المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
عيوب نظرية المنفعة وتحليل منحنيات السواء Indifference Curves (مفهوم وتعريـف منحنيات السواء) التغيـر في تـوازن المستهلك وفائـض المـستهـلك قانـون تـناقص المنفعـة الحديـة وتـوازن المـستهـلك المنفعة بالمفهوم التقليدي(المنفعة الكلية Total Utility والمنفعة الحدية Marginal Utility) نظرية سلوك المستهلك (الرغبة ، الطلب، والأذواق) ونظرية المنفعة Utility Theory وجوب التوبة حقيقة التوبة مقدّمة عن التوبة الصفات والأعمال الأخلاقيّة علاقة التّغذية بالأخلاق في الرّوايات الإسلاميّة. علاقة «الأخلاق» و«التّغذية» كتاب علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة والزيديّة والإباضيّة / الكتب العامّة. كتاب علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة والزيديّة والإباضيّة / الكتب الرجاليّة. كتاب علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة والزيديّة والإباضيّة / الكتب الروائيّة. كتاب علي (عليه السلام) في كتب أهل السنة والزيديّة والإباضيّة / الكتب الفقهيّة.

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

محمد بن عيسى بن عبيد
1-9-2016
Genetic Diseases
19-10-2015
اصناف الفراولة (الشليك)
11-10-2020
وحدة الولادة
16-5-2016
جواز الجلوس في السعي للاستراحة.
27-4-2016
موقف القضاء من توجه الخصومة في دعوى التعويض بشأن الإضافة إلى التركة
14/9/2022


عام الوفود  
  
253   04:46 مساءً   التاريخ: 2024-11-13
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج2، ص554-574
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

1 - وفادة قبائل العرب إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله »

قال اليعقوبي : 2 / 79 : « وقدمت عليه وفود العرب ولكل قبيلة رئيس يتقدمهم . فقدمت مزينة ورئيسهم خزاعي بن عبد نهم ، وأشجع ورئيسهم عبد الله بن مالك ، وأسلم ورئيسهم بريدة ، وسليم ورئيسهم وقاص بن قمامة ، وبنو ليث ورئيسهم الصعب بن جثامة ، وفزارة ورئيسهم عيينة بن حصن ، وبنو بكر ورئيسهم عدى بن شراحيل ، وطئ ورئيسهم عدى بن حاتم ، وبجيلة ورئيسهم قيس بن غربة ، والأزد ورئيسهم صرد بن عبد الله ، وخثعم ورئيسهم عميس بن عمرو ، ووفد نفر من طيئ ورئيسهم زيد بن مهلهل وهو زيد الخيل ، وبنو شيبان . وعبد القيس ورئيسهم الأشج العصري ، ثم وفد الجارود بن المعلى فولاه رسول الله على قومه ، وأوفدت ملوك حمير بإسلامهم وفوداً وهم : الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل ذي رعين وكتبوا إليه بإسلامهم فبعث إليهم معاذ بن جبل ، وعكل ورئيسها خزيمة بن عاصم ، وجذام ورئيسها فروة بن عمرو ، وحضرموت ورئيسها وائل بن حجر الحضرمي ، والضباب ورئيسها ذو الجوشن ، وبنو أسد ورئيسها ضرار بن الأزور وقيل نقادة بن العايف ، وعامر بن الطفيل في بنى عامر فرجع ولم يسلم ، وأربد ابن قيس رجع ولم يسلم ، وبنو الحارث بن كعب ورئيسهم يزيد بن عبد المدان ، وبنو تميم وعليهم عطارد بن حاجب والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم ومالك بن نويرة ، وبنو نهد وعليهم أبو ليلى خالد بن الصقعب ، وكنانة ورئيسهم قطن وأنس ابنا حارثة من بنى عليم ، وهمدان ورئيسهم ضمام بن مالك ، وثمالة والحدان فخذ من الأزد ورئيسهم مسلمة بن هزان الحداني ، وباهلة ورئيسهم مطرف بن كاهن الباهلي ، وبنو حنيفة ومعهم مسيلمة بن حبيب الحنفي ، ومراد ورئيسهم فروة بن مسيك ، ومهرة ورئيسهم مهرى بن الأبيض » .

وقال ابن هشام : 4 / 985 : « قال ابن إسحاق : لما افتتح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مكة وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت ، ضربت إليه وفود العرب من كل وجه . قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة أن ذلك في سنة تسع وأنها كانت تسمى سنة الوفود .

قال ابن إسحاق : وإنما كانت العرب تربَّص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وذلك أن قريشاً كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت والحرم ، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم « عليهما السلام » وقادة العرب لا ينكرون ذلك . وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخلافه ، فلما افتتحت مكة ودانت له قريش ودوخها الإسلام ، وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا عداوته ، فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل أفواجاً ، يضربون إليه من كل وجه ، يقول الله تعالى لنبيه : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيتَ النَّاسَ يدْخُلُونَ فِى دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَابًا . أي فاحمد الله على ما أظهر من دينك ، واستغفره إنه كان توابا » .

وقال ابن سعد في الطبقات : 1 / 291 - 359 : « ذكر وفادات العرب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وفد مزينة . وفد أسد . وفد تميم . وفد عبس . وفد فزارة . وفد مرة . وفد ثعلبة . وفد محارب . وفد سعد بن بكر . وفد كلاب . وفد رؤاس بن كلاب . وفد عقيل بن كعب . وفد جعدة . وفد قشير بن كعب . وفد بنى البكاء . وفد كنانة . وفد بنى عبد بن عدي . وفد أشجع . وفد باهلة . وفد سليم . وفد هلال بن عامر . وفد عامر بن صعصعة . وفد ثقيف . وفود ربيعة عبد القيس . وفد بكر بن وائل . وفد تغلب . وفد حنيفة .

وفد شيبان . وفادات أهل اليمن وفد طئ . وفد تجيب . وفد خولان . وفد جعفي .

وفد صداء . وفد مراد . وفد زبيد . وفد كندة . وفد الصدف . وفد خشين . وفد سعد هذيم .

وفد بلي . وفد بهراء . وفد عذرة . وفد سلامان . وفد كلب . وفد جرم .

وفد الأزد . وفد غسان . وفد الحارث بن كعب . وفد همدان . وفد سعد العشيرة . وفد عنس . وفد الداريين . وفد الرهاويين حي من مذحج . وفد غامد .

