أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2015
2969
التاريخ: 28-12-2021
1720
التاريخ: 2023-07-24
1247
التاريخ: 27-9-2018
13787
|
يكاد يكون فقهاء القانون الدستوري متفقين على ان الضرورة استثناء من الأصل. والمنطق يدعونا للقول بأن الاستثناء هو ما لا يمكن توقعه مسبقاً وهذا القول بدوره ايضا يدفعنا الى ان نقول بأن النص على الضرورة في الدستور وتنظيمها بشكل مسبق هو خلاف ذلك المنطق اذ اننا في حالة وجود النص الدستوري على الضرورة لا يجعلنا أمام تلك النظرية بل ان هذا القول يتناقض مع جوهر نظرية الضرورة والتي نعالج هنا بحثها اذ انه في حالة وجود مثل ذلك النص فانه لا يكون هنالك موضوع لإثارة هذه النظرية لان الدولة او تلك الهيئة الحكومية او الإدارية انما تستند في الحالة هذه على ذلك النص الدستوري لا على تلك النظرية التي هي من صنع الفقه والقضاء ( اعني نظرية الضرورة ) كما ان من الفقهاء ايضا من يرى بأن نظرية الضرورة تعد الاستثناء الاول من بين استثنائين يردان على مبدأ سمو الدستور وهذا الاستثناء مقرر أصلا لصالح الحكام لذلك يرون بأنه التنظيم الدستوري لحالة الضرورة يشكل خطورة على النظام الديمقراطي(1) . ذلك ان هذا التنظيم اذا التجئ اليه قد يؤدي الى قيام نوع من الدكتاتورية تحت ستار او سلاح النصوص الدستورية ( والسلطة تغري بالسلطة ) واستمرار السلطة غير المقيدة التي قد تتفق جزئياً مع منطق الضرورة قد يجعل الممارسين لتلك السلطة يسترسلون مع هذا التيار مما يهدد الحياة الدستورية والنظام الديمقراطي نفسه من القواعد وبذلك ينقلب تنظيم حالة الضرورة في الدستور من وسيلة لحماية الدولة الى وسيلة لا قامة نوع من الدكتاتورية . وبالجملة فاننا يمكننا عرض أسباب الرفض لتنظيم الضرورة دستورياً في النقاط الاتية :
اولاً : الرفض المستند الى فكرة الضرورة نفسها : ذكرنا سابقاً ان جوهر نظرية الضرورة هو (استثناء) وقلنا ايضاً بأن الاستثناء والتنظيم أمران متناقضان إذ أن فكرة التنظيم تعني التوقع المسبق لها وهذا بحد ذاته يعني ( ان تفقد الضرورة خاصية الضرورة بمجرد التوقع لها ) وهذا ما قاله الفقيه الألماني ( كارل سميث ) (2) .
ثانياً : الرفض المستند الى عملية اللجوء لنظرية الضرورة وما يترتب عليه من آثار وهذه الحالة مرتبطة بالحالة الأولى حيث نجد في هذه المرة ان من يذهب الى رفض عملية تنظيم الضرورة دستورياً استناداً الى عملية اللجوء الى هذه النظرية . ففي حين نرى بأن الاتفاق يكاد يكون منعقداً على ان اللجوء الى فكرة الضرورة هو خروج على مبدأ المشروعية وبالتالي على مبدأ سمو الدستور بالرغم من محاولات التبرير التي أعطيت لها والتي أشرنا لها سابقاً . لذا فأن تنظيمها والنص عليها دستورياً يبقي هذا الوصف عليها وان عملية التنظيم لا تغير من الحقيقة هذه شيئاً .
ثالثاً :الرفض المستند الى الأشخاص القائمين على سلطة الضرورة ودوافع استخدامهم لهذه السلطة . يرى بعض المعارضين لفكرة التنظيم الدستوري لحالة الضرورة ان هذا التنظيم الدستوري قد يُغري الحاكمين بالاستناد اليها حتى في ظل ظروف وان كانت غير عادية الا انها لا تبرر اللجوء اليها أي عدم وجود تلك الحالة من الخطر الداهم الذي يمكن وصفه بالضرورة والتي تبرر الخروج على الدستور(3) وهو ما دفع ايضا فقهاء آخرين الى القول بأن عدم اللجوء الى هذا التنظيم قد يؤدي الى قيام نوع من الدكتاتورية تحت سلاح او ستار الدستور وكذلك يدفع بالحكام الى الاسترسال في هذا التيار وما يشكله من خروج على النظام الديمقراطي(4) كما ان هنالك تخوف من ان يجعل التنظيم المسبق لحالة الضرورة من الحاكم الذي يلجأ الى استخدام السلطة الممنوحة له استناداً للضرورة ( بطلاً ) في نظر الناس ينسيهم كل حالات الخروج على القانون ومبدأ المشروعية وذلك عند نجاحه باستخدامها وهو ما يمكن القول معه ان في ذلك تقوية للسلطة الشخصية للحاكم بسبب الجو النفسي الذي يخلقه ذلك النجاح المزعوم عند هؤلاء الناس .
__________________
1- د . عبد الحميد متولي ( القانون الدستوري ) - منشأة المعارف الإسكندرية الجزء الاول - 1975 – 1976 - ص194 .
2- د . يحيى الجمل - نظرية الضرورة - مرجع سابق - ص107 .
3- د . يحيى الجمل- نظرية الضرورة - مرجع سابق - ص107 .
4- د . سامي جمال الدين - لوائح الضرورة –مرجع سابق - ص36 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|