أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-12-2017
3289
التاريخ: 5-5-2016
2900
التاريخ: 29-4-2016
3921
التاريخ: 7-01-2015
3345
|
روى السمهودي عن صاحب ( المطالب العالية ) عن نوف البكالي[1]: " إن علياً رضي الله عنه خرج يوماً من المسجد ، وقد أقبل اليه جندب بن نصير ، والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عباد بن خثيم - وكان من أصحاب البرانس المتعبدين - فأفضى علي وهم معه إلى نفر فأسرعوا اليه قياماً وسلموا عليه فردّ التحية ثم قال : من القوم ؟ فقالوا : أنا من شيعتك يا أمير المؤمنين ، فقال لهم خيراً ، ثم قال : يا هؤلاء ، ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا ؟ فأمسك القوم حياءً ، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له : ما سمة شيعتكم يا أمير المؤمنين ؟ فسكت ، فقال همام - وكان عابداً مجتهداً - أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتكم ، قال : فسأنبئكم جميعاً ، ووضع يديه على منكب همام وقال : شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل الناطقون بالصواب ، مأكولهم القوت وملبوسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع ، بخعوا لله بطاعته ، وخضعوا اليه بعبادته ، مضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم واقفين اسماعهم على العلم بدينهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء ، رضاً عن الله تعالى بالقضاء ، فلو لا الآجال التي كتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى لقاء الله والثواب وخوفاً من أليم العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنة كمن رآها فهم على ارائكها متكئون ، وهم والنار كمن رآها فهم فيها يعذبون ، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأهجروها ، أما الليل فصافون اقدامهم تالون لأجزاء القرآن ترتيلا يعظون أنفسهم بأمثاله ، ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم واكفهم وركبهم ، وأطراف اقدامهم تجري دموعهم على خدودهم ، يجدون جباراً عظيماً ويجأرون اليه في فكاك رقابهم ، هذا ليلهم ، فأما نهارهم فحلماء علماء بررة أتقياء ، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح يحسبهم الناس مرضى أو قد خولطوا ، وما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم ، فإذا استقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزاكية ، لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون ، ترى لأحدهم قوة في دين ، وحزماً في لين ، وايماناً في يقين ، وحرصاً على علم ، وفهماً في فقه ، وعلماً في حلم وكيساً في قصد وقصداً في غناء ، وتجملا في فاقة ، وصبراً في شدة ، وخشوعاً في عبادة ، ورحمة لمجهود ، وإعطاءً في حق ، ورفقاً في كسب ، وجلباً في حلال ، ونشاطاً في هدوء واعتصاماً في شهوة لا يغره ما جهله ، ولا يدع احصاء ما علمه ، يستبطئ نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل ، يصبح وشغله الذكر ، ويمسي وهمه الشكر ، يبيت حذراً من سنة الغفلة ، ويصبح فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة ، رغبته فيما بقي ، وزهادته فيما نفي ، قد قرن العلم بالعمل ، والعلم بالحلم ، دائماً نشاطه ، بعيداً كسله ، قريباً أمله ، قليلا زلله ، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، محرزاً دينه ، كاظماً غيظه ، آمناً منه جاره ، معدوماً كبره ، بيناً صبره ، كثيراً ذكره ، لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ولا يتركه حياءً ، أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا ، ألا واهاً شوقاً إليهم .
فصاح همام صيحةً ، فوقع مغشياً عليه ، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا ، فغسل وصلى عليه أمير المؤمنين ومن معه .
قلت : فهذه صفة شيعة أهل البيت النبوي التي وصفهم بها إمامهم وهي صفة خواص أمير المؤمنين "[2].
وروى السخاوي باسناده عن يحيى بن زيد ، قال : " انما شيعتنا من جاهد فينا ومنع من ظلمنا حتى يأخذ الله عزّوجل لنا بحقنا "[3].
وروى ابن عساكر باسناده عن محمّد بن الحرث ، قال : " سمعت المدائني يقول : نظر علي بن أبي طالب إلى قوم ببابه ، فقال لقنبر : يا قنبر ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء شيعتك يا أمير المؤمنين ، قال : وما لي لا أرى فيم سيماء الشيعة ؟ قال : وما سيماء الشيعة ؟ قال : خمص البطون من الطوى ، يبس الشفاه من الظماء ، عمش العيون من البكاء "[4].
وروى محمّد بن طلحة الشافعي باسناده عن علي عليه السّلام أنه قال لنوف البكالي : " هل تدري من شيعتي ؟ قال : لا والله ، قال : شيعتي الذبل الشفاه الخمص البطون ، الذين تعرف الرهبانية والديانة في وجوههم ، رهبان بالليل أسد بالنهار ، الذين إذا جنهم الليل اتزروا على أوساطهم وارتدوا على أطرافهم وصفوا اقدامهم وافترشوا جباههم ، تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى الله في فكاك أعناقهم ، وفي النهار حكماء وعلماء كرماء نجباء أبرار أتقياء ، يا نوف ، شيعتي من لم يهرّ هرير الكلب ، ولم يطمع طمع الغراب ، ولم يسأل الناس ولو مات جوعاً ، إن رأى مؤمناً أكرمه وإنّ رأى فاسقاً هجره ، هؤلاء والله شيعتي "[5].
