المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28
Integration of phonology and morphology
2024-11-28
تاريخ التنبؤ الجوي
2024-11-28
كمية الطاقة الشمسية الواصلة للأرض Solar Constant
2024-11-28



العوامل المؤثرة في عملية التربية1  
  
681   10:42 صباحاً   التاريخ: 2024-07-07
المؤلف : مركز نون للتأليف والترجمة
الكتاب أو المصدر : التربية الأسرية
الجزء والصفحة : ص61ــ72
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-26 1416
التاريخ: 2024-09-07 254
التاريخ: 2023-02-27 883
التاريخ: 2023-09-18 1277

تعتبر الوراثة والمحيط والمجتمع والبيئة، من جملة العوامل الاساسية المؤثرة في تشكل شخصية الإنسان وبنيته الفكرية والروحية. ونظراً لما تتمتّع به هذه العوامل من اهمية ومساهمتها المؤثرة في تربية الأبناء دينياً، سنتناولها بالبحث، مع التذكير بان هذه العوامل تشغل الأرضية للتربية الدينية والأخلاقية وليست علة تامة لها. مع التسليم بتأثيرها على الكثير من الأبعاد التربوية في شخصية الصغير والكبير.
الوراثة
1- مفهوم الوراثة:
الوراثة بمفهومها ومعناها العام تعني انتقال بعض خصائص وخصال الوالدين والأجداد ايضا وحتى الأرحام إلى الأبناء. وقد تنبه البشر من قديم الزمان الى هذه
الحقيقة، وهي ان الكائن الحي، ينقل الكثير من صدقاته وخصائصه الى نسله والى
الاجيال اللاحقة - ايضا.، وان قانون الوراثة يقوم في الحقيقة بحفظ الصورة النوعية
للنباتات والحيوانات والإنسان ايضا. وفي الواقع ان النسل التالي يَرِث صفات النسل
السابق، فبذرة الوردة قد حفظت في نفسها الخصائص الكلية للساق والورق والصباغ النهائي والتي منها قد تشكلت الوردة، واثناء عملية النمو تظهر جميع الخصائص فيها واحدة تلو الاخرى. وكذا الحال بالنسبة للحيوانات. كما وان الابناء، ومن دون ادنى نشاط اختياري، يشتملون على صفات الآباء والامهات وخصائصهم، ويولدون بمميزات مشتركة كثيرة، وهذا ما بينته الدراسات العلمية الحديثة.
2- الوراثة في النصوص الدينية:
قانون الوراثة هو قانون مقبول من وجهة نظر الإسلام، اذ ينقل القران الكريم في قطعة النبي نوح (عليه السلام) طلبه (عليه السلام) من ربه: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 26، 27].
وفقا لهذه الآية، فان الابناء يرثون صفات ابائهم؛ الحسنة منها والمسيئة. فمن المعلوم ان الأبناء كما يرثون من امهاتهم وآبائهم الخصائص الجسمية، فهم يرثون منهم - ايضا - الخصائص المعنوية والحالات الروحية والنفسية. مع الإشارة الى ان قانون الوراثة لا يعني المطابقة في كل شيء، ولا يعني الجبر وعدم القدرة على تغيير هذه الخصائص، بل يبقى للإنسان القدرة على التغيير في ما لو أعمل ارادته بشكل سليم وصحيح على تغيير الكثير من هذه الصفات الموروثة وتبديلها.
وقد اكدت الروايات الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) - أيضا - على قانون الوراثة وتأثيره في عملية التربية بشكل مباشر. او غير مباشر، وعبرت عنه بلفظ (العرق)، و(الأعراق)، والتي يعبر عنه اليوم في المحافل العلمية ب- (الجينات أو الخلية الوراثية).
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: (تزوجوا في الحجر الصالح، فإن، العرق دساس)(1).
وعنه (صلى الله عليه وآله) في رواية أخرى انه قال: (اختاروا لنطفكم؛ فان، الخال احد الضجيعين)(2).
وعنه (صلى الله عليه وآله) - أيضا - انه قال: (اختاروا لنطفكم؛ فان، الأبناء تشبه الأخوال)(3).
كما بُيّن دور الوراثة في الأخلاق، وفي تشكل خصال الإنسان وسلوكيّاته في الحِكَم العلوية، فعن أمير المؤمنين ومولى الموحدين الإمام علي (عليه السلام), أنه قال: (حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق)(4).
وعنه (عليه السلام): (من شرف الأعراق كرم الأخلاق)(5). وعنه (عليه السلام) أيضا قال: (أطهر الناس أعراقا أحسنهم أخلاقا)(6).
3- العلاقة بين الوراثة والأحكام الدينية:
بالالتفات الى أهمية الوراثة وتأثيرها الجدي في تشكل الخصائص البدنية والعقلية والدينية والأخلاقية والروحية للأبناء، بنى الإسلام الكثير من الأحكام وفقا لهذا القانون المسلم به، على سبيل المثال:
أ- أوصى الإسلام في مسألة اختيار الزوج للزوجة: ان يختارها من العائلات الصالحة؛ لأن خصال الآباء والأمهات تورث. روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال ذات يوم خطيبا:
(ايها الناس إياكم وخضراء الدمن، قيل يا رسول ال وما خضراء الدمن، قال: المرأة الحسناء في منبت السوء)(7).
وأيضا عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أنكحوا الأكفاء وانكحوا فيهم واختاروا لنطفكم)(8). وسأل أحدهم الإمام أبي جعفر (عليه السلام): (ان الرجل المسلم تعجبه المرأة الحسناء أيصلح له ان يتزوجها وهي مجنونة؟ قال: لا)(9). وجاء في الحديث عن الإمام علي (عليه السلام): (اياكم وتزويج الحمقاء فان، صحبتها بلاء وولدها ضياع)(10).
ب- أكد الإسلام - أيضا - على المرأة أن تتفحص أحوال زوجها المستقبلي، وجعل مسؤولية هذا العمل على عاتق الولي الشرعي، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (النكاح رق، فإذا انكح احدكم وليدةً فقد ارقها فلينظر احدكم لمن يرق كريمته)(11).
وعن الحسين بن بشار الواسطي قال: (كتبت إلى ابي الحسن الرضا (عليه السلام) ان لي قرابة قد خطب إلي وفي خُلُقِه سوء، قال: لا تزوجه إن كان سيء الخلق)(12).
ج ـ الإسلام، وبسبب رعايته لقانون الوراثة، أقر بعض التسهيلات القانونية في موارد محددة؛ لأجل فسخ عقد الزواج، من قبيل: الجنون، او الإصابة بمرضى البرص، أو الجذام، او العجز الجنسي، وغيرها. فإذا تزوج الرجل او المرأة وأدرك أحدهما لاحقا ان الطرف الأخر مصاب بأحد الموارد التي ذكرناها، له الحق في ان يفسخ العقد(13)، ولا يحتاج الى الطلاق لأجل التحرر من هذا الزواج؛ اذ يعد هذا القانون وسيلة للحد من الوراثة غير المحمودة.
4- تغلب التربية على الوراثة:
ان الصفات الوراثية ليست من الصفات الحتمية، وليست من مصاديق القضاء والقدر الذي لا يتغير ولا يتبدل. بل ان هذه الصفات والموروثات مهما كانت قوية ومؤثرة، يمكن التغلب عليها بقوة الارادة والإصرار، والمثابرة. فأي صفة وراثية اذا ما خضعت لعملية التربية المباشرة مصحوبة بإرادة قوية ونافذة فبالإمكان تغييرها وتبديلها من صفة سلبية الى أخرى ايجابية؛ لأن الإرادة والاختيار الإنسانيين هما أقوى من أي موروث أو أي عامل خارجي آخر.