وفد النخع . وفد بجيلة . وفد خثعم . وفد الأشعرين . وفد حضرموت . وفد أزد عمان .

وفد غافق . وفد بارق . وفد دوس . وفد ثمالة والحدان . وفد أسلم . وفد جذام .

وفد مهرة . وفد حمير . وفد نجران . وفد جيشان . وفد أسباع » .

2 - ملاحظات حول الوفود إلى النبي « صلى الله عليه وآله »

1 . لا شك في أن حركة الوفود إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) كانت واسعة من أنحاء الجزيرة واليمن والشام ، وكانت رسالة قوية إلى كل المعارضين والمنافقين داخل الدولة الإسلامية ، والى هرقل وقادة الفرس ، بأن الإسلام أمر واقع فرض نفسه في دولة قوية ، وخضعت له كل القوى التي حاربته ، بل كان ذلك رسالة لهم بأن المد الإسلامي قادم إلى بلاد الفرس والروم ، لا محالة .

2 . كانت جمهرة الوفود في السنة التاسعة بعد تبوك ، وتأخر عدد منها إلى السنة العاشرة والحادية عشرة ، كما كانت أوائلها قبل السنة التاسعة .

قال في الصحيح من السيرة : 7 / 135 : « وهذه الوفود وإن كانت قد ظهرت على نطاق واسع سنة تسع من الهجرة ، أي بعد فتح مكة وكسر شوكة قريش والقضاء على جبروتها ، ولكن بدء هذه الوفود ولو بصورة محدودة في السنة الخامسة ، يدلل على وجود تحول حقيقي في ميزان القوى في المنطقة ، ثم في نظرة الناس للإسلام والمسلمين ، وحساباتهم الدقيقة وتصوراتهم فيما يختص بالتعامل معه كقوةٍ جديدة في المنطقة ، وكدينٍ جديد أيضاً » .

3 . كانت الوفود تأتى بحرية تامة ، فلم يفِدْ أحدٌ إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) مجبراً ، ولا يعتبر الجو العام إجباراً . ولذا كان في الوفود من جاء لإبرام الصلح ، أو لحل مشكلة كانت له مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) أراد أن يعفو عنها ، وبعضهم جاء ليناظر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويثبت له خطأه فكان يناقش النبي ( صلى الله عليه وآله ) بشدة وسوء أدب ! وبعضهم جاء يطلب منه أن يجعله خليفته ويجعل له الأمر بعده لكي يسلم . وبعضهم كان مسلماً وجاء ليؤكد إسلامه ، أو ليتبرك بزيارة النبي ( صلى الله عليه وآله ) .

3 . صارت الوفادة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومجرد مشاهدته والسلام عليه ، تاريخاً وفخراً للقبائل وأفرادها ، لذلك انفتح باب الادعاء والكذب والتضخيم ، في أصل الوفد وفيما قالوه وقاله لهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفيما أعطاهم وكتب لهم ! وأطلق بعضهم خياله في الكذب ، مثل في تميم الذي زعم أنه وفد مع بعض الداريين فكتب لهم النبي ( صلى الله عليه وآله )

قرى من الشام قبل فتحها ، ومثل أبى رزين العقيلي الذي زعم أنه وفد إلى النبي ( صلى الله عليه وآله )

عن قبيلة المنتفق ، وروى أحاديث التجسيم .

4 . اهتم رواة السيرة بالوفود فأطالوا فيها ، وقال ابن حجر عن ابن سعد : « وقد عقد محمد بن سعد في الترجمة النبوية من الطبقات للوفود باباً ، وذكر فيه القبائل من مضر ثم من ربيعة ثم من اليمن ، وكاد يستوعب ذلك بتلخيص حسن ، وكلامه أجمع ما يوجد في ذلك » . فتح الباري : 8 / 76 .

وكتب فيها صاحب الصحيح من السيرة نحو مجلدين : 27 / 75 و 28 واخترنا منها نماذج لأهميتها أو أهمية ما تضمنته من دلالات .

3 - عدى بن حاتم الطائي

في الصحيح من السيرة : 28 / 69 ملخصاً : « في سنة تسع جاء وفد طئ ، وقالوا : كانوا خمسة عشر رجلاً ، رأسهم وسيدهم زيد الخيل بن مهلهل من بنى نبهان ، وفيهم وزر بن جابر بن سدوس ، وقبيصة بن الأسود بن عامر ، من جرم طئ ، ومالك بن عبد الله بن خيبري من بنى معن ، وقعين بن خليف من جديلة ، ورجل من بنى بولان . فدخلوا المدينة ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المسجد فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد ، ثم دخلوا فدنوا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعرض عليهم الإسلام فأسلموا وحسن إسلامهم ، وأجازهم بخمس أواق فضة كل رجل منهم ، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ونشاً . وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما ذكر رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلا ما كان من زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه . وسماه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) زيد الخير ، وقطع له فيد وأرضين وكتب له بذلك كتاباً ، ورجع مع قومه . وفى لفظ : فخرج به من عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) راجعاً إلى قومه فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن ينجُ زيد من حمى المدينة فإنه ، أي فإنه قد نال مراده أو نحو ذلك . فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له فردة ، أصابته الحمى بها فمات هناك ، وعمدت امرأته بجهلها وقلة عقلها إلى ما كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كتب له به فحرقته بالنار » !

وعن أبي سعيد الخدري : أن علياً ( عليه السلام ) بعث إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها ، فقسمها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين أربعة نفر : عيينة بن بدر ، وأقرع بن حابس ، وزيد الخيل ، وعلقمة بن غيلان .

وقد انتقد صاحب الصحيح مدحهم لزيد الخيل بن المهلهل وقال : « لا ندري ما الذي لفت نظر النبي ( صلى الله عليه وآله ) في شخصية زيد حتى قال : ما ذكر رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلا ما كان من زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما فيه ! هل رآه متميزاً بعلمه أم بأخلاقه أم بشجاعته أم بعقله ، أم بضخامة جثته ؟ !

إنا لم نجد في التاريخ ما يشير إلى امتيازه في شئ من ذلك ، فكيف إذا رأيناه لا يرضى بالإسلام ديناً حتى اعتبره النبي ( صلى الله عليه وآله ) في المؤلفة قلوبهم كما روته صحاحهم ، مما يعنى أن هذا الثناء مكذوب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! وهو أصح عندهم من حديث مدحه فلماذا تركوا الحديث الصحيح وأخذوا بالضعيف » !

