أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-21
479
التاريخ: 2024-08-12
466
التاريخ: 2024-02-05
960
التاريخ: 2024-03-09
841
|
كثيرًا ما يمثل المؤرخون عهد حركة الإصلاح الديني التي قام بها «إخناتون» بتصدع جيولوجي أصاب مجرى التاريخ المصري المستقيم، ولكن من وجهة الفن لا يمكن أن ينطبق هذا القول على التغيرات التي ظهرت منذ بداية الأسرة التاسعة عشرة؛ أي منذ ختام القرن الرابع عشر، بل إن أقل ما يقال عنها إنها تطور؛ وذلك لأن هذه التغيرات التي حدثت فيه كانت ثابتة عميقة الصبغة، اللهم إلا إذا كنا نقصد بكلمة تطور شيئًا يدل على العنف مما يجعله عرضة للزوال والفناء.
والواقع أننا إذا أردنا أن نتناول بالبحث كل الصور التي خلفتها لنا مدنية هذا العصر، أو نقتصر حتى على فني النحت والتصوير كان لدينا محصول جدير بالتقدير العظيم الذي يرفع من شأن هذا العصر الجديد في هذه الناحية من الحضارة، ولكن عندما نتناول الفنون الجنازية بالبحث كشفت لنا النتيجة عن انحطاط مشين؛ إذ نجد أن الإنتاج الدال على حسن الذوق في المقابر التي لا تزال حافظة لألوانها ممثلة طراز عصر الرعامسة بصورة بارزة معدوم لحدٍّ ما، وأن جدران المقابر قد كُدست بصور أكثر مما يجب أن تحتويه.
ولا يمكننا أن نتحدث هنا عن الأسباب الأصيلة التي أدت إلى هذا الانحطاط في التصوير الجنازي، كما لا يمكننا أن نشرح هنا الطريقة التي بها أخذ سلطان الأشكال الفنية الجديدة يحتل مكانة قوية، وأخيرًا ليس في الإمكان هنا أيضًا أن نفصِّل القول عن مقدار ما كان لمدرسة «إخناتون» الفنية البغيضة في أعين الشعب وقتئذ، ولا عن أثر بقايا تقاليد مدرسة الفن الطيبية القديمة في تكوين طراز الفن الجديد الذي ظهر في عهد «رعمسيس الثاني»؛ إذ إن كل ذلك خاص بكتب الفن المطولة، وقد تحدثنا عن ذلك في مناسبات مختلفة بقدر ما سمحت به الأحوال، وكل ما يمكن التنويه عنه هنا هو أنه على أثر انتصار «إخناتون» أخذ أتباع الإله «آمون» بعد أن حرم عليهم تزيين مقابرهم بصور الطراز القديم، يجدون لأنفسهم منفذًا لاظهار شعورهم الديني من طريق أخرى؛ وقد كان أهم مظهر لذلك تزيين أوراق البردي التي كانت تدفن معهم بكل تعاويذهم، وأساطيرهم السحرية والدينية، وقد كان يساعدهم على استحضار الصور اللازمة لهذا الغرض الكهنة الذين كانوا لا يزالون على الولاء لإلههم «آمون»، حتى إنه لما عادت المياه إلى مجاريها برجوع الدين القديم إلى ما كان عليه من قوة وسلطان كان لهذه الصور أكبر الأثر في التصوير الجنازي الذي كان يُرسم على جدران المقابر.
ولما لم يكن هذا الأثر من الأشياء التي نتجت عن طموح فني إنساني مشبع بالروح الدنيوي، وكذلك لم يكن قد نما وترعرع في أحضان الحياة العامة، فإنه قد ترك الفن الجنازي راكدًا جافًّا إلى أقصى حد، ولا نستثني من ذلك إلا تلك الصور الخاصة التي كان يقوم بتصويرها المفتن، وهي التي كان ينقلها من عالم الدنيا إلى مناظر أخرى خاصة بعالم الآخرة، فكان يصور لنا حقول الجنة أو الحديقة التي يجمع فيها بين الإله والناس. والواقع أن تحديد مجال صور المفتن على هذا النمط كان ضربة مميتة للفن، ولسنا ننكر أن عمل الرسام المصري كان يجري على حسب خطط موضوعة، وتقاليد مرعية، غير أنه على الرغم من كل ذلك كان يستند في إبراز صوره إلى حد ما على قوة الملاحظة. وهنا يتساءل الإنسان: أي إلهام يستطيع المفتن أن يجده في رسم الإلهة والشياطين المختصين بعالم الآخرة، أو في أثاث المعبد الجنازي، والشعائر الدينية، وفي دمى أسرة رب المعمل؟ ومع ذلك بين ما ذكرنا أشياء عارضة هامة تصادف الرسام تصور في معظم الأحيان بهيئة شيقة؛ إذ نجد في كثير من المقابر التي صورت بصور مظلمة مثل مقبرة «حوي»، ومقبرة «وسرحات» صورًا أخرى تصل إلى حد الجمال والإشعاع، وذلك عندما يتناول المثال منظرًا تمثيليًّا يقوم فيه الفرعون بدور البطل، غير أن هذه المناظر أخذت في الاختفاء بصورة بينة.
أما الميزة الحسنة التي برزت في الفن الجديد فقد ظهرت فيما ناله المفتن من حرية في إخراج صورة في بادئ الأمر كما ذكرنا من قبل؛ فلم يكن المفتن في هذا العصر مجبرًا على السير على حسب نماذج قديمة لها أوضاعها ونسبها الخاصة، كما أنه لم يكن مقيدًا في رسم خطوطه على حسب قوانين الفن القديم؛ إذ كان في استطاعته في هذا الوقت رسم الأشكال دون أن يضع هياكلها مرتبطًا بلون خاص، وفي حدود معينة. ولا نزاع في أن التخلص من هذه القيود العتيقة كان يفسح المجال للرسام في إبراز صورة جميلة إذا كان المفتن قد تربى على حب الجمال بدلًا من تمرين مواهبه في إصدار صور تقليدية وحسب، وهذه الحرية كانت بمثابة مجال واسع لتقدم الفن. غير أن المدارس التي كانت تلقنه لم تكن قادرة على الاستفادة من فك قيود الماضي عنها، وقد كان من جراء ذلك أن انقلبت النتيجة إلى تراخٍ وعدم دقة، واستغلال التحلل من القيود القديمة في تغطية كثير من الأخطاء، وعدم الكفاية في الفن. وعلى أية حال فإن الغريزة قد حولت الفن القديم إلى وحدة متزنة؛ ولا نزاع في أن الفن الجديد كان غير متناسق؛ وذلك لأن الحرية التي أعطيها في استعمال خطوطه تطلبت إعادة توزيع اللون، ومن ثم نجد أن المصور قد نال إعجابنا في إخراج الصور المختصرة المرسومة بالحبر، ولكنه في تصويرها بالألوان لم يتعد رسم هيكل صورته بخطوط سمجة خشنة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|