علمياً متسائلين : ما هي الفائدة الملحوظة من وراء نزول القرآن جملةً واحدةً في إحدى السماوات العُلى ، ثمَّ ينزل تدريجياً على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟! .

* * *

وإجابةً على هذا السؤال ، قال الفخر الرازي : ويُحتمل أن يكون ذلك تسهيلاً على جبرائيل ، أو لمصلحة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في توقّع الوحي من أقرب الجهات (44) .

وهذا الجواب غاية في الوهْن والسقوط ، مضافاً إلى أنَّه تخرّص بالغيب ، ونستغرب صدور مثل هذا الكلام الفارغ من مثل هذا الرجل المضطلع بالتحقيق !! .

وقال المولى الفيض الكاشاني : وكأنّه أُريد بذلك نزول معناه على قلْب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، كما قال تعالى : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء : 193 ، 194] ، ثمَّ نزل طول عشرين سنة نجوماً من باطن قلْبه إلى ظاهر لسانه ، كلّما أتاه جبرائيل ( عليه السلام ) بالوحي وقرأه عليه بألفاظه (45) .

فقد أوَّل ( رحمه الله ) البيت المعمور إلى قلْب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وربَّما أراد الصدوق ( رحمه الله ) أيضاً هذا المعنى من قوله : وأعطى نبيَّه العِلم جملةً واحدةً .

وهكذا وقع اختيار الشيخ أبي عبد الله الزنجاني في تأويل هذه الرواية ، قال : ويمكن أن نقول بأنَّ روح القرآن ـ وهي أغراضه الكلّية التي يرمي إليها ـ تجلَّت لقلْبه الشريف في تلك الليلة { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ} ، ثمّ ظهرت بلسانه الأطهر مفرَّقة في طول سنين {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء : 106] ... (46) .

وقد أخذ العلاّمة الطباطبائي ( دام ظلّه ) هذا التأويل وزاد عليه تحقيقاً ، قال : إنَّ الكتاب ذو حقيقة أخرى وراء ما نفْهمه بالفهْم العادي ، وهي حقيقة ذات وحدة متماسكة لا تقبل تفصيلاً ولا تجزئة ؛ لرجوعها إلى معنىً واحدٍ لا أجزاء فيه ولا فصول ، وإنَّما هذا التفصيل المشاهَد في الكتاب طرأ عليه بعد ذلك الإحكام ، قال تعالى : { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود : 1] ، وقال تعالى : {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة : 77 - 79] ، وقال : {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ} [الأعراف : 52] ، إذاً فالمراد بإنزال القرآن في ليلة القدر : إنزال حقيقة الكتاب المتوحّدة إلى قلْب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) دفعةً ، كما أُنزل القرآن المفصَّل في فواصل وظروف على قلْبه ( صلّى الله عليه وآله ) أيضاً تدريجاً في مدَّة الدعوة النبوية (47) .

أقول : سامح الله التأويل ، ما أسهله طريقاً إلى التخلّص عن مآزق البحوث النظرية ، ونحن إذ لا نرى مبرِّراً لهكذا تأويلات غير مستندة إلى دليل ، نسأل هؤلاء الأعلام : بِمَ أوَّلتم البيت المعمور الذي هو في السماء الرابعة ( حسب روايات الخاصَّة ) ، أو بيت العزَّة ( حسب روايات العامَّة ) إلى قلْب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ؟! ولِمَ هذا التعبير جاء في هذا اللفظ ؟! وسوف نناقش السيّد العلاّمة في اختيار وجودٍ آخَر للقرآن بسيط ، وراء هذا الوجود المفصَّل ، أخذَه عن أحمد بن عبد الحليم وحقَّقه تحقيقاً دقيقاً ، ولكنّا رفَضْناه رأساً ، وسيأتي ذلك في فصل قادم إن شاء الله .

تحقيقٌ مفيد :

قال المحقّق العلاّمة الشيخ أبو عبد الله المفيد : الذي ذهب إليه أبو جعفر (48) ( رحمه الله ) في هذا الباب ، أصله حديث واحد ـ أي ليس من المتواتر المقطوع به ـ لا يوجب عِلماً ولا عملاً ، ونزول القرآن على الأسباب الحادثة حالاً فحالاً يدلّ على خلاف ما تضمَّنه هذا الحديث ؛ وذلك أنَّ القرآن قد تضمّن حُكم ما حدَث وذِكر ما جرى على وجهه ، وذلك لا يكون على الحقيقة إلاّ لوقت حدوثه عند السَبب .

مثلاً قوله تعالى : {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة : 1] ، نزلت هذه الآية بشأن خولة بنت خويلد جاءت تشتكي زوجها أوس بن الصامت الذي كان قد ظاهرَها ، وكان ذلك طلاقاً في الجاهلية (49) .

وقوله تعالى : {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة : 11].

وقوله : {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب : 23].

وكثير في القرآن لفظة : ( قالوا ) و( قال ) و( جاؤوا ) و( جاء ) ـ بلفظ الماضي ـ كما أنّ فيه ناسخاً ومنسوخاً ... كلّ ذلك لا يتناسب ونزوله جملةً واحدةً في وقتٍ لم يحدث شيء من ذلك .

قال ( رحمه الله ) : ولو تتبَّعنا قُصص القرآن لجاء ممّا ذكرناه كثيراً لا يتّسع به المقال .

