أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
2434
التاريخ: 2023-09-23
1215
التاريخ: 27-11-2014
1948
التاريخ: 27-11-2014
1615
|
قال تعالى : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [ التحريم : 10] .
تفسيرُ الآية
إنّ إحدى الأساليب التربوية هي : عرض نماذج واقعية لِمن بلغ القمّة في مكارم الأخلاق وجلائلها ، أو سقطَ في حضيض مساوئ الأخلاق ، والقرآن في هذه الآية يَعرض زوجتين من زوجات الأنبياء ابتُليتا بالنفاق والخيانة ، ولم ينفعهما قربهما من أنبياء الله .
ثمّ إنّ الحافز لهذا التمثيل هو : التنديد بزوجَتي الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) اللّتين اشتركتا في إفشاء سرّه ، والغرض هو : إيقافهما على أنّهما لا تنجوان من العذاب لمجرّد مكانتهما من الرسول كما لم ينفع زوجة نوح ولوط ، فواجهتا العذاب الأليم .
يذكر سبحانه في هذه السورة قصّة إفشاء سرّ النبي بواسطة بعض أزواجه يقول : { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَديثاً فَلَمّـا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الخَبير }[ التحريم : 3].
وهذه الآية على اختصارها تشتمل على مطالب :
1. إنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أسَرّ إلى بعض أزواجه حديثاً ، كما يقول سبحانه : { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَديثاً } ، وأمّا ما هو السرّ الذي أسرّه إليها فغير واضح ، ولا يمكن الاعتماد بما وردَ في التفاسير من تحريم العسل على نفسه وغيره .
2. إنّ هذه المرأة التي أسرّ إليها النبي لم تحتفظ بسرّه وأفشَتهُ ، فحدّثت به زوجة أُخرى ، كما يقول سبحانه : { فَلَمّـا نَبَّأَتْ بِهِ } ، والمفسّرون اتفقوا على أنّ الأولى منهما هي حفصة والثانية هي عائشة .
وبذلك أساءت الصحبة وأفشَت سرّ الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، مع أنّ واجبها كان كتمُ هذا السرّ .
3. إنّه سبحانه أخبرَ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) به ، كما يقول سبحانه : { وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ } أي : أطلَعهُ الله عليه .
4. إنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عرّف حفصة ببعض ما ذَكرت ، وأعرضَ عن ذكر كلّ ما أفشت ، وكان ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد عَلم جميع ذلك ولكنّه أخذَ بمكارم الأخلاق ، فلم يذكر لها جميع ما صدرَ منها ، والتغافل من خُلق الكرام ، وقد وردَ في المثل : ( ما استقصى كريم قط ) .
5. لمّا أخبرَ رسول الله حفصة بما أظهرهُ الله عليه سألت وقالت : مَن أخبركَ بهذا ؟ فأجاب الرسول : ( نَبّأني العليم الخبير ) ، كما يقول سبحانه :
{ فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الخَبير } .
وبما أنّ مستمع السرّ كمفشيه عاصٍ ، يعود سبحانه يُندّد بهما ويأمرهما بالتوبة ، لأجل ما كسبت قلوبهما من الآثام ، وأنّه لو لم تكُفَّا عن إيذاء النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فاعلما أنّ الله يتولّى حفظه ونصرته ، وأمين الوحي مُعين له وناصر يحفظه ، وصالح المؤمنين وخيارهم يؤيدونه ، وبعدهم ملائكة الله من أعوانه ، كما يقول سبحانه : { إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } أي مالَت إلى الإثم ، وإن تظاهرا عليه أي تعاونا على إيذاء النبي ، فإنّ الله مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير .
هاتان الآيتان توقفنا على مكانة الزوجتين من القيام بوظائف الزوجية ، حيث إنّ حفظ الأمانة من واجب الزوجة حيال زوجها ، كما أنّ الآية الثانية تُعرب عن مكانتهما عند الله سبحانه حيث تجعلهما على مفترق الطرق : إمّا التوبة لأجل الإثم ، وإمّا التمادي في غيّهما وإحباط كلّ ما تهدفان إليه ؛ لأَنّ له أعواناً مثل : ربّه ، والملائكة ، وصالح المؤمنين .
وبما أنّ السورة تكفّلت بيان تلك القصّة ناسبَ أن يمثّل سبحانه حالهما بزوجتين لرسولين أذاعتا سرّهما وخانتاهما ، إذ لم تكن خيانتهما خيانة فجور لِما ورد : ( ما بَغت امرأة نبي قط ، و إنّما كانت خيانتهما في الدين ) .
قال ابن عباس : كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس : إنّه مجنون ، وإذا آمنَ بنوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح ، كما أنّ امرأة لوط دلّت على أضيافه .
وعلى كلّ حال ، فقد شاركت هذه الزوجات الأربع في إذاعة أسرار أزواجهنّ ، وبذلك صِرن نموذجاً بارزاً للخيانة .
وقد كُنَّ يتصوّرنَ أنّ صِلتهنّ بالرُسل تَحول دون عذاب الله ، ولم يقفنَ على أنّ مجرّد الصلة لا تنفع ما لم يكن هناك إيمان وعمل صالح ، قال سبحانه : { فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَومَئِذٍ }[ المؤمنون : 101] ، وقال سبحانه مخاطباً بني آدم : { يا بَنِي آدَمَ إمّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }[ الأعراف : 35] .
ومن هنا تقف على أنّ صحبة الرسول لا تنفع ما لم يُضمّ إليه إيمان خالص وعمل صالح ، فلا تكون مجالسة الرسول دليلاً على العدالة ولا على النجاة ، وأصحاب النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أمام الله سبحانه كالتابعين يحكم عليهم بما يحكم على التابعين ، فكما أنّ الصنف الثاني بين صالح وطالح ، فهكذا الصحابة بين صالح وطالح .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|