أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-08
504
التاريخ: 2024-03-14
814
التاريخ: 2024-08-25
303
التاريخ: 2023-09-04
1331
|
التقليد الممدوح والتقليد المذموم
ـ عن العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة: 78]: «أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) في نبوته، وإمامة علي (عليه السلام) سيد عترته، وهم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم». قال: «فقال رجل للصادق (عليه السلام): فإذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم؟ فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم. فقال (عليه السلام): «بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة؛ أما من حيث إنهم استووا فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذم عوامهم، وأما من حيث إنهم افترقوا فلا». قال: بين لي ذلك يا ابن رسول اللہ (صلى الله عليه واله وسلم)، قال (عليه السلام): «إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام، وبالرشي، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات [1] ، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم. وعرفوهم بأنهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق، لا يجوز أن يصدق على الله، ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم الله لما قلدوا من قد عرفوا، ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره، ولا تصديقه في حكايته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول اللہ (صلى الله عليه واله وسلم) إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم. وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة، والتكالب [2] على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقاً، وبالترفق بالبر والإحسان على من تعصبوا له، وإن كان للإذلال والإهانة مستحقاً. فمن قلد عوامنا من مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم. فأما كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه. وذلك لا يكون إلا في بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فإن من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً، ولا كرامة لهم» [3].
إشارة أ: في حال الإغماض عن سند الخبر وعدم التعرض إلى رجاله، فلأن الحق والمعارف الحقيقية هي من الله تعالى وهي لا تنزل إلا من ذلك المقام المنيع: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 147] وأن ما يكون عند الله العليم الحكيم المنزه عن كل نقص وعيب، والمبرأ من كل سهو ونسيان وعصيان وجهل، فهو كامل وتام؛ فلن يكون في ما نزل من جانب الله عز وجل بعنوان الإسلام والمحور العنصري للدين أي اختلاف أو تخلف: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] إذن مفاد هذه الآية ليس هو نزاهة القرآن الكريم من بدايته إلى نهايته من أي اختلاف فحسب بل إنها تحكي أيضاً نوعين آخرين من النزاهة: النوع الأول هو نزاهة كل التوراة عن الاختلاف فيما بين أقسامها ونزاهة كل الإنجيل عن التضارب مع بعضه و... الخ والثاني هو براءة ونزاهة جميع الكتب السماوية وسلامة كل ما نزل من جانب الله سبحانه وتعالى على الأنبياء، من المعارف التي نزلت على آدم (عليه السلام) إلى الحقائق التي هبطت على خاتم الأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم) من الاختلاف الماهوي والتضارب الجوهري فيما بينها؛ وذلك أن البرهان المستنبط من الآية المذكورة ضامن لجميع ما ذكر من مباحث. طبعاً بالنسبة لما يطرح بخصوص المنهاج والشريعة المؤقتين، فلما كانت روح النسخ عائدة إلى التخصيص الزماني وأن زمان كل منها يشخص بما يتناسب مع المصالح المحدودة، فلا يمكنه نقض هذا المبحث المحوري.
ب: إن حرمة التقليد في المسائل الأصلية والعقائدية، وجوازه (مع وجوبه التخييري في حالة فقدان الاجتهاد وعدم إمكان الاحتياط، ومع وجوبه التعيني في حال عدم الاجتهاد وعدم إمكان الاحتياط) بالنسبة للمسائل الفرعية، وكذا ضرورة توفر النصاب العلمي، ألا الاجتهاد والنصاب العملي، وهو ملكة العدالة في مرجع التقليد، هذه كلها أمور تعد من الخطوط الأصيلة للإسلام، وفي مثل هذا العنصر المحوري فإن النبي اللاحق كان دائماً يصدق كلام الرسول السابق ولا ينسخه أبداً، ومن هذا المنطلق ليس هناك فرق جوهري في نظر الله سبحانه وتعالى بين التقليد عند المسلمين والتقليد عند اليهود والنصارى، وإن الله عز وجل لم يحلل التقليد في الأصول لقوم وهو يحرمه على قوم آخرين إطلاقاً، كما أنه جل وعلا لم يجوز تقليد العالم الفاسق لأحد وهو يحرمه على آخر؛ وعلى هذا الأساس، فإذا كانت شروط أصل التقليد، وأوصاف المرجع، وأوضاع الذي يرجع إليه مشتركة ومتساوية فإن حكمها في جميع الكتب السماوية واحد، وإن ما وقع مدعاة للذم في تقليد الأميين هو عين ما بين مبسوطاً في نص الحديث المذكور ولا حاجة لتوضيحه أكثر.
ج: مرجع التقليد الذي يرجع إليه غير المتخصصين في حقل الدراسات الدينية، سواء الأميون أو غيرهم، فهو ناهيك عن التخصص في الفن الشريف لمعرفة الدين وبصرف النظر عن التزامه بالتدين من خلال فعل الواجب وترك المحرم، وعلى فرض اجتنابه للهوى وورعه عن النزوات، لابد أن يتمتع بتدبير خاص وهو ما لا يتوفر لدى أي عالم دين، وهذا التدبير هو صون النفس من أن ينفذ إليها الماهر من الساسة، والقاهر من المحيطين، والماكر من المنسقين، وباختصار: الأغيار النافذين إلى داخل نطاق المرجعية وهذا الفيض العظيم لن يتيسر إلا بالولوج في حصن التوحيد الحصين الذي حارسه الذات المقدسة لرب العالمين القائل: «لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» [4] وإلا فإن عوامل المكر والحيلة تتربص دائماً للنفوذ بشكل تدريجي وطويل الأمد إليه إلى أن تجد طريقها ـ والعياذ بالله ـ إلى حريم الفتوى فيحلل حينذاك الحرام ويحرم الحلال. وإن تشخيص العشوة السياسية وتمييز الرشوة المنصبية لهو أدق من الشعرة، وإن الثبات عليه على فرض التحقيق لهو أشق من الوقوف على حد السيف القاطع.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|