المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9067 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
سلام وستفاليا.
2024-09-18
الاصلاح الكاثوليكي المعاكس (لجنة الثبت).
2024-09-18
محاكم التفتيش.
2024-09-18
منظمة اليسوعيين (الجزويت).
2024-09-18
الاصلاح الكاثوليكي المعاكس (مجمع ترانت).
2024-09-18
فرنسا والاصلاح الكاثوليكي المعاكس.
2024-09-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أبو أيوب الأنصاري اختاره الله لضيافة رسوله « صلى الله عليه وآله »  
  
36   08:07 صباحاً   التاريخ: 2024-09-17
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة : ج1، ص535-546
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2017 2878
التاريخ: 2-7-2017 3316
التاريخ: 11-12-2014 3639
التاريخ: 2-7-2017 31151

أبو أيوب الأنصاري ، خالد بن زيد

1 . جاء في ترجمته في الإصابة : 2 / 199 : « خالد بن زيد بن كليب . أبو أيوب الأنصاري معروف باسمه وكنيته . شهد العقبة وبدراً وما بعدها ، ونزل عليه النبي ( صلى الله عليه وآله ) لما قدم المدينة ، فأقام عنده حتى بنى بيوته ومسجده .

وآخى بينه وبين مصعب بن عمير ، وشهد الفتوح وداوم الغزو ، واستخلفه علي على المدينة لما خرج إلى العراق ثم لحق به بعد ، وشهد معه قتال الخوارج .

عن أبي رهم أن أبا أيوب حدثهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نزل في بيته ، وكنت في الغرفة فهريق ماء في الغرفة فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا نتتبع الماء شفقاً أن يخلص إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فنزلت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا مشفق ، فسألته فانتقل إلى الغرفة قلت يا رسول الله كنت ترسل إلي بالطعام ، فأنظر فأضع أصابعي حيث أرى أثر أصابعك حتى كان هذا الطعام ! قال أجل إن فيه بصلاً فكرهت أن آكل من أجل الملك ، وأما أنتم فكلوا .

شهد أبو أيوب بدراً ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا وهو في أخرى . ولزم أبو أيوب الجهاد بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن توفي في غزاة القسطنطينية سنة خمسين وقيل إحدى وقيل اثنتين وخمسين وهو أكثر » . وهو من رجال الصحاح الستة .

2 . وجاء في ترجمته في مصادرنا الكشي : 1 / 165 : « روى الحارث بن حصيرة الأزدي ، عن أبي صادق ، عن محمد بن سليمان قال : قدم علينا أبو أيوب الأنصاري فنزل ضيعتنا يعلف خيلاً له ، فأتيناه فأهدينا له ، قال : قعدنا عنده فقلنا : يا أبا أيوب قاتلت المشركين بسيفك هذا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم جئت تقاتل المسلمين ؟ فقال : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمرني بقتال القاسطين والمارقين والناكثين ، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين ، وإنا نقاتل إن شاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات ، وما أدري أنى هي ؟

وسئل الفضل بن شاذان عن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري وقتاله مع معاوية المشركين ؟ فقال : كان ذلك منه قلة فقه وغفلة ، ظنَّ أنه إنما يعمل عملاً لنفسه يقوي به الإسلام ويوهي به الشرك وليس عليه من معاوية شئ كان معه أولم يكن .

وسئل عن ابن مسعود وحذيفة ؟ فقال : لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود ، لأن حذيفة كان ركناً ، وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم .

وقال أيضاً : إن من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أبو الهيثم بن التيهان وأبو أيوب وخزيمة بن ثابت وجابر بن عبد الله وزيد بن أرقم وأبو سعيد الخدري وسهل بن حنيف والبراء بن مالك وعثمان بن حنيف وعبادة بن الصامت ، ثم ممن دونهم قيس بن سعد بن عبادة وعدي بن حاتم وعمرو بن الحمق وعمران بن الحصين وبريدة الأسلمي وبشر كثير » .

وقال السيد الخوئي : 22 / 38 : « اعتراض الفضل على أبي أيوب الأنصاري في غير محله ، وتقدم في البراء بن مالك عد الفضل أبا أيوب من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . قال المفيد : هو صاحب منزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وله كلام يدعو به الناس إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولزوم إطاعته .