وما أشبه ما جاء به هذا الحديث بمذهب المُشبِّهة ، الذين زعموا أنَّ الله سبحانه لم يزل متكلّماً بالقرآن ـ أي القول بقِدم القرآن ـ ومخبراً عمّا سيكون بلفظ كان ، وقد ردّ عليهم أهل التوحيد بنحوِ ما ذكرناه .

قال : وقد يجوز في الخبر الوارد بنزول القرآن جملةً في ليلة القدر أنّه نزلت جملة منه ليلة القدر ، ثمَّ تلاه ما نزل منه إلى وفاة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فأمّا أن يكون نزل بأسْره وجميعه في ليلة القدر ، فهو بعيد عمَّا يقتضيه ظاهر القرآن ، والمتواتر من الأخبار ، وإجماع العلماء على اختلافهم في الآراء ... (50) ، أضف إلى ذلك ما ذكرناه في اختيار الوجه الأوّل .

______________________________

(1) راجع وسائل الشيعة : باب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث 16 ، ج7 ، ص262 .

(2) الخصال للشيخ الصدوق : ج2 ، ص102 .

(3) صحيح مسلم : ج2 ، ص9 ، منتخب كنز العمّال ( بهامش المسند ) : ج3 ، ص180 .

(4) تاريخ اليعقوبي : ج2 ، ص19 .

(5) سيرة ابن هشام : ج1 ، ص280 / المناقب لابن شهرآشوب ، ج1 ، ص40 / البحار : ج18 ، ص194 .

(6) الغيبة للشيخ الطوسي : ص217 / كمال الدين للشيخ الصدوق : ص197 / البحار : ج18 ، ص177.

(7) الكافي : ج2 ، ص629 .

(8) تفسير العيّاشي ، ج1 ، ص80 .

(9) الاعتقادات : ص101 .

(10) بحار الأنوار : ج18 ، ص250 و253 .

(11) راجع الإتقان : ج1 ، ص40 / وتفسير شبّر : ص350 ، عند تفسير آية 32 من سورة الفرقان .

(12) مستدرك الحاكم : ج2 ، ص610 . 

(13) البداية والنهاية لابن كثير : 6 ، ج3 ، ص4 / الإتقان : ج1 ، ص45 / الطبقات : ج1 ، ص127 / تاريخ اليعقوبي : ج2 ، ص18 .

(14) مجمع البيان : ج2 ، ص276 .

(15) الإتقان : ج1 ، ص40 .

(16) التفسير الكبير : ج5 ، ص85 .

(17) الكشّاف : ج1 ، ص227 .

(18) راجع الإتقان : ج1 ، ص41 .

(19) مناقب آل أبي طالب : ج1 ، ص150 .

(20) متشابهات القرآن : ج1 ، ص63 .

(21) شرح عقائد الصدوق : ص58 . وسيأتيك ردّ الشيخ المفيد عليه في ص 75 .

(22) التفسير الكبير : ج5 ، ص85 .

(23) الدرّ المنثور : ج1 ، ص189 .

(24) مجمع البيان : ج2 ، ص276 .

(25) الإتقان : ج1 ، ص40 .

(26) مجمع البيان : ج1 ، ص276 . الكشّاف : ج1 ، ص227 .

(27) الدرّ المنثور : ج1 ، 190 .

(28) التفسير الكبير : ج5 ، ص80 .

(29) في ظلال القرآن لسيّد قطب : ج2 ، ص79 .

 (30) الاعتقادات : ص101 . والآية 114 من سورة طه .

(31) الكافي : كتاب فضل القرآن ج2 ، ص629 .

(32) هي مدّة نبوّته ( صلّى الله عليه وآله ) ؛ بناءً على ابتداء نزول القرآن بيوم مبعثه واختتامه بوفاته ( صلّى الله عليه وآله ) .

(33) الكافي : كتاب الصيام ، باب فضل شهر رمضان ج4 ، ص66 .

(34) وهي روايات دلّت على أنَّ أوَّل سورة نزلت هي سورة العلق ، نزلت في بدء البعثة في يوم 27 رجب . راجع بحار الأنوار : ج92 ، ص39 ، وج18 ، ص206 .

(35) بحار الأنوار : ج18 ، ص253 ـ 254 .

(36) الإتقان : ج1 ، ص39 ـ 40 .

(37) تفسير الطبري : ج2 ، ص84 .

(38) تفسير الطبري : ج2 ، ص85 .

(39) الدرّ المنثور : ج1 ، ص189 .

(40) الدرّ المنثور : ج1 ، ص189 .

(41) تفسير العيّاشي : ج1 ، ص80 .

(42) الكافي : ج2 ، ص629 .

(43) تهذيب الأحكام : ج4 ، ص194 .

(44) تفسير الرازي : ج5 ، ص85 .

(45) تفسير الصافي للفيض الكاشاني : ج1 ، ص42 المقدّمة التاسعة .

(46) تاريخ القرآن : ص10 .

(47) الميزان : ج2 ، ص15 ، 16 .

(48) نقلنا كلامه سابقاً في ص 69 ، وكلام المفيد هنا ردّ عليه وعلى كلّ مَن ذهب مذهبه ، من اختيار ظاهر تلكم الأحاديث .

(49) مجمع البيان : ج9 ، ص246 .

(50) شرح عقائد الصدوق ( تصحيح الاعتقاد ) : ص58 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .