أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2016
1158
التاريخ: 27-5-2017
1601
التاريخ: 18-11-2016
761
التاريخ: 21-1-2018
608
|
كان الحجاج لما حضرته الوفاة قد استخلف على حرب المصرين يزيد بن أبي كبشة، وعلى خراجهما يزيد بن أبي مسلم، وعلى الصلاة ابنه عبد الله بن الحجاج، فأقرهم الوليد بن عبد الملك، ثم ولى إمارة العراق في السنة نفسها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، وذلك في سنة 95ﻫ.
فلما مات الوليد في سنة 96ﻫ/714م وبويع لأخيه سليمان بن عبد الملك ولى العراق يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، فأقام يزيد بالبصرة، فلما كانت سنة 97ﻫ نقله إلى ولاية خراسان، وولى على البصرة بدله عبد الله بن هلال الكلابي، ثم عزله في سنة 98ﻫ وجعل مكانه سفيان بن عبد الله الكندي.
ولما مات سليمان بن عبد الملك في سنة 99ﻫ الموافقة لسنة 717م وتولى الخلافة عمر بن عبد العزيز ولى على البصرة عدي بن أرطأة الفزاري، وولى قضاءها إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال القاضي المشهور، وفي السنة نفسها عزل عمرُ يزيدَ بن المهلب عن خراسان، وأمر بالقبض عليه وإحضاره، وكان يزيد يومئذ في خراسان، فأقبل منها يريد العراق، فلما دخل البصرة قبض عليه أميرها عدي بن أرطأة، فحبسه ثم أوثقه، وبعثه مخفورًا إلى عمر بن عبد العزيز بدمشق، فلما حضر سأله عمر عن الأموال التي كتب بها إلى سليمان بن عبد الملك، فقال يزيد: «كنت من سليمان بالمكان الذي قد رأيت، وإنما كتبت إلى سليمان لأسمع الناس، وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني به»، فقال عمر: «لا أجد في أمرك إلا حبسك، فاتق الله، وأد ما قبلك، فإنها حقوق المسلمين، ولا يسعني تركها»، فلما لم يجد عمر عند يزيد عذرًا مقبولًا أمر بحبسه بحصن حلب، واستمر يزيد بن المهلب في سجنه، فلما مرض عمر بن عبد العزيز مرضه الذي مات فيه في سنة 101ﻫ/720م حس ابن المهلب بقرب موت عمر، فأعد للهرب عدته خوفًا من يزيد بن عبد الملك لعداوة بينهما، فانهزم من السجن قاصدًا البصرة، وكتب إلى عمر: «إني والله لو وثقت بحياتك لم أخرج من محبسك، ولكني خفت أن يلي الخلافة يزيد بن عبد الملك فيقتلني شر قتلة» فوصل كتابه وبعمر رمق فقال: «اللهم إن كان يريد بالمسلمين سوءًا فألحقه به، وهِضْهُ فقد هاضني«.
ومات عمر بعد أيام قليلة، وتولى مكانه يزيد بن عبد الملك بن مروان، فبلغ ذلك يزيد بن المهلب فخلع طاعة بني مروان، ولحق بالبصرة، ودعا لنفسه، فاجتمع حوله خلق، وبلغ جيشه مائة وعشرين ألف مقاتل، فحمل على البصرة بعد أن استولى على أطرافها وعلى فارس والأهواز، فحصن البصرة أميرها عدي بن أرطأة، ودافع عنها دفاعًا شديدًا، وبعد حروب استولى ابن المهلب على البصرة، وقبض على عدي وجماعة من أصحابه فحبسهم، واستعمل الشدة، فهرب جماعة من أعيان البصرة إلى الشام وجماعة إلى الكوفة، وذلك في سنة 101ﻫ/720م، وقوي أمر ابن المهلب، فخافه يزيد بن عبد الملك، فجهز جيشًا كبيرًا من الشام بلغ عدده ثمانين ألف مقاتل، وسيره تحت قيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك، وأرسل معه ابن أخيه العباس بن الوليد، وذلك في سنة 102ﻫ.
أما ابن المهلب فإنه لما بلغه قدوم جيش ابن عبد الملك استعد لملاقاته، وجمع أهل البصرة فخطب فيهم، ودعاهم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وحثهم على جهاد بني أمية، وزعم أن قتال أهل الشام أعظم ثوابًا من قتال الترك والديلم، فانضم إليه من البصريين عدد كبير، فلما تهيأ للمسير اصطف له البصريون صفين، وقد نصبوا الرايات والرماح وهم ينتظرون خروجه، ويقولون: «يدعونا إلى سنة العمرين»، فاتفق أن مر الحسن البصري سيد فقهاء أهل البصرة، فرأى الرايات والرماح وصفوف البصريين فقال: «كان يزيد بالأمس يضرب أعناق هؤلاء الذين ترون، ثم يسرح بها إلى بني مروان يريد بهلاك هؤلاء القوم رضاهم، فلما غضب غضبة نصب قصبًا، ثم وضع عليها خرقًا، ثم قال: «إني قد خالفتهم فخالفوهم»، فقال هؤلاء القوم: «نعم»، وقال: «إني أدعوكم إلى سنة العمرين، وإن من سنة العمرين أن يُوضَع قيدٌ في رجله ثم يُرَدُّ إلى محبس عمر الذي فيه حبسه»، ويُرْوَى أن الحسن كان ممن حضر خطبة ابن المهلب، فلما سمعها قال: «والله لقد رأيناك واليًا وموليًا فما ينبغي لك ذلك»، فقام الناس فأسكتوه خوفًا من أن يسمعه ابن المهلب.