وتقدم في ترجمة جندب بن جنادة أبي ذر الغفاري ، عدُّ أبي أيوب الأنصاري من الاثني عشر الذين مضوا على منهاج نبيهم ولم يغيروا ولم يبدلوا » .

أقول : أبو أيوب ذو مكانة جليلة ، فهو من نقباء بيعة العقبة ، وقد نال شرف نزول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بيته لما هاجر ، وبقي عنده مدة حتى كمل بناء بيته ومسجده .

وشهد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بدراً وأحداً والخندق ومشاهده كلها . وشهد مع علي ( عليه السلام ) مشاهده كلها ، وكان والياً له على المدينة ، وقائداً في جيشه .

وتدل أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلي ( عليه السلام ) في حقه على إيمانه وجلالته ، فقد يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمره بالجهاد حتى مع معاوية بعد علي ( عليه السلام ) ، وأخبره أنه سيدفن عند سور القسطنطينية ، ولذلك كان حريصاً على ذلك وأوصى به رغم أن معسكره كان بعيداً عن القسطنطينية .

3 . ورد في صفاته « قرب الإسناد / 45 » أن علياً ( عليه السلام ) سأله : « يا با أيوب ، ما بلغ من كرم أخلاقك ؟ قال : لا أؤذي جاراً فمن دونه ، ولا أمنعه معروفاً أقدر عليه . قال : ثم قال : ما من ذنب إلا وله توبة ، وما من تائب إلا وقد تسلم له توبته ، ما خلا السيئ الخلق ، لا يكاد يتوب من ذنب إلا وقع في غيره أشر منه » .

وروي عنه : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يدخل الحمام إلا بمئزر » . مجمع الزوائد : 1 / 278 .

وهذا يدل على أنهم كانوا في الجاهلية يدخلون الحمام عراة ، فعلمهم الإسلام الحياء .

وفي المناقب : 1 / 114 : « عن سلمان أنه ( صلى الله عليه وآله ) لما نزل دار أبي أيوب لم يكن له سوى جدي وصاع من شعير فذبح له الجدي وشواه وطحن الشعير وعجنه وخبزه وقدم بين يدي النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأمر بأن ينادى : ألا من أراد الزاد فليأت دار أبي أيوب ، فجعل أبو أيوب ينادي والناس يهرعون كالسيل حتى امتلأت الدار فأكل الناس بأجمعهم والطعام لم يتغير ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إجمعوا العظام ، فجمعوها فوضعها في إهابها ثم قال : قومي بإذن الله تعالى فقام الجدي ! فضج الناس بالشهادتين » .

4 . وكان أبو أيوب يصدع بإمامة أهل البيت : ، ففي الخصال / 412 : « عن أبي أيوب الأنصاري قال : إن رسول الله مرض مرضة فأتته فاطمة « عليها السلام » تعوده وهو ناقهٌ من مرضه ، فلما رأت ما برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الجهد والضعف خنقتها العبرة حتى جرت دمعتها على خدها ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لها : يا فاطمة إن الله جل ذكره اطلع على الأرض اطلاعة فاختار منها أباك واطلع ثانية فاختار منها بعلك ، فأوحى إلي فأنكحتكه ، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة الله إياك زوجك أقدمهم سلما وأعظمهم حلماً وأكثرهم علماً . قال : فسرت بذلك فاطمة واستبشرت بما قال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأراد رسول الله أن يزيدها مزيد الخير كله من الذي قسمه الله له ولمحمد وآل محمد ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاطمة لعلي ثمان خصال : إيمانه بالله وبرسوله ، وعلمه وحكمته ، وزوجته ، وسبطاه حسن وحسين ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقضاؤه بكتاب الله . يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدنا : نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة عم أبيك ، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة وهو جعفر ، ومنا سبطا هذه الأمة ، وهما ابناك » . وفي رواية كفاية الأثر / 113 : « ومنا الأئمة المعصومون من صلب الحسين ، ومنا مهدي هذه الأمة » .