وفى إعلام الوري : 1 / 251 : « ذكر محمد بن إسحاق : أن عدى بن حاتم فرَّ ، وأن خيل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أخذوا أخته فقدموا بها على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنه من عليها وكساها وأعطاها نفقة فخرجت مع ركب حتى قدمت الشام وأشارت على أخيها بالقدوم ، فقدم وأسلم وأكرمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأجلسه على وسادة رمى بها إليه بيده » . وقد تقدم ذلك في غزوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لبلاد طئ .

4 - وفد عبد القيس من هَجَر

في الخصال / 416 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : بينما نحن عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذ ورد عليه وفد عبد القيس فسلموا ، ثم وضعوا بين يديه جلَّة تمر فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أصدقةٌ أم هدية ؟ قالوا : بل هديةٌ يا رسول الله ، قال : أي تمراتكم هذه ؟ قالوا : البَرْني . فقال : إن هذا جبرئيل يخبرني أن فيه تسع خصال : يطيب النكهة ، ويطيب المعدة ، ويهضم الطعام ، ويزيد في السمع والبصر ويقوى الظهر ، ويخبل الشيطان ، ويقرب من الله عز وجل ويباعد من الشيطان » .

وفى الخرائج : 1 / 107 : « قال : إئتونى بتمر أرضكم مما معكم . فأتاه كل واحد منهم بنوع منه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : هذا يسمى كذا ، وهذا يسمى كذا . قالوا : أنت أعلم بتمر أرضنا منا ! فوصف لهم أرضهم فقالوا : دخلتها ؟ قال : لا ولكن فسح لي فنظرت إليها ! فقام رجل منهم فقال : يا رسول الله هذا خالى وبه خبل . فأخذ بردائه وقال : أُخرج يا عدو الله ثلاثاً ثم أرسله ، فبرئ . فأتوه بشاة هرمة فأخذ إحدى أذنيها بين إصبعيه فصار لها ميسماً ، ثم قال : خذوها فإن هذا ميسم في آذان ما تلد إلى يوم القيامة ، فهي تتوالد كذلك » !

وفى الصحيح من السيرة : 27 / 309 ، ملخصاً : « رووا أنه بينما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يحدث أصحابه إذ قال لهم : سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق .

وفى حديث البيهقي : فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبِّل يد رسول الله ورجله ، وانتظر المنذر الأشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه فأخرج ثوبين أبيضين من ثيابه فلبسهما ثم جاء يمشى حتى أخذ بيد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقبَّلها وكان رجلاً دميماً ، فلما نظر ( صلى الله عليه وآله ) إلى دمامته ، قال : إنه لا يسْتَقَى في مُسُوك الرجال ، إنما يحتاج من الرجل إلى أصغريه لسانه وقلبه . قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة . قال : يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلنى عليهما ؟ قال : بل الله تعالى جبلك عليهما . قال : الحمد لله الذي جبلنى على خَلَّتين يحبهما الله تعالى ورسوله . وقال لهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا معشر عبد القيس ما لي أرى وجوهكم قد تغيرت ؟ قالوا : يا نبي الله نحن بأرض وخمة ، وكنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع اللحمان في بطوننا ، فلما نهيتنا عن الظروف ، فذلك الذي ترى في وجوهنا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن الظروف لا تُحلّ ولا تُحرم ولكن كل مسكر حرام ، وليس أن تجلسوا فتشربوا حتى إذا ثملت العروق تفاخرتم ، فوثب الرجل على ابن عمه بالسيف فتركه أعرج . قال : وهو يومئذ في القوم الأعرج الذي أصابه ذلك !

وعن ابن عباس قال : إن أول جُمعة جُمعت بعد جُمعة في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين . وعن نوح بن مخلد : أنه أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو بمكة فسأله ممن أنت ؟ فقال : أنا من بنى ضبيعة بن ربيعة . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : خير ربيعة عبد القيس ، ثم الحي الذي أنت منهم . وكانت لهم وفادتان إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) إحداهما سنة ست أو خمس ، والثانية سنة تسع أو بعدها ، وكان عدد الوفد أربعين رجلاً . كتب النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى العلاء بن الحضرمي في البحرين أن يقدم عليه عشرون رجلاً منهم ، فقدموا عليه ورأسهم عبد الله بن عوف الأشج ، فشكى الوفد العلاء بن الحضرمي فعزله النبي ( صلى الله عليه وآله ) وولى أبان بن سعيد ، وأوصاه بعبد القيس خيراً . وقد نصرت عبد القيس أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حروبه ، لا سيما أبناء صوحان : صعصعة ، وزيد ، وسيحان ، وعمرو . . . وقد اشتهروا بالفصاحة والخطابة والشعر وقيل كان لصحار بن العباس العبدي كتاب : الأمثال » .

5 - الجارود بن المنذر من عبد القيس

قال الجوهري في مقتضب الأثر / 31 : « ومن أتقن الأخبار المأثورة وغريبها وعجيبها ، ومن المصون المكنون في أعداد الأئمة « عليهم السلام » وأسمائهم من طريق العامة مرفوعاً ، وهو خبر الجارود بن المنذر وإخباره عن قس بن ساعدة . حدثني الجارود بن المنذر العبدي وكان نصرانياً فأسلم عام الحديبية وحسن إسلامه ، وكان قارياً للكتب ، عالماً بتأويلها على وجه الدهر وسالف العصر ، بصيراً بالفلسفة والطب ، ذا رأى أصيل ووجه جميل ، أنشأ يحدثنا في إمارة عمر بن الخطاب قال : وفدت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في رجال من عبد القيس ، ذوى أحلام وأسنان وفصاحة وبيان ، وحجة وبرهان ، فلما بصروا به ( صلى الله عليه وآله ) راعهم منظره ومحضره ، وأفحموا عن بيانهم واعتراهم العرواء في أبدانهم ! فقال زعيم القوم لي : دونك من أقمت بنا أممه ، فما نستطيع أن نكلمه ! فاستقدمت دونهم إليه فوقفت بين يديه ( صلى الله عليه وآله ) وقلت : السلام عليك يا نبي الله بأبى أنت وأمي ثم أنشأت أقول :