ثم ولى ابن المهلب أخاه مروان على البصرة — وقيل: استخلف على البصرة ابنه معاوية — وخرج بجيوشه حتى أتى واسطًا، فأقام بها أيامًا، ثم سار منها حتى نزل العقر، وأقبل مسلمة بن عبد الملك فنزل بجيوشه على ابن المهلب، فاشتبكوا في القتال، فكانت بين الفريقين حروب هائلة دامت ثمانية أيام، فلما حمي وطيس الحرب تفرق أصحاب ابن المهلب، وثبت معه البصريون، فاستمات ابن المهلب، وهجم بأصحابه الصادقين هجمات هائلة لم يُسْمَعْ بمثلها حتى قُتِلَ في يوم الجمعة 12 صفر سنة 102ﻫ، وقُتِلَ معه أخوه حبيب بن المهلب (1) وجماعة من أصحابه المخلصين، وَفَرَّ من نجا، وقُتِلَ في هذه الحادثة ثمانية عشر ألف رجل من البصريين — ويُرْوَى ثمانية وعشرون ألفًا، فلما بلغ أهل البصرة خبر قتلاهم ارتجت المدينة، وكثرت فيها المآتم، حتى قيل: إن المآتم دامت نحو سنة.
ولما انتهت فتنة ابن المهلب أسند يزيد بن عبد الملك إمارة العراق وخراسان إلى أخيه مسلمة، فاستخلف هذا الأمير على البصرة عبد الرحمن بن سليمان الكلبي، وذلك في سنة 102ﻫ، ثم عزل يزيد أخاه مسلمة في سنة 103ﻫ، وأرسل بدله عمر بن هبيرة الفزاري، فاستخلف ابن هبيرة على البصرة موسى بن عبد الله. فلما مات يزيد وتولى أخوه هشام بن عبد الملك في سنة 105ﻫ/724م أقر ابن هبيرة على العراق، ثم عزله في سنة 106ﻫ، وولى مكانه خالد بن عبد الله القسري، فأرسل خالد عقبة بن عبد الأعلى أميرًا على البصرة، حتى إذا كانت سنة 109ﻫ عزله، ووجه إمارة البصرة إلى أبان بن صبارة اليثربي، ثم عزله في سنة 110ﻫ، فولى مكانه بلال بن أبي بكرة — ويُرْوَى ابن أبي بردة — وضم إليه قضاء البصرة، وفي أول إمارته في سنة 110ﻫ مات بالبصرة الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشاعر المشهور الفرزدق، وفي أيامه في سنة 116ﻫ حدث بالبصرة طاعون دام أكثر من شهر، فمات به عدد كبير من البصريين، وفي أيامه أُحْصِيَت نفوس أهل البصرة بعد الطاعون فكانت ثلاثمائة ألف نسمة، ولما كانت سنة 120ﻫ عزل هشام خالدًا عن العراق، وولى مكانه يوسف بن عمرو الثقفي، فأرسل يوسف كثير بن عبد الله السلمي أميرًا على البصرة. فمات هشام في سنة 125ﻫ/743م، وتولى بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فقُتِلَ في سنة 126ﻫ، وجلس مكانه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، فولى إمارة العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز في السنة نفسها، فاستخلف على البصرة المسور بن عمرو بن عباد، وفي أيامه ظهرت الدعوة العباسية، ودخل البصرة سرًّا دعاة بني العباس، فنشروا دعوتهم، فاستجاب لهم كثير من البصريين خفية؛ لأنهم كانوا قد سئموا حكم الأمويين، فلما مات يزيد بعد ستة أشهر بويع لإبراهيم بن الوليد، فخلع نفسه وبايع مروان بن محمد في سنة 127ﻫ/745م، وفي كل هذه المدة كانت الفتن متوالية في العراق؛ بل إن المملكة الإسلامية كانت بعد هشام بن عبد الملك كشعلة نار.
..............................................
1- ولما بلغ آل المهلب بالبصرة خبر هذه الفاجعة قتلوا من كان في سجنهم، وفيهم عدي بن أرطأة، وحملوا عيالاتهم وأموالهم في السفن، وساروا إلى كرمان، وهناك تمزقوا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|