5 . وكان من الاثني عشر الذين وقفوا ضد السقيفة وخطبوا : ففي الإحتجاج : 1 / 97 والخصال / 461 عن أبان بن تغلب قال : « قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) : جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول الله أنكر على أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : نعم ، كان الذي أنكر على أبي بكر اثني عشر رجلاً . من المهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص وكان من بني أمية ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعمار بن ياسر ، وبريدة الأسلمي . ومن الأنصار : أبو الهيثم بن التيهان ، وسهل وعثمان ابنا حنيف ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وأبي بن كعب ، وأبو أيوب الأنصاري . . وغيرهم . فلما صعد المنبر تشاوروا بينهم في أمره فقال بعضهم : هلا نأتيه فننزله عن منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وقال آخرون : إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم ، وقال الله عز وجل : وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى الْتَّهْلُكَةِ ، ولكن إمضوا بنا إلى علي بن أبي طالب نستشيره ونستطلع أمره . فأتوا علياً ( عليه السلام ) فقالوا : يا أمير المؤمنين ضيعت نفسك وتركت حقاً أنت أولى به ، وقد أردنا أن نأتي الرجل فننزله عن منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإن الحق حقك ، وأنت أولى بالأمر منه ، فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك . فقال لهم علي ( عليه السلام ) : لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حرباً لهم ، ولا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد ، وقد اتفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيها ، والكاذبة على ربها ! ولقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت ، لما تعلمون من وَغَر صدور القوم وبغضهم لله عز وجل ولأهل بيت نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأنهم يطالبون بثارات الجاهلية ! والله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدين للحرب والقتال ، كما فعلوا ذلك حتى قهروني وغلبوني على نفسي ولببوني ، وقالوا لي : بايع وإلا قتلناك ، فلم أجد حيلة إلا أن أدفع القوم عن نفسي ! وذاك أني ذكرت قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي إنِ القوم نقضوا أمرك واستبدوا بها دونك وعصوني فيك ، فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر ! ألا وإنهم سيغدرون بك لا محالة ، فلا تجعل لهم سبيلاً إلى إذلالك وسفك دمك ، فإن الأمة ستغدر بك بعدي ! كذلك أخبرني جبرئيل عن ربي تبارك وتعالى ! ولكن ائتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيكم ( صلى الله عليه وآله ) ولا تجعلوه في الشبهة من أمره ، ليكون ذلك أعظم للحجة عليه ، وأبلغ في عقوبته إذا أتى ربه وقد عصى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وخالف أمره ! قال : فانطلقوا حتى حفوا بمنبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم جمعة فقالوا للمهاجرين : إن الله عز وجل بدأ بكم في القرآن فقال : لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ ، فبكم بدأ . وكان أول من بدأ وقام ، خالد بن سعيد بن العاص بإدلاله ببني أمية فقال : يا أبا بكر إتق الله فقد علمت ما تقدم لعلي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . . إلى آخر كلامه ومشادته مع عمر بن الخطاب .

ثم قام أبو أيوب الأنصاري فقال : اتقوا الله في أهل بيت نبيكم ، وردوا هذا الأمر إليهم ، فقد سمعتم كما سمعنا في مقام بعد مقام ، من نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أنهم أولى به منكم . ثم جلس .

6 . أعلن أبو أيوب حديث الغدير ، فقد « جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : السلام عليك يا مولانا ، قال : كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ قالوا : سمعنا رسول الله يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فإن هذا مولاه . قال رياح فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء ؟ قالوا : نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري » . مسند أحمد : 5 / 419 ، وثقه في الزوائد : 9 / 103 والرياض النضرة : 3 / 126 .

7 . وعندما ناشد علي ( عليه السلام ) الصحابة على وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) قام أبو أيوب وشهد له . ففي أسد الغابة لابن الأثير : 3 / 307 : « نشد علي الناس في الرحبة من سمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يوم غدير خم قال ما قال إلا قام ؟ ولا يقوم إلا من سمع رسول الله يقول ، فقام بضعة عشر رجلاً فيهم أبو أيوب الأنصاري ، وأبو عمرة بن عمرو بن محصن ، وأبو زينب بن عوف الأنصاري ، وسهل بن حنيف ، وخزيمة بن ثابت ، وعبد الله بن ثابت الأنصاري ، وحبشي بن جنادة الصلولي ، وعبيد بن عازب الأنصاري ، والنعمان بن عجلان الأنصاري ، وثابت بن وديعة الأنصاري ، وأبو فضالة الأنصاري ، وعبد الرحمن بن عبد رب الأنصاري ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ألا من كنت مولا فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه ، وأعن من أعانه » .