يا نبي الهدى أتتك رجالٌ * قطعت قرددا وآلاً فآلا

جابت البيد والمهامهَ حتى * غالها من طوى السرى ما غالا

قطعت دونك الصحاصح تهوي * لا تعد الكلال فيك كلالا

كل دهناء تقصر الطرف عنها * أرقلتها قلاصنا إرقالا

خصك الله يا ابن آمنة الخير * إذا ما تلت سجال سجالا

أنبأ الأولون باسمك فينا * وبأسماء بعده تتلألأ

قال : فأقبل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بصفحة وجهه المبارك وشِمْتُ منه ضياء لامعاً ساطعاً كوميض البرق فقال : يا جارود لقد تأخر بك وبقومك الموعد ، وقد كنت وعدته قبل عامي ذلك أن أفد إليه بقومى فلم آته وأتيته في عام الحديبية ، فقلت : يا رسول الله ! بنفسي أنت ما كان إبطائى عنك إلا أن جلة قومي أبطأوا عن إجابتي حتى ساقها الله إليك لما أراد لها من الخير لديك . وقد كنت على دين النصرانية قبل أن آتى إليك الأولى فها أنا تاركه بين يديك إذ ذلك مما يعظم الأجر ، ويمحو المآثم والحوب ، ويرضى الرب عن المربوب .

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا ضامن لك يا جارود ! قلت : أعلم يا رسول الله أنك بذلك ضمين قمين . قال : فَدِنْ الآن بالوحدانية ودع عنك النصرانية ، قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك عبده ورسوله ، ولقد أسلمت على علم بك وبناء فيك علمته من قبل . فتبسم ( صلى الله عليه وآله ) كأنه علم ما أردته من الأنباء فيه فأقبل على وعلى قومي فقال : أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الإيادي ؟

قلت : يا رسول الله كلنا نعرفه غير أنى من بينهم عارف بخبره ، واقف على أثره : كان قس بن ساعدة يا رسول الله سبطاً من أسباط العرب ، عمِّر خمس مائة عام ، تقفَّر منها في البراري خمسة أعمار ، يضج بالتسبيح على منهاج المسيح ، لا يقره قرار ولا يكنه جدار ، ولا يستمتع منه جار ، لا يفتر من الرهبانية ، ويدين الله بالوحدانية ، يلبس المسموح ، ويتحسى في سياحته بيض النعام ، بالنور والظلام ، يبصر فيعتبر ، ويتفكر فيختبر ، تضرب بحكمته الأمثال ، أدرك رأس الحواريين شمعون ، وأدرك لوقا ويوحنا وأمثالهم ، ففقه كلامهم ونقل منهم ، تحوَّبَ الدهر وجانَبَ الكفر ، وهو القائل بسوق عكاظ وذى المجاز : شرقٌ وغرب ، ويابسٌ ورطب ، وأجاجٌ وعذب ، وحبٌّ ونبات ، وجمعٌ وأشتات ، وذهابٌ وممات ، وآباءٌ وأمهات ، وسرورُ مولود ، ورزء مفقود . تباً لأرباب الغفلة ، لِيصلحنَّ العامل عمله قبل أن يفقد أجله ، كلا بل هو الله الواحد ليس بمولود ولا والد ، أمات وأحيا ، وخلق الذكر والأنثي ، وهو رب الآخرة والأولي . . ثم صاح : يا معاشر أياد : أين ثمود ، وأين عاد ، وأين الآباء والأجداد ، وأين العليل والعواد ، وأين الطالبون والرواد ، وكل له معاد .

قلت : يا رسول الله لقد شهدت قساً خرج من ناد من أندية أيد ، إلى صحصح ذي قتاد ، وصمرة وعتاد ، وهو مشتمل بنجاد ، فوقف في أضحيان ليل كالشمس ، رافعاً إلى السماء وجهه وإصبعه ، فدنوت منه وسمعته يقول :

اللهم رب هذه السبعة الأرقعة ، والأرضين الممرعة ، وبمحمد والثلاثة المحامدة معه ، والعليين الأربعة ، وسبطيه النبعة ، والأرفعة الفرعة ، والسري اللامعة ، وسمى الكليم الضرعة ، والحسن ذي الرفعة ، أولئك النقباء الشفعة ، والطريق المهيعة ، درسة الإنجيل ، وحفظة التنزيل ، على عدد النقباء من بني إسرائيل ، محاة الأضاليل ونفاة الأباطيل ، الصادقو القيل ، عليهم تقوم الساعة ، وبهم تنال الشفاعة ولهم من الله تعالى فرض الطاعة .

اللهم ليتني مدركهم ولو بعد لأي من عمرى ومحياي . ثم آب يكفكف دمعه ويرن رنين البكرة ، وقد بريت ببراة وهو يقول :

أقسمَ قِسٌّ قسما * ليس به مكتتما

لو عاش ألفي عمر * لم يلق منها سأما

حتى يلاقى أحمداً * والنقباء الحكما

هم أوصياء أحمدٍ * أكرم من تحت السما

يعمى العباد عنهم * وهم جلاء للعمي

لست بناس ذكرهم * حتى أحُلَّ الرجما

ثم قلت : يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخير عن هذه الأسماء التي لم نشهدها وأشهدنا قس ذكرها ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا جارود ليلة أسرى بي إلى السماء أوحى الله عز وجل إلى أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا ؟ فقلت : على ما بعثتم ؟ فقالوا : على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب والأئمة منكما . ثم أوحى إلى أن التفت عن يمين العرش ، فالتفت فإذا على والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسي ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والمهدى في ضحضاح من نور يصلون ، فقال لي الرب تعالي : هؤلاء الحجج لأوليائي ، وهذا المنتقم من أعدائي . قال الجارود : فانصرفت بقومى وقلت في وجهتي إلى قومي :

أتيتك يا ابن آمنة الرسولا * لكي بك أهتدى النهج السبيلا

فقلت وكان قولك قول حق * وصدق ما بدالك أن تقولا

وبصرت العمى من عبد قيس * وكل كان من عمه ضليلا

وأنبأناك عن قس الأيادي * مقالاً فيك ظلت به جديلا

وأسماء عمت عنا فآلت * إلى علم وكنت به جهولا » .

ورواه أبو الفتح في الإستنصار / 34 ، كنز الفوائد / 256 ، المناقب : 1 / 245 ، والصراط المستقيم : 2 / 239 .

