أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2015
4847
التاريخ: 8-10-2014
5081
التاريخ: 10/12/2022
959
التاريخ: 2023-07-17
795
|
الخَلْق والأمر[1]
1- معنى الخَلْق:
الخَلْقُ أصله: التقدير المستقيم، ويُستَعمل في إبداع الشّيء من غير أصل ولا احتذاء، قال تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾[2]، أي: أبدعهما، بدلالة قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾[3]، ويُستعمل في إيجاد الشيء من الشيء، نحو: ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾[4]، ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ﴾[5]، ﴿خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ﴾[6]، ﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ﴾[7].
وليس الخَلْقُ، الذي هو الإبداع، إلَّا للَّه تعالى، ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره: ﴿أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾[8]، وأمّا الذي يكون بالاستحالة، فقد جعله اللَّه تعالى لغيره في بعض الأحوال، كعيسى عليه السلام، حيث قال: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي﴾[9].
والخلق لا يستعمل في كافّة النّاس، إلا على وجهين:
أحدهما: في معنى التّقدير...
الثاني: في الكذب نحو قوله: ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾[10].
2- الفرق بين الخَلْق والأمر:
الأمر، هو الإيجاد، سواء أتعلّق بذات الشيء أم بنظام صفاته وأفعاله، فأمر ذوات الأشياء إلى الله، وأمر نظام وجودها إلى الله، لأنّها لا تملك لنفسها شيئاً البتّة، والخلق هو الإيجاد عن تقدير وتأليف، سواء أكان ذلك بنحو ضمّ شيء إلى شيء، كضمّ أجزاء النطفة بعضها إلى بعض، وضم نطفة الذكور إلى نطفة الإناث، ثمّ ضمّ الأجزاء الغذائيّة إليها، في شرائط خاصّة، حتّى يخلق بدن إنسان مثلاً، أم من غير أجزاء مؤلّفة، كتقدير ذات الشيء البسيط، وضمّ ما له من درجة الوجود وحده، وما له من الآثار والروابط التي له مع غيره، فالأصول الأوّليّة مقدّرة مخلوقة، كما أنّ المركّبات مقدّرة مخلوقة، قال الله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾[11]، ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾[12]، ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾[13]، فعمّم خلقه كلّ شيء. فقد اعتبر في معنى الخلق، تقدير جهات وجود الشيء وتنظيمها، سواء أكانت متمايزة منفصلاً بعضها عن بعض، أم لا، بخلاف الأمر. ولذا كان الخلق يقبل التدريج، كما قال تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾[14]، بخلاف الأمر، قال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾[15]، ولذلك - أيضا ً- نسب في كلامه إلى غيره، الخلق، كقوله: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا﴾[16]، ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾[17]. وأمّا الأمر بهذا المعنى، فلم ينسبه إلى غيره، بل خصّه بنفسه، جعله بينه وبين ما يريد حدوثه وكينونته، كالروح الذي يحيى به الجسد، قال تعالى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾[18]، ﴿وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ﴾[19]، ﴿يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ﴾[20]، ﴿وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾[21]، إلى غير ذلك من الآيات، حيث تجد أنّه تعالى يجعل ظهور هذه الأشياء بسببيّة أمره أو بمصاحبة أمره.
وخلاصة الكلام: إنّ الخلق والأمر يرجعان بالآخرة إلى معنى واحد، وإنْ كانا مختلفين بحسب الاعتبار. فإذا انفرد كلّ من الخلق والأمر صحّ أن يتعلّق بكلّ شيء، كلّ بالعناية الخاصّة به، وإذا اجتمعا كان الخلق أحرى بأن يتعلّق بالذوات، بما أنّها أُوجِدَت بعد تقدير ذواتها وآثارها، ويتعلّق الأمر بآثارها والنظام الجاري فيها، بالتفاعل العام بينها، لما أنّ الآثار هي التي قُدِّرت للذوات، ولا وجه لتقدير المقدَّر. ولذلك قال تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾[22]، فأتى بالعطف المُشعِر بالمغايرة بوجه، وكأنّ المُراد بالخلق، ما يتعلّق من الإيجاد بذوات الأشياء، وبالأمر ما يتعلّق بآثارها والأوضاع الحاصلة فيها والنظام الجاري بينها، كما ميّز بين الجهتين في أوّل الآية، حيث قال: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾، وهذا هو إيجاد الذوات، ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾[23]، وهو إيجاد النظام الأحسن بينها، بإيقاع الأمر تلو الأمر، والإتيان بالواحد منه بعد الواحد.
[1] انظر: الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة "خَلَقَ"، ص296, الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص170-172, ج8، ص151-153.
[2] سورة الأنعام، الآية 1.
[3] سورة البقرة، الآية 117.
[4] سورة النساء، الآية 1.
[5] سورة النحل، الآية 4.
[6] سورة المؤمنون، الآية 12.
[7] سورة الرحمن، الآية 15.
[8] سورة النحل، الآية 17.
[9] سورة المائدة، الآية 110.
[10] سورة العنكبوت، الآية 17.
[11] سورة الفرقان، الآية 2.
[12] سورة طه، الآية 50.
[13] سورة الزمر، الآية 62.
[14] سورة الأعراف، الآية 54.
[15] سورة القمر، الآية 50.
[16] سورة المائدة، الآية 110.
[17] سورة المؤمنون، الآية 14.
[18] سورة الأعراف، الآية 54.
[19] سورة الروم، الآية 46.
[20] سورة النحل، الآية 2.
[21] سورة الأنبياء، الآية 27.
[22] سورة الأعراف، الآية 54.
[23] سورة يونس، الآية 3.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|