8 . واجه أبو أيوب ( رحمه الله ) مروان بن الحكم في خلافة عثمان ، فسكت مروان ولم يتجرأ عليه روى الحاكم : 4 / 515 : « عن داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر ، فأخذ برقبته وقال : أتدري ما تصنع ؟ قال : نعم . فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال : جئت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولم آت الحجر . سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن إبكوا عليه إذا وليه غير أهله » .

أي اعترض عليه مروان لأنه أكب على القبر الشريف ، لأن السلطة حَرَّمت ذلك !

فقال له أبو أيوب : يا مروان أنا أزور رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأكلمه ، ولا أعبد الحجر كما تزعمون ، وأنتم الذين وليتم الأمة بدون حق وغيَّرتم الدين ، وأنتم الذين قال فيكم النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إبكوا على الدين إذا وليه غير أهله ! فسكت مروان !

9 . وكان أبو أيوب فارساً قائداً شجاعاً ، ففي المناقب : 2 / 355 : « وبرز أبو أيوب الأنصاري فنكلوا عنه ، فحاذى معاوية حتى دخل فسطاطه » . ومعناه أنهم خافوا من مبارزته ، أو خافوا أن يفتضحوا إن قتلوه .

وكان في معركة النهروان قائد ميمنة جيش علي ( عليه السلام ) ، وتقدم نحو معسكرهم ورفع لهم راية الأمان . شرح النهج لابن ميثم البحراني : 2 / 153 .

وفي المناقب : 2 / 374 ، « أن علياً ( عليه السلام ) عقد للحسين ( عليه السلام ) في عشرة آلاف ، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف ، ولأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف » .

وفي الطبري : 4 / 64 أن علياً ( عليه السلام ) جعل على الخيل أباأيوب الأنصاري ، ورفع معه راية أمان « فناداهم أبو أيوب : من جاء هذه الراية منكم ممن لم يَقتل ولم يستعرض فهو آمن ، ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن وخرج من هذه الجماعة فهو آمن ، إنه لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم . فقال فروة بن نوفل الأشجعي والله ما أدري على أي شئ نقاتل علياً ، لا أرى إلا أن أنصرف حتى تنفذ لي بصيرتي في قتاله أو اتباعه ، وانصرف في خمس مائة فارس

حتى نزل البندنيجين والدسكرة ، وخرجت طائفة أخرى متفرقين فنزلت الكوفة ، وخرج إلى علي منهم نحو من مائة وكانوا أربعة آلاف فكان الذين بقوا مع عبد الله بن وهب منهم ألفين وثمان مائة وزحفوا إلى علي ، وقدم على الخيل دون الرجال وصف الناس وراء الخيل صفين وصف المرامية أمام الصف الأول وقال لأصحابه : كفوا عنهم حتى يبدؤوكم » . وفيه : وشد أبو أيوب على زيد بن حصين من قادتهم فقتله ، وشد أبو المعتمر الكناني على حرقوص بن زهير رئيسهم فقتله .

وفي المناقب : 2 / 370 : « وجرت بينهم مخاطبات فجعل بعضهم يرجع ، فأعطى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) راية الأمان مع أبي أيوب الأنصاري ، فناداهم أبو أيوب : من جاء إلى هذه الراية ، أو خرج من بين الجماعة فهو آمن . فرجع منهم ثمانية آلاف رجل ، فأمرهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أن يتميزوا منهم ، وأقام الباقون على الخلاف وقصدوا إلى النهروان » .

10 . أعلن أبو أيوب أن حب علي ( عليه السلام ) ميزان وأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عَهِدَ له أن يقاتل أعداءه : ففي علل الشرائع : 1 / 145 : « قال أبو أيوب الأنصاري : أعرضوا حب علي على أولادكم ، فمن أحبه فهو منكم ، ومن لم يحبه فاسألوا أمه من أين جاءت به ، فإني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعلي بن أبي طالب : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق ، أو ولد زنية ، أو حملته أمه وهي طامث » .