6 - أشهر وفود اليمن

في الغيبة للنعماني / 46 ، عن جابر الأنصاري قال : « وفد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أهل اليمن فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : جاءكم أهل اليمن يبسون بسيساً « يسوقون إبلهم سوقاً سريعاً » فلما دخلوا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : قوم رقيقة قلوبهم ، راسخ إيمانهم ، منهم المنصور يخرج في سبعين ألفاً ينصرخلفى وخلف وصيي ، حمائل سيوفهم المسك ! [ المسد ] فقالوا : يا رسول الله ومن وصيك ؟ فقال : هو الذي أمركم الله بالاعتصام به فقال عز وجل : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا . فقالوا : يا رسول الله ، بين لنا ما هذا الحبل ؟ فقال : هو قول الله : إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ، فالحبل من الله كتابه والحبل من الناس وصيي . فقالوا : يا رسول الله ، من وصيك ؟ فقال : هو الذي أنزل الله فيه : أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ! فقالوا : يا رسول الله وما جنب الله هذا ؟ فقال : هو الذي يقول الله فيه : وَيوْمَ يعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يدَيهِ يقُولُ يا لَيتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً . هو وصيي ، والسبيل إلى مِن بعدي !

فقالوا : يا رسول الله بالذي بعثك بالحق نبياً أرناه فقد اشتقنا إليه . فقال : هو الذي جعله الله آية للمؤمنين المتوسمين ، فإن نظرتم إليه نظر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، عرفتم أنه وصيي كما عرفتم أنى نبيكم ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه ، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو ، لأن الله عز وجل يقول في كتابه : فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيهِمْ ، أي : إليه وإلى ذريته .

ثم قال : فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين ، وأبو غرة الخولاني في الخولانيين ، وظبيان وعثمان بن قيس في بنى قيس ، وعرنة الدوسي في الدوسيين ولاحق بن علاقة ، فتخللوا الصفوف وتصفحوا الوجوه ، وأخذوا بيد الأصلع البطين وقالوا : إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أنتم نجبة الله حين عرفتم وصى رسول الله ، قبل أن تعرفوه فبم عرفتم أنه هو ؟ فرفعوا أصواتهم يبكون ويقولون : يا رسول الله نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم قلوبنا ، ولما رأيناه رجفت قلوبنا ، ثم اطمأنت نفوسنا وانجاشت أكبادنا وهملت أعيننا ، وانثلجت صدورنا ، حتى كأنه لنا أب ونحن له بنون ! فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وَمَا يعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ ! أنتم منهم بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسني ، وأنتم عن النار مبعدون . قال : فبقى هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الجمل وصفين فقتلوا في صفين رحمهم الله . وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) بشرهم بالجنة ، وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي

بن أبي طالب ( عليه السلام ) » .

وفى الكافي : 6 / 417 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من اليمن قوم فسألوه عن معالم دينهم فأجابهم ، فخرج القوم بأجمعهم فلما ساروا مرحلة قال : بعضهم لبعض : نسينا أن نسأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عما هو أهم إلينا .

ثم نزل القوم ثم بعثوا وفداً لهم فأتى الوفد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالوا : يا رسول الله إن القوم بعثوا بنا إليك يسألونك عن النبيذ ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وما النبيذ ، صِفُوُه لي ؟ فقالوا : يؤخذ من التمر فينبذ في إناء ثم يصب عليه الماء حتى يمتلئ ويوقد تحته حتى ينطبخ ، فإذا انطبخ أخذوه فألقوه في إناء آخر ، ثم صبوا عليه ماء ، ثم يمرس ، ثم صَفَّوْه بثوب ، ثم يلقى في إناء ، ثم يصب عليه من عكر ما كان قبله ، ثم يهدر ويغلي ، ثم يسكن على عكرة . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا هذا قد أكثرت أفيسكر ؟ قال : نعم ، قال : فكل مسكر حرام !

قال : فخرج الوفد حتى انتهوا إلى أصحابهم فأخبروهم بما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال القوم : إرجعوا بنا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى نسأله عنها شفاهاً ولا يكون بيننا وبينه سفير ، فرجع القوم جميعاً فقالوا : يا رسول الله إن أرضنا أرض دوية ونحن قوم نعمل الزرع ولا نقوى على العمل إلا بالنبيذ ، فقال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : صفوه لي فوصفوه له كما وصف أصحابهم فقال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أفيسكر ؟ فقالوا : نعم . فقال : كل مسكر حرام ، وحق على الله أن يسقى شارب كل مسكر من طينة خبال ، أفتدرون ما طينة خبال ؟ قالوا : لا ، قال : صديد أهل النار » .

7 - السائب الأشعري جد الأشعريين القميين

في رجال النجاشي / 81 : « أحمد بن محمد بن عيسى . وأول من سكن قم من آبائه سعد بن مالك بن الأحوص ، وكان السائب بن مالك وفد إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهاجر إلى الكوفة وأقام بها . وذكر بعض أصحاب النسب : أن في أنساب الأشاعرة أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك بن هانئ بن عامر بن أبي عامر الأشعري ، واسمه عبيد ، وأبو عامر له صحبة . وقد رُوى أنه لما هزم هوازن يوم حنين عقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأبى عامر الأشعري على خيل فقتل ، فدعا له فقال : اللهم أعط عبيدك عبيداً أبا عامر ، واجعله في الأكبرين يوم القيامة » .

8 - الرجل اليماني المجادل السخي

في الكافي : 4 / 39 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « أتى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفد من اليمن وفيهم رجل كان أعظمهم كلاماً ، وأشدهم استقصاء في محاجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) فغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى التوى عرق الغضب بين عينيه ، وتربد وجهه وأطرق إلى الأرض ، فأتاه جبرئيل فقال : ربك يقرؤك السلام ويقول لك : هذا رجل سخى يطعم الطعام . فسكن عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) الغضب ورفع رأسه ، وقال له : لولا أن جبرئيل أخبرني عن الله عز وجل أنك سخى تطعم الطعام ، لشردت بك وجعلتك حديثاً لمن خلفك ! فقال له الرجل : وإن ربك ليحب السخاء ؟ فقال : نعم . فقال : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، والذي بعثك بالحق لا رددتُ من مالي أحداً » !