فالوراثة لوحدها بالرغم من أثرها على الخصائص الجسدية والنفسية للوارث، لا تقدر على طمس معالم الفطرة، وتعطيل القدرة والاختيار الانساني المعطى للإنسان بالأصل من أجل تقرير مصيره بيده: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى} [النازعات: 35] وإلا فلا معنى لأن يأمر الله الناس بالعمل: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105].
فقد شهدنا الكثيرين ممن وُلِدُوا من ابوين كافرين او فاسقين، ولكنهم تحرروا في نهاية المطاف من تأثيرهما السلبي الموروث بعد مجاهدة الطبع الموروث وترويضه؛ ليكون خاضعا لقوة العقل والإرادة.
فمهما كانت التأثيرات السلبية للوراثة او التربية او البيئة التي ينشأ فيها الإنسان قاسية وصعبة، يبقى الإنسان قادرا على التغيير، ويبقى مدد الهداية الإلهية محيطا به على الدوام. ان عظمة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) واصحابه المنتجبين تكمن في سيرهم وتسنّمهم اعلى درجات الكمال رغم انهم نشأوا في أسوأ بيئة عرفتها البشرية، حيث استجابوا لنداء الفطرة والعقل المودعين في خلقة كل انسان.
المحيط
ان مجموع العوامل الخارجية التي تحيط بالإنسان، والتي تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر في تربيته، تسمى المحيط. وهذه العوامل المتعددة توثر في الإنسان بأنحاء مختلفة منذ انعقاد النطفة وحتى موته. وأهم هذه العوامل المحيطة: البيت والأسرة، الصداقة والعشرة، المدرسة، المجتمع، البيئة الجغرافية والطبيعية. وسنتكلم عنها تباعا:
- البيت والأسرة:
يتفاعل الطفل في محيط البيت مع عناصر بشرية عدة اهمها: الأب والأم، وتشكل الأسرة اهم محيط لتربية الأطفال. فحينما يكتسب الولد لغة الأم والأب داخل البيت، ينقل اليه أفراد العائلة الأفكار والآراء الأساسية من خلال المكالمة والحوار؛ فترتقي معارفه ومعلوماته الى مستوى أفكار عائلته، وتحاكي أفعاله افعال أفراد العائلة. من هنا، عندما نقوم بدراسة لأفعال الإنسان اليومية وتحليلها وتجزئتها والبحث عن مناشئها، سنرى ان اكثرها يعود الى التربية الاسرية.
ويعتبر الباحثون من خلال دراستهم لبعض الحالات النفسية، ان جذور كثير من الأمراض العصبية والنفسية تعود الى سلوكيات الأهل المنحرفة والسيئة مع أولادهم، وخاصة في سنوات الطفولة الأولى. اذ تترك افعال الأهل أثرها على الأولاد دون ان يقصدوا ذلك. فالأم التي تخيف ولدها، تربي ولدا جبانا من حيث لا تشعر. كما ان الولد يتلقى دين عائلته، ويتأثر بعقائد وأخلاق وأفعال أسرته من حيث لا يدري أو يشعر. ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكونَ أبواه يهودانه وينصرانه)(14). فقد خلق الطفل قابلا للخير والشر معا، ووالداه هما اللذان يمنحانه القيم الأخلاقية السليمة والحسنة أو عكسها.
وفي ما يلي هذه بعض الجوانب التربوية التي تؤثر فيها العائلة:
أ- على مستوى شخصية الطفل: فالعائلة هي المحيط الأول والأهم الذي يؤسس لبناء شخصية الأبناء وسلوكياتهم.
ب ـ على مستوى عقيدة الطفل: أن النواة الاولى لمنظومة الطفل الفكرية والعقائدية
تتشكل في مراحلها الاولى داخل محيط الاسرة، من خلال ما يعيشه داخل الاسرة، وما يتلقاه من مبادئ فكرية وعقائدية، ومن خلال تفاعله مع الأنظمة الحاكمة داخل الاسرة نفسها. وفي حال لم تكن تلك المعتقدات صحيحة سيكون تغييرها وإصلاحها في المستقبل أمرا بالغ الصعوبة؛ خاصة لجهة الانحرافات والشبهات العقائدية.