وفي كبير الطبراني : 4 / 172 : « عن محنف بن سليم قال : أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلاً له بضيعتنا فقِلْنا عنده ، فقلت له : أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم جئت تقاتل المسلمين ؟ قال : إن رسول الله أمرني بقتال ثلاثة الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقد قاتلت الناكثين ، وقاتلت القاسطين ، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين ، بالشعفات بالطرقات بالنهراوات وما أدري ما هم » .

ورواه الخطيب في تاريخ بغداد : 13 / 188 وابن عساكر في تاريخ دمشق : 42 / 472 بسند صحيح عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا : « أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقلنا له : يا أبا أيوب إن الله أكرمك بنزول محمد ( صلى الله عليه وآله ) وبمجئ ناقته تفضلاً من الله وإكراماً لك حتى أناخت ببابك دون الناس ، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله ! فقال : يا هذان إن الرائد لا يكذب أهله ، وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمرنا بقتال ثلاثة مع علي : بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين . فأما الناكثون فقد قاتلناهم : أهل الجمل طلحة والزبير ، وأما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم ، معاوية وعمراً ، وأما المارقون فهم أهل الطرفاوات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروانات ، والله ما أدري أين هم ، ولكن لا بد من قتالهم إن شاء الله .

قال : وسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لعمار : يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، وأنت إذ ذاك مع الحق والحق معك ، يا عمار بن ياسر ، إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره ، فاسلك مع علي فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى ، يا عمار من تقلد سيفاً أعان به علياً على عدوه ، قلده الله يوم القيامة وشاحين من در ، ومن تقلد سيفاً أعان به عدو علي عليه ، قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار ! قلنا : يا هذا حسبك رحمك الله ، حسبك رحمك الله » !

وروى قول عمار رضي الله عنه : « سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يا علي ستقاتلك الفئة الباغية ، وأنت على الحق ، فمن لم ينصرك يومئذ فليس مني » !

11 . كان والي المدينة ، لكنه لم يقاوم غارة بُسْر بن أرطاة ! فقد أرسل معاوية بسر بن أبي أرطاة ليغير على المدينة ، فخاف منه الناس لشدة فتكه ، فنكَّل بهم ، وكان أبو أيوب والي المدينة فهرب منها ! قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : 2 / 9 : « فدخلوها ، وعامل علي عليها أبو أيوب الأنصاري ، صاحب منزل رسول الله فخرج عنها هارباً ودخل بُسْر المدينة فخطب الناس وشتمهم وتهددهم يومئذ وتوعدهم ، وقال : شاهت الوجوه ! قال الله تعالى : وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ . وقد أوقع الله تعالى ذلك المثل بكم وجعلكم أهله ، كان بلدكم مهاجر النبي ومنزله ، وفيه قبره ومنازل الخلفاء من بعده ، فلم تشكروا نعمة ربكم ، ولم ترعوا حق نبيكم ، وقتل خليفة الله بين أظهركم ، فكنتم بين قاتل وخاذل ، ومتربص وشامت ، إن كانت للمؤمنين قلتم : ألم نكن معكم ! وإن كان للكافرين نصيب قلتم : ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ! ثم شتم الأنصار فقال : يا معشر اليهود وأبناء العبيد ، بني زريق وبني النجار وبني سالم وبني عبد الأشهل ، أما والله لأوقعن بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين وآل عثمان ، أما والله لأدعنكم أحاديث كالأمم السالفة . فتهددهم حتى خاف الناس أن يوقع بهم ، ففزعوا إلى حويطب بن عبد العزى ويقال إنه زوج أمه فصعد إليه المنبر فناشده ، وقال : عترتك وأنصار رسول الله ، وليسوا بقتلة عثمان ، فلم يزل به حتى سكن ، ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه . ونزل فأحرق دوراً كثيره ، منها دار زرارة بن حرون ، أحد بني عمرو بن عوف ، ودار رفاعة بن رافع الزرقي ، ودار لابن أبي أيوب الأنصاري ، وتفقد جابر بن عبد الله ، فقال : ما لي لا أرى جابراً ! يا بني سلمة ، لا أمان لكم عندي ، أو تأتوني بجابر ! فعاذ جابر بأم سلمة رضي الله عنها فأرسلت إلى بسر بن أرطاة ، فقال : لا أؤمنه حتى يبايع فقالت له أم سلمة : إذهب فبايع ، وقالت لابنها عمر إذهب فبايع ، فذهبا فبايعاه . قال إبراهيم : وروى الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : لما خفت بسراً وتواريت عنه قال لقومي : لا أمان لكم عندي حتى يحضر جابر ، فأتوني وقالوا : ننشدك الله لما انطلقت معنا فبايعت فحقنت دمك ودماء قومك ، فإنك إن لم تفعل قتلتَ مقاتلينا ، وسبيتَ ذرارينا ! فاستنظرتهم الليل ، فلما أمسيت دخلت على أم سلمة فأخبرتها الخبر فقالت : يا بنيَّ انطلق فبايع ، احقن دمك ودماء قومك ، فإني قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع ، وإني لأعلم أنها بيعة ضلالة » .