9 - عمرو بن معدى كرب الفارس المشهور

في إعلام الوري : 1 / 251 : « قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عمرو بن معدى كرب وأسلم ثم نظر إلى أبي بن عثعث الخثعمي فأخذ برقبته وأدناه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : أعْدُنى على هذا الفاجر الذي قتل والدي ! فقال ( صلى الله عليه وآله ) : أهدر الإسلام ما كان في الجاهلية ! فانصرف عمرو مرتداً وأغار على قوم من بنى الحارث بن كعب ، فأنفذ رسول الله علياً ( عليه السلام ) إلى بنى زبيد » .

أقول : تقدم في فتح اليمن أن علياً ( عليه السلام ) جعل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص ، وبارز على ( عليه السلام ) عمرو بن معديكرب وصرخ به صرخة فهرب ! وأخضع قبيلة زبيد وولى على المنطقة خالد بن سعيد وتوغل في فتح اليمن .

« قالوا لخالد : والله لقد دخلنا فيما دخل فيه الناس وصدقنا بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) وخلينا بينك وبين صدقات أموالنا ، وكنا لك عوناً على من خالفك من قومنا .

قال خالد : قد فعلتم ؟ قالوا : فأوفد منا نفراً يقدمون على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويخبرونه بإسلامنا ويقبسونا منه خيراً .

فقال خالد : ما أحسن ما عدتم إليه وأنا أجيبكم ، ولم يمنعني أن أقول لكم هذا إلا أنى رأيت وفود العرب تمر بكم فلا يهيجنكم ذلك على الخروج ، فساءنى ذلك منكم حتى ساء ظني فيكم ، وكنتم على ما كنتم عليه من حداثة عهدكم بالشرك ، فحسبت أن لا يكون الإسلام راسخاً في قلوبكم » . الصحيح من السيرة : 28 / 158 .

10 - وفد قبيلة النخع إلى النبي « صلى الله عليه وآله »

بعثت قبيلة النخع إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وافدين عنها بإسلامها هما : أرطأة بن شراحيل بن كعب ، والجهيش ، واسمه الأرقم من بنى بكر بن عوف بن النخع ، فخرجا حتى قدما على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعرض عليهما الإسلام فقبلاه وبايعاه على قومهما فأعجب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شأنهما وحسن هيئتهما فقال : هل خلفتما وراءكما قومكما مثلكما ؟ فقالا : يا رسول الله قد خلفنا وراءنا من قومنا سبعين رجلاً كلهم أفضل منا ، وكلهم يقطع الأمر وينفذ الأشياء ، ما يشاركوننا في الأمر إذا كان .

فدعا لهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولقومهما بخير وقال : اللهم بارك في النخع . وعقد لأرطأة لواء على قومه وكتب له كتاباً ، فكان في يده يوم الفتح .

وقدموا من اليمن للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة وهم مائتا رجل ، فنزلوا دار رملة بنت الحدث ، ثم جاؤوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مقرين بالإسلام ، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل باليمن ، فكان فيهم زرارة بن عمرو ، فقال : يا رسول الله إني رأيت في سفري هذا رؤيا هالتني ! قال : وما رأيت ؟ قال : رأيت أتاناً تركتها في الحي كأنها ولدت جدياً أسفع أحوي ! فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : هل لك من أمة تركتها مصرة حملاً ؟ قال : نعم تركت أمة لي أظنها قد حملت . قال : فإنها قد ولدت غلاماً وهو ابنك ! فقال : يا رسول الله ما باله أسفع أحوي ؟ قال : أُدن منى فدنا منه فقال : هل بك برص تكتمه ؟ قال : والذي بعثك بالحق نبياً ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك ! قال : فهو ذلك .

أقول : ترجمنا لمالك الأشتر « رحمه الله » في كتابنا قبيلة النخع ، وأثبتنا صحبته للنبي ( صلى الله عليه وآله ) .

11 - كان النبي « صلى الله عليه وآله » يهدد من يخاف عصيانهم بعلي « عليه السلام »

في أمالي الطوسي / 579 : « عن أبي ذر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد قدم عليه وفد أهل الطائف : يا أهل الطائف ، والله لتقيمن الصلاة ، ولتؤتن الزكاة ، أو لأبعثن إليكم رجلاً كنفسي ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يقصعكم بالسيف ! فتطاول لها أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأخذ بيد على فأشالها ثم قال : هو هذا . فقال أبو بكر وعمر : ما رأينا كاليوم في الفضل قط » .

« عن عبد الله بن شداد قال : قدم على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفد آل تنوخ من اليمن قال فقال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة ولتسمعن ولتطيعن أو لأبعثن إليكم رجلاً كنفسي يقاتل مقاتليكم ويسبى ذراريكم ، اللهم أنا أو كنفسي ، ثم أخذ بيد على ( عليه السلام ) » . مناقب أمير المؤمنين « عليه السلام » لمحمد بن سليمان : 1 / 468 .

« وفى حديث جابر أنه قال لوفد هوازن : أما والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة وليؤتن الزكاة أو لأبعثن إليهم رجلاً وهو منى كنفسي ، فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم ، هو هذا وأخذ بيد على ( عليه السلام ) . فلما أقروا بما شرط عليهم قال : ما استعصى عَلَى أهل مملكة ولا أمةٌ إلا رميتهم بسهم الله علي بن أبي طالب ! ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملكاً أمامه وسحابة تظله حتى يعطى الله حبيبي النصر والظفر !

وروى الخطيب في الأربعين نحواً من ذلك عن مصعب بن عبد الرحمن أنه قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لوفد ثقيف . . الخبر ، وفى رواية أنه قال مثل ذلك لبنى وليعة » . « المناقب : 2 / 67 » . أما حديث تهديد النبي ( صلى الله عليه وآله ) قريشاً بعلى ( عليه السلام ) ، فمتواتر مشهور .

12 - مالك بن نويرة « رحمه الله » من وفود بنى تميم

في الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي / 75 : « قال البراء بن عازب بينا رسول الله جالس في أصحابه إذا أتاه وافد من بنى تميم مالك بن نويرة ، فقال : يا رسول الله علمني الإيمان . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأنى رسول الله ، وتصلى الخمس ، وتصوم رمضان ، وتؤدى الزكاة وتحج البيت ، وتوالى وصيي هذا من بعدى وأشار إلى علي ( عليه السلام ) بيده ، ولا تسفك دماً ولا تسرق ولا تخون ولا تأكل مال اليتيم ولا تشرب الخمر ، وتوفى بشرائعي ، وتحلل حلالي ، وتحرم حرامي ، وتعطى الحق من نفسك للضعيف والقوي ، والكبير والصغير ، حتى عد عليه شرائع الإسلام .