ج على مستوى القدوة والاسوة: فأول من يأخذ الطفل قدوة له واسوة هو احد افراد
عائلته، لأنه على تماس واحتكاك دائم بهم، لذلك تراه يسعى إلى تقليدهم في البداية من دون وعي او التفات منه، وهذا المعنى نجده بوضوح عند الإمام ابي جعفر (عليه السلام) حيث يقول: (يُحفَظ الأطفال بصلاح آبائهم)(15).
2- العشرة واكتساب الأصدقاء:
الإنسان موجود اجتماعي لديه الأهلية لإقامة العلاقات والصداقات ومعاشرة الآخرين، وهو بهذه الوسيلة يلبي احتياجاته الفطرية، فيتأثر ويؤثر، ينفعل ويتفاعل. من هنا، نجد ان المعاشرة والمصادقة تسهمان مساهمة فعالة وجدية في تربية الأبناء سواء من الناحية الإيجابية ام السلبية. لذا، يجب ان تكون العشرة مورد عناية واهتمام الوالدين، وكذلك القيمين على الشأن التربوي. فالإنسان بمقدار صداقته ودرجة ارتباطه بالطرف الآخر يمكنه ان ينقذ في شؤونه المادية والمعنوية، ويؤثر على معتقداته واخلاقه وحتى سلوكه واقواله. روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال: (المرء على دين خليله)(16).
وعن الإمام علي (عليه السلام) انه قال: (واعلموا ان مجالسة اهل الهوى منساة للإيمان، ومحضرة للشيطان)(17).
وروي عن النبي سليمان (عليه السلام) انه قال: (لا تحكموا على رجل بشيء حتى تنظروا الى من يصاحب، فإنما يعرف الرجل بأشكاله وأقرانه وينسب الى أصحابه وأخدانه)(18).
وهذه الشواهد الروائية ان دلت على شيء، فإنها تدل على مدى نفوذ وتأثير العشرة
في حياة الإنسان بمختلف مجالاتها وابعادها.
3- المدرسة:
المدرسة كالعائلة أيضا هي عامل مهم على صعيد تربية الأطفال والأحداث، على الصعيد الجسدي والروحي. وتتكون البيئة المدرسية من عناصر مختلفة؛ من المعلم،
الى المدير والناظر والمسؤول التربوي والموظفين والأصدقاء، والزملاء في الصف وغيرهم بحيث يمكن ان يساهموا جميعهم او بعضهم في تشكيل شخصية الطفل، وفي رسم معالم منظومته الفكرية والسلوكية. وربما اتخذ الطفل أيضا أحد هذه العناصر قدوة وأسوة له في الحياة.
ويُعدّ دور المعلم في بناء البعد الأخلاقي أو هدمه عند الأولاد مهما جدا. فالمعلم، وبسبب نفوذه المعنوي، يقدم القدوة والأنموذج للتلاميذ من خلال سلوكياته. فهم يتأثرون بشدة بكافة الحركات والسكنات والإشارات، وحتى الألفاظ التي يستخدمها المعلم أثناء قيامه بوظيفته التعليمية.
وبالإضافة الى تأثير المعلم، فان الأجواء الدينية والمعنوية الحاكمة على المدرسة لها تأثير كبير في غرس النواة الأولى للتوجهات الإيمانية والدينية في نفوس الأطفال والاحداث؛ كالمراسم الدينية، وجلسات الدعاء، وصلاة الجماعة، وامثالها، التي توفر الأرضية اللازمة للتربية الدينية والأخلاقية والإقبال نحو المعارف الإسلامية. ومن البديهي أن يؤدي تواجد المعلمين والمدراء والمربين مع الطلاب في جلسات ومراسم كهذه الى زيادة نسبة التأثر والتأثير.