أقول : كانت غارة ابن أرطاة على المدينة ومكة واليمن ، أكثر غارات معاوية فتكاً وتخريباً ونهباً وحرقاً وتقتيلاً ، فقد بلغ قتلاها ثلاثون ألفاً !

قال ابن عبد البر في الإستيعاب : 1 / 161 : « ثم أرسل معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساء مسلمات ، فأُقِمْنَ في السوق » !

أي باعوهن ! وكان من الطبيعي لأبي أيوب رضي الله عنه أن يقاومه ، لكن يظهر أن أهل المدينة كانوا في حالة شديدة من الضعف والانهيار ، ولعل أباأيوب كان مريضاً ، وإلا فهو قائد عسكري ومن شجعان الأنصار رضي الله عنه .

12 . ساءت علاقة أبي أيوب مع معاوية لكنه لم يترك الجهاد : « غزا أرض الروم فمر على معاوية فجفاه ، فانطلق ثم رجع من غزوته فجفاه ، ولم يرفع له رأساً فقال : أنبأني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنا سنرى بعده أثرةً . قال معاوية : فبمَ أمركم ؟ قال : أمرنا أن نصبر . قال : إصبروا إذاً » ! مجمع الزوائد : 9 / 323 وصححه .

وفي رواية الحاكم : 3 / 459 : « قال وما أمركم ؟ قال : أمرنا أن نصبر حتى نرد عليه الحوض ، قال : فاصبروا . قال : فغضب أبو أيوب وحلف أن لا يكلمه أبداً » .

13 . حرص أبو أيوب رضي الله عنه على أن يُدفن عند سور القسطنطينية . ففي المناقب : 1 / 122 : « حكى القعبي أن أبا أيوب الأنصاري رؤي عند خليج قسطنطينة فسئل عن حاجته قال : أما دنياكم فلا حاجة لي فيها ، ولكن إن مت فقدموني ما استطعتم في بلاد العدو ، فإني سمعت رسول الله يقول : يدفن عند سور القسطنطينة رجل صالح من أصحابي ، وقد رجوت أن أكونه » .

وزعم رواة السلطة أنه كان مع يزيد بن معاوية في تلك الغزوة فتوفي ، والصحيح أنه كان في معسكر الفرقدونه وهو بعيد عن القسطنطينية ، وكان الجيش ينتظر مجيئ يزيد ليقوده إلى القسطنطينية لكنه لم يأت وبقي مشغولاً بخمره في دير مران قرب دمشق ، حتى وقع المرض والوباء في الجيش ومات قسم منهم ، فأوصاهم أبو أيوب « رحمه الله » إن مات أن ينقلوا جنازته ويدفنوه عند سور القسطنطينية ، ليكون الذي وعده رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذلك ، فحملوا جنازته مسافة يومين .

وفي رواية الحاكم : 3 / 457 : « إذا أنا متُّ فاركب ثم اسع في أرض العدو ما وجدت مساغاً ، فإذا لم تجد مساغاً فادفني ثم ارجع » . ونحوه الإستيعاب : 4 / 1607 .