فقال يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أعد عَلَى فإني رجل نَسَّاء ، فأعاد عليه ، فعقدها بيده وقام وهو يجر إزاره وهو يقول : تعلمت الإيمان ورب الكعبة ، فلما بعد من رسول الله قال ( صلى الله عليه وآله ) : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل ! فقال أبو بكر وعمر : إلى من تشير يا رسول الله ؟ فأطرق إلى الأرض ، فجدَّا في السير فلحقاه فقالا : لك البشارة من الله ورسوله بالجنة . فقال : أحسن الله تعالى بشارتكما إن كنتما ممن يشهد بما شهدت به فقد علمتما ما علمني النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وإن لم تكونا كذلك فلا أحسن الله بشارتكما .

فقال أبو بكر : لا تقل فأنا أبو عائشة زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! قال : قلت ذلك ، فما حاجتكما ؟ قالا : إنك من أصحاب الجنة فاستغفر لنا ، فقال : لا غفر الله لكما تتركان رسول الله صاحب الشفاعة ، وتسألاني أستغفر لكما ، فرجعا والكآبة لائحة في وجهيهما ، فلما رآهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تبسم وقال : أفي الحق مغضبة ؟ !

فلما توفى رسول الله ورجع بنو تميم إلى المدينة ومعهم مالك بنو نويرة فخرج لينظر من قام مقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فدخل يوم الجمعة وأبو بكر على المنبر يخطب بالناس فنظر إليه وقال : أخو تيم ؟ ! قالوا : نعم . قال : فما فعل وصى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الذي أمرني بموالاته ؟ قالوا : يا أعرابي الأمر يحدث بعده الأمر ! قال : بالله ما حدث شئ ، وإنكم قد خنتم الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) !

ثم تقدم إلى أبى بكر وقال : من أرقاك هذ المنبر ووصى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جالس ؟ فقال أبو بكر : أخرجوا الأعرابي البوال على عقبيه من مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) !

فقام إليه قنفذ بن عمير وخالد بن الوليد فلم يزالا يلكزان عنقه حتى أخرجاه ، فركب راحلته وأنشأ يقول :

أطعنا رسول الله ما كان بيننا * فيا قوم ما شأني وشأن أبى بكر

إذا مات بكر قام عمرٌو ومقامه * فتلك وبيت الله قاصمة الظهر

يدب ويغشاه العشار كأنما * يجاهد جماً أو يقوم على قبر

فلو قام فينا من قريش عصابة * أقمنا ولكن القيام على جمر

قال : فلما استتم الأمر لأبى بكر وجه خالد بن الوليد وقال له : قد علمت ما قاله مالك على رؤس الأشهاد ، ولست آمن أن يفتق علينا فتقاً لا يلتئم ، فاقتله .

فحين أتاه خالد ، ركب جواده وكان فارساً يعد بألف ، فخاف خالد منه فآمنه وأعطاه المواثيق ، ثم غدر به بعد أن ألقى سلاحه ، فقتله وأعرس بامرأته في ليلته وجعل رأسه في قدر فيها لحم جزور لوليمة عرسه وبات ينزو عليها نزو الحمار » !

13 - صعصعة بن ناجية جد الفرزدق

في أمالي المرتضي : 4 / 192 : « وفَدَ صعصعة بن ناجية جد الفرزدق على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وفد بنى تميم ، وكان صعصعة منع الوأد في الجاهلية ، فلم يدع تميماً تئد وهو يقدر على ذلك . وقد فدى في بعض الروايات أربعمائة موؤودة ، وفى أخرى ثلاثمائة ، فقال للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : بأبى أنت وأمي أوصني . فقال : أوصيك بأمك وأبيك وأختك وأخيك وأدانيك أدانيك . فقال : زدني ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إحفظ ما بين لحييك ورجليك .

ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : ما شئ بلغني عنك فعلته ؟ فقال : يا رسول الله رأيت الناس يموجون على غير وجه ولم أدر أين الصواب ، غير أنى علمت أنهم ليسوا عليه ، فرأيتهم يئدون بناتهم فعرفت أن ربهم عز وجل لم يأمرهم بذلك ، فلم أتركهم ففديت ما قدرت عليه .

وفى رواية أخرى إن صعصعة لما وفد على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فسمع قوله تعالي : فَمَنْ يعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يرَهُ . وَمَنْ يعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يرَهُ . قال : حسبي ، ما أبالي أن لا أسمع من القرآن غير هذا . ويقال إنه اجتمع جرير والفرزدق يوماً عند سليمان بن عبد الملك فافتخرا ، فقال الفرزدق : أنا ابن محيى الموتى ! فقال له سليمان : أنت ابن محيى الموتى ؟ ! فقال إن جدى أحيا الموؤودة ، وقد قال الله تعالى : وَمَنْ أَحْياهَا فَكأَنَّمَا أَحْيا النَّاسَ جَمِيعاً ، وقد أحيا جدى اثنتين وتسعين موؤودة ، فتبسم سليمان وقال : إنك مع شعرك لفقيه » .

14 - النابغة الجعدي الشاعر المتأله

في أمالي المفيد / 224 : « كان نابغة الجعدي ممن يتأله في الجاهلية ، وأنكر الخمر والسكر ، وهجَر الأوثان والأزلام ، وقال في الجاهلية كلمته التي قال فيها :

الحمد لله لا شريك له من لم يقلها لنفسه ظلما

وكان يذكر دين إبراهيم ( عليه السلام ) والحنيفية ويصوم ويستغفر ، ويتوقى أشياء لغواً فيها ، ووفد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال :

أتيت رسول الله إذ جاء بالهدي * ويتلو كتاباً كالمجرة نُشِّرَا

وجاهدت حتى ما أحس ومن معي * سهيلاً إذا ما لاح ثم تغورا

وصرت إلى التقوى ولم أخش كافراً * وكنت من النار المخوفة أزجرا

وقال : وكان النابغة علوي الرأي ، وخرج بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى صفين ، فنزل ليلة فطاف به وهو يقول :

قد علم المصران والعراقُ * إن علياً فحلها العتاقُ

أبيض جحجاحٌ له رواقُ * وأمه غالى بها الصداق

أكرم من شد به نطاق * إن الأولى جاروك لا أفاقوا

لكم سباق ولهم سباق * قد علمت ذلكم الرفاق

سقتم إلى نهج الهدى وساقوا * إلى التي ليس لها عراق

في ملة عادتها النفاق

15 - من الوفود المكذوبة وفد تميم الداري

تميم الداري من نصارى بلاد الشام يظهر أنه من داريا قرب دمشق ، كان يعمل مع أقاربه في تجارة الخمر من الشام إلى الجزيرة ، وكان يحدث بقصص أهل الكتاب اليهود والنصاري ، وقد أعلن إسلامه قبيل وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسكن المدينة .

