أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-6-2017
2860
التاريخ: 2-4-2022
1569
التاريخ: 4-5-2017
3072
التاريخ: 2-7-2017
3211
|
في رجب سنة تسع من الهجرة وكان سببها أنه بلغه أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء .
وكان(صلى الله عليه واله)قلما يريد غزوة يغزوها الا ورى بغيرها الا غزوة تبوك فإنه بينها للناس لبعد السفر وشدة الحر وكثرة العدو فاعلمهم ليتأهبوا وندب الناس إلى الخروج وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمرهم بالصدقة فتحملوا صدقات كثيرة وقووا في سبيل الله وذلك في زمن عسرة من الناس وشدة من الحر وجدب من البلاد وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام فسمي ذلك الجيش جيش العسرة .
وقال الطبري : امرهم بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم فتجهزوا على ما في أنفسهم من الكره لذلك مع ما عظموه من ذكر الروم وغزوهم .
وجاءه سبعة نفر يستحملونه وكانوا أهل حاجة فقال لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وهم يبكون فسموا البكائين فنزل فيهم {يْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] إلى قوله {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92] وجاءه اثنان وثمانون رجلا من الاعراب فاعتذروا إليه فلم يعذرهم وتخلف بضعة وثمانون رجلا من المنافقين بغير علة وقيل إنهم استأذنوه في التخلف فاذن لهم فنزلت {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 90] المعذرون المقصرون الذين يعتذرون ولا عذر لهم وقيل الذين لهم عذر وتخلف نفر من المسلمين من غير شك ولا ارتياب منهم أبو خيثمة السالمي فجاء إلى أهله بعد أن سار رسول الله(صلى الله عليه واله)أياما في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائط قد رشت كل واحدة عريشها وبردت له فيه ماء وهيأت له طعاما فقام على باب العريشين فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال : رسول الله في الضح والريح وأبو خيثمة في ظلال باردة وماء بارد وامرأة حسناء في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا ادخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله(صلى الله عليه واله)فهيا لي زادا ففعلتا ثم قدم ناضحة فارتحله ثم خرج حتى أدرك رسول الله(صلى الله عليه واله) بتبوك ، فقال الناس يا رسول الله هذا راكب على الطريق مقبل فقال : كن أبا خيثمة فقالوا هو والله أبو خيثمة فقال له رسول الله(صلى الله عليه واله)خيرا ودعا له بخير .
قال الطبري: قال ابن إسحاق خلف رسول الله(صلى الله عليه واله)علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم وخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري .
وقال ابن هشام : استعمل على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري وخلف علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه الا استثقالا له وتخففا منه فلما قالوا ذلك اخذ علي سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله(صلى الله عليه واله)وهو نازل بالجرف فقال يا نبي الله زعم المنافقون انك انما خلفتني لأنك استثقلتني وتخففت مني فقال كذبوا ولكن خلفتك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أ فلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي فرجع علي إلى المدينة (اه) ؛ اما المفيد فإنه لم يذكر استخلاف أحد غير علي(عليه السلام)على المدينة وهو الظاهر الموافق للاعتبار فإنه لم يكن ليشرك أحدا معه في الولاية على المدينة مع ظهور شجاعته وكفاءته وإذا كان يخلف عليها في أكثر غزواته كما عرفت ابن أم مكتوم وهو مكفوف البصر ويكتفي به أ فلا يكون علي(عليه السلام)فيه الكفاءة للاستخلاف عليها مع اضطراب الرواية فيمن استخلفه غيره فقيل محمد بن مسلمة وقيل سباع بن عرفطة كما مر وقيل ابن أم مكتوم حكاه في السيرة الحلبية وحكي عن ابن عبد البر أنه قال الأثبت أنه علي بن أبي طالب (اه) وانما لم يستصحبه معه لما اخبره الله تعالى بأنه لا يلقى حربا فكان بقاؤه في المدينة أهم للخوف عليها من المنافقين والعرب الموتورين وهذا أمر واضح جلي .