وفي النهاية : 8 / 59 : « ولينطلقوا فيبعدوا بي في أرض الروم ما استطاعوا » . ونحوه تاريخ دمشق : 16 / 59 والإصابة : 2 / 200 وغريب الحديث : 2 / 713 وأسد الغابة : 2 / 82 وسير الذهبي : 2 / 404 ، الطبقات : 3 / 485 ، في رواية أخرى : ولينطلقوا بي فليبعدوا ما استطاعوا . . . فانطلقوا بجنازته ما استطاعوا . وفي الروض الأنف 4 / 94 : فركب المسلمون به حتى إذا لم يجدوا مساغاً دفنوه .

وقد نص البلاذري وهو مؤرخ ثبت على أن يزيداً لم يذهب حتى إلى معسكر الفرقدونة ، الذي كان ينتظره ، حتى وقع فيه المرض !

قال البلاذري في أنساب الأشراف / 1149 : « وأمر يزيد بالغزو فتثاقل واعتلَّ ، فأمسك عنه » ! وأرسل له معاوية أرسل مرات أن يتحرك فلم يفعل ، وقال :

إذا اتكأتُ على الأنماط مرتفقاً * بدير مُرَّانَ عندي أم كلثوم

فما أبالي بما لاقت جموعهم * بالغذقذونة من حمى ومن مُومِ

وفي تاريخ دمشق : 65 / 406 : « فكبر ذلك على معاوية فاطلع يوماً على ابنه يزيد وهو يشرب وعنده قينة تغنيه . الأبيات المتقدمة ، فقال معاوية : أقسم عليك يا يزيد لترتحلن حتى تنزل مع القوم وإلا خلعتك » ، فتهيأ يزيد للرحيل وكتب إلى أبيه :

تجنى لا تزال تعد ديناً * ليقطع وصل حبلك من حبالي

فيوشك أن يريحك من بلائي * نزولي في المهالك وارتحالي

وفي الأغاني : 17 / 211 : « فأصابهم جدري فمات أكثر المسلمين ، وكان ابنه يزيد مصطبحاً بدير مران مع زوجته أم كلثوم ، فبلغه خبرهم فقال . . . البيتين .

والموم أو البرسام : التهاب رئوي يسمى ذات الجنب ، وفسره بعضهم بالجدري .

لسان العرب : 12 / 46 والعين : 8 / 422 .

أنظر كيف فصلوا هذا الحديث على مقاس معاوية وابنه يزيد !

قال بخاري في صحيحه : 3 / 232 : « فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا . قالت أم حرام : قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ! فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا » .

وقصدها أن معاوية أول من غزا في البحر لفتح قبرص فقد أوْجَبَ ، أي استحق الجنة ! وبنت ملحان هي أم أنس ، وكانت زوجة عبادة بن الصامت « رحمه الله » وكان قائداً في جيش قبرص ، وماتت بنت ملحان هناك .

قال في فتح الباري : 6 / 74 : « قال المهلب : في هذا الحديث منقبة لمعاوية ، لأنه أول من غزا البحر ، ومنقبة لولده يزيد ، لأنه أول من غزا مدينة قيصر » .

وقد عدها ابن تيمية منقبة ليزيد ، وكررها في كتبه ! كما في منهاجه : 4 / 544 و 571 وقال في مجموع الفتاوى : 3 / 413 « فإن كان فاسقاً أو ظالماً فالله يغفر للفاسق والظالم لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة » . ونحوه في : 4 / 486 و 18 / 352 وغيرها .

والصحيح أنهم كذبوا في الغزوتين ، وفي جعلهما منقبة ! وقد أوضحنا ذلك في المجلد الثاني الخاص بمعاوية من جواهر التاريخ .

وادعت رواية أن يزيداً وصل إلى استانبول : « ضرب باب القسطنطينية بعمود حديد كان في يده فهشمه حتى انخرق ، فضرب عليه لوح من ذهب ، فهو عليه إلى اليوم » ! لكن لم تذكر الرواية لماذا لم يدخل الجنود من مكان ضربة يزيد التي خرقت باب السور ، وأن جنود الروم ماتوا من عزم الضربة !




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.