قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم : 96] .

لقد صدرت روايات عديدة عن النّبي (صلى الله عليه وآلة وسلم) في سبب نزول قوله تعالى : (إِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) في كثير من كتب الحديث وتفسير السنة والشيعة ، وهي تبيّن أنّ هذه الآية نزلت لأول مرّة في حق علي (عليه السلام) ، ومن جملة من يمكن ذكرهم : العلاّمة الزمخشري في الكشاف ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ، والكنجي الشافعي ، والقرطبي في تفسيره المشهور ، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى ، والنيسابوري في تفسيره المعروف ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ، والسيوطي في الدر المنثور ، والهيثمي في الصواعق المحرقة ، والألوسي في روح المعاني. ومن جملة الأحاديث :        

ـ يروي الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآلة وسلم) قال لعلي(عليه السلام) : «قل : اللّهم اجعل لي عندك عهداً ، واجعل لي في قلوب المؤمنين مودّة» ، فأنزل الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}.

وقد وردت نفس هذه العبارة باختلاف يسير في كثير من الكتب الأُخرى.

2 ـ وقد نقل عن ابن عباس ـ في كثير من المصادر الإِسلامية ـ أنّه قال : نزلت في علي بن أبي طالب : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} قال : محبة في قلوب المؤمنين.

3 ـ روي في كتاب «الصواعق» عن محمّد بن الحنفية في تفسير هذه الآية : لا يبقي مؤمن إِلاّ وفي قلبه ودّ لعلي ولأهل بيته.

4 ـ وربّما روي لهذا السبب عن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) نفسه في رواية صحيحة معتبرة أنّه قال : «لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ، وذلك أنّه قضى فانقضى على لسان النّبي الأمي أنّه قال : لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبّك منافق».

5 ـ ونقرأ في حديث عن الإِمام الصادق (عليه السلام) : «ودعا رسول الله لأمير المؤمنين في آخر صلاته ، رافعاً بها صوته ليسمع الناس : «اللّهم هب لعلي المودة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين ، فأنزل الله : إن الذين آمنوا ... »

فإنّ نزول هذه الآية في علي (عليه السلام) لأنّه المصداق الاتم والاكمل ، ولا يمنع من تعميمها في شأن كل المؤمنين على اختلاف المراتب.