أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-10
325
التاريخ: 2024-09-29
310
التاريخ: 2024-09-15
354
التاريخ: 2024-08-25
298
|
الجهر والإخفات
قال تعالى :{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]
في الكشاف [1] لا تجهر بقراءة صلاتك على حذف المضاف ، ولا لبس من قبل أنّ الجهر والمخافتة صفتان يعتقبان على الصوت لا غير ، والصّلاة أفعال وأذكار ، وكان [2] رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرفع صوته بقراءته ، فاذا سمعه المشركون لغوا وسبّوا ، فأمر بأن يحفض من صوته ، والمعنى ولا تجهر حتى تسمع المشركين ، ولا تخافت بها حتّى لا تسمع من خلفك ، وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيلا وسطا.
وفي المجمع [3] أحد الأقوال أنّ معناه لا تجهر بإشاعة صلاتك عند من يؤذيك ، ولا تخافت بها عند من يلتمسها منك عن الحسن ، وروي أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان إذا صلّى جهر في صلاته حتّى يسمع المشركون فشتموه وآذوه فأمره سبحانه بترك الجهر ، وكان ذلك بمكّة في أوّل الأمر ، وبه قال سعيد بن جبير ، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام).
هذا ، وظاهر قول الحسن أنّ الجهر بها إظهارها من غير تقدير مضاف هو القراءة ، وإن كان بسببها كما لا يخفى والرواية عنهما (عليهما السلام) على ما أوردها لا يستلزم كون الجهر والإخفات على ما تضمّنه قول الحسن أو الكشاف ، وإن كانت الرواية من طرقهم على وفق الكشاف.
ثمّ من الأقوال [4] لا تجهر بصلاتك كلّها ولا تخافت بها كلّها ، وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر في صلاة اللّيل وتخافت بصلاة النّهار ، وهذا مع كونه خلاف الظاهر توجب الإجمال مع وضوح ظاهرها كما يأتي وأمّا المناقشة بأنّه يحتاج إلى كون صلاة الصبح من صلاة اللّيل ، والتخصيص بالأوّلتين فسهل مندفع بأن يقال وابتغ بين ذلك ذلك سبيلا أي التبعيض على ما بيّن في السنّة.
ومنها أنّ المراد بالصلاة الدّعاء ، وهو أيضا خلاف الظاهر ، وينافي قوله تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55] وفي موضع آخر {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] حتّى قيل : إنّها منسوخة بذلك والله أعلم.
ومنها أن يكون خطابا لكلّ واحد من المكلّفين أو من باب إيّاك أعني واسمعي يا جاره أي لا تعلنها إعلانا توهم الرياء ، ولا تسترها بحيث يظنّ بك تركها والتهاون بها.
ومنها لا تجهر جهرا يشتغل به من يصلي بقربك ولا تخافت حتّى لا تسمع نفسك عن الجبائي ، وكأنّه يريد بما يشغل القريب رفع الصوت بها شديدا كما هو ظاهر الآية ، والمرويّ من طرقنا وقال به أصحابنا أنّ الجهر أن ترفع صوتك شديدا والمخافتة ما دون سمعك أي لم يسمعه إذنك {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] أي بين المخافتة والجهر ، أو بين الجهر الشديد والمخافتة جدا ، فلا يجوز الإفراط ولا التفريط ، ويجب الوسط والعدل ، لكن قد علم من السنّة الشريفة اختيار بعض أفراد هذا الوسط في بعض الصلوات كالجهر غير العالي شديدا للرجل في الصبح وأوليي المغرب والعشاء ، وكالإخفات لا جدّا بحيث يلحق بحديث النفس في غيرها من الفرائض ، وهل ذلك على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ فيه نظر.
ثمّ لا يخفى أنّ ما نسب إلى أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) لا ينافي ذلك.
[1] الكشاف ج 2 ص 700.
[2] كنز العرفان ج 1 ص 129 وانظر أيضا الطبري ج 15 من ص 184 الى ص 186 والبرهان ج 2 ص 453.
[3] المجمع ج 3 ص 446.
[4] هذا القول أخرجه في الدر المنثور عن ابن ابى حاتم عن ابن عباس ج 4 ص 208 وكذا في روح المعاني ج 5 ص 179 وذكره كثير من المفسرين قولا من دون نسبة.
واستحسنه العلامة الطباطبائي مد ظله في الميزان ج 13 ص 241 الا انه مد ظله علق هذا المعنى على كون اللام في الصلاة للجنس لا للاستغراق ولعله سهو من قلمه الشريف إذ ليس هناك لام في الصلاة في الآية وانما الآية (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) ، وعلى أى فقال بعد ذكر احتمال المعنى ما هذا لفظه :
ولعل هذا الوجه أوفق بالنظر الى اتصال ذيل الآية بصدرها فالجهر بالصلاة يناسب كونه عليا متعاليا والإخفات يناسب كونه قريبا أقرب من حبل الوريد فاتخاذ الخصلتين جميعا في ـ الصلوات أداء لحق أسمائه جميعا انتهى.
واختار الفاضل الجواد في المسالك عدم وجوب الجهر والإخفات وأنهما من السنن المؤكدة انظر ج 1 ص 202.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|