قال المفيد : لما أراد النبي(صلى الله عليه واله)الخروج استخلف أمير المؤمنين(عليه السلام)في أهله وولده وازواجه ومهاجره وقال له يا علي أن المدينة لا تصلح الا بي أو بك وذلك أنه(عليه السلام)علم من خبث نيات الاعراب وكثير من أهل مكة ومن حولها ممن غزاهم وسفك دماءهم فاشفق أن يطلبوا المدينة عند نأيه عنها وحصوله ببلاد الروم أو نحوها فمتى لم يكن فيها من يقوم مقامه لم يؤمن من معرتهم وايقاع الفساد في دار هجرته والتخطي إلى ما يشين أهله ومخلفيه وعلم(صلى الله عليه واله)أنه لا يقوم مقامه في ارهاب العدو وحراسة دار الهجرة وحياطة من فيها الا أمير المؤمنين(عليه السلام)فاستخلفه وأن أهل النفاق لما علموا باستخلاف رسول الله(صلى الله عليه واله)عليا(عليه السلام)على المدينة حسدوه لذلك وعظم عليهم مقامه فيها وعلموا أنها تتحرس به ولا يكون فيها للعدو مطمع فساءهم ذلك وكانوا يؤثرون خروجه معه لما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاط عند نأيه(صلى الله عليه واله)عن المدينة وخلوها من مرهوب مخوف يحرسها وغبطوه على الرفاهية والدعة بمقامه في أهله وتكلف من خرج منهم المشاق بالسفر فأرجفوا به وقالوا لم يستخلفه اكراما له واجلالا ومودة وانما خلفه استثقالا له فبهتوه بهذا الارجاف وهم يعلمون ضده فلما بلغه ذلك أراد تكذيبهم فلحق بالنبي(صلى الله عليه واله)فأخبره قولهم فقال له النبي(صلى الله عليه واله)ارجع يا أخي إلى مكانك فان المدينة لا تصلح إلا بي أو بك فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي .
ولو علم الله أن لنبيه في هذه الغزاة حاجة إلى الحرب والأنصار لما أذن له في تخليف أمير المؤمنين عنه بل علم أن المصلحة في استخلافه وبقائه في دار هجرته .
ولم يذكر الدكتور هيكل هنا الا قوله وخلف علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم .
أمر رسول الله(صلى الله عليه واله)كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء أو راية وخرج(صلى الله عليه واله)يوم الخميس وكان يستحب الخروج فيه في ثلاثين ألفا من الناس والخيل عشرة آلاف فرس حتى قدم تبوك .
وكان عبد الله بن أبي بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود والمنافقين قال ابن سعد وابن هشام وغيرهما فكان يقال ليس عسكره بأقل العسكرين فلما سار تخلف عبد الله بن أبي ومن معه أقول وهذا يدل على ما مر عن المفيد من أنه أبطأ أكثرهم عنه(صلى الله عليه واله)، قال ابن هشام والطبري فجعل يتخلف عنه الرجل حتى قيل تخلف أبو ذر وابطا به بعيره فتلوم على بعيره فلما أبطأ عليه اخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع اثر رسول الله(صلى الله عليه واله)ماشيا ونزل رسول الله(صلى الله عليه واله)في بعض منازله فنظر بعض المسلمين فقال إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال(صلى الله عليه واله)كن أبا ذر فلما تأملوه قالوا هو أبو ذر فقال(صلى الله عليه واله)يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده .
وكان رهط من المنافقين يسيرون مع رسول الله(صلى الله عليه واله)وهو منطلق إلى تبوك فقال بعضهم لبعض أ تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم والله لكأني بكم غدا مقرنين في الحبال ، ارجافا وترهيبا للمؤمنين فقال(صلى الله عليه واله)لعمار بن ياسر أدرك القوم فسلهم عما قالوا فان أنكروا فقل بلى قد قلتم كذا وكذا فاتوا رسول الله(صلى الله عليه واله)يعتذرون وقال بعضهم كنا نخوض ونلعب فنزل فيهم : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } [التوبة: 65] فلما انتهى(صلى الله عليه واله)إلى تبوك اتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالح رسول الله(صلى الله عليه واله)وأعطاه الجزية وجاءه أهل جرباء وأذرح فاعطوه الجزية وكتب لكل كتابا فهو عندهم ودعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي ملك دومة الجندل الجوف وكان نصرانيا فقال له انك ستجده يصيد البقر فلما كان من حصنه بمنظرة العين في ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر فقالت امرأته هل رأيت مثل هذا قط قال لا والله قالت فمن يترك هذا فنزل فامر بفرسه فاسرج له ، وركب معه نفر من أهل بيته فيهم اخوه حسان فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله(صلى الله عليه واله)فاستاسر أكيدر فاخذ وامتنع اخوه حسان فقاتل حتى قتل وهرب من معهما وكان على حسان قباء من ديباج محوص بالذهب فاخذه خالد فبعث به إلى النبي(صلى الله عليه واله)فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه وقدم خالد بأكيدر على رسول الله(صلى الله عليه واله)فحقن دمه وصالحه على الجزية وخلى سبيله فرجع إلى قريته وأقام رسول الله(صلى الله عليه واله)بتبوك بضع عشرة ليلة وقيل عشرين ليلة ولم يجاوزها ثم رجع إلى المدينة .
وكان قد تخلف عن رسول الله(صلى الله عليه واله)ثلاثة رهط بدون شك ولا نفاق وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فلما رجع رسول الله(صلى الله عليه واله)إلى المدينة قال لأصحابه لا تكلموا أحدا من هؤلاء الثلاثة فاعتزل المسلمون كلامهم حتى نساؤهم فبقوا على ذلك خمسين ليلة ثم تاب الله عليهم وذلك قوله تعالى {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [التوبة: 118] وجاءه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون بالله ويعتذرون فصفح عنهم ولم يعذرهم الله ولا رسوله.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|