وكانت ثقافته يهودية وكان يهتم بالأمور الخارقة للعادة والأساطير ، وكان مقرباً من اليهود ومن عمر وكعب الأحبار ، ونشط هو وتلامذته في إشاعة التجسيم والإسرائيليات في عقائد المسلمين !

وكتب له عمر مرسوماً خلافياً أن يقص عن أهل الكتاب يوم السبت في مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! وحضر مجلسه احتراماً له وتأييداً ! ثم زاده يوماً آخر في الأسبوع !

فقام تميم بنشر الإسرائيليات والأكاذيب ، كما ترى في حديث الجساسة والدجال في مسلم وغيره من أنه أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن الدجال المحبوس في جزيرة وأنه رآه ! ففرح النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصعد المنبر وحدث ببشارة أخيهم تميم عن الدجال ! راجع تدوين القرآن / 444 ، جواهر التاريخ : 1 / 135 وألف سؤال وإشكال : 2 / 112 .

وجعل رواة الخلافة تميماً شخصية صاحب كرامات ! فقال إمامهم الذهبي في سيره : 2 / 445 : « نام ليلة لم يقم يتهجد فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع » !

وفى دلائل البيهقي : 6 / 80 : « خرجت نار بالحرة فجاء عمر إلى تميم فقال : قم إلى هذه النار ، فقال يا أمير المؤمنين ! ومن أنا وما أنا ! قال : فلم يزل به حتى قام معه قال وتبعتهما فانطلقا إلى النار فجعل تميم يحوشها بيده حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها ! قال : فجعل عمر يقول : ليس من رأى كمن لم ير » !

ومن أكاذيب تميم ادعاؤه أنه كان يهدى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) كل عام زق خمر ، فلما حُرمت الخمر لم يأخذها فقال له : خذه وبعه وانتفع بثمنه ! « فتح الباري : 8 / 209 » . مع أن تميماً جاء في السنة التاسعة ، وحُرِّمت الخمر في السنة الثانية !

الدر المنثور : 2 / 317 .

وزعم تميم أنه وفد هو وأقاربه على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فكتب لهم إقطاعاً بقرى سيفتحها المسلمون من أرض الشام ! قالوا : قدموا بعد تبوك وهم عشرة نفر منهم : تميم ونُعيم ابنا أوس ، ويزيد بن قيس بن خارجة ، والفاكه بن النعمان بن جَبَلَة ، وأبو هند والطيب ابنا ذر ، وهو عبد الله بن رزين ، وهانئ بن حبيب ، وعزيز ومرة ابنا مالك بن سواد بن جَذِيمَة ، فأسلموا وأهدى هانئ بن حبيب لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أفراساً وقباء مخوصاً بالذهب ، فقبل الأفراس والقباء . وقال تميم : لنا جيرة من الروم لهم قريتان يقال لإحداهما : حِبْرَى والأخرى بيت عينون ، فإن فتح الله عليك الشام فهبهما لي . قال : فهما لك وكتب له به كتاباً .

فلما قام أبو بكر أعطاه ذلك ، وأقام وفد الداريين حتى توفى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأوصى لهم بمائة وسق من تمر خيبر !

ونقد صاحب الصحيح : 28 / 59 هذه الروايات ، لأن الإقطاع إنما كان للأرض الموات ونحوها مما هجره أهله ، ولأن بعض نصوص الكتاب الذي زعموه فيه أخطاء نحوية لا تصدر عنه ( صلى الله عليه وآله ) كقوله : إني أنطيكم بيت عينون وجيرون والمرطوم وبيت إبراهيم برمتهم ، وجميع ما فيهم ! وبعض نصوص الكتاب ذكرت أن من آذى الداريين فقد آذى الله ، وهذا معناه أنهم معصومون لأن غير المعصوم قد يؤذى لمنعه من ارتكاب المعصية أو لأخذ الحق منه فإن كان يحرم إيذاؤه مطلقاً لزم أن يرضى الله

بالمعصية والباطل !

16 - من الوفود المكذوبة وفد أبى رزين

أبو رزين العقيلي : اسمه لقيط بن عامر أو ابن صبرة . زعم أنه وفد إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) عن قبيلة المنتفق قال : « كنت وافد بنى المنتفق إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلم نجده فأطعمتنا عائشة تمراً وعصدت لنا عصيدة ، إذ جاء رسول الله فقال : هل طعمتم من شئ ؟ قلنا نعم ، فبينا نحن على ذلك ، دفع الراعي الغنم إلى المراح وعلى يده سخلة فقال هل ولدت ؟ قال نعم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : لا تحسبن أنا ذبحنا الشاة لأجلكم ، لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد عليها إذا ولدت بهمة ذبحنا شاة » ! أسد الغابة : 4 / 266 .

وفى أسد الغابة : 5 / 44 : « ومعه صاحب له يقال له نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق قال : فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب ، فأتينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين انصرف من صلاة الغداة » . « وفى كنز العمال : 7 / 146 » ، « أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يكره المسائل ويعيبها فإذا سأله أبو رزين أجابه وأعجبه » !

وأكثر ما اشتهر به أبو رزين أحاديث التجسيم ، وأنه سمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « لَعَمْرُ إلهك ! ويقول : إن الله تعالى يضحك ويظل يضحك ! قلت : يا رسول الله ! أويضحك الرب ؟ قال : نعم ، قلت : لن نعدم من رب يضحك خيراً ! وفى رواية : قلت : يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : كان في عماء . ما تحته هواء وما فوقه هواء . ثم خلق عرشه على الماء » . مسند أحمد : 4 / 11 . وقد نقدنا أحاديثه في الإنتصار : : 2 / 234 وغيره ونقدها صاحب الصحيح : 27 / 223 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.