4ـ المجتمع:
ان المحيط الاجتماعي ـ أعم من افراد المجتمع والاجواء الحاكمة عليه ـ له ايضا تأثيره الكبير جدا على الأفراد. فكل إنسان كما يقول الشهيد مطهري يأتي الى الدنيا طاهرا ونقيا؛ اي مزودا بتقوى ذاتية، ولكن من الممكن تدريجيا، وعلى أثر تلوث البيئة ان ينحرف عن مسار الفطرة الى ان يمسخ تماما(19).
فمما لا شك فيه ان البيئة الاجتماعية الفاسدة، تفسد الجو الروحي للأفراد، وتضعف من مجال نمو الأفكار السامية وتقوي مجال نمو الأفكار السافلة. ولهذا السبب اهتم الإسلام بشدة بضرورة اصلاح المحيط الاجتماعي. وقد بين الإمام علي (عليه السلام) أهمية ودور المحيط الاجتماعي في تشكل البنية التربوية للفرد، حيث يقول في رسالته لحارث الهمداني: (واسكن الأمصار العظام؛ فإنها جماع المسلمين، واحذر منازل الغفلة والجفاء وقلة الأعوان على طاعة الله)(20).
المفاهيم الرئيسة:
1- تعتبر الوراثة والمحيط والمجتمع والبيئة، من جملة العوامل الاساسية المؤثرة في تشكل شخصية الإنسان وبنيته الفكرية والروحية.
2ـ من وجهة نظر القران، الابناء كما انهم يرثون من امهاتهم وابائهم الخصائص الجسمية، فهم يرثون منهم - ايضا - الخصائص المعنوية والحالات الروحية والنفسية.
3- مجموع العوامل الخارجية التي تحيط بالإنسان تسمى المحيط. وهذه العوامل المتعددة توثر في الإنسان بأنحاء مختلفة، وتشكل الأسرة أهم محيط لتربية الأطفال.
4- تسهم العشرة والمصادقة مساهمة فعالة في التربية، فالإنسان بمقدار صداقته ودرجة ارتباطه بالطرف الآخر يمكنه ان ينفذ في شؤونه المادية والمعنوية.
5- المدرسة كالعائلة عامل مهم جدا على صعيد التربية الجسمية والروحية للأطفال
والأحداث، وتساهم في تشكيل شخصية الطفل، ورسم معالمه الفكرية والسلوكية.
6- البيئة والمحيط الاجتماعي لها دخالة وتأثير واضح على الفرد، فالبيئة الاجتماعية
الفاسدة سوف تفسد بطبيعة الحال الجو الروحي والمعنوي.
7- مهما كانت الخصائص الوراثية والبيئة المحيطة بالإنسان صعبة وقاسية الا انها
لا تقهر الإرادة ولا تلفي الاختيار الإنساني؛ لأن الإنسان مخلوق مختار، والحكم النهائي له.
مخاطر الوراثة
الإسلام عبارة عن نظام شامل: نظام سياسي يحيط بكل شيء، في حين ان بقية الأنظمة غافلة عن الكثير من الأمور. يهتم الإسلام بتربية الإنسان في مختلف أبعاد شخصيته، فهو يهتم بتوجهاته المادية، ويرعى اهتماماته المعنوية وينمّيها، بل لقد عبر عن رأيه فيما هو أبعد من ذلك، اذ عبر عن رأيه في الفترة التي تسبق اقتران الأبوين.
