أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-25
332
التاريخ: 2024-06-23
642
التاريخ: 2024-07-20
417
التاريخ: 2024-03-17
776
|
ومن الجائز أن «حتشبسوت» من جهتها قد أقنعت الشعب بأنها بنت الإله «آمون» نفسه من جهة، وأن والدها قد نصبها على عرش البلاد من جهة أخرى، وجعلها وارثته الشرعية، وقد حاكَ خيالُ الكهنة قصةً طريفةً لذلك قد يكون في ثناياها شيء من الحقيقة، ومن المحتمل أن «حتشبسوت» قد أذاعتها قبل اغتصابها العرش مباشَرةً، لتكون بمثابة دعاية، وقد نقشتها على جدران معبدها «بالدير البحري» الذي يُعَدُّ بناءً فريدًا في بابه، نقشَتْ عليه «حتشبسوت» كلَّ تاريخ حياتها، وما قامت به من جليل الأعمال في حياتها كما سنفصل القول في ذلك بعدُ. وسنورد هنا ملخصًا لهذه القصة من النقوش التي دوَّنتها «حتشبسوت» فيما بعدُ على معبد الدير البحري، في مناظر لا تزال باقيةً؛ ففي المنظر الأول من هذه المناظر نشاهد فيه مجلسًا من الآلهة يرأسه الإله «آمون»، وقد قرَّرَ فيه الجميع خلق «حتشبسوت»، وفي خلال هذه الجلسة يذكِّر الإله «تحوت» الإله «آمون» بوجود «أحمس» الجميلة زوج الأمير الذي أصبح فيما بعدُ «تحتمس الأول «. ويقترح عليه أن يتقمَّص صورته عندما يكون الأمير غائبًا، وبذلك يمكنه أن يدخل حجرةَ الملكة؛ ثم تحدِّثنا القصة أن الإله «آمون» قد تزَيَّا بزيِّ «تحتمس الأول»، ووجد الملكة في غفوةٍ في قصرها الجميل، فأيقظها شذى عطور الإله الذي استنشقته على الرغم من أنها كانت في حضرة جلالته (الملك) (ظنًّا منها ذلك)؛ وعندئذٍ ذهب إليها في الحال وضاجَعَها، وفرض عليها رغبته فيها، وجعلها تنظر إليه بوصفه إلهًا (بعد أن تمثَّلَ لها بشرًا سويًّا) من أجل ذلك فرحت عندما وقف أمامها وكشف لها عن جماله، وسرى حبه في أعضائها التي غمرها شذى العطر؛ وعندئذٍ قالت الملكة «أحمس» لجلالة هذا الإله «آمون» الفاخر رب طيبة: ما أعظم فخارك! إن رؤية محياك شيء بهي! لقد ألحقت جلالتي بجمالك، وإن روحك قد تمثَّلَتْ في كل أعضائي، وبعد ذلك فعل جلالة هذا الإله كلَّ ما يرغب فيه معها، ثم قال لها: «سيكون اسم ابنتي التي وضعتها في جسمك خنمت آمون «حتشبسوت»؛ لأن هذه هي الكلمة التي خرجت من فمك أنت، وستتولى الملك في هذه البلاد قاطبة، وستكون روحي روحها، وسيكون فضلي فضلها، وكذلك «تاجي» حتى يمكنها أن تحكم الأرضين «. وبعد ذلك طلب الإله «آمون» مساعدةَ الإله «خنوم» صانع الفخار الإلهي ليصوِّر الطفل في صورةٍ تجمع كلَّ الجمال، وعندما أجاء الملكة المخاض اجتمع الآلهة، ووقف بجانبها القابلات عند الوضع، ولما وضعت الطفلة قدَّمَتْها الإلهة حتحور «لآمون» الذي باركها، وقدَّمها لكل الآلهة قائلًا: «تأمَّلوا أنتم! ابنتي حتشبسوت كونوا محبين لها.» وبعد ذلك نمت جلالتها بسرعة، وقد كان النظر إليها يفوق أي شيء، وقد أصبحت عذراء جميلة مزهرة مثل الإلهة «بوتو» في عصرها (1) (أي: حتحور). ولا يعزب عن الذهن أن «حتشبسوت» لم تُذِعْ هذه الأقصوصة في عهد والدتها، بل كان ذلك بعد مماتها، فلا بد أن الملكة «أحمس حنت تاوي» قد ماتت وابنتها لا تزال تحمل لقب الزوجة المقدسة والزوجة الملكية العظيمة، فلم تَرَ ابنتها ملكة رسمية. وكانت «حتشبسوت» تقصد من نشر هذه القصة التي ذكرناها هنا غرضين: الأول لتثبت أنها كانت ابنة تحتمس الدنيوية، والثاني أنها ابنة الإله «آمون» من جسمه؛ وذلك لأن دمها الملكي لم يكن خالصًا بالمعنى الحقيقي من جهة والدها؛ لأن جدتها عن أبيها لم تكن من دم ملكي، بل كان يعرف عنها أنها كانت من عامة الشعب، وبعد مرور عدة أعوام على ذلك أمرت بنقش وثيقة تثبت فيها أن والدها «تحتمس» الأول قد نصبها على ملك مصر في حفل عظيم من عظماء الشعب؛ إذ تدَّعِي فيها أن «تحتمس» الأول أرسل إليها وهي لا تزال طفلة، وقال لها: تعالي لأضمَّ بهاءكِ بين ذراعي لأجل أن ترى إدارتك في القصر (بعد أن رأتها مع والدها في أنحاء