قال أبو جعفر الإسكافي : " وذكروا انه كرم الله وجهه خرج يوماً ، فإذا قوم جلوس فقال : من أنتم ؟ فقالوا : نحن شيعتك يا أمير المؤمنين ، فقال : سبحان الله ، فما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين وما سيماء الشيعة ؟ قال : عمش العيون من البكاء خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء ، صفر الألوان من السهر ، على وجوههم غبرة الخاشعين "[6].
[1] روى هذه الخطبة الحفاظ وأئمة الحديث في مجاميعهم كسليم بن قيس ] كتاب سليم بن قيس الكوفي ص 238 [ ، ومحمّد ابن يعقوب الكليني ] الكافي ج 2 ص 226 باب المؤمن وعلاماته وصفاته [ ، وابن أبي الحديد المعتزلي ] شرح نهج البلاغة ج 2 ص 527 طبع مصر [ .
قال السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب : " تسمى هذه الخطبة بخطبة همام وهي من خطبة عليه السّلام المعروف ، وقد رويت بأسانيد مختلفة ، وطرق شتى ، فممنّ رواها قبل الشريف الرضي أبان بن أبي عياش - كما
في كتاب سليم بن القيس الهلالي : ص 211 - ورواها الصدوق باسناد ذكره في " الأمالي " ص 340 في المجلس الرابع والثلاثين ، الذي أملاه يوم الثلاثاء ، الثامن عشر من رجب ، سنة ثمان وستين وثلاثمأة أي قبل إن
يتخطى الشريف الرضي التاسعة من عمره الشريف وقبلهما ابن قتيبة روى جملة منها في كتاب الزهد من
كتب " عيون الأخبار " م 2 - 352 ، ورواها الحرّاني في تحف العقول " ص 159 إلى غير هؤلاء ، هذا قبل
الرضي أما بعده ، فقد رواها جماعة من العلماء بأسانيد وصور تعرف منها على أنهم لم يأخذوها عن " النهج "
منهم سبط ابن الجوزي في " التذكرة " ص 148 نقلها من رواية مجاهد عن ابن عباس بصورة أخصر ، وابن
طلحة الشافعي في " مطالب السؤل " ج 1 ص 151 من قوله عليه السّلام ( المؤمنون أهل الفضائل ) ، إلى قوله
سلام الله عليه : ( يمسي وهمه الشكر ويصبح وشغله الذكر ، وزاد على رواية الرضي ( أولئك الآمنون
المطمئنون الذين يسقون من كأس لا لغو فيها ولا تأثيم ) .
ثم رواها بصورة أخرى عن نوف قال : عرضت حاجة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فاستتبعت اليه جندب بن زهير ، والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عبادة بن خثيم ، وكان من أصحاب
البرانس المتعبدين فأقبلنا اليه فألفيناه حين خرج يؤم المسجد ، فأفضى ونحن معه إلى نفر متدنين قد أفاضوا
في الأحدوثات تفكهاً ، وهم يلهى بعضهم بعضاً ، فاسرعوا اليه قياماً وسلموا عليه ، فرد التحية ثم قال : من
القوم ؟ فقالوا : أناس من شيعتك يا أمير المؤمنين ، فقال لهم خيراً ثم قال : يا هؤلاء مالي لا أرى فيكم سمة
شيعتنا ، وحلية أحبتنا ؟ فأمسك القوم حياءً ، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له : ما سمه شيعتك يا
أمير المؤمنين ؟ فسكت فقال همام ، وكان عابداً مجتهداً - أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتك ، فقال : لا تقسم فسأنبئكم جميعاً ، ثم ذكر الموعظ بتفاوت يسير مع رواية الرضي ، وذكر في آخرها صيحة همام وموته وغسله وصلاة أمير المؤمنين عليه السّلام عليه وروى الكراجكي في " كنز الفوائد " ص 31 مثله مسنداً " ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ج 3 ص 65 ) .
[2] جواهر العقدين ، العقد الثاني الذكر الخامس ص 195 ، ورواه محمّد بن طلحة في مطالب السؤل ص 140 وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ص 92 مع فرق .
[3] استجلاب ارتقاء الغرف باب الحث على حبهم والقيام بواجب حقهم ص 71 .
[4] ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج 3 ص 206 رقم / 1261 .
[5] مطالب السؤل ص 139 .
[6] المعيار والموازنة ص 241 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|