ويتضمن الإسلام احكاما وتعاليم لبناء الإنسان، فهو يحدد للرجل المرأة التي يختار، ويعين للمرأة مواصفات الرجل المطلوب: ما وضعه الأخلاقي؟ وما مستوى تدينه؟
ان المزارع اذا ما اراد ان يبذر البذور، فانه يبحث اولا عن الارض الصالحة، ثم يوفر كل مستلزمات الارض لكي تنمو البذرة بنحو سليم، فتراه يحرص على توفير ما يراه مفيدا لها، ويحاول تجنيبها الأشياء التي تضرها، ويستمر على مواظبته لها حتى تنمو وتثمر. والإسلام لديه مثل هذا الاهتمام بالإنسان، اي: يتعامل معه مثلما يتعامل المزارع مع زرعه الذي يريده ان ينمو ويثمر. فمن قبل ان تعقد النطفة: أمر الإسلام بالصورة التي ينبغي ان يكون عليها الوالدان، اي: كيف ينبغي ان يكون الزواج؟
ان حرص الإسلام هذا جاء بدافع تفكيره بعاقبة هذا الأمر، فاذا كانت اخلاق أحد الأبوين على سبيل المثال فاسدة، او كانت أفعالهما غير انسانية، فان أثر ذلك سيظهر. في الطفل بالوراثة. ولهذا اهتم الإسلام كالمزارع الحريص والدقيق اهتماما دقيقا بمواصفات الإنسان الذي يجب أن يقترن به الإنسان الآخر. واذا ما تزوجا اهتم بآداب الزواج وآداب الفراش، وهنا توجد تعاليم وآداب كثيرة، ثم ينتقل الى فترة الحمل التي يذكر بشأنها آداب كثيرة، بعدها يعبر عن رأيه في أداب حضانة الأم، وكذلك دور الأب، وبعد أن ينتقل الطفل الى المدرسة ثم الى المجتمع، كل هذه الأمور والمراحل وضع الإسلام لها أحكاما وآدابا. في حين أن بقية النظم الموجودة في العالم لا تُعنى بهذا أساسا، وان كل همهم هو- مثالاً - ان يرفل المجتمع في هدوء يمكّنهم من نهب ثروات الشعب، او ان يحرصوا على تنظيم العلاقات الاجتماعية لأبناء المجتمع بشكل سليم. أما كيف ينبغي للطفل ان ينمو ليصبح فردا صالحا في المجتمع، وما هي طبيعة التربية المطلوبة خلال فترة الحمل والرضاعة، فمثل هذه غير موجودة لدى هذه الأنظمة، بيد ان الإسلام يهتم بكل ذلك، يهتم كيف ستكون معاملة الإنسان مع اخيه الإنسان؟ وكيف ستكون معاشرته مع والديه؟ وكيف ستكون معاشرة الآباء مع الأبناء؟ وكيف ستكون أبناء شعبهم، ومع اخوتهم في الدين، ومع الأجانب؟.
______________________________
(1) الوافي، ج3، ص706.
(2) الكافي، ج5، ص332.
(3) الجواهر، 29، ص37.
(4) غرر الحكم، فضيلة حسن الخلق، 5358، ص254.
(5) غرر الحكم، 5364، ص254.
(6) م. ن، 5347، ص254.
(7) الكافي، ج5، ص332.
(8) وسائل الشيعة، ج20، ص48.
(9) م. ن، ص85.
(10) م. ن، ص84.
(11) م. ن، ص79.
(12) وسائل الشيعة، ج20، ص81.
(13) يجوز للزوجة فسخ النكاح إذا تحقق في الزوج عيب من أربعة، وهي: الجنون، والخصاء، والجبّ، والعنن. الأول: الجنون، ويجوز للزوجة فسخ النكاح بجنون زوجها مطلقاً، (سواء كان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به، أم حدث الجنون بعد العقد، وسواء أكان الجنون قبل العلاقة الزوجية الخاصة أم بعدها). ومع علمها بالجنون قبل العقد فلا خيار لها. تحرير الوسيلة، المعاملات، جمعية المعارف، ص331.
(14) بحار الأنوار، ج3، ص281.
(15) م. ن، ج15، ص178.
(16) وسائل الشيعة، ج4، ص207.
(17) نهج البلاغة، الخطبة86.
(18) مستدرك الوسائل، ج8، ص227.
(19) التعرف على القرآن، ج2، ص65 (باللغة الفارسية).
(20) نهج البلاغة، الخطبة69. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.