البلاد)، فتقومي بأعمالك الشرعية الفاخرة، وتتسلَّمي شرفك الملكي، وإنك ستصبحين ممتازة بسحرك، وستصبحين غنية بقوتك، وإنك ستسيطرين على الأرضين، وإنك ستتغلبين على العصاة، وإنك ستشرقين في القصر وسيتحلى جبينك بالتاج المزدوج، وستسرين بإرثك لي، وإنك وُلِدت لي، وأنت يا أخت التاج الأبيض، والتي تحبها «وازيت» (صاحبة التاج الأحمر)، وسيقدم إليك التيجان مَن يجلس على عروش الأرض (آمون)، وقد أمر جلالتي أن يحضر أشراف الملك، والأعيان، والسمار، ورجال البلاط، ورؤوس كبار المدنيين؛ لأعلن لهم مرسومًا بأن جلالتي قد ضمَّ بين ذراعيه جلالة ابنتي هذه في قصرها مقر الملك، وقد عقد الملك الجلسة بنفسه في قاعة طائفة «أمي ورت» (طائفة من الكهنة)، وقد كان هؤلاء القوم ساجدين على بطونهم في البلاط، فقال لهم جلالته: إن ابنتي هذه «خنمت آمون» «حتشبسوت» لها الحياة، أنصبها بوصفها نائبتي، وعلى ذلك فهي وارثتي في الملك، وهي التي ستجلس على عرش المدهش، وهي التي ستأمر وتنهى الرعايا في كل وظائف القصر، وهي التي ستقودكم فاسمعوا كلامها، فهي التي تربطكم بأوامرها، فمَن يقدم لها الطاعة فإنه سيعيش، أما مَن يقول سوءًا في حقها فإنه سيموت، وكل مَن يسمع اسم جلالتها عندما تعين ينبغي عليه أن يأتي وينادي بها ملكةً مثل ما كان يفعل عندما يسمع اسمي؛ وذلك لأن هذه الإلهة هي ابنة إله، والآلهة هم الذين يحاربون لها، وهم الذين يحوطونكم بحمايتهم كل يوم كما أمر والدها سيد الآلهة «آمون».
الشعب يرحب بالملكة حتشبسوت ويعترف بها ملكة: وعلى ذلك سمع أشراف الملك وأصحاب المقامات ورؤوس المدنيين، هذا الأمرَ الخاص بإعلاء شأن ابنته ملكة الوجه القبلي والوجه البحري «ماعت كارع» لها الحياة مخلدة، فقبَّلوا الأرض تحت قدمَيْها، ووقعت كلمات الملك في نفوسهم، ودعوا كل الآلهة لملك الوجه القبلي والوجه البحري «عا خبر كارع» (تحتمس الأول) عاش مخلدًا، ثم خرجوا فَرِحين راقصين مغتبطين من عنده، وقد سمعهم كل الناس وكلُّ مَن في حجرات القصر الملكي، وقد أتوا وهلَّلوا وفرحوا بذلك أكثر من كل شيء، وقد كانت كل حجرة تختلف عن الأخرى (في إظهار فرحها)، وكان الجنود يأتون طائفة بعد أخرى يرقصون ويقفزون وقلوبهم فَرِحة، وقد أعلنوا اسم جلالتها ملكة، ولكن جلالتها كانت لا تزال صغيرة السن؛ والإله العظيم قد استمال قلوبهم نحو ابنته «ماعت كارع» عاشت مخلدة، ولقد كانوا يعرفون أنها حقيقة ابنة إله، وقد دهشوا من شهرتها العظيمة أكثر من أي شيء آخَر؛ ولذلك كان كل إنسان يحبها من قلبه، ويدعو لها كلَّ يوم، وكلُّ مَن … وسيكون نضرًا أكثر من كل شيء؛ وكل إنسان يذكر (بسوء) جلالتها يقرِّر الإله موته في الحال؛ لأن الآلهة هم الذين يحوطونها برعايتهم كلَّ يوم. وهكذا سمع جلالة والدها هذا، ورأى أن كل الشعب قد أعلن اسم ابنته هذه ملكةً، مع أن جلالتها كانت لا تزال طفلة؛ ومن أجل ذلك فرح قلب جلالته أكثر من كل شيء آخَر، وأمر جلالته بإحضار المرتِّلين ليعلنوا اسمها العظيم بتسلُّمها شرفَ ملك الوجه القبلي والوجه البحري، وأن اسمها يختم به في كل الأعمال الخاصة بعيد ضمِّ الأرضين والطواف حول الجدار، ولأجل زينة كل الآلهة الموحدين للأرض؛ لأنه علم أن من الخير الاحتفال بالعيد في يوم رأس السنة بمثابة بداية سنين طيبة، وأن تحتفل لها في ملايين السنين بأعياد ثلاثينية عديدة جدًّا، وعلى ذلك أعلنوا أسماءها ملكة الوجه القبلي والوجه البحري. هذا ما ادَّعَتْه «حتشبسوت» لنفسها في دعايتها التي قامت بها لأجل اعتلاء العرش، ويرى القارئ من ذلك أنها كانت على عرش الملك منذ حياة والدها، أيْ إنها كانت شريكةً له في حياته، هذا فضلًا عن أنها في نقوش أخرى تدَّعِي أن والدها قد درَّبها على صناعة الملك قبل أن يعلنها ملكة.
....................................................
1- راجع: Breasted, A. R. Vol II, § 217 ff.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|