أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-25
1023
التاريخ: 12-1-2017
3433
التاريخ: 2023-07-23
1107
التاريخ: 2024-04-03
832
|
خلف «رعمسيس الثالث» للتاريخ العالمي أهم إرث مدون بالقلم على القرطاس تركه ملك في تاريخ الشرق القديم، وهو ورقة «هاريس» الأولى العظيمة التي تحدثنا عن كل حياته من البداية إلى النهاية، وما قام به من أعمال عظيمة في ميادين السياسة والدين والاقتصاد والاجتماع؛ ولذلك آثرنا أن نضع أمام القارئ ترجمة كاملة لكل محتويات هذه الوثيقة الفذة، ثم نتناولها بعد ذلك بالتحليل والإيضاحات التي تكشف عن خبايا محتوياتها، وقد ظلت مغلقة أمام الباحثين الذين فحصوها حتى زمن قريب جدًّا مما أدى إلى فهم حالة البلاد في عصر الفرعون «رعمسيس الثالث» بصورة خاطئة لا يمكن تصورها، ولا أدل على ذلك مما كتبه الأستاذ «جاردنر» عن أهمية هذه الورقة وما أدى إليه سوء فهمها من التورط في أخطاء تاريخية مشينة وقع فيها كل من الأستاذين «برستد» و«إرمان» ولا تزال كتب التاريخ مشحونة بها، وهاك نص ما قاله «جاردنر» في هذا الصدد:
ولقد كان الرأي الذي استقر عليه علماء الآثار منذ خمسة أعوام عن ورقة «هاريس الأولى»؛ النتائج التي وصل إليها في وقت واحد تقريبًا كل من الأستاذين «برستد» و«إرمان» منذ ثلاثين سنة قبل هذا التاريخ، ولكن في عام 1936 ظهر في عالم التأليف مقال عن محتويات هذه الورقة سقط كالقنبلة في وسط آرائنا المتفق عليها وهي التي كوَّناها عن هذه الورقة من قبل؛ وذلك أن كلًّا من «برستد» و«إرمان» قد استمسك برأيه، وهو أنه على الرغم من أن ورقة «هاريس» الأولى تذكر بصراحة الإنعامات والهبات التي أغدقها «رعمسيس الثالث» على معابد العواصم الكبيرة، وعلى معابد الأقاليم، فإن هباته المزعومة كانت تشمل كل ممتلكات المعابد السابقة، وأن الفرعون قد أقرَّ هذه الممتلكات القديمة، وبذلك ثبت دعواه بأنه هو المُنعم بها كلها.
وقد جاء المقال الذي كتبه الأثري «شادل «على العكس من ذلك مؤكدًا بصراحة من جديد الرأي الأول القائل بأن محتويات الورقة لا يتناول إلا الإضافات التي وهبها «رعمسيس الثالث» لضياع المعابد. وإذا كان هذا الرأي هو الصحيح فإن هذه الوثيقة لا يمكن أن تُستخدم بوجهة النظر التي استخدمها فيها كل من «برستد» و«إرمان» وهي تقدير مجموع ثروة الكهنة. وإني أرغب في أن أضع رأيي كتابة، وهو أن «شادل» قد برهن تمامًا على وجهة نظره، ولو نظرنا إلى الوراء فيما كُتب عن هذه الورقة لوجدنا أنه من الصعب علينا أن نتصور كيف أن الرأي المناقض لما قرره «شادل» قد بقي سائدًا مدة طويلة كهذه.
وعلى الرغم من ذلك نجد أن «شادل» نفسه في بعض تفاصيل هامة لم يكن في مقدوره أن يتخلص من أغلاط بينة شارك فيها سلفيه «برستد» و«إرمان»؛ وذلك أن أقسام الورقة الرئيسية تشمل فصلًا مخصصًا للهبات السنوية التي كانت تُقدم للمعابد من أتباعها خلال الإحدى والثلاثين سنة التي حكمها هذا الفرعون. والجزء الرئيسي من هذه الفصول يحتوي على مواد منفصلة — مثل المعادن والأدوات والحيوانات الخ — مشفوعة بأرقام تدل على المقادير والأعداد. وهذا الجزء الرئيسي مسبوق في أربع حالات من بين خمس بعنوان افتتاحي يختلف قليلًا في الشكل عن كل من هذه الحالات الأربع الأخرى. وهاك ترجمة لأكمل عنوان من بين هذه العناوين، وهو الذي يتصدر المواد في القسم المخصص لمدينة «طيبة «:
السلع والضرائب وإنتاج الناس، وكل التابعين لقصر الفرعون (وسرماعت رع مري آمون) في ضيعة «آمون» (1) في الأقاليم الجنوبية والشمالية التي تحت إدارة «رعمسيس الثالث» المتحد في السرور في ضيعة «آمون» (2) التابعة «لإبت» (الأقصر) ولمعبد «رعمسيس» حاكم «هيلوبوليس» في ضيعة «خنسو» (3) ولخمسة القطعان من الماشية التي حُفظت لأجل هذا البيت (أي كل ضيعة آمون ملك الآلهة) وهي التي (أي السلع والجزية والمحصول) وضعها الملك «وسرماعت رع» الإله الأكبر بمثابة هبة في خزائنهم ومخازنهم، وشون غلالهم منحة سنوية (4).
وإذا نظرنا إلى معالجة «إرمان» لهذا الموضوع وجدناها من الغرابة بمكان، إذ إنه لما فحص الأرقام المتصلة بالمواد المختلفة وجد أنها عالية، فقفز في استنباطه إلى أنها تمثل مجموع المنح التي قُدمت في خلال مدة حكم هذا الفرعون (5) كلها، وعلى ذلك قسمها واحدًا وثلاثين جزءًا؛ لكي يثبت متوسط الدخل السنوي.
وعلى أية حال فإن الأرقام التي حصل عليها بهذه الكيفية كانت منخفضة أكثر مما يجب أن يكون بالنسبة لإيرادات كل سنة، ولذلك نجد أن «إرمان» عاد فقال: إنها لم تكن الواردات السنوية الكاملة التي كان يؤتى بها من هذا المصدر، بل إنها ضرائب ثانوية فقط. ويكفي ما لخصناه هنا من هذا الطراز من البحث للكشف عن نقط الضعف التي تشوب البحوث السالفة. والواقع أنه في مقدورنا تقديم البراهين القوية لإظهار أن هذه الأرقام لا تضع أمامنا إلا الواردات السنوية لا وارد كل مدة حكم هذا الفرعون، ومن جهة أخرى نجد أن هذه الأرقام السنوية ليست في ذاتها عالية.
مقدمة ورقة هاريس:
هذه لمحة عن أهمية هذه الورقة كما قدمها لنا الأستاذ «جاردنر». والآن سنتكلم عن الورقة نفسها، وعن المكان الذي وُجدت فيه، والظروف التي أحاطت بها. وكذلك سنذكر موجزًا بسيطًا عن محتوياتها حتى يتسنى للقارئ تتبع المتن الذي سنورده بعد.
إن الوثيقة التي نطلق عليها في أيامنا «ورقة هاريس» العظيمة، أو «ورقة هاريس» الأولى تُعد من أهم المصادر التاريخية في الأسرة العشرين؛ إذ الواقع أنها تلقي كثيرًا من الضوء على المسائل الاقتصادية والدينية الخاصة بهذا العصر، وكذلك توضح لنا نظام إدارة المعابد، والأحداث التاريخية بصورة جلية، وقد كتب عنها الباحثون على مختلف أنواعهم؛ فتناولوا كل المتن أو بعضه، كلٌّ على حسب ميوله.
وقد كان أهم موضوع فيها قتله الأثريون والمؤرخون فحصًا واستقصاء هو الجزء الخاص بملخص تاريخ هذه الفترة، وقد أظهر الباحثون في بحثه براعة حتى أصبح وليس فيه زيادة لمستزيد.
وقد كُتبت هذه الورقة بخط غاية في الوضوح؛ مما جعلها من هذه الناحية تمتاز على أترابها في جودة الخط وحسن تنسيقه، من بين ما نشاهده في الأوراق المخطوطة بالخط الهيراطيقي في عصر «الرعامسة». وقد ذكر لنا الأستاذ «إرمان» عدد الكتاب الذين اشتركوا في تدوينها، وأظهر أن المتن قد أُلف من عدة أجزاء رُكبت معًا في وثيقة واحدة يبلغ طولها أربعين مترًا وخمسة سنتيمترات، وعرضها اثنين وأربعين سنتيمترًا ونصف سنتيمتر. وقد قطعها مشتريها المستر «هاريس» تسعًا وسبعين صفحة، ونشرها الأثري «برش» الأمين «بالمتحف البريطاني». ومن ثم أصبح يُشار إلى صحائفها بهذه الكيفية.
...................................................
1- اسم المعبد العظيم لمدينة «هابو«.
2- اسم المقصورة التي أقامها «رعمسيس الثالث» في الأقصر، وهي مخربة الآن. (Ibid 24 ,6 ).
3- اسم معبد «خنسو» بالكرنك.
4- يشير هنا إلى الناس والتابعين الذين ذُكروا في السطر الأول من هذا النص.
5- وقد أشار الأستاذ «جاردنر» إلى ما جاء في هذه الورقة في أثناء فحصه ورقة «فلبرو» مما سنذكره هنا (Gardiner; Wilbour Papyras